أخبار التخيير يجب الأخذ بما فيه احتمال الترجيح ، لدوران الأمر فيه بين التعيين والتخيير ، وقد ذكرنا في محلّه (١) أنّ مقتضى الأصل ـ عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير ـ هو الثاني ، إلاّفي موردين : أحدهما باب التزاحم عند احتمال أهمية أحد المتزاحمين. ثانيهما دوران الحجة بين التعيين والتخيير كما في المقام ، هذا إذالم يكن في أخبار التخيير إطلاق ، وإلاّ فيتمسك به في رفع الشك في اعتبار المرجح.
وأمّا على تقدير عدم تمامية أخبار التخيير وسقوط المتعارضين عن الاعتبار رأساً مع عدم وجود المرجّح لأحدهما ـ على ما سنذكره (٢) إن شاء الله تعالى ـ فلا يمكن الأخذ بواحد منهما. أمّا الفاقد لما يحتمل كونه مرجحاً فللعلم بعدم كونه حجة ، كما هو ظاهر. وأمّا الواجد له ، فللشك في حجيته والأصل عدمها.
الأمر الثالث : أنّه بعد البناء على لزوم الترجيح ، وقع الكلام بين الأعلام في اعتبار الترتيب بين المرجحات وعدمه ، وقسّمها الشيخ (٣) قدسسره على ثلاثة أقسام :
منها : ما يكون مرجّحاً لصدور أحد المتعارضين ككون الرواية مشهورة.
ومنها : ما يكون مرجّحاً لجهة صدوره ، ككون إحدى الروايتين مخالفة للعامة.
ومنها : ما يكون مرجّحاً لمضمونه بمعنى مطابقة المضمون للواقع ، ككون
__________________
(١) راجع المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٥١٩ وما بعدها.
(٢) في ص ٥٠٨ ـ ٥١١.
(٣) فرائد الاصول ٢ : ٧٨٣.