بغناه ، وابن السّبيل بلحوقه ببلده ، ومع توكيد الحجّ مع ذلك بالأمر به تعليماً ، وبالنّهي عمّا ركب ممّن منعه تحرّجاً ، فقال الله جلّ وعزّ في الصّدقات ، وكانت أوّل ما افترض الله سبله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (١) فالله اعلم نبيّه ( صلى الله عليه وآله ) موضع الصّدقات ، وأنّها ليست لغير هؤلاء ، يضعها حيث يشاء منهم على ما يشاء ، ويكفّ الله جلّ جلاله نبيّه وأقرباءه عن صدقات النّاس وأوساخهم ، فهذا سبيل الصّدقات ، وأمّا المغانم فإنّه لمّا كان يوم بدر ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من قتل قتيلاً فله كذا وكذا ، ومن أسر أسيراً فله من غنائم القوم كذا وكذا ، فإنّ الله قد وعدني أن يفتح عليّ وأنعمني عسكرهم ، فلمّا هزم الله المشركين وجمعت غنائمهم ، قام رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله ، إنّك أمرتنا بقتال المشركين وحثثتنا عليه ، وقلت : من أسر أسيراً فله كذا وكذا من غنائم القوم ، ومن قتل قتيلاً فله كذا وكذا ، وإنّي قتلت قتيلين لي بذلك البيّنة ، وأسرت أسيراً ، فاعطنا ما أوجبت على نفسك يا رسول الله ، ثم جلس فقام سعد بن عبادة فقال : يا رسول الله ، ما منعنا أن نصيب مثل ما أصابوا جبن من العدوّ ، ولا زهادة في الآخرة والمغنم ، ولكنّا تخوفنا إن بعد مكاننا منك فيميل إليك من جند المشركين ، أو يصيبوا منك ضيعة فيميلوا إليك فيصيبوك بمصيبة ، وإنّك إن تعط هؤلاء القوم ما طلبوا ، يرجع سائر المسلمين ليس لهم من الغنيمة شيء ، ثم جلس فقام الأنصاري فقال مثل مقالته الأولى ثم جلس ، يقول ذلك كلّ واحد منهما ثلاث مرّات ، فصد النّبي ( صلى الله عليه وآله ) بوجهه ، فأنزل الله عزّ
__________________________
(١) التوبة ٩ : ٦٠ .