وأنت إذا أتقنت معاني (الفاء) و (ثم) و (حتى) و (لا) و (بل) و (لكن) و (أو) و (أم) و (أما) و (أي) على قولي ، حصلت لك الثلاثة ، لدلالة كل منها على معنى محصل ، مستدع من الجمل ، بينا مخصوصا مشتملا على فائدته ، وكونه مقبولا هناك.
وكذلك إذا أتقنت أن الإعراب صنفان لا غير : صنف ليس بتبع ، وصنف تبع ، وأتقنت أن الصنف الثاني منحصر في تلك الأنواع الخمسة : البدل والوصف والبيان والتأكيد واتباع الثاني الأول في الإعراب بتوسط حرف ؛ وعلمت كون المتبوع في نوع البدل في حكم المنحى والمضرب عنه ، بما تسمع أئمة النحو ، رضياللهعنهم ، يقولون : البدل في حكم تنحية المبدل منه [ويوصون](١) بتصريح بل في قسمه الغلطي ، وعلمت في الوصف والبيان والتأكيد أن التابع فيها هو المتبوع ، فالعالم في : زيد العالم عندك ، ليس غير زيد ، وعمرو في : أخوك عمرو عندي ، ليس غير أخوك ، ونفسه في : جاء خالد نفسه ، ليس غير خالد ، ثم رجعت فتحققت أن الواو يستدعي معناه أن لا يكون معطوفه هو المعطوف عليه ، لامتناع أن يقال : جاء زيد وزيد ، وأن يكون زيد الثاني هو زيد الأول ، حصل لك أن الصنف الأول ليس موضعا للعطف بأي حرف كان من حروف العطف ، لفوات شرط العطف فيه ، وهو تقدم المتبوع.
ولم يذهب عليك أن نحو : جاء وزيد ، عرفت فعمرا ، وأتاني خالد وراكبا ، وما جرى هذا المجرى غير صحيح ، وأن نحو قوله :
عليك ورحمة الله السّلام (٢)
يلزم أن يكون عديم النظير ، وأن لا يسوغه إلا نية التقديم والتأخير ، وأما نحو قوله عز سلطانه : (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)(٣) ، فإنما ساغ لكون المعطوف عليه في حكم الملفوظ
__________________
(١) من (د). وفي (ط ، غ): (ويصون).
(٢) أورده الطيبى في شرحه على مشكاه المصابيح (١ / ٨٥) بتحقيقى وهو للأحوص شعره (١٩٠) وصدر البيت :
ألا يا نخلة في ذات عرق.
الطيبى في التبيان (١ / ٢١٥) بتحقيقى.
(٣) سورة البقرة الآية ٤٠.