تمهيد
فصل : في بيان القصر
اعلم أن القصر ، كما يجري بين المبتدأ والخبر ، فيقصر المبتدأ تارة على الخبر ، والخبر على المبتدأ أخرى ، يجري بين الفعل والفاعل ، وبين الفاعل والمفعول ، وبين المفعولين ، وبين الحال وذي الحال ، وبين كل طرفين ، وأنت إذا أتقنته في موضع ، ملكت الحكم في الباقي ، ويكفيك مجرد التنبيه هناك.
معنى القصر :
وحاصل معنى القصر راجع إلى تخصيص الموصوف عند السامع بوصف دون ثان ، كقولك : زيد شاعر لا منجم ، لمن يعتقده شاعرا ومنجما. أو قولك : زيد قائم لا قاعد ، لمن يتوهم زيدا على أحد الوصفين ، من غير ترجيح ، ويسمى هذا قصر إفراد ، بمعنى أنه : يزيل شركة الثاني ، أو بوصف مكان آخر ، كقولك لمن يعتقد زيدا منجما لا شاعرا : ما زيد منجم بل شاعر ، أو زيد شاعر لا منجم ، ويسمى هذا قصر قلب ، بمعنى أن المتكلم يقلب فيه حكم السامع ؛ أو إلى تخصيص الوصف بموصوف قصر إفراد ، كقولك : ما شاعر إلا زيد ، لمن يعتقد زيدا شاعرا ، لكن يدعى شاعرا آخر ، أو قولك : ما قائم إلّا زيد ، لمن يعتقد قائمين ، أو أكثر في جهة من الجهات معينة ، أو قصر قلب ، كقولك : ما شاعر إلا زيد ، لمن يعتقد أن شاعرا في قبيلة معينة ؛ أو طرف معين ، لكنه يقول : ما زيد هناك بشاعر.
طرق القصر :
وللقصر طرق أربعة :
أحدها : طريق العطف ، كما تقول في قصر الموصوف على الصفة ، إفرادا أو قلبا بحسب مقام السامع : زيد شاعر لا منجم ، وما زيد منجم بل شاعر ، وفي قصر الصفة على الموصوف بالاعتبارين : ما عمرو شاعر بل زيد ، أو زيد شاعر لا عمرو ، أو لا غير ، بتقدير لا غير زيد إلا أنك تترك الإضافة لدلالة الحال ، وتبني غيرا بالضم ، على نحو بناء الغايات ، أو ليس غيرا ، وليس إلّا بتقدير : ليس شاعر غير المذكور ، أو إلّا المذكور ؛