بسم الله الرّحمن الرّحيم
بين يدي الكتاب
تقديم ودراسة
الحمد لله الكريم المنّان ، الرحيم الرحمن ، أنزل القرآن ، وخلق الإنسان ، وعلمه البيان.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تنزه عن الشبيه وجلّ عن التشبيه ، تفرد بالإنعام والرعاية ، فوجب شكره صريحا لا كناية.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أفصح الخلق لسانا ، وأحسنهم بيانا ، حباه ربه بالمثاني ، معجزة الألفاظ والمعاني ، فعليه من الله بديع صلواته ، مطابقة لجمال ذاته وتكميلا لشرف صفاته.
وبعد / فلما استهللت التصنيف بدراسة عن الإمام الطّيبي وجهوده البلاغية وثنيت بتحقيق كتبه في علوم البلاغة وشروح الحديث وهي جليلة مرضية (١) ، وكان الطيبي من جملة من خرجوا من عباءة السكاكي ، التفت إلى نفسي ، ورجعت عليها باللوم والتأنيب ، لتوانيها عن الالتفات إلى مفتاح السكاكي ، والإيغال والإغراق في بحاره ، فحالها حال تجاهل العارف ، أو حال الوجل الخائف ، فتعللت بقصر الباع ، وقلة الاطلاع ، فرأيت ذلك من حسن التعليل ، فصدني ذلك عن هذا السبيل.
إلى أن ظهرت بوارق بعض ما كتبت من المصنفات ، وتباشير جملة من التحقيقات ، اطلع عليها أهل هذا الشان ، فتلقوها باغتباط وإحسان ، فرأيت منهم حثّا على الترقي والاستطراد ، فلم يزل لي معهم مراجعة ، ولهم مواردة ، فعجزت عن حسن التخلص مما طلبوه ، فصرت في هذا الأمر بين ترديد وتغليب ، إلى أن ظهر لي حسن التوجيه للدخول في هذا الأمر ، وهو أن أدخل فيه بنية التعلم والمذاكرة والإفادة لنفسي أولا ،
__________________
(*) ظهر للمحقق من تلك المؤلفات دراسة عن الإمام الطيبي وجهوده البلاغية (ماجستير ـ دار علوم ـ ط المكتبة التجارية مكة المكرمة) والتبيان في المعاني والبيان ، ومعه الجزء الثاني في علم البديع وفن الفصاحة ، وكتاب لطائف التبيان ، وشرح مشكاة المصابيح في ثلاثة عشر مجلدا كلها للإمام الطّيبي بتحقيقي ، ولله الحمد والمنة.