قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

جامع المقاصد في شرح القواعد [ ج ٢ ]

426/524
*

ويحرم البيع بعد الأذان ، وينعقد على رأي ،

______________________________________________________

الأرض لم يخرج بذلك عن الشّرعية ، فإذا فعل ثانيا كان هو المحدث.

فان قيل : من أين يعلم أنّ الأذان المفعول ثانيا مقصود به الأذان الموظف المحدث ، حتّى يكون محرّما أو مكروها؟ ولم لا يجوز أن يراد به ما يراد بغيره من الأذان المكرّر مقصودا به ما يخرجه عن الأمرين معا؟

قلنا : ظاهر الحال وانضمام القرائن المستفادة من تتالي الأعصر شهدت بأنّ هذا هو الأذان المحدث من عثمان أو معاوية ، حتّى أنّه لو حاول أحد تركه قابلوه بالإنكار والمنع ، والاعتناء بتخصيص يوم الجمعة بأذان أخر من دون سائر الأيّام على تطاول السّنين من الأمور الدّالة على ذلك ، وما هذا شأنه لا يكون إلاّ بدعة.

فإن قيل : من أين يعلم أنّ المؤذن لا يريد بالواقع بين يدي الخطيب هو الّذي كان في عهده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكون الأوّل هو البدعة؟

قلنا : إن علم ذلك فالمحرّم هو الأوّل ، لأنّ المؤثر في وجوب الأفعال إنّما هو النّيات ، وإن لم يعلم فالأصل عدمه ، وظاهر فعل المسلم الصحّة ما أمكن ، فيكون الواقع أولا محكوما بصحته ، لعدم تحقق المقتضي لبطلانه ، ويبقى التّحريم متوجها إلى الثّاني.

قوله : ( ويحرم البيع بعد الأذان ، وينعقد على رأي ).

لا خلاف في تحريم البيع بعد النّداء للجمعة ، لقوله تعالى ( وَذَرُوا الْبَيْعَ ) (١) أمر بتركه حينئذ ، فيكون فعله محرّما ، والنّداء الّذي يتعلّق به التّحريم هو الّذي يقع بعد الزّوال ، والإمام جالس على المنبر على ما ذكره الشّيخ في الخلاف (٢) بناء على أنّ الأفضل فعل الأذان بعد صعود المنبر ، فلو فعله قال الشّيخ : لا ينعقد ، للنهي المقتضي للفساد ، لأنّ المنهيّ عنه لا يكون مطلوبا للشّارع ، لاستحالة اجتماع الأمر والنّهي في شي‌ء واحد ، فيكون فاسدا (٣).

__________________

(١) الجمعة : ٩.

(٢) الخلاف ١ : ١٤٥ مسألة ٤٨ صلاة الجمعة.

(٣) المبسوط ١ : ١٥٠.