ما دام أنه لا توجد ضرورة لذلك ، حيث لم يكن ثمة فتوح ، ولا احتكاك للعرب بغير العرب ، ووجود سلمان ، وبلال ، وصهيب مثلاً فيما بين ظهراني المسلمين قد بدأ في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأصبح حقيقة واقعة ، وأمراً مقبولاً ، ومفروضاً من قبله صلىاللهعليهوآلهوسلم مباشرة ..
وكان على عمر أن يتجنب الجهر بآرائه تلك في هذه المرحلة ، ويقف من سعد ذلك الموقف ، ولا سيما بالنسبة إلى سلمان « المحمّدي » الذي كان يحظى باحترام وتقدير كبير لدى الناس عامة ، ولدى الصحابة بصورة خاصة بالاضافة إلى مكانته المتميزة لدى أهل البيت ، وأمير المؤمنين علي عليهالسلام على وجه التحديد.
وكفى للتدليل على هذه المكانة لسلمان ، بسبب سلوكه المتميز ، وبسبب ما صدر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقه : أن نذكر : أنه لما زار سلمان دمشق.
« .. صلىاللهعليهوآلهوسلم الامام الظهر ، ثم خرج ، وخرج الناس يتلقونه ، كما يتلقى الخليفة ، فلقيناه قد صلىاللهعليهوآلهوسلم بأصحابه العصر ، وهو يمشي ، فوقفنا نسلم عليه ، ولم يبق فيها شريف إلاّ عرض عليه بيته » (١).
كما أنه لما قدم سلمان إلى المدينة ، قال عمر للناس : « اخرجوا بنا نتلق سلمان » فخرجوا معه إلى مشارف المدينة ، ولم نعرف عمر صنع مثل هذا مع عامل من عماله ، أو مع أحد من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، رغم أن سلمان قد اعترض على ما جرى في السقيفة ، وقوله : « كرديد ونكرديد » معروف ومشهور عنه (٢).
__________________
(١) تهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ١٩٠ ، وأنساب الاشراف ج ١ ( قسم حياة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ) ص ٤٨٧/٤٨٨.
(٢) راجع كتاب : سلمان الفارسي ص ٣٩ تأليف العلامة الشيخ عبدالله السبيتي رحمهالله ، ونفس الرحمان ص ١٤٨ و ١٤٩ ، والبحار ج ٢٢ وأشار إلى تلقّيه في : ذكر أخبار اصبهان ج ١ ص ٥٦ وتهذيب