الامتزاج التي تحصل
عادة من رحابة الصدر ، ودماثة الخلق المتصفة برقة الطبع وخفة الروح. وثمة خصيصة
اخرى تجلّت وبوضوح في طبع النجفي وهي نخوته وفتوته وسرعة اجابته في النجدة. وقد
انعكست هذه الظاهرة على حياته الاجتماعية وتجسدت في تعامله وسلوكه مع أبناء وطنه .
والطريف أنّ مجتمعاً منغلقاً ومحافظاً
كالنجف كان من أكثر المجتمعات انفتاحاً في تقبّله النقد السليم والفكرة السليمة ، ولعل
ذلك يعود إلى عاملين ، كما يقول الدكتور مصطفى جمال الدين ، هما : القراءات
المتنوعة للكتب والصحف والمجلات التي كانت ترد النجف من مختلف البلدان كمجلة
العرفان والمقتطف والمقطم والهلال وغيرها من صحف العالم الاسلامي ، بالاضافة الى
الصحف والمجلات التي كانت تنشر في النجف .. وثقافات الوافدين على النجف من مختلف
الأقطار الاسلامية للتحصيل في مدارس النجف الدينية .. فقد ساعد هذان العاملان على
بث روح المنطق والدرك المتقابل بالاضافة الى الجرأة والشجاعة في ابداء الرأي
الصريح والنقد البنّاء مما يندر تحققه في المجتمعات المنغلقة والمتزمتة. والشواهد
في هذا الصدد كثيرة ، أذكر على سبيل المثال موقف الشيخ صالح الجعفري الذي وجه نقداً لاذعاً لوفود المسلمين
المجتمعين في مكة لاداء مناسك الحج ، مذكراً إيّاهم بصمود الزعيم الهندي ( غاندي )
في تحديه الاستعمار الذي قاد الى تحرير الهند. يقول مخاطباً :
قِفْ في ( مِنىً ) واهتفْ بمز
|
|
دحم القبـائلِ والـوفـودِ
|
حُجّـوا فلستم بـالغـين
|
|
بحجّكم شَـرَفَ الهنـودِ !
|
__________________