المجوس وألف باذنجانة كلها محدثة ، حصلت لك الأصول الثلاثة ، وأن الأمر من القرب فيها كما ترى.
وأما توسيط الواو بين جمل لا محل للمعطوف عليها من الإعراب ، فإنما بعد تعاطيه لكون الأصول الثلاثة في شأنه غير ممهدة لك ، وهو السر في أن دق مسلكه ، وبلغ من الغموض إلى حيث قصر بعض أئمة علم المعاني البلاغة على معرفة الفصل والوصل ، وما قصرها عليه لا لأن الأمر كذلك ، وإنما حاول بذلك التنبيه على مزيد غموض هذا الفن ، وأن أحدا لا يتجاوز هذه العقبة من البلاغة ، إلا إذا كان خلف سائر عقباتها خلفة.
واعلم أنك إذا تأملت ما لخصت لك في القريب التعاطي ، قرب عندك هذا الثاني ، بحيث لا يخفى ، عليك بإذن الله تعالى ، بأدنى تنبيه ، وهو : أن الجملة متى نزلت في كلام المتكلم منزلة الجملة العارية عن المعطوف عليها ، كما إذا أريد بها القطع عما قبلها ، أو أريد بها البدل عن سابقة عليها ، لم تكن موضعا لدخول الواو ، وكذا : متى نزلت من الأولى منزلة نفسها لكمال اتصالها بها ، مثل ما إذا كانت موضحة لها ومبينة ، أو مؤكدة لها ومقررة ، لم تكن موضعا لدخول الواو ، وكذا متى لم يكن بينها وبين الأولى جهة جامعة ، لكمال انقطاعها عنها ، لم يكن أيضا موضعا لدخول الواو ، وإنما يكون موضعا لدخوله ، إذا توسطت بين كمال الاتصال ، وبين كمال الانقطاع ، ولكل من هذه الأنواع حالة تقتضيه ، فإذا طابق ورودها تلك الأحوال ، وطبق المفصل هناك ، رقى الكلام من البلاغة عند أربابها إلى درجة يناطح فيها السماك ، فلا بد من تفصيل الكلام في تلك الحالات ، فنقول :
القطع :
أما الحالة المقتضية للقطع فهي نوعان : أحدهما أن يكون للكلام السابق حكم ، وأنت لا تريد أن تشركه الثاني في ذلك فيقطع ، ثم إن هذا القطع يأتي إما على وجه الاحتياط ، وذلك إذا كان يوجد قبل الكلام السابق كلام غير مشتمل على مانع من العطف عليه ، لكن المقام مقام احتياط فيقطع لذلك ، وإما على وجه الوجوب ، وذلك إذا كان لا يوجد.