غير مختص بأحد الطرفين زيادة اختصاص.
التشبيه التمثيلي :
واعلم أن التشبيه متى كان وجهه وصفا غير حقيقي ، وكان منتزعا من عدة أمور ، خص باسم التمثيل ، كالذي في قوله (١) :
اصبر على مضض الحسود ... |
|
فإن صبرك قاتله |
فالنار تأكل نفسها ... |
|
إن لم تجد ما تأكله |
فإن تشبيه الحسود المتروك مقاولته بالنار التي لا تمد بالحطب ، فيسرع فيها الفناء ليس إلّا في أمر متوهم له ، وهو ما تتوهم إذا لم تأخذ معه في المقاولة ، مع علمك بتطلبه إياها ، عسى أن يتوصل بها إلى نفثة مصدور ، من قيامه إذ ذاك مقام أن تمنعه ما يمد حياته ليسرع فيه الهلاك ، وأنه كما ترى منتزع من عدة أمور ؛ وكالذي في قوله (٢) :
وإنّ من أدّبته في الصّبا ... |
|
كالعود يسقى الماء في غرسه |
حتّى تراه مورقا ناضرا ... |
|
بعد الذي أبصرت من يبسه |
فإن تشبيه المؤدب في صباه بالعود المسقى أوان الغرس المونق بأوراقه ونضرته ، ليس إلا فيما يلازم كونه : مهذب الأخلاق ، مرضي السيرة ، حميد الفعال ، لتأدية المطلوب بسبب التأديب المصادف وقته من تمام الميل إليه ، وكمال استحسان حاله ، وإنه كما ترى أمر تصوري لا صفة حقيقية ، وهو مع ذلك منتزع من عدة أمور. وكالذي من قوله عز من قائل : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ
__________________
(١) أورده الطيبى في التبيان ١ / ٢٦٧ بتحقيقى وعزاه لابن المعتز ، وبدر الدين بن مالك في المصباح ص ١١١ ، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات ص ١٩٣. المض : الألم والوجع.
(٢) أوردهما القزوينى في الإيضاح ص ٣٧٢ وعزاهما لصالح بن عبد القدوس ، والطيبى في التبيان (١ / ٢٦٨) وفيه [مونقا بدلا من مورقا] ، وبدر الدين بن مالك في المصباح ص ١١٢.