به ، لكونه مفسرا ، إذ تقديره وإياي ارهبوا ، فارهبوني ، على ما سبق التعرض لهذا القبيل في علم النحو.
وأما نحو قوله : (أَوَكُلَّما عاهَدُوا)(١) فساغ لتقدم حرف الاستفهام ، المستدعي فعلا مدلولا على معناه بقرائن مساق الكلام وهو : أكفروا بآيات الله وكلما عاهدوا ، وحصل لك أيضا أن الأنواع الأربعة من الصنف الثاني ليس واحد منها موضعا للعطف بالواو ، إما لفوات شرط العطف حكما ، كما في البدل ، لنزول قولك : سلب زيد ثوبه ، إذا عطفت فيه منزلة سلب وثوبه حكما ، وإما لفوات شرط معناه ، كما في الوصف والبيان والتأكيد ، إنما موضعه النوع الخامس.
وأما نحو قوله عز اسمه : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)(٢) فالوجه عندي هو أن (" وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ"). حال لقرية ، لكونها في حكم الموصوفة ، نازلة منزلة : وما أهلكنا قرية من القرى ، لا وصف ، وحمله على الوصف سهو لا خطأ ، ولا عيب في السهو للإنسان ، والسهو ما يتنبه صاحبه بأدنى تنبيه ، والخطأ ما لا يتنبه صاحبه أو يتنبه لكن بعد إتعاب ، وسيزداد ما ذكرت وضوحا في آخر هذا الفصل في الكلام في الحال. ثم إذا أتقنت أيضا أن كل واحد من وجوه الإعراب دال على معنى ، كما تشهد لذلك قوانين علم النحو ، حصل لك فائدة الواو ، وهي مشاركة المعطوف والمعطوف عليه في ذلك المعنى ، فيكون عندك من الأصول الثلاثة أصلان : معرفة موضعه ، ومعرفة فائدته.
وإذا عرفت أن شرط كون العطف بالواو مقبولا ، هو أن يكون بين المعطوف والمعطوف عليه جهة جامعة ، مثل ما ترى في نحو : الشمس والقمر ، والسماء والأرض ، والجن والإنس ، كل ذلك محدث ، وسنفصل الكلام في هذه الجملة بخلافه في نحو : الشمس ومرارة الأرنب ، وسورة الإخلاص والرّجل اليسرى من الضفدع ، ودين
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٠٠.
(٢) سورة الحجر الآية : ٤.