٤ ـ ويرى فان فلوتن : ان من اسباب ميل الخراسانيين ، وغيرهم من الإيرانيين الى العلويين ، هو أنهم لم يعاملوا معاملة حسنة ، ولا رأوا عدلاً ، إلا في زمن حكم الامام علي عليهالسلام (١).
٥ ـ وأخيراً .. فقد رأينا السودان ـ وهو ليسوا من العرب ـ يثورون ضد ابن الزبير ، انتصاراً لابن الحنفية. وكان فيهم غلام لابن عمر اسمه ، رباح ، فلما كلمه ابن عمر ، متعجباً ومستفهماً عن سبب خروجه مع الثائرين ، قال :
« والله ، إنا خرجنا لنردكم عن باطلكم إلى حقنا .. » (٢).
هذا كله .. عدا عن أن هذه السياسة الاسلامية الخالصة ، قد أسهمت في حفظ اصول الاسلام ، وفي وعي تعاليمه ، وترسيخ قواعده على المدى البعيد .. ثم في تعريف الناس على اولئك الذين يحملون همّ الاسلام للاسلام ، لا لاُجل مصالحهم الخاصة ، ولا لتحقيق مآربهم في التسلط والهيمنة على الآخرين ، واستغلالهم ..
فهم يعيشون الاسلام قضيةً ، وفكراً وطريقة ، ومنطلقاً ، وهدفاً. ويجسدونه رسالةً إلهية ، وانسانية ، تنبض بالحياة ، وتزخر بالمعاني السامية ، والغنية في مضامينها كما هي غنية في عطائها ، وروافدها.
ورغم أن السياسة الاموية القاسية تجاه غير العرب ، والتي لم تكن إلا استمراراً لسياسة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قد ارهقت غير العرب ، وحرمتهم من أبسط الحقوق الانسانية والشرعية .. فان هؤلاء الناس قد اتجهوا نحو ما هو أهم ونفعه أعم ، فحصلوا على المجد والرفع عن طريق العلم والمعرفة ، وأقبلوا على الاسلام ، وعلى النهل من معين معارفه ، وآدابه ، والغوص في بحار
__________________
(١) السيادة العربية والشيعة والاسرائيليات.
(٢) انساب الاشراف ، بتحقيق المحمودي ج ٣ ص ٢٩٥.