إذا تحقق الزوال يترتب الأثر على استصحاب عدمه لا محالة. وعليه فاذا وجد الموضوع في الخارج وشككنا في بقاء حكمه من جهة الشك في سعة المجعول وضيقه ، أمكن جريان استصحاب عدم الجعل في غير المقدار المتيقن لولا معارضته باستصحاب بقاء المجعول. وإن شئت قلت : كما أنّ استصحاب بقاء الجعل يجري لاثبات فعلية التكليف عند وجود موضوعه ، كذلك استصحاب عدم الجعل يكفي في إثبات عدم فعليته. هذا تمام الكلام في دفع الاشكالات الواردة في المقام.
ثمّ إنّه لا يخفى أنّ ما ذكرناه من عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية مختص بالأحكام الالزامية من الوجوب والحرمة ، وأمّا غير الالزامي فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه ، ولا يعارضه استصحاب عدم جعل الإباحة ، لما ذكرنا سابقاً (١) من أنّ الإباحة لا تحتاج إلى الجعل ، فانّ الأشياء كلّها على الاباحة ما لم يجعل الوجوب والحرمة ، لقوله عليهالسلام : «اسْكُتُوا عَمّا سَكَتَ اللهُ عَنْهُ» (٢) وقوله عليهالسلام : «كلّ ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (٣) وقوله عليهالسلام : «إنّما هلك الناس لكثرة سؤالهم» (٤) فالمستفاد من هذه الروايات أنّ الأشياء على الاباحة ما لم يرد أمر أو نهي من قبل الشارع ، فانّ الشريعة شرعت للبعث إلى شيء والنهي عن الآخر لا لبيان المباحات ، فلا مجال لاستصحاب عدم جعل الاباحة ، لكون الاباحة متيقنة فالشك في بقائها ، فيجري استصحاب بقاء الاباحة بلا معارض ، بل يكون
__________________
(١) في ص ٤٩.
(٢) ، (٣) ذكرنا مصدر الروايتين في ص ٤٩.
(٤) بحار الأنوار ٢٢ : ٣١.