دروس في الكفاية - ج ٧

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الكفاية - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٥

قياس (١) مع الفارق ، لوضوح الفرق بين المقام ، والقياس في الموضوعات الخارجية الصرفة (٢) ، فإن (٣) القياس المعمول فيها (٤) ليس في الدين ، فيكون (٥) إفساده أكثر من إصلاحه ، وهذا بخلاف المعمول في المقام (٦) ، فإنه (٧) نحو إعمال له في الدين ، ضرورة (٨) : أنه (٩) لو لاه لما تعيّن الخبر الموافق له للحجية بعد سقوطه (١٠) عن الحجية بمقتضى أدلة الاعتبار ، والتخيير (١١) بينه وبين معارضه (١٢) بمقتضى أدلة العلاج ، فتأمل جيدا.

______________________________________________________

(١) خبر «وتوهم» ودفع له. وقد تقدم توضيح الدفع ، فلا حاجة إلى الإعادة.

(٢) المراد بالموضوعات الصرفة : هي الموضوعات الخارجية التي تعلقت بها أحكام شرعية بدون أن يتصرف الشارع في حدودها ، كما عرفت في غليان العصير بالنار ، فإن الغليان موضوع عرفي تعلق به حكم شرعي.

(٣) هذا بيان الفارق وقد عرفت توضيحه تفصيلا.

(٤) أي : في الموضوعات.

(٥) بالنصب يعني : يكون إفساده أكثر من إصلاحه.

(٦) وهو ترجيح أحد الخبرين على الآخر بالقياس.

(٧) يعني : فإن المعمول في مقام الترجيح نحو إعمال للقياس في الدين.

(٨) بيان لكون ترجيح أحد الخبرين بالقياس إعمالا له في الدين.

(٩) هذا الضمير للشأن ، وضميرا «لو لاه ، له» راجعان إلى «القياس».

(١٠) أي : سقوط الخبر الموافق للقياس عن الحجية بمقتضى القاعدة الأولية ، بعد قصور أدلة اعتبار الأخبار عن شمولها لكلا المتعارضين ولا لأحدهما المعين ، ولا المخيّر.

(١١) عطف على «سقوطه» ، يعني : وبعد التخيير بين الخبر الموافق للقياس وبين معارضه بمقتضى الأخبار العلاجية ؛ إذ المفروض : تكافؤهما إلّا في موافقة أحدهما للقياس ، فإذا تعيّن الخبر الموافق له للحجية كان ذلك إعمالا للقياس في الدين.

والحاصل : أن حكم المتعارضين بمقتضى القاعدة الأولية هو سقوط كليهما ، وبمقتضى أخبار العلاج هو التخيير ، فتعيين أحد الخبرين المتكافئين للحجية ـ لأجل موافقته للقياس ـ عمل بالقياس وخارج عن كلا الحكمين اللذين تقتضيهما القاعدة الأولية وأخبار العلاج.

ثم إن الأولى إبدال «بمقتضى أدلة الاعتبار» ب «بمقتضى القاعدة الأولية» كما لا يخفى ، فإن أدلة العلاج أيضا من أدلة الاعتبار ؛ لكنها دليل ثانوي ، وأدلة حجية خبر الواحد دليل أولي ، والأمر سهل بعد وضوحه.

(١٢) هذا الضمير وضمير «بينه» راجعان إلى «الخبر الموافق».

٣٨١

وأما (١) إذا اعتضد بما كان دليلا مستقلا في نفسه كالكتاب والسنة القطعيّة ، فالمعارض المخالف لأحدهما إن كانت مخالفته (٢) بالمباينة الكلية ، فهذه الصورة (٣) خارجة عن مورد الترجيح ؛ لعدم (٤) حجية الخبر المخالف كذلك (٥) من أصله ولو مع عدم المعارض فإنه (٦) المتيقن من الأخبار الدالة على ...

______________________________________________________

(١) عطف على «أما ما ليس بمعتبر» ، وكان الأولى أن يقال : «وأما ما كان دليلا مستقلا في نفسه وكان معاضدا لأحد الخبرين».

وهذا إشارة إلى ثالث أقسام المرجحات الخارجية.

ومحصل ما أفاده في هذا القسم : أن الخبر المخالف للكتاب أو السنة القطعية إن كانت مخالفته لهما بالمباينة الكلية ، فهذه الصورة خارجة عن الترجيح ؛ إذ مورده : كون الخبرين المتعارضين واجدين لشرائط الحجية ، ومن المعلوم : أن الخبر المخالف بهذه المخالفة لا يكون حجة في نفسه ولو مع عدم معارض له ؛ إذ المتيقن هو الروايات الدالة على «أن الخبر المخالف زخرف أو باطل أو نحوهما» هو هذه الصورة ، فالمتعين حينئذ العمل بالخبر الموافق وطرح المخالف.

(٢) أي : مخالفة المعارض بنحو المباينة ، وضمير «أحدهما» راجع على «الكتاب والسنّة».

(٣) أي : المخالفة التباينية خارجة عن مورد الترجيح.

(٤) تعليل لخروج هذه الصورة عن مورد الترجيح ، ومحصله : أن المخالفة التباينية مانعة عن الحجية وإن لم يكن معارض للخبر المخالف للكتاب والسنة بهذه المخالفة ؛ بل ليس فيه اقتضاء الحجية كما هو ظاهر ما في الأخبار ، من التعبيرات ب «زخرف وباطل ولم نقله» ونحو ذلك.

(٥) أي : مخالفة تباينية ، فإن المخالف كذلك ليس في نفسه حجة ولو لم يكن له معارض.

(٦) أي : فإن الخبر المخالف تباينيا يكون هو المتيقن من الأخبار الدالة على «أن الخبر المخالف للكتاب والسنّة زخرف أو لم نقله» أو غير ذلك.

والوجه في تيقّنه أولا : أن المخالفة بنحو العموم المطلق ليست مخالفة عرفا ؛ لكون الخاص عندهم مبيّنا لما هو المراد من العام ، وقرينة عليه ، وليست هذه المخالفة مشمولة لتلك الأخبار ؛ لخروجها عنها موضوعا.

وثانيا : أنها أبية عن التخصيص ، مع العلم الإجمالي بصدور أخبار مخالفة للكتاب ـ

٣٨٢

أنه (١) «زخرف» أو «باطل» أو أنه «لم نقله» أو غير ذلك (٢).

وإن كانت (٣) مخالفته بالعموم والخصوص المطلق فقضية القاعدة فيها (٤) وإن كانت ملاحظة المرجحات بينه وبين الموافق ، وتخصيص (٥) الكتاب به تعيينا أو تخييرا لو لم يكن الترجيح في الموافق  بناء (٦) على جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد.

إلّا (٧) إن الأخبار الدالة على أخذ الموافق من المتعارضين غير قاصرة عن العموم

______________________________________________________

بنحو العموم المطلق ـ عنهم «عليهم‌السلام». لو سلّم كون مخالفة العموم المطلق مخالفة فالأخبار المشار إليها منصرفة عنها.

(١) هذا الضمير وضمير «نقله» راجعان إلى «الخبر المخالف».

(٢) مثل «اضربوه على الجدار».

(٣) عطف على «إن كانت مخالفته» وإشارة إلى القسم الثاني وهو المخالفة بالعموم والخصوص المطلق.

وتوضيح ما أفاده هو : أن مقتضى قاعدة التعارض المستفادة من الأخبار العلاجية وإن كان هو ملاحظة المرجحات بين الخبر الموافق للكتاب أو السنّة وبين الخبر المخالف والأخذ بأرجحهما إن كان وإلّا فالتخيير بينهما ، وتخصيص الكتاب بالخبر المخالف إن أخذ به تعيينا أو تخييرا بناء على جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ؛ إلّا إن الأخبار المتضمنة لأخذ الموافق للكتاب من الخبرين المتعارضين تشمل صورة المخالفة بنحو العموم والخصوص المطلق ، بناء على كونها من الأخبار العلاجية التي هي في مقام ترجيح إحدى الحجتين على الأخرى لا في مقام تمييز الحجة عن اللاحجة ؛ كما استفاده المصنف سابقا من تلك الأخبار وأيد هذه الاستفادة بأخبار العرض على الكتاب الدالة على عدم حجية الخبر المخالف للكتاب من أصله ولو بدون المعارض.

(٤) أي : في المخالفة بالعموم والخصوص المطلق. وضمير «بينه» راجع على «الخبر المخالف».

(٥) عطف على «ملاحظة». وضمير «به» راجع إلى «الخبر المخالف».

قوله : «لو لم يكن الترجيح» قيد لقوله : «تخييرا.

وغرضه : أنه يخصص الكتاب بالخبر المخالف تعيينا إن كان له مرجح ، وتخييرا إن لم يكن له مرجّح.

(٦) قيد لقوله : «وتخصيص الكتاب به» ؛ إذ بدون هذا البناء لا وجه لتخصيص الكتاب به.

(٧) استثناء من قوله : «فقضية القاعدة وإن كانت ملاحظة المرجحات».

٣٨٣

لهذه الصورة (١) لو قيل (٢) بأنها في مقام ترجيح أحدهما ؛ لا تعيين الحجة عن اللاحجة كما نزلناها عليه (٣).

ويؤيده (٤) : أخبار العرض على الكتاب الدالة على عدم حجية المخالف من أصله ، فإنهما (٥) تفرغان عن لسان واحد ، فلا وجه لحمل المخالفة في إحداهما على خلاف المخالفة في الأخرى ، كما لا يخفى.

______________________________________________________

ومحصله : هو أن قاعدة التعارض وإن كانت مقتضية لملاحظة الترجيح بين الخبر الموافق والمخالف للكتاب بنحو العموم المطلق كما أفاده الشيخ «قدس‌سره» ، وتقديم الخبر المخالف إن كان راجحا على الموافق وتخصيص الكتاب به ، والتخيير بين الموافق والمخالف إن كانا متكافئين ؛ إلّا إن أخبار الترجيح بموافقة الكتاب تشمل هذه الصورة ، فيرجح بها الخبر الموافق لعموم الكتاب على المخالف لعمومه وإن كان المخالف مع عدم المعارضة مخصصا لعموم الكتاب لأخصيّته منه.

هذا بناء على القول بكون أخبار الترجيح بموافقة الكتاب والسنة في مقام ترجيح إحدى الحجتين على الأخرى. وأما بناء على كونها في مقام تعيين الحجة عن اللاحجة فلا مرجّح للخبر الموافق على المخالف حتى يقدم عليه لأجل موافقته للكتاب.

(١) أي : صورة كون المخالفة بنحو العموم المطلق.

(٢) قيد لقوله : «غير قاصرة» إذ مع عدم كونها في مقام الترجيح ـ بل في مقام تعيين الحجة عن اللاحجة ـ تكون أجنبية عن تعارض الحجتين الذي هو مورد البحث.

(٣) يعني : كما نزّلنا الأخبار الدالة ـ على أخذ الموافق ـ على تعيين الحجة عن اللاحجة حيث قال عند الجواب عن أخبار الترجيح : «مع أن في كون أخبار موافقة الكتاب أو مخالفة القوم من أخبار الباب نظرا ...» الخ.

(٤) يعني : ويؤيد تنزيل تلك الأخبار ـ على أنها في مقام تعيين الحجة عن اللاحجة ـ أخبار العرض على الكتاب الدالة على عدم حجية المخالف من أصله وإن لم يكن له معارض ، للتعبير عنه بالزخرف والباطل ونحوهما.

(٥) هذا وجه التأييد : توضيحه : أن أخبار العرض على الكتاب ـ الدالة على عدم حجية المخالف من أصله و «أنه زخرف وباطل» ونحو ذلك ـ وأخبار الأخذ بالموافق مع وحدة الموضوع فيهما كيف تحمل إحداهما وهي أخبار العرض على المخالفة التباينية. والأخرى وهي أخبار العلاج على غير المخالفة التباينية؟

فإنه مع وحدة الموضوع ـ وهي المخالفة ـ فيهما ، وأنهما تفرغان عن لسان واحد لا وجه للتفكيك بينهما بحمل إحداهما على معنى ، والأخرى على معنى آخر.

٣٨٤

اللهم (١) إلّا أن يقال : نعم ؛ إلّا إن دعوى اختصاص هذه الطائفة (٢) بما إذا كانت المخالفة بالمباينة ، بقرينة (٣) القطع بصدور المخالف غير المباين عنهم «عليهم‌السلام» كثيرا ، وإباء (٤) مثل : «ما خالف قول ربّنا لم أقله» أو «زخرف» أو «باطل» عن التخصيص غير (٥) بعيدة.

______________________________________________________

(١) هذا عدول عمّا ذكره من تأييد وحدة معنى المخالفة في الطائفتين من الأخبار بقوله : «فلا وجه لحمل المخالفة في إحداهما» ، وبيان للفرق بين المخالفة التي هي من المرجحات ، وبين المخالفة التي هي من شرائط حجية خبر الواحد.

ومحصل وجه العدول : أنه لا بد من التفكيك بين المخالفتين في هاتين الطائفتين لوجهين :

أحدهما : العلم الإجمالي بصدور المخالف بنحو العموم والخصوص المطلق.

والآخر : إباء بعض أخبار العرض على الكتاب عن التخصيص.

فهذا الوجهان قرينتان على التفكيك المزبور ، بحمل أخبار العرض على المخالفة التباينية ؛ إذ لا معنى لأن يقال : «ما خالف قول ربّنا لم نقله أو باطل إلّا ما علم صدوره» ، وحمل أخبار الأخذ بالموافق وطرح المخالف على الأعم والأخص المطلقين. فما يكون من المرجحات هو المخالفة بنحو العموم والخصوص المطلق ، وما يكون مميّزا للحجة عن اللاحجة هو المخالفة التباينية.

(٢) وهي أخبار العرض على الكتاب ، و «بما» متعلق ب «اختصاص».

(٣) متعلق ب «اختصاص» والباء للسببية. وقوله «بقرينة» إشارة إلى الوجه الأول المذكور بقولنا : «أحدهما : العلم الإجمالي».

(٤) عطف على «بقرينة» ، وهو إشارة إلى الوجه الثاني المتقدم بقولنا : «والآخر إباء بعض أخبار العرض على الكتاب عن التخصيص» ، فقوله : «عن التخصيص» متعلق ب «إباء».

(٥) خبر «دعوى» ، وعليه : فإذا ورد خبر يدل على حرمة الرّبا بين الوالد والولد ، وخبر آخر يدل على جوازه ، والأول موافق للعام الكتابي وهو قوله تعالى : (وَحَرَّمَ الرِّبا)(١) والثاني مخالف له مخالفة العموم والخصوص المطلق ، قدّم الموافق إن لم يكن ترجيح للمخالف ؛ وإلّا فيقدّم المخالف ويخصّص به عموم الكتاب ، ويحكم بجواز أخذ الربا للوالد من ولده بناء على جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد.

__________________

(١) البقرة : ٢٧٥.

٣٨٥

وإن (١) كانت المخالفة بالعموم والخصوص من وجه فالظاهر أنها كالمخالفة في الصورة الأولى (٢) كما لا يخفى.

وأما (٣) الترجيح بمثل الاستصحاب ـ كما وقع في كلام غير واحد من الأصحاب

______________________________________________________

(١) عطف على قوله : «إن كانت مخالفته بالمباينة الكلية».

توضيحه : أنه إن كانت المخالفة للكتاب أو السنة بالعموم من وجه فالظاهر : أن حكمها في المجمع حكم المخالفة التباينية لتحيّر العرف في الجمع بين العامين من وجه في مورد اجتماعهما ، وعدم تحيّره في الجمع بين العام والخاص المطلقين ، فتندرج المخالفة بالعموم من وجه في أخبار العرض ؛ لعدم موجب لخروج المخالفة بالعموم من وجه عنها ، كما كان لخروج مخالفة العموم والخصوص المطلق عنها وجه وهو ما تقدم من العلم الإجمالي بصدور روايات مخالفة للكتاب مخالفة العموم المطلق ، ومن إباء بعض أخبار العرض عن التخصيص.

وبالجملة : تكون المخالفة بالعموم من وجه من مصاديق المخالفة عرفا.

(٢) وهي المخالفة التباينية.

(٣) هذا إشارة إلى حال القسم الرابع من أقسام المرجحات الخارجية ، والدليل المعتبر في نفسه غير المعاضد لمضمون أحد الخبرين ، نظير الاستصحاب وغيره من الأصول العملية.

وتعبير المصنف «بمثل الاستصحاب» يدل على عدم اختصاص هذا البحث بالاستصحاب ، وقد صرّح الشيخ «قدس‌سره» بتعميمه ، حيث قال : «ولا فرق في ذلك بين الأصول الثلاثة أعني : أصالة البراءة والاحتياط والاستصحاب».

ومحصل ما أفاده المصنف : أن الأصل إن كان اعتباره من باب الظن ، فعلى القول بعدم التعدّي من المرجّحات المنصوصة لا مجال للترجيح بالأصل ، وعلى القول بالتعدي فإن كان ذلك الظّن موجبا للظّن بالصدور أو الأقربية إلى الواقع فالترجيح به واضح ، وإن لم يكن موجبا لأحد هذين الأمرين ـ اللذين أنيط بهما التعدي ـ فلا وجه للترجيح أيضا.

وإن كان اعتباره تعبّدا من باب الأخبار الدّالة على أن الأصل وظيفة للشاك ، فلا وجه للترجيح به أصلا ؛ لعدم اعتضاد أحد الخبرين المتعارضين به ، بداهة : أن الأصل ليس كاشفا عن الواقع حتى يكون في رتبة الأمارة. ومعاضدا لها ومقرّبا لمضمونها إلى الواقع ، كيف يمكن أن يكون كاشفا عن الواقع؟ مع تقوّم موضوعه بالشك الذي لا يعقل فيه الكشف والطريقية.

٣٨٦

ـ فالظاهر : أنه (١) لأجل اعتباره من باب الظن والطريقية عندهم ، وأما بناء على اعتباره (٢) تعبّدا من باب الأخبار وظيفة للشاك ـ كما هو المختار كسائر الأصول العملية التي تكون كذلك (٣) عقلا أو نقلا ـ فلا وجه (٤) للترجيح به أصلا ؛ لعدم (٥) تقوية مضمون الخبر بموافقته (٦) ولو بملاحظة دليل اعتباره (٧) كما لا يخفى.

هذا آخر ما أردنا إيراده ، والحمد لله أوّلا وآخرا وباطنا وظاهرا.

______________________________________________________

(١) أي : الترجيح لأجل اعتبار الأصل من باب الظن والطريقية.

والظاهر : كون الظن أعم من النوعي والشخصي ؛ إلّا إن الترجيح بالأول مشكل بناء على استناد التعدّي عن المرجحات المنصوصة إلى الظن بالصدور أو الأقربية إلى الواقع كما لا يخفى.

(٢) أي : اعتبار الأصل تعبّدا ووظيفة للشاك ، فلا وجه للترجيح به أصلا.

(٣) أي : وظائف للشاك عقلا ؛ كقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، أو نقلا كالبراءة الشرعية.

(٤) جواب «وأمّا» ، وضمير «به» راجع إلى «بمثل الاستصحاب».

(٥) تعليل لقوله : «فلا وجه».

(٦) أي : بموافقة الخبر لمثل الاستصحاب.

(٧) أي : اعتبار مثل الاستصحاب.

والوجه في ذلك : أن دليل اعتبار الأصل العملي لا يدل إلّا على أنه وظيفة الشاك عملا ، ومن المعلوم : أنه أجنبيّ عن الإحراز والكشف ، فإن مدلول الخبر هو الحكم الواقعي ، ومؤدى الأصل العملي هو الحكم الظاهري ، ومن المعلوم : عدم وحدة رتبة هذين الحكمين حتى يتقوى مدلول الخبر بمؤدى الأصل.

فتحصل من جميع ما أفاده المصنف من أوّل بحث المرجحات الخارجية إلى هنا : أن الأمر الخارجي الموافق لأحد الخبرين المتعارضين إن كان أمارة غير معتبرة ـ سواء كان عدم اعتبارها لعدم الدليل على اعتبارها كالشهرة الفتوائية والأولوية الظنية ، أم لقيام الدليل على اعتبارها كالقياس ـ لا يكون مرجّحا لأحد الخبرين المتعارضين وإن كان دليلا مستقلا في نفسه كالكتاب والسنة القطعية ، فإن كان الخبر المعارض مخالفا للكتاب أو السنّة القطعية بالتباين أو العموم من وجه قدّم الخبر الموافق ، ويسقط المخالف عن الاعتبار رأسا ، ولا يكون هذا التقديم من باب ترجيح إحدى الحجتين على الأخرى ؛ بل من باب تقديم الحجة على اللاحجة.

٣٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وإن كان مخالفا للكتاب أو السنة بالعموم والخصوص المطلق كانت موافقة الكتاب من المرجحات ، فإن لم يكن للخبر المخالف مرجّح يوجب تقدّمه على الموافق يؤخذ بالموافق ، ويطرح ذلك ؛ وإلّا يؤخذ بالمخالف ويخصّص به عموم الكتاب.

٣٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد تمّ هذا الكتاب المسمّى بدروس في الكفاية في يوم الثاني عشر من شهر جمادى الأولى سنة ١٤٢٥ هجرية في دمشق ـ الحوزة العلمية الزينبية في جوار السيّدة زينب «عليها‌السلام».

وتركت بحث الاجتهاد والتقليد تبعا لآية الله العظمى السيد محسن الحكيم «قدس‌سره» حيث ترك بحث الاجتهاد والتقليد في حقائق الأصول.

الحمد لله ربّ العالمين ، وصلى الله على نبيّه محمد وعلى آله الطاهرين وأصحابه المنتجبين.

٣٨٩
٣٩٠

فهرس الجزء السابع

التنبيه التاسع : ترتب الآثار العقلية والعادية على الاستصحاب......................... ٥

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................... ٩

التنبيه العاشر : في لزوم كون المستصحب حكما شرعيا أو ذا حكم شرعي بقاء......... ١٠

لا فرق بين كون المستصحب أو المترتب علة بين الأمر الوجودي والعدمي.............. ١٣

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................. ١٦

التنبيه الحادي عشر : في أصالة تأخر الحادث...................................... ١٧

أقسام تأخر حادث على حادث آخر............................................. ١٩

أحكام تلك الأقسام............................................................ ٢٠

وقد ذكر المصنف لمنع جريان الاستصحاب تأخر حادث على حادث آخر وجوها....... ٢١

الفرق بين الوجود المحمولي والوجود النعتي أو العدم المحمولي والعدم النعتي................ ٢٧

الفرق بين ما هو مختار الشيخ الأنصاري وبين ما هو مختار صاحب الكفاية في المسألة.... ٣٨

دفع إشكال انفصال اليقين عن الشك في استصحاب أحد الحادثين................... ٤٢

استصحاب أحد الحادثين فيما علن تاريخ أحدهما................................... ٤٦

جريان الاستصحاب في مجهول التاريخ دون معلوم التاريخ............................. ٥٠

ذكر المصنف وجوها لعدم جريان الاستصحاب في الحادثين أو أحدهما................. ٥٢

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................. ٥٥

التنبيه الثاني عشر : في استصحاب الأمور الاعتقادية................................ ٥٩

الأمور الاعتقادية على قسمين والفرق بينهما....................................... ٦١

جريان الاستصحاب الحكمي دون الموضوعي إذا كان الأمور الاعتقادية من القسم الثاني.. ٦٤

الاحتمالات في استصحاب النبوة................................................. ٦٨

لزوم الدور في استصحاب النبوة بمعنى المنصب الإلهي................................ ٧٢

٣٩١

لا إشكال في استصحاب بعض أحكام شريعة النبي السابق........................... ٧٣

الجواب عن تمسك الكتابي باستصحاب نبوة موسى «عليه‌السلام».......................... ٧٤

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................. ٧٩

التنبيه الثالث عشر : في عدم جريان الاستصحاب مع الدليل الاجتهادي.............. ٨١

الفرق بين العموم الاستغراقي والعموم المجموعي...................................... ٨٢

انقسامات العام والخاص في المقام مع بيان حكم تلك الأقسام......................... ٨٥

الأقوال في المسألة هي أربعة...................................................... ٩٨

الصور والاحتمالات على ما كره صاحب الكفاية على أربعة.......................... ٩٩

نظريات المصنف في المسألة..................................................... ١٠١

التنبيه الرابع عشر : جريان الاستصحاب مع الظنّ بالخلاف........................ ١٠٢

الدليل على كون الشك في باب الاستصحاب بمعنى خلاف اليقين.................. ١٠٥

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ١٠٩

في اشتراط بقاء الموضوع في الاستصحاب......................................... ١١١

الدليل على اعتبار بقاء الموضوع في الاستصحاب.................................. ١١٢

الأقوال في تفسير بقاء الموضوع في الاستصحاب................................... ١١٥

الإشكال على الاستدلال على بقاء الموضوع باستحالة انتقال العرض من موضوع إلى موضوع آخر    ١١٧

الفرق بين نظر العقل ونظر العرف في اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة................. ١٢١

في إثبات كون اللازم في الاستصحاب هو بقاء الموضوع العرفي لا الموضوع العقلي...... ١٢٥

يقول المصنف : إن المرجع في تشخيص «لا تنقض» هو العرف..................... ١٢٧

المقام الثاني : تقدم الأمارة على الاستصحاب بالورود............................... ١٢٨

ويمكن تقريب الورود بوجهين.................................................... ١٢٩

الإشكال على ضابط الحكومة.................................................. ١٣٦

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ١٤١

في ورود الاستصحاب على سائر الأصول العملية.................................. ١٤٤

توضيح ورود الاستصحاب على الأصول العقلية................................... ١٤٦

٣٩٢

في تعارض الاستصحابين....................................................... ١٤٧

بيان ما هو المناط في تقديم الأصل السببي على المسببي............................. ١٥٠

جواب المصنف على إشكال الشيخ الأنصاري.................................... ١٥٥

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ١٥٩

في تقدم قاعدة التجاوز والفراغ وأصل الصحة على الاستصحاب.................... ١٦١

في تقديم الاستصحاب على القرعة.............................................. ١٦٧

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ١٧٤

المقصد الثامن : في تعارض الأدلة............................................... ١٧٧

بيان مجمل جهات البحث قبل تفصيلها.......................................... ١٧٩

تقريب الجهة الأولى والثانية..................................................... ١٨٠

عناوين ثلاثة في تعريف التعارض................................................ ١٨٣

بيان الفرق بين تعريف التعارض عند المشهور وعند المصنف......................... ١٨٦

خروج موارد الجمع الدلالي عن تعريف التعارض................................... ١٩١

المورد الثاني : التوفيق العرفي..................................................... ١٩٤

المورد الثالث : حمل الظاهر على الأظهر......................................... ٢٠٩

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٢١٥

في بيان مقتضى القاعدة الأولية................................................. ٢١٩

حجّية أحد المتعارضين في نفي الثالث............................................ ٢٢٤

مقتضى القاعدة الأولية في تعارض الدليلين بناء على السببية........................ ٢٢٥

استدل على أولوية الجمع من الطرح بوجوه........................................ ٢٣٢

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٢٣٧

في بيان مقتضى القاعدة الثانوية في باب تعارض الأخبار............................ ٢٣٩

أخبار العلاج وأخبار التخيير................................................... ٢٤١

أخبار الاحتياط وأخبار الترجيح................................................. ٢٤٤

أجمع خبر للمزايا المنصوصة في الأخبار هو المقبولة................................. ٢٤٥

الإشكال على وجوب الترجيح المستفاد من المقبولة والمرفوعة......................... ٢٥٣

٣٩٣

ذكر الأخبار الدالة على الترجيح................................................ ٢٥٧

سابع إشكالات وجوب الترجيح................................................ ٢٥٨

في بقية الوجوه التي استدل بها على وجوب الترجيح................................. ٢٦٤

يقول المصنف : إن المرجع في تعارض الخبرين هو إطلاقات التخيير................... ٢٦٩

هل التخيير بدوي أو استمراري؟................................................ ٢٧١

اختلاف الأخبار العلاجية في عدد المرجحات وترتيبها أوجب اختلاف الأنظار........ ٢٧٤

رأي المصنف................................................................. ٢٧٦

في التعدي عن المرجحات المنصوصة على غيرها................................... ٢٧٧

ردّ الوجوه التي استدل بها على التعدي............................................ ٢٨٠

توضيح ردّ المصنف للوجه الثالث من وجوه التعدي................................. ٢٨٦

هناك إشكالات ثلاثة عامة على التعدي......................................... ٢٨٨

ردّ المصنف على الشيخ الأنصاري............................................... ٢٩١

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٢٩٥

اختصاص أخبار العلاج بموارد التعارض.......................................... ٢٩٩

قول المشهور بعدم شمول أخبار العلاج للتوفيق العرفي............................... ٣٠٦

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٣٠٩

في المرجحات النوعية للدلالة................................................... ٣١١

في ترجيح العموم على الإطلاق................................................. ٣١٢

دوران الأمر بين التخصيص والنسخ............................................. ٣١٥

يمكن تقريب الإشكال بوجهين.................................................. ٣٢٠

توضيح دفع الإشكال بوجوه ثلاثة............................................... ٣٢١

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٣٢٤

في انقلاب النسبة............................................................. ٣٢٧

توضيح كلام الفاضل النراقي وجواب المصنف عنه................................. ٣٣٢

رد المصنف على الشيخ الأنصاري............................................... ٣٣٥

معنى التعارض بالعرض......................................................... ٣٤٠

٣٩٤

تعريض المصنف على الشيخ الأنصاري........................................... ٣٤٣

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٣٤٥

رجوع المرجحات إلى الصدور................................................... ٣٤٧

دفع توهم الظنيين بالقطعيين.................................................... ٣٥٠

عدم مراعاة الترتيب بين المرجحات.............................................. ٣٥١

الإشكال على اعتبار الترتيب بين المرجحات المنصوصة............................. ٣٥٤

في تقديم المرجح الجهتي على غيره من المرجحات................................... ٣٥٧

فرعية جهة الصدور على أصل الصدور.......................................... ٣٥٩

إشكال المحقق الرشتي على الشيخ القائل بتقدم المرجح الصدوري على الجهتي........... ٣٦١

دفع إشكال المحقق الرشتي على الشيخ........................................... ٣٦٣

ردّ دليل امتناع التعبد بالخبر الموافق للعامة......................................... ٣٦٧

مخالفة العامة مرجّح من حيث الجهة لا من حيثية أخرى............................ ٣٧٠

رأي المصنف هو رجوع جميع المرجحات إلى المرجحات السندية...................... ٣٧٢

المرجحات الخارجية............................................................ ٣٧٣

المرجح الخارجي لا يوجب قوة الدليل الموافق له من حيث دليليته..................... ٣٧٥

إرجاع بعض المرجحات الخارجية إلى المرجحات الداخلية............................ ٣٧٦

دفع توهم جواز الترجيح بالقياس................................................ ٣٨٠

حاصل البحث في المرجحات الخارجية : عدم الترجيح بالظن غير المعتبر............... ٣٨٧

الفهرس...................................................................... ٣٩١

٣٩٥