يحيى بن صالح الحريري قال : اخبرنا أبو العباس الوليد بن عمرو ـ وكان ثقة ـ عن عبد الرحمن بن سليمان ، عن جعفر بن محمد بن علي ( عليهم السلام ) ، قال : « بعث علي ( عليه السلام ) ، مصدقاً من الكوفة إلى باديتها ، فقال : عليك بتقوى الله ، ولا تؤثرن دنياك على آخرتك ، وكن حافظاً لما إئتمنتك عليه ، راعياً لحق الله ، حتى تأتي نادي بلاد فلان ، فإذا قدمت عليهم فانزل بفنائهم من غير ان تخالط بيتهم ، ثم امض إليهم بسكينة ووقار ، حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم فتقول : يا عباد الله ، أرسلني إليكم ولي الله ، لآخذ منكم حق الله ، فهل [ لله ] (١) في اموالكم من حق فتؤدونه إلى وليه ؟ فإن قال قائل منهم : لا ، فلا تراجعه ، وإن أنعم لك منعم ، فانطلق معه من غير أن تخيفه ، ولا تعده إلا خيراً ، حتى تأتي ماله ، ولا تدخله إلا بإذنه فإن اكثره له ، وقل له : يا عبد الله ، أتأذن لي في دخول ذلك ؟ فإن أنعم فلا تدخله دخول المسلط عليه فيه ولا عنيف به ، واصدع (٢) المال صدعين ، فخيره أي الصدعين شاء ، فأيهما اختار فلا تتعرض له ، واصدع الباقي صدعين ، فلا تزال حتى يبقى حق الله في ماله فاقبضه ، فإن استقالك فاقله ، ثم اخلطها ثم اصنع مثل الذي صنعت ، حتى تأخذ حق الله في ماله ، فإذا قبضته فلا توكل به إلا ناصحاً مسلماً ، مشفقاً أميناً حافظاً ، غير متعنف بشيء منها ، ثم احدر ما اجتمع عندك من كل ناد إلينا ، فضعه حيث أمر الله به ، فإذا انحدر بها رسولك ، فاوعز إليه أن لا يحولّن بين ناقة وفصيلها ولا يفرقن بينهما ، ولا يمصر لبنها فيضر ذلك بفصيلها ، ولا يجهدنها ركوباً ، وليعدل بينهن
__________________________
(١) أثبتناه من المصدر .
(٢) أصدعها صدعين : أي شقها بنصفين . ( لسان العرب ـ صدع ـ ج ٨ ص ١٩٥ ) .