وأمّا رجوع الغير إليه ، فالظاهر عدم جوازه ، والوجه فيه : أنّ السيرة العقلائية وإن كانت تقتضي جواز الرجوع إليه ، فانّ العقلاء لا يفرّقون في الرجوع إلى أهل الخبرة بين من يكون له خبرة في غير الأمر المرجوع فيه ، ومن لا يكون له خبرة فيه ، فالطبيب الحاذق في مرض العين يرجع إليه في معالجة مرض العين وإن لم يكن له خبرة في أمراض القلب والمعدة وأمثالهما ، ولكن مجرد قيام السيرة لا يفيد ما لم تقع مورد إمضاء من الشارع ، وقد ذكرنا أنّ الموضوع في أدلة الامضاء إنّما هو العارف بالأحكام والفقيه وأهل الذكر ، ومن الظاهر عدم صدق هذه العناوين إلاّعلى العالم بجملة من الأحكام الشرعية المعتد بها ، فلا تشمل المتجزي. وتوهم أن قوله عليهالسلام : مَن عرف شيئاً من قضايانا ... شامل للمتجزي ، مندفع بما ذكرناه سابقاً (١) فلا نعيد.
ومن هنا يظهر الوجه في عدم نفوذ قضائه أيضاً.
الكلام فيما يتوقف عليه الاجتهاد
وهو معرفة العلوم العربية : من النحو والصرف واللغة في الجملة ، أي بمقدار يتوقف عليه فهم المعنى من الكتاب والسنّة. ومعرفة الزائد على ذلك كبعض المباحث الدقيقة الصرفية أو النحوية وكيفية الاعلال مجرد فضل ، ولا يعتبر في تحقق الاجتهاد.
وأمّا علم الرجال ، فان قلنا بأنّ الملاك في جواز العمل بالرواية هو
__________________
(١) في ص ٥٢٤.