الأنبياء أولوا العزم ، وهذا ما ورد عن المعصومين حيث وصفوهم بأنّهم أصحاب شرائع ، وليس أصحاب أديان متعددة ، بل بُعثوا بدين واحد (١).
النسخ يقع في الشرائع ، ولا يقع في العقائد
هل يعقل أن يأتي آدم عليهالسلام بدين وعقائد حقّة ، ثمّ تكون هذه العقائد مؤقّتة بزمن معيّن ، فيأتي نوح عليهالسلام وينسخ العقائد التي أتى بها آدم ، ثمّ يأتي إبراهيم وينسخ العقائد التي أتى بها نوح عليهالسلام وهكذا؟!
إنَّ هذا أمر لا يعقل ; لأنّ الدين عبارة عن رؤى كونية ، وإذا كانت هذه الرؤى الكونية صادقة فهي غير قابلة للتبديل والتغيير.
فيستحيل نسخ التوحيد أو المعاد أو النبوة ، وإنّما يقع النسخ في الشرائع.
بل حتّى أركان الفروع هي من الدين ولا يقع عليها النسخ ، فأصل وجوب الصلاة والزكاة ثابتة في شريعة كلّ نبي ، قال تعالى على لسان عيسى :
( وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً ) (٢).
وكذلك الحجّ فكلّ الأنبياء حجّوا بيت الله الحرام ، وكذلك الجهاد والصوم. نعم ، قد يختلف شكل الصلاة أو الصيام ، ولكن أصل وجوبها ثابت في كلّ الشرائع ، وهذا ينطبق على المحرّمات وتحريم الفواحش كالزنا والخمر ، فأصل تحريم الفواحش ثابت في كلّ الشرائع وإن اختلفت سعة وضيقاً ، حتّى أُصول أحكام الأسرة والزوجية والتعاقد التجاري وتحريم الربا ; ولذلك فإنّ الله تعالى يندّد بالمجتمع اليهودي ; لأنّه يتعامل بالربا.
__________________
١ ـ الفصول المهمة ١ : ٤٢٨ ، الحديث ٥٨٧.
٢ ـ مريم (١٩) : ٣١.