[القسم](١) الأول
من تكملة علم المعاني في الحد وما يتصل به.
الحد : عندنا دون جماعة من ذوي التحصيل ، عبارة عن تعريف الشيء بأجزائه ، أو بلوازمه ، أو بما يتركب منهما ، تعريفا جامعا مانعا. ونعني بالجامع ، كونه : متناولا لجميع أفراده إن كانت له أفراد ، وبالمانع ، كونه آبيا دخول غيره فيه. فإن كان ذلك الشيء حقيقة من الحقائق ، مثل : حقيقة الحيوان والإنسان والفرس ، وقع تعريفا للحقيقة ، وإن لم يكن مثل : العنقاء أو مثل : المرسن ، وقع تفصيلا للفظ الدال عليه بالإجمال. وكثيرا ما نغير العبارة فنقول : الحد هو وصف الشيء وصفا مساويا ، ونعني : بالمساواة ، أن ليس فيه زيادة تخرج فردا من أفراد الموصوف ، ولا نقصان يدخل فيه غيره. فشأن الوصف هذا يكثر الموصوف بقلته ، ويقلله بكثرته ، ولذلك يلزمه الطرد والعكس. فامتناع الطرد علامة النقصان ، وامتناع العكس علامة الزيادة ، وصحتهما معا علامة المساواة ، والعبرة بزيادة الوصف ونقصانه ، الزيادة في المعنى والنقصان فيه ، لا تكثير الألفاظ وتقليلها في التعبير عن مفهوم واحد.
وهاهنا عدة اصطلاحات لذوي التحصيل ، لا بأس بالوقوف عليها ، وهي : أن الحقيقة إذا عرفت بجميع أجزائها ، سمي حدا تاما ، وهو أتم التعريفات ، وإذا عرفت ببعض أجزائها سمي : حدا ناقصا. وإذا عرفت بلوازمها سمي : رسما ناقصا. وإذا عرفت بما يتركب من أجزاء ولوازم سمي : رسما تاما.
ويظهر من هذا ، أن الشيء متى كان بسيطا امتنع تعريفه بالحد ، ولم يمتنع تعريفه بالرسم ، ولذلك يعد الرسم أعم ، كما يعد الحد أتم.
ولما كان المقصود من الحد هو التعريف ، لزم فيما يقدح في ذلك أن يحترز عنه ، فيحترز عن تعريف الشيء بنفسه ، مثل قول من يقول في تعريف الزمان : خ خ هو مدة الحركة ، والمدة هي الزمان.
__________________
(١) في (غ ، د) الفصل.