فسقط فانقذفت عنق الأعرابيّ وعنق البعير وهما ميّتان.
فأمر النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فضربت خيمة ، فغسّل فيها. ثمّ دخل النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فكفّنه. فسمعوا للنّبيّ حركة. فخرج وجبينه يرشح عرقا وقال : إنّ هذا الأعرابيّ مات وهو جائع ، وهو ممّن آمن ولم يلبس إيمانه بظلم ، فابتدره الحور العين بثمار من الجنّة يحشون بها شدقه ، وهذه تقول : يا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ اجعلني من أزواجه.
وفي تفسير فرات بن إبراهيم (١) الكوفيّ معنعنا : عن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).
قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : يا أبان ، أنتم تقولون : هو الشّرك بالله ، ونحن نقول : هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وأهل بيته ـ عليهم السّلام ـ لأنّهم لم يشركوا (٢) بالله طرفة عين ولم يعبد (٣) الّلات والعزّى. وهو أوّل من صلّى مع النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى القبلة. وهو أوّل من صدّقه فهذه الآية نزلت فيه.
وأيضا :
حدّثني الحسين بن سعيد معنعنا ، عن أبي مريم قال : سألت جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ عن قول الله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).
قال : يا أبا مريم ، هذه والله نزلت في عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ خاصّة.
ما ألبس إيمانه بشرك ، ولا ظلم ، ولا كذب ، ولا سرقة ، ولا خيانة.
(وَتِلْكَ) : إشارة إلى ما احتجّ به إبراهيم على قومه من قوله : «فلمّا جنّ» إلى قوله : «وهم مهتدون». أو من قوله : «أو تحاجّونّي في الله».
(حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ) : أرشدناه إليها ، وعلّمناه إيّاها.
(عَلى قَوْمِهِ) : متعلّق «بحجّتنا» إن جعل خبر «تلك». وبمحذوف إن جعل
__________________
(١) تفسير فرات الكوفي / ٤١.
(٢) المصدر : لأنّه لم يشرك.
(٣) ج ور : لم يعبدوا.