وقول ابن أبي السمط (١) :
له حاجب في كلّ أمر يشينه ... |
|
وليس له عن طالب العرف حاجب |
منه أيضا ، انظر إليه ، كيف تجد الفهم والذوق يقتضيانك كمال ارتفاع شأن حاجب الأول ، وكمال انحطاط حاجب الثاني ، وقال تعالى : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ)(٢) فنكر لتهويل أمرها ، وقال : (لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ)(٣) على معنى ، ولكم في هذا الجنس من الحكم الذي هو القصاص حياة عظيمة ، لمنعه عما كانوا عليه من قتل الجماعة بواحد متى اقتدروا ، أو نوع من الحياة ، وهي الحياة الحاصلة بالارتداع عن القتل ، لمكان العلم بالاقتصاص ، أو ما ترى إذا همّ بالقتل فتذكر الاقتصاص ، فأورثه أن يرتدع ، كيف يسلم صاحبه من القتل ، وهو من القود ، فيتسبب لحياة نفسين.
ولمعنى طلب التعظيم والتهويل بالتنكير قال تعالى : (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ)(٤) دون أن يقول : بحرب الله ورسوله ، ولخلاف ذلك قال : (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ)(٥) دون أن يقول : رضوان الله ، قصدا إلى إفادة : وقدر يسير من رضوانه خير من ذلك كله ؛ لأن رضاه سبب كل سعادة وفلاح ، وأما
__________________
(١) البيت من الطويل وهو لأبي الطمحان القينى في ديوان المعاني (١ / ١٢٧) ولابن أبي السمط في معاهد التنصيص (١ / ١٢٧) والمصباح (٢٥) وزهر الآداب (١ / ٥٥١) ولمروان بن أبي حفصة في شرح شواهد المغنى ص ٩٠٩ وبلا نسبة في أمالي القالى (١ / ٢٣٨) والتبيان (١ / ١٧١) (العرق ـ عرق كل شئ : أصله ، والجمع أعراق وعروق ورجل معرق في الحسب والكرم ، ويستعمل في اللؤم أيضا. اللسان (عرق).
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٧.
(٣) سورة البقرة الآية : ١٧٩.
(٤) سورة البقرة الآية : ٢٧٩.
(٥) سورة التوبة : الآية : ٧٢.