والحمراء يعني : الموالي.
وفي المدخل لابن الحاج : ورد أن عمر بن الخطاب دخل السوق في خلافته ؛ فلم يرفيه في الغالب إلاّ النبط ، فاغتم لذلك ؛ فلما أن اجتمع الناس أخبرهم بذلك ، وعذلهم في ترك السوق ؛ فقالوا : إن ا اغنانا عن السوق ، بما فتح به علينا ، فقال (رض) : والله لئن فعلتم ليحتاج رجالكم إلى رجالهم ، ونساؤكم إلى نسائهم » (١).
هذه نظرة عمر إلى الموالى ، وهذا هو رأيه فيهم. بل لقد منعهم حتى من دخول السوق! فقدر روي عنه : أنه قال : لا يدخل الاعاجم سوقنا حتى يتفقهوا في الدين (٢).
ولا ندري إن كان قد اشترط على العرب أيضاً هذا الشرط أم لا؟
بل ان الظاهر من رواية العتيبة ، وابن الحاج : أنه كان لا يرغب في ان يرى الموالي في السوق ، يتجرون ، ويحصلون على المال دون العرب ؛ فموقفه نابع من حبه الخير للعرب ، دونهم. وقد رأينا فيما سبق كيف فضل العرب عليهم ، في العطاء ، وفي الزواج ، وفي ما سوى ذلك من امور.
وخطب عمر في الجابية ، فكان مما قال : « واياكم وأخلاق العجم .. إلى أن قال : واياكم أن تكسبوا من عقد الاعاجم ، بعد نزولكم في أرضهم. إلخ » (٣).
وأخيراً .. فان ولده عبدا ، الذي كان معجباً بأبيه ، ومتأثراً به الى حد بعيد ـ قد ورثه في احتقاره لغير العرب ، فقد روي : أنه مرّ على زنجي ؛ فقال له : السلام عليك يا جُعَل (٤).
وبعد كل ما تقدم يتضح : ان ما روي من أن عمر بن الخطاب قد لام أبا موسى ، لانه حين قدم عليه قوم أعطى العرب منهم وترك الموالي (٥) انما هو لان عدم
__________________
(١) التراتيب الادراية ج ٢ ص ٢٠ وذكر في ص ٢١ نصوصاً اُخرى : فلتراجع.
(٢) الترايب الادارية ج ٢ ص ١٧.
(٣) حياة الصحابة ج ٣ ص ٤٨٨ عن كنز العمال ج ٨ ص ٢٠٧.
(٤) الطبقات الكبرى ، لابن سعد ج ٤ قسم ص ١١٧ ط ليدن.
(٥) حياة الصحابة ج ٢ ص ٤٤٧ عن كنز العمال ج ٢ ص ٣١٩ و ١٧٢.