وعندما جاء علي عليهالسلام لم يشأ أن يتوسّع في رقعة البلاد الإسلامية ، والداخل الإسلامي يعاني من الخواء والفساد ، فتوجّه إلى الإصلاح الداخلي ، وللأسف فقد واجهه أصحاب الجمل ، وواجه العصبيات القبلية ، والعصبيات القرشية ، والأحزاب التي لم يكن يروق لها عدل علي عليهالسلام. ودوافع حرب الجمل معروفة.
الحسين عليهالسلام يحيي دين النبي ويعيد مبادءه
ومنهج النبي محمّد صلىاللهعليهوآله نراه عند سبطه الإمام الحسين عليهالسلام في يوم عاشوراء الذي أخذ على عاتقه إحياء مباديء جدّه محمّد صلىاللهعليهوآله التي تعرّضت للتشويه والانحراف على أيدي بني أمية ، فنرى أنّ الحسين بن علي عليهالسلام في يوم عاشوراء يضع خدّه على خدّ جون ذلك العبد ، وهذا نوع عظيم من أنواع الاحترام عند العرب ، ويساوي الحسين عليهالسلام بين جون ـ العبد الأسود ـ وبين علي الأكبر ، السيد القرشي الذي ينتسب لرسول الله صلىاللهعليهوآله.
ومبدأ العدل متجذّر في مذهب أهل البيت عليهمالسلام الذي يرفض أن يكون الخروج على ولي الأمر حراماً ، كما هو في المذاهب الأُخرى ، والإمامية تضع شروطاً للإمام أشدّ ممّا تنشده البشرية ، فنحن نعتقد أنّه معصوم ، فيتوصل إلى النظام الحقوقي العدل ، والنظام المالي العادل ، والنظام القضائي العادل ، والنظام السياسي العادل ، والسيرة العادلة بدون أيّ تفرقة بين مؤمن ومؤمن ، وأنّ الحاكم ليس الإمام المعصوم أو الرسول ، بل الحاكم الأوّل هو الله ، وأنّه ليس من حق الرسول صلىاللهعليهوآله أو الإمام التشريع بدون أمر الله ونهيه ، وأنّ الإمام المعصوم لا يشاء إلاّ ما يشاء الله ، ولا يفعل ما لا يرضي الله تعالى ، إذن حاكمية الله تتجلّى في فعل المعصومين الذين هم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون ، وهذا ليس مغالاة ، بل هو التوحيد في الحاكمية الذي يتميّز به مذهب أهل البيت عليهمالسلام.