العلمانيون الغربيون ، ويكررها العلمانيون من المسلمين والعرب ; لأنّ هؤلاء يطرحون ما يطرحه الغربيون ، وترجع أساساً إلى المدارس التي ذكرناها.
ومن الإثارات المطروحة هي أنّ الباري سبحانه وتعالى ذاتٌ أزلية غير محدودة في اعتقاد الموحّدين الذين يعتقدون بالألوهية ، فذات الباري غير متتاهية ، ولا يشك أحدٌ في ذلك من أصحاب الديانات السماوية ، بل وحتّى المشركين يعدّون من الملل الإلهية ; لأنّهم يقولون بوجود الإله ، وهم لم يبنوا فكرهم على الوثنية إلاّ لأنّهم يقرّبونهم إلى الله زلفى ، وأمّا الملحدون الذين يؤمنون بالمادة فكلّ البشر يذعنون بفطرتهم أنَّ هناك حقيقة غير متناهية في الوجود وإن اختلفوا في تسميتها ، والإثارة المطروحة هي :
كيف يمكن للنبي صلىاللهعليهوآله الإحاطة بكلّ الحقائق ، وهو مخلوق ولا يحيط بالحقائق كلّها ، وأنّنا إذا سلّمنا بكلّ ما قاله محمّد صلىاللهعليهوآله فإنّ العقل البشري سيصيبه الجمود وتتعطّل عجلة الفكر الإنساني.
وهم يعبّرون عن النبوة بأنّها نوعٌ من التجربة البشرية شبيهة برياضة المرتاضين والمتصوّفة ، وأنّ النبوة نوعٌ من أنواع النبوغ البشري ، إذاً فمصدر عظمة الأنبياء هو العقل أو الروح.
والمذاهب الإسلامية الأخرى ـ غير مذهب أهل البيت عليهمالسلام ـ يقولون بأنّ النبي علومه محدودة في إطار التشريع ، وهذا ما يرويه مسلم بأنّ النبي صلىاللهعليهوآله مرّ بقوم يلقّحون. فقال « لولم تفعلوا لصلح » قال فخرج شيصاً فمرّ بهم فقال : « ما لنخلكم »؟ قالوا : قلت كذا وكذا ، قال : أنتم أعلم بأمر دنياكم (١).
__________________
١ ـ صحيح مسلم ٤ : ١٤٦٤ ، كتاب الفضائل ، باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً دون ما ذكره من معايش الدنيا على سبيل الرأي ، الحديث ٢٣٦٣.