الصناعة ، حيث يجيبون ويبنون أسولة على ما يبنون ، ونحن على أن نسوق الكلام على قسيمة الوجوب أو الإمكان العام ، فنتكلم في الوجوب ، ونسميه : الضرورة ، ثم نتكلم في الإمكان العام ، ونسميه : اللاضرورة.
الضرورة (أو الوجوب):
الكلام في الضرورة : لها اعتباران :
أحدهما أن تكون سابقة : وهو الوجوب بالذات.
أو بالعلة المتقدم على الوجوب المترتب عليه عقلا ، وما بينهما أن تكون لاحقة ، وهو امتناع العدم في أن تحقق الوجود ، وهذه الثانية يقال لها : ضرورة بشرط وجود الخبر ، ويقال في مثاله : خ خ الإنسان بالضرورة كاتب ، ما دام كاتبا ، وقلما يصار إليها في الدلائل.
والأولى تجعل قسمين : ضرورة مطلقة ، وضرورة متعلقة بشرط.
ويراد بالضرورة المطلقة أن تكون حقيقة المبتدأ ممتنعة الانفكاك عن ذلك الخبر مطلقا ، كقولنا : خ خ واجب الوجود لذاته موجود ، فكون واجب الوجود لذاته موجودا ضروري له مطلقا ، أو باعتبار وجوده كقولنا : خ خ الجسم قابل للعرض ، فقبول العرض ضرورة للجسم ، باعتبار وجوده لا بالإطلاق ، اللهم إلا إذا جعلت الوجود غير زائد على الماهية ، كما هو الراجح عندنا ، فحينئذ تكون الضرورة المطلقة راجعة إلى الضرورة بالذات ، وما سواها راجعة إلى الضرورة بالعرض.
ويراد بالمتعلقة بالشرط : أن تكون حقيقة المبتدأ ، لأجل اتصافها بصفة ، غير منفكة عن ذلك الخبر ، كقولنا : خ خ المتحرك بالضرورة متغير ، فإن حقيقة المبتدأ هي موصوف المتحرك ، وهو الشيء الذي له التحرك ، وضرورة تغير ذلك الموصوف ، إنما هو بشرط اتصافه أي ما دام متحركا ، وهذه الضرورة العرضية ضرورة بحسب الوصف ، أو لأجل حصولها في وقت من أوقات وجودها مضبوط ، كوقت الكسوف للشمس ، أو لغيرها