تعذّبون بأفعالكم.
قيل (١) : روي أنّ المسلمين وأهل الكتاب افتخروا. فقال أهل الكتاب : «نبيّنا قبل نبيّكم. وكتابنا قبل كتابكم. ونحن أولى بالله منكم.» وقال المسلمون : «نحن أولى منكم. نبيّنا خاتم النّبيّين. وكتابنا يقضي على الكتب المتقدّمة.» فنزلت.
وقيل (٢) : الخطاب مع المشركين. ويدلّ عليه ما تقدّم ذكرهم ، أي : ليس الأمر بأماني المشركين. وهو قولهم : لا جنّة ولا نار. وقولهم : إن كان الأمر كما يزعم هؤلاء ، لنكوننّ خيرا منهم وأحسن حالا. ولا أماني أهل الكتاب. وهو قولهم (٣) : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى). وقولهم (٤) : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) ..
(مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) : عاجلا أو آجلا.
وفي عيون الأخبار (٥) : في باب قول الرّضا ـ عليه السّلام ـ لأخيه زيد بن موسى حين افتخر على من في مجلسه ، بإسناده إلى أبي الصّلت الهرويّ قال : سمعت الرّضا ـ عليه السّلام ـ يحدّث عن أبيه أنّ إسماعيل قال للصّادق ـ عليه السّلام ـ : يا أبتاه ، ما تقول في المذنب منّا ومن غيرنا؟
فقال ـ عليه السّلام ـ : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ).
وفي مجمع البيان (٦) : عن أبي هريرة قال : لمّا نزلت هذه الآية بكينا وحزنا ، وقلنا : يا رسول الله ، ما أبقت هذه الآية من شيء.
فقال : أما والّذي نفسي بيده ، إنّها لكما أنزلت. ولكن أبشروا وقاربوا وسدّدوا أنّه لا يصيب أحدا منكم مصيبة إلّا كفّر الله بها خطيئة حتّى الشّوكة يشاكها أحدكم في قدمه.
وفي تفسير العيّاشي (٧) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : لمّا نزلت هذه الآية (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) قال بعض أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ما أشدّها من
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٤٥.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) البقرة / ١١١.
(٤) البقرة / ٨٠.
(٥) عيون أخبار الرضا ـ عليه السّلام ـ ٢ / ٢٣٦ ، ح ٥.
(٦) مجمع البيان ٢ / ١١٥.
(٧) تفسير العياشي ١ / ٢٧٧ ، ح ٢٧٨.