الفصل الثاني
في تتبع الأوزان
اعلم أن النوع الباحث عن هذا القبيل يسمى علم العروض : وما أهم السلف فيه إلا تتبع الأوزان التي عليها أشعار العرب ، فلا يظنن أحد الفضول عندهم في الباب ، من ضم زيادة على ما حصروه ، ليست في كلام العرب ، فضلا على الإمام الخليل بن أحمد ذلك البحر الزاخر ، مخترع هذا النوع ، وعلى الأئمة المغترفين منه من العلماء المتقدمين به ، في ذلك ، رضوان الله عليهم أجمعين ؛ وإلا فمن أنبأ لهم لم يكونوا يرون الزيادة على التي حصروها من حيث الوزن مستقيمة ، والزيادة عليها تنادي بأرفع صوت (١) :
لقد وجدت مكان القول ذا سعة ... |
|
فإن وجدت لسانا قائلا فقل |
لا للطبع المستقيم أن يزيد عليها شيئا ، ولا [حاكم](٢) في هذه الصناعة إلا استقامة الطبع وتفاوت الطباع في شأنها معلوم ، وهي المعلم الأول المستغني عن التعلم ، فاعرف وإياك إن نقل إليك وزن منسوب إلى العرب ، لا تراه في الحصر ، أن تعد فواته قصورا في المخترع ، فلعله تعمد إهماله لجهة من الجهات ، أو أي نقيصة في أن يفوته شيء ، هو في زاوية من زوايا النقل لا زوايا العقل ، على أنه إن عد قصورا ، كان العيب فيه لمقدمي عهده ، حيث لم يهيئوا لإمام مثله ما يتم له المطلوب من مجرد نقل الرواة ومجرد الاستظهار بذلك ، اللهم صبرا.
فصل : أوزان أشعار العرب
وإذ قد وقفت على هذا ، فاعلم أن أوزان أشعار العرب ، بوساطة الاستقراء لمختلفاتها ، ترجع عند الخليل بن أحمد ، رحمهالله ، بحكم المناسبات المعتبرة على وجهها في الضبط ، والتجنب عن الانتشار ، إلى خمسة عشر أصلا ، يسميها : بحورا.
__________________
(١) البيت من البسيط.
(٢) في (د) : جاءكم ، وهو تصحيف.