يكون عدم استحقاق العقاب محرزاً بالوجدان لتحقق موضوعه ، فلا إشكال في التمسك بالاستصحاب لاثبات البراءة.
التنبيه التاسع
ذكر صاحب الكفاية قدسسره (١) أنّه لا بدّ في جريان الاستصحاب من كون المستصحب حكماً شرعياً أو ذا حكم شرعي بقاءً ، ولا يقدح فيه عدم كونه حكماً شرعياً أو ذا حكم شرعي حدوثاً ، لصدق نقض اليقين بالشك على رفع اليد عنه حينئذ ، فالتعبد ببقاء الحالة السابقة لا يتوقف على ثبوت أثر لحدوثها ، بل يكفي فيه ثبوت أثر لبقائها ، فلا مانع من جريان الاستصحاب في عدم التكليف ، فانّه وإن كان غير مجعول في الأزل وغير قابل للتعبد به ، لكنّه قابل للتعبد به بقاءً ، لأن ثبوت التكليف في الحال قابل للجعل ، فنفيه أيضاً كذلك ، لاستواء نسبة القدرة إلى الطرفين ، وكذا لا مانع من جريان الاستصحاب في موضوع لم يكن له أثر في مرحلة الحدوث مع كونه ذا أثر في مرحلة البقاء ، كما إذا علمنا بموت الوالد وشككنا في حياة الولد ، فلا مانع من استصحاب حياته وإن لم يكن لحياته أثر حال حياة الوالد ، لكنّ الأثر مترتب على تقدير حياته بعد موت الوالد وهو انتقال أموال الوالد إليه بالارث. انتهى ملخصاً.
وهذا الذي ذكره قدسسره متين لا شبهة فيه ، فانّ أدلة الاستصحاب وحرمة نقض اليقين بالشك ناظرة إلى البقاء ، فلو لم يكن المستصحب قابلاً للتعبد بقاءً لا يجري فيه الاستصحاب ولو كان قابلاً له حدوثاً ، ولو كان قابلاً للتعبد بقاءً يجري الاستصحاب فيه ولو لم يكن قابلاً له حدوثاً.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤١٨ / التنبيه العاشر.