وهم يقولون في مواضع عديدة بأنّ النبي اجتهد فأخطأ (١) ، وفي كتب أصول الفقه عندهم يذكرون موارد اجتهاد النبي ثم تخطئته (٢) ، ويذكرون أنّ القرآن نزل موافقاً لرأي الصحابة ومخطئاً لرأي النبي صلىاللهعليهوآله (٣).
ولو حوّلنا جملة « أنتم أعلم بأمر دنياكم » التي ينسبونها إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى التعبير اللاتيني لأصبحت « سكولار » فصل الدين عن الحياة العامة ، أو كما يقال : ما لله لله وما لقيصر لقيصر ، إذاً هذا الطرح موجود في المذاهب الإسلامية الأخرى غير مذهب أهل البيت عليهمالسلام.
ونستطيع أن نقول أنّ المذاهب الإسلامية الأخرى تمثّل العلمانية القديمة في محتواها وفي معناها ، وهذه ليست مجرد روايات مذكورة ، وإنّما هم يتبنّونها ويبنون عليها آثار كثيرة.
وفي ذيل هذه الآية : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُول وَلاَ نَبِىّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) (٤).
يرون أنّ النبي قد تسلط الشيطان على قلبه وروحه ، ثم حكى آيات ليست من عند الله ، وتسمى هذه القضية قضية الغرانيق ، « أفرأيتم اللاّت والعُزّى ومناة الثالثة الأُخرى وإنهنّ من الغرانيق العلا وإنّ شفاعتهم لترتجى » (٥). وأنّ قريش قد
__________________
١ ـ عمدة القاري شرح صحيح البخاري ١٨ : ٦١ ، كتاب المغاري ، باب ٨١ في حديث كعب ابن مالك.
٢ ـ الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٢٢١ فما بعدها ، الاجتهاد بالرأي في مدرسة الحجاز الفقهية : ١١٢ فما بعدها.
٣ ـ صحيح البخاري ١ : ٣٠٨ ، كتاب الجنائز ، باب الكفن في القميص الذي يكف ، الحديث ١٢٦٩.
٤ ـ الحج (٢٢) : ٥٢.
٥ ـ مجمع الزوائد ٦ : ٢٤ ، الحديث ٩٨٥٠.