وأمّا القسم الرابع : وهو ما إذا علمنا بوجود عنوانين يحتمل انطباقهما على فرد واحد على ما مثلنا به ، فالظاهر أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب فيه ، لتمامية أركانه من اليقين والشك ، فانّ أحد العنوانين وإن ارتفع يقيناً ، إلاّأنّ لنا يقيناً بوجود الكلي في ضمن عنوان آخر ونشك في ارتفاعه ، لاحتمال انطباقه على فرد آخر غير الفرد المرتفع يقيناً ، فبعد اليقين بوجود الكلي المشار إليه والشك في ارتفاعه ، لا مانع من جريان الاستصحاب فيه.
نعم ، قد يبتلى هذا الاستصحاب بالمعارض كما فيما ذكرنا من المثال ، وهو أنّه إذا علمنا بالجنابة ليلة الخميس مثلاً وقد اغتسلنا منها ، ثمّ رأينا منياً في ثوبنا يوم الجمعة ، فنعلم بكوننا جنباً حين خروج هذا المني ، ولكن نحتمل أن يكون هذا المني من الجنابة التي قد اغتسلنا منها ، وأن يكون من غيرها ، فاستصحاب كلي الجنابة مع إلغاء الخصوصية وإن كان جارياً في نفسه ، إلاّأ نّه معارض باستصحاب الطهارة الشخصية ، فانّا على يقين بالطهارة حين ما اغتسلنا من الجنابة ولا يقين بارتفاعها ، لاحتمال كون المني المرئي من تلك الجنابة ، فيقع التعارض بينه وبين استصحاب الجنابة فيتساقطان ، ولا بدّ من الرجوع إلى أصل آخر. وأمّا فيما لا معارض له كما إذا علمنا بوجود زيد في الدار وبوجود متكلم فيها يحتمل انطباقه على زيد وعلى غيره ، فلا مانع من جريان استصحاب وجود الانسان الكلي فيها ، مع القطع بخروج زيد عنها إذا كان له أثر شرعي.
وبالجملة : كلامنا إنّما هو في جريان الاستصحاب في نفسه مع قطع النظر عن المعارض ، وقد عرفت أنّ جريانه هو الصحيح. وأمّا عدم الجريان من