استصحاب عدم عروض ما يوجب حرمته ويحكم ببقاء حليته الأصلية ، ويترتب عليه جواز الصلاة في جلده أيضاً.
وأمّا إن لم يكن الشك في مورد أحد الاستصحابين مسبباً عن الشك في مورد الآخر ، بل كان التنافي بينهما للعلم الاجمالي بعدم مطابقة أحدهما للواقع ، فكون أحدهما مطابقاً للواقع يوجب مخالفة الآخر للواقع ، فهو على قسمين :
أحدهما : ما تلزم من إجراء الاستصحاب في الطرفين المخالفة العملية القطعية ، كما إذا علمنا بطهارة إناءين ثمّ علمنا بطروء النجاسة على أحدهما إجمالاً ، فان إجراء استصحاب الطهارة في كلا الاناءين موجب للمخالفة العملية القطعية ، ففي مثل ذلك يسقط كلا الاستصحابين عن الحجية ولايمكن التمسك بواحد منهما ، لعين ما ذكرناه من الوجه في عدم جريان البراءة في أطراف العلم الاجمالي (١) ، فان إجراء الاستصحاب في كلا الطرفين موجب للمخالفة القطعية والترخيص في المعصية وهو قبيح. وجريانه في أحدهما المعيّن ترجيح بلا مرجّح ، وفي أحدهما المخيّر يحتاج إلى دليل ، وإن كان المحذور العقلي منتفياً.
ثانيهما : ما لا تلزم فيه من إجراء الاستصحاب في الطرفين مخالفة عملية وتلزم المخالفة الالتزامية فقط ، وهو العلم بمخالفة أحد الاستصحابين للواقع ، كما إذا علمنا بنجاسة إناءين تفصيلاً ثمّ علمنا بطهارة أحدهما إجمالاً ، فانّه لا تلزم من إجراء استصحاب النجاسة في كليهما والاجتناب عنهما مخالفة عملية ، ففي مثل ذلك ذهب الشيخ (٢) قدسسره إلى عدم جريان الاستصحاب فيهما ،
__________________
(١) راجع الجزء الثاني من هذا الكتاب ص ٤٠٣ وما بعدها.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٧٤٤ ـ ٧٤٥.