فهذه الوجوه التي ذكرها هؤلاء الأعلام لا تفيد في دفع الاشكال ، فلا بدّ من بيان وجه آخر وهو يحتاج إلى ذكر مقدمة : وهي أنّ الموضوع المركب على قسمين :
فتارة يكون الموضوع مركباً من المعروض وعرضه كالماء الكر ، فانّه موضوع للاعتصام وعدم الانفعال ، فلا بدّ في ترتب الحكم على هذا الموضوع من إثبات العارض والمعروض بنحو مفاد كان الناقصة ، إمّا بالوجدان أو بالتعبد ، فاذا شككنا في بقاء كرية الماء لا يجدي جريان الاستصحاب في مفاد كان التامة ، بأن يقال : الكرية كانت موجودة والآن كما كانت ، فان موضوع عدم الانفعال ليس هو الماء ووجود الكرية ولو في غير الماء ، بل الموضوع له كرية الماء وهي لا تثبت باستصحاب الكرية في مفاد كان التامة ، إلاّعلى القول بالأصل المثبت ، فلا بدّ حينئذ من إجراء الاستصحاب في مفاد كان الناقصة بأن يقال : هذا الماء كان كراً فالآن كما كان.
واخرى يكون الموضوع مركباً بنحو الاجتماع في الوجود من دون أن يكون أحدهما وصفاً للآخر ، كما إذا اخذ الموضوع مركباً من جوهرين مثل زيد وعمرو ، أو من عرضين ـ سواء كان أحدهما قائماً بموضوع والآخر قائماً بموضوع آخر كما في صلاة الجماعة فانّ الموضوع لصحة الجماعة اجتماع ركوعين في زمان واحد أحدهما قائم بالإمام والآخر قائم بالمأموم ، أو كانا قائمين بموضوع واحد كالاجتهاد والعدالة المأخوذين في موضوع جواز التقليد ـ أو مركباً من جوهر وعرض قائم بموضوع آخر ، ففي جميع هذه الصور يكون الموضوع هو مجرد اجتماع الأمرين في الوجود ولا يعقل اتصاف أحدهما بالآخر ، فلا بدّ في ترتب الحكم على مثل هذا الموضوع المركب من إحراز كلا الأمرين ، إمّا بالوجدان أو بالتعبد ، فاذا شك في أحدهما يكفي جريان الاستصحاب فيه بنحو مفاد كان