لابدّ من التوازن في كلّ علاقة
( الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الاِْنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ * الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَان * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ * وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ) (١) ، فالتوازن مطلوب في كلّ علاقة ، وفي كلّ تعامل ، وفي كلّ شيء ، وهذا التوازن مطلوب حتّى في علوم الكيمياء والفيزياء في المعادلات الكيميائية والفيزيائية ، فهذا التوازن له صيغة وإطار وقالب ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « بالعدل قامت السماوات والأرض » (٢).
إذن كلّ ما طابق العدل ينبغي أن يكون قانوناً ، وليس كلّ قانون يجب أن نعتبره عدلا ، ويجب أن لا تنطلي علينا هذه المغالطة ، والقانون ينبغي أن يرسم السعادة للبشرية ، فكيف تُرسم السعادة للبشرية بغير العدل إذا كان هذا القانون يخالف العدل؟!
لا ينبغي أن تحكم الأعراف على العدالة
أمّا الأعراف فهي قوانين ، وقد لا تكون مكتوبة ، ولكن ثقافة المجتمع مبنيّة عليها ، فمن الأمثلة التي يمكن أن نطرحها هنا هي : مسألة الرئيس في الدول الأوربية ، فلا يوجد قانون مكتوب يمنع وصول الأسوَد إلى سدّة الحكم ، ولكن من المستحيل أن يكون الأسود رئيساً لدولة أوربية ، والسبب هو العرف ، فالعرف له قوّة كبيرة يطبّقها المجتمع ، حتّى لولم يكن هذا العرف مدوّناً ، إذن الأعراف تمثّل قانوناً نافذاً متجدّراً أقوى نفوذاً من القانون المكتوب ، وهذه الأعراف هي كذلك ما دامت هي قانون على النحو التطبيقي الفعلي ، ولكن يجب أن لا تحكم على
__________________
١ ـ الرحمن (٥٥) : ١ ـ ٩.
٢ ـ تفسير كنز الدقائق ١٢ : ٥٥٣ ، ذيل آية ( وَالَّسمَاءَ رَفَعَهَا ).