استبشرت بمداهنة الرسول لها ، فنزل جبرئيل وسدّد النبي ، وقال له : إنّ تلك الآيات آيات شيطانية وليست آيات رحمانية ، القضية ليست مذكورة في كتب الحديث فحسب ، بل توجد في كتب الأصول والتفسير والكلام.
والنص في كتاب البخاري لا يذكر لفظ الغرانيق ، وإنّما يذكر أنّ الشيطان يلقي في قراءة النبي صلىاللهعليهوآله (١) ، وإن اختلف النص إلاّ أنّ المعنى واحد ، والإيمان بهذه الأُمور في حق النبي ، يعني فيما يعني الإيمان بالبلو ري ألسم وتعدّد الإدراك ، وأنّ كلام النبي صلىاللهعليهوآله ، قد يصيب وقد يخطىء ، وأنّ النبي لا يدرك كلّ الحقيقة ، وليس له أن يفنّد رأي الآخرين ، وهذا ينتج منه عدم صحة القول بخلود الشريعة الإسلامية ، وكيف تخلد وهي لا تمتلك الحقيقة؟!
ومن ثم يظهر لنا مصطلح عقلنة الخطاب الديني ، وهناك من يطرح نفس الطرح حتّى من وسطنا الداخلي ، ويقولُ : إنّه يحق للعقل أن ينتقد بعض خطوات الأنبياء من باب البلوري السم أو تعدّد الإدراك.
وهم يفسّرون ( خاتم النبيين ) (٢) ، وقوله صلىاللهعليهوآله : « لا نبي بعدي » (٣) ، أنَّ إرسال الرسل إلى الأُمم السابقة إنّما حدث بسبب عدم تأهّل تلك الأُمم ، وأنّها لم تبلغ سن الرشد ، فلذلك احتاجت إلى نبي يرشدها ، أمّا الأُمم من بعد محمّد صلىاللهعليهوآله فهي قد بلغت سن الرشد ، ولا تحتاج إلى قيمومة ووصاية السماء ، وهي قادرة بواسطة الحوار والمجتمع المدني والديمقراطية والتجارب العملية والانفتاح والحرية على الاستغناء عن السماء وشريعتها ، فيكون خاتم الأنبياء.
وهم يقولون : إنَّ الشريعة لا تعالج الأُمور المعاشية والمتعلّقة بالحياة العامة ،
__________________
١ ـ صحيح البخاري ٣ : ٢٣٨ ، كتاب التفسير ، سورة الحج.
٢ ـ الأحزاب (٣٣) : ٤٠.
٣ ـ مسند أحمد ٣ : ١١٤ ، الحديث ١٥٣٢.