الصور والاحتمالات في قوله عليهالسلام : «كل شيء حلال حتى تعرف أنّه حرام» ويقع الكلام أوّلاً في صحة هذا الوجه الأخير وعدمها.
وملخّص ما ذكر في وجهه : أنّ كلمة «كل شيء» شاملة لما هو معلوم العنوان كالحجر والماء مثلاً ولما هو مشكوك العنوان كالمائع المردد بين الماء والبول مثلاً ، فحكم الإمام عليهالسلام بالطهارة في الجميع ، فلا محالة تكون الطهارة بالنسبة إلى الأوّل واقعية ، وبالنسبة إلى الثاني ظاهرية ، ويكون قوله عليهالسلام : «حتى تعلم» إشارة إلى استمرار الطهارة إلى زمان العلم بالنجاسة.
وأورد عليه المحقق النائيني (١) باشكالات :
الأوّل : أنّ الحكم الواقعي والظاهري لا يمكن اجتماعهما في جعل واحد ، لأنّ الحكم الظاهري متأخر عن الحكم الواقعي بمرتبتين ، لأن موضوع الحكم الظاهري هو الشك في الحكم الواقعي ، والشك في الحكم الواقعي متأخر عن الحكم الواقعي ، كما أنّ موضوع الحكم الظاهري متأخر عن موضوع الحكم الواقعي بمرتبتين ، فانّ موضوع الحكم الظاهري هو الشك في الحكم الواقعي ، والشك في الحكم الواقعي متأخر عن الحكم الواقعي ، وهو متأخر عن موضوعه الواقعي ، وبعد كون الحكم الظاهري في طول الحكم الواقعي لا يمكن تحققهما بجعل واحد ، وإلاّ يلزم كون المتأخر عن الشيء بمرتبتين معه في رتبته ، وهو خلف.
وهذا الاشكال لا دافع له على مسلك صاحب الكفاية والمحقق النائيني قدسسرهما ومن وافقهما في أنّ الانشاء إيجاد المعنى باللفظ ، فانّه لا يمكن
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٥٩ ـ ٦١ ، فوائد الاصول ٤ : ٣٦٧.