دروس في الكفاية - ج ٧

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الكفاية - ج ٧

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الغسل واقعا فلا ينتفي بهذا التوفيق العرفي ، فإذا سأل الراوي عن حكم الخبرين المتعارضين ـ مع وجود الجمع الدلالي بينهما ـ كان سؤاله معقولا ؛ لأنه أراد أن يتعلم الحكم الواقعي لغسل يوم الجمعة من جواب الإمام «عليه‌السلام».

ومع احتمال أن يكون الداعي للسؤال استعلام الحكم الواقعي ـ حتى مع وجود الجمع العرفي ـ لا وجه لجعل الأخبار العلاجية منصرفة عن موارد الجمع الدلالي ، فإن التحيّر في الحكم لا يزول بمجرد الجمع العرفي ؛ لاحتمال أن يكون الحكم الواقعي في الخطاب الظاهر لا الأظهر.

الثالث : ما أشار إليه بقوله : «مع إمكان أن يكون لاحتمال الردع شرعا» وحاصله : أنه يمكن أن يكون عموم السؤال لموارد الجمع العرفي لأجل احتمال الراوي منع الشارع وردعه عن الجمع العرفي ، وهذا الاحتمال يوجب صحة السؤال عن موارد التوفيق العرفي.

وكيف كان ؛ فالنتيجة : أنه لا وجه للالتزام باختصاص الترجيح أو التخيير بباب تعارض الخبرين المستقر ؛ بل يجريان في موارد الجمع العرفي أيضا.

فلو فرض وجود مزية في العام مفقودة في الخاص قدّم العام على الخاص وهكذا.

هذا تمام الكلام في الإشكال على الوجه الأول.

وأما الإشكال في الوجه الثاني : فقد أشار إليه بقوله : «مجازفة» خبر «ودعوى» وإشكال عليها أو جواب عنها ومرجعه إلى وجهين :

أحدهما : أنه لا مورد هنا للأخذ بالمتيقن ؛ إذ مورده إجمال الدليل وعدم ظهوره في معنى ، والمفروض : أن إطلاق الأخبار العلاجية الشامل ـ لموارد الجمع العرفي ـ باق على حاله.

ثانيهما : أنه ـ بعد تسليم عدم الإطلاق ـ لا مجال أيضا للأخذ بالمتيقن ؛ وذلك ، لأن المتيقن المجدي في تقييد الإطلاق إنما هو المتيقن في مقام التخاطب ، لا المتيقن بحسب الوجود الخارجي أو أنس الذهن ، كما إذا قال السيد لعبده : «اسقني ماء» ، وكان الغالب بحسب الوجود في مكانهما ماء الفرات مثلا ، فالمتيقن حينئذ وإن كان هو ماء الفرات ، إلّا إنه لما كان ذلك بحسب الخارج ـ لا بحسب التخاطب ـ فلا يصلح لتقييد الإطلاق.

والمقام من هذا القبيل ؛ إذ المتيقن في مقام التخاطب إنما يتحقق في موردين : بعتق الرقبة الواقع جوابا عن سؤال عتق الرقبة المؤمنة ، فإن «الرقبة المؤمنة» لورودها مورد السؤال يصير عتقها متيقنا.

٣٠١

يقتضيه الأصل في المتعارضين من (١) سقوط أحدهما رأسا ، وسقوط (٢) كل منهما في خصوص مضمونه ؛ كما إذا لم يكونا في البين ، فهل التخيير أو الترجيح (٣) يختص أيضا (٤) بغير مواردها (٥) أو يعمها (٦)؟ قولان : أولهما المشهور (٧) ، وقصارى ما يقال

______________________________________________________

الثاني : حكم العقل الارتكازي بتيقن بعض أفراد المطلق ؛ بحيث يصح للمتكلم الاعتماد عليه لكونه كالقرينة الحافة بالكلام الموجبة لظهور اللفظ في ذلك ؛ كجواز تقليد المجتهد المنصرف عقلا إلى خصوص المجتهد الورع المخالف لهواه المطيع لأمر مولاه ، دون غيره.

وليس المقام من قبيل هذين الموردين. وعليه : فيكون تيقن غير موارد الجمع العرفي من الأخبار العلاجية خارجيا وأجنبيّا عن مقام التخاطب ، فلا يوجب تقيّد إطلاق أخبار العلاج بغير التوفيق العرفي.

توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية.

(١) بيان ل «ما» الموصول ، وهذا إشارة إلى ما ذكره سابقا في أول الفصل الثاني من قوله : «التعارض وإن كان لا يوجب إلا سقوط أحد المتعارضين ...» الخ. وحاصله : سقوط أحدهما لا بعينه بالتعارض.

(٢) عطف على «سقوط» ، وهذا إشارة إلى ما ذكره في أوائل الفصل الثاني أيضا بقوله : «إلّا إنه حيث كان بلا تعيين ... لم يكن واحد منهما بحجة في خصوص مؤداه لعدم التعيين في الحجة أصلا».

(٣) اللذان يستفادان من الأخبار العلاجية في الخبرين المتعارضين ، والتخيير مطلقا مختار المصنف ، والترجيح بين المتفاضلين مذهب المشهور.

(٤) يعني : كاختصاص غير التخيير والترجيح ـ من سقوط أحدهما لا بعينه ، وسقوط كل منهما في خصوص مضمونه المطابقي كما هو مقتضى الأصل الأولي في المتعارضين ـ بغير موارد الجمع العرفي.

(٥) أي : موارد الجمع والتوفيق العرفي ، والأولى تذكير الضمير ، لرجوعه إلى «الجمع» أو إسقاط «مواردها» وتبديله بالضمير فقول ، بأن يقال : «بغيرها» ليرجع الضمير إلى «موارد» وإن كان تأنيث الضمير باعتبار رجوعه إلى المصدر أيضا صحيحا.

(٦) عطف على «يختص» ، وضميره راجع على «مواردها».

(٧) بل يظهر من الشيخ «قدس‌سره» تبعا لبعض مشايخه المعاصرين له أنه مما لا خلاف فيه.

٣٠٢

في وجهه (١) : إن الظاهر من الأخبار العلاجية ـ سؤالا وجوابا ـ هو التخيير أو الترجيح في موارد التحيّر ، مما لا يكاد يستفاد المراد هناك (٢) عرفا ، لا فيما يستفاد ولو بالتوفيق (٣) ، فإنه (٤) من أنحاء طرق الاستفادة عند أبناء المحاورة.

ويشكل (٥) : بأن مساعدة العرف على الجمع والتوفيق وارتكازه (٦) في أذهانهم على وجه وثيق (٧) ، لا يوجب (٨) اختصاص السؤالات بغير موارد الجمع ؛ ...

______________________________________________________

(١) أي : في وجه القول الأول المشهور ، وهو خروج موارد التوفيق العرفي عن الأخبار العلاجية.

وتوضيح هذا الوجه : أن وجه عدم شمول القواعد المستفادة من الأخبار العلاجية لموارد الجمع العرفي أن الظاهر منها سؤالا وجوابا هو التخيير أو الترجيح في موارد التحيّر ، ولا تحيّر عند إمكان الجمع العرفي بين الخبرين ، فموضوع التخيير أو الترجيح هو تحيّر السائل عن وظيفته.

هذا هو الوجه الذي استدل به على قول المشهور.

وأما الوجه الثاني الذي استدل به على قول المشهور هو ما أشار إليه المصنف بقوله : «ودعوى أن المتيقن منها ...» الخ ، وقد تقدم توضيح الكلام.

في كلا الوجهين تفصيلا فلا حاجة إلى التكرار.

(٢) أي : في موارد التحيّر التي هي مورد الأخبار العلاجية التي يستفاد منها الترجيح أو التخيير.

وقوله : «مما لا يكاد» بيان ل «موارد التحيّر». ويمكن أن يكون قوله : «مما لا يكاد» للتنبيه على أن التحيّر على ضربين ، فتارة : يزول بالتأمل في الخبرين بالجمع بينهما ، وأخرى : لا يزول ؛ بل يبقى العرف متحيّرا في وظيفته ، وهنا لا بد من الترجيح أو التخيير.

(٣) العرفي : يعني : ليس مورد أخبار العلاج ما يستفاد فيه المراد ولو بالتوفيق العرفي الذي هو من أنحاء طرق الاستفادة عند أبناء المحاورة.

(٤) أي : فإن التوفيق.

(٥) وقد تقدم توضيح هذا الإشكال تفصيلا ، فلا حاجة إلى الإعادة والتكرار.

(٦) عطف على «مساعدة» ، وضمير «ارتكازه» راجع إلى «الجمع».

(٧) وهو التوفيق الذي جرت عليه طريقة أبناء المحاورة كحمل العام على الخاص.

(٨) خبر «بأن مساعدة العرف».

غرضه : أن مساعدة العرف على الجمع لا تكون قرينة على اختصاص الأسئلة بغير موارد الجمع. وقد عرفت توضيحه.

٣٠٣

لصحة (١) السؤال بملاحظة التحيّر في الحال (٢) لأجل (٣) ما يتراءى من المعارضة وإن كان يزول عرفا بحسب المآل ، أو للتحيّر (٤) في الحكم واقعا ؛ وإن لم يتحيّر فيه (٥) ظاهرا ، وهو (٦) كاف في صحته قطعا مع (٧) إمكان أن يكون (٨) لاحتمال الردع شرعا عن هذه الطريقة المتعارفة بين أبناء المحاورة ، وجلّ العناوين المأخوذة في الأسئلة (٩) ـ لو لا كلها (١٠) ـ ...

______________________________________________________

(١) هذا إشارة إلى الوجه الأول وهو ما تقدم في قولنا : «الأول : أنه يمكن أن يكون السؤال عن حكم كلي التعارض» ، وهو تعليل لقوله : «لا يوجب اختصاص» ، وبيان لوجه عدم قرينية الجمع العرفي على اختصاص الأسئلة بغير موارد الجمع وقد عرفت توضيحه.

(٢) يعني : بدءا كالمطلق والمقيد والعام والخاص.

(٣) تعليل لصحة السؤال يعني : أن التعارض البدوي الموجب للتحير يصحح السؤال.

(٤) عطف على «صحة» ، وإشارة على الوجه الثاني ، وقد تقدم توضيح ذلك.

(٥) أي : في الحكم ظاهرا.

(٦) يعني : والتحيّر في الحكم الواقعي كاف في صحة السؤال.

(٧) هذا إشارة إلى الوجه الثالث الذي تقدم توضيحه.

(٨) الضمير المستتر في «يكون» والبارز في «صحته» راجعان إلى «السؤال».

(٩) كقول الراوي : «تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة» كما في حديث حسن بن الجهم عن الرضا «عليه‌السلام» ، وقوله : «يتنازعون في الحديثين المختلفين» كما في حديث أحمد بن الحسن الميثمي عن الرضا «عليه‌السلام» ، وقوله : «كيف نصنع بالخبرين المختلفين»؟ كما في سؤال محمد بن عبد الله عن الرضا «عليه‌السلام» وغير ذلك من الروايات المشتملة على التعارض أو الاختلاف فلاحظها. وقد تقدمت جملة منها في أخبار العلاج المذكورة في الفصل الثالث.

(١٠) أي : لو لا كل العناوين. وهذا إشارة إلى الروايات المتضمنة للأمر والنهي كقول الراوي : «يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به والآخر ينهانا عنه» كما في رواية سماعة بن مهران عن أبي عبد الله «عليه‌السلام» ، وغير ذلك مما يشتمل على الأمر والنهي ؛ إذ من الواضح : أن الخبرين المتضمنين للأمر والنهي يكونان من مصاديق عنواني المتعارضين والمختلفين ، مع إمكان الجمع العرفي بين الخبرين الآمر والناهي ؛ لأن الأمر ظاهر

٣٠٤

يعمها (١) كما لا يخفى. ودعوى (٢) : «أن المتيقن منها (٣) غيرها» مجازفة (٤) ، غايته : أنه (٥) كان كذلك خارجا لا بحسب مقام التخاطب (٦) ، وبذلك (٧) ينقدح وجه

______________________________________________________

في الوجوب ونص في الجواز ، والنهي ظاهر في الحرمة ونصّ في طلب الترك ، ومقتضى حمل الظاهر على النص الحكم بالكراهة والرخصة في الفعل ، مع أنه «عليه‌السلام» حكم بالتخيير.

وكذا الحال في مكاتبة الحميري إلى الحجة «عليه‌السلام» ، فإن نسبة الخبر النافي للتكبير ـ لحال القيام ـ فيها إلى الخبر المثبت للتكبير في جميع الانتقالات هي نسبة الخاص إلى العام ؛ ولكنه «عليه‌السلام» حكم بالتخيير ، لا بالتخصيص الذي هو جمع عرفي.

وكذا في مكاتبة عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن «عليه‌السلام» في جواز الإتيان بنافلة الفجر في المحمل ، فإنه «عليه‌السلام» حكم بالتخيير مع وجود الجمع الدلالي بينهما بالنصوصية والظهور ؛ لنصوصية الخبر الأول في جواز الإتيان بالنافلة في المحمل ، وظهور الثانية في حرمة الصلاة على غير وجه الأرض ، فيجمع بينهما بالحمل على الكراهة ولو بمعنى أنه ترك الأفضل.

وعليه : فجميع العناوين المأخوذة في الأسئلة تعم موارد الجمع العرفي. فصارت النتيجة : أنه لو أشكل في صدق عنوان التعارض على موارد التوفيق العرفي لكفى في شمول الأخبار العلاجية لها ما اشتمل من تلك الأخبار على الأمر والنهي.

(١) أي : يعم موارد التوفيق العرفي.

(٢) هذا إشارة إلى الوجه الثاني من أدلة القول المشهور وهو عدم شمول الأخبار العلاجية للتوفيقات العرفية ، وقد تقدم توضيح هذا الوجه فراجع.

(٣) أي : من الأسئلة ، وضمير «غيرها» راجع إلى موارد الجمع العرفي. وتقدم توضيح هذا الوجه مع ما يرد عليه.

(٤) خبر «ودعوى» وجواب عنها.

(٥) أي : غاية الأمر : أن غير موارد الجمع العرفي كان كذلك أي : متيقنا خارجا لا في مقام التخاطب.

(٦) الذي هو الصالح لتقييد المطلق ، لا المتيقن مطلقا ولو كان خارجيا نظير ما مرّ آنفا.

(٧) أي : بالإشكال الذي ذكره بقوله : «ويشكل بأن مساعدة العرف ...» الخ ، ينقدح وجه القول الثاني وهو التعميم وإجراء الترجيح والتخيير مطلقا ولو في موارد الجمع

٣٠٥

القول الثاني (١) ، اللهم إلّا أن يقال (٢) : إن التوفيق في مثل الخاص والعام والمقيّد والمطلق كان عليه السيرة القطعية من لدن زمان الأئمة «عليهم‌السلام» ، وهي (٣)

______________________________________________________

العرفي ، ومحصل وجه هذا القول هو : شمول إطلاق أخبار العلاج للمورد الجمع العرفي ، وعدم صلاحية الانصراف إلى غير موارد الجمع العرفي لتقييد إطلاقها ؛ لكون التيقن خارجيا غير مستند إلى التخاطب والانفهام من اللفظ كما مر آنفا.

(١) وهو التعميم والحكم بجريان التخيير والترجيح في موارد التوفيق العرفي ، وهو منسوب إلى جماعة ، منهم الشيخ الطوسي في العدة والاستبصار ، والمحقق القمي. وبعض المحدثين.

وكيف كان ؛ فملخص وجه القول الثاني هو عدم الموجب لاختصاص الأسئلة بغير تلك الموارد ، وشمول جل العناوين المأخوذة في الأسئلة لموارد الجمع العرفي جميعا.

(٢) هذا شرع في تصحيح قول المشهور ـ وهو عدم شمول أخبار العلاج لموارد الجمع العرفي.

حاصل التصحيح : هو تسليم الإشكال المتقدم من عدم الموجب لاختصاص الأسئلة بغير موارد الجمع العرفي ، وأن جلّ العناوين المأخوذة في الأسئلة لو لا كلها هو مما يعم موارد الجمع العرفي ؛ لكن السيرة القطعية من لدن زمان الأئمة «عليهم‌السلام» كانت قائمة على الجمع بين العام والخاص والمطلق والمقيد ، وغيرهما من موارد الجمع العرفي ، فهي تكشف إجمالا عن وجود ما يوجب تخصيص أخبار العلاج بغير موارد الجمع العرفي.

فالمتحصل : أن السيرة القطعية كاشفة عن مخصص يخصص أخبار العلاج ، فيثبت حينئذ قول المشهور أعني : عدم شمول أخبار العلاج للتوفيق العرفي.

وفيه : أنه بعد الاعتراف بعموم أخبار العلاج سؤالا وجوابا لموارد الجمع العرفي ، وعدم انصرافها عنها أبدا لا يكاد تصح السيرة القطعية أصلا ، وذلك لكون الأخبار بعمومها رادعة عن السيرة.

وهذا بخلاف ما إذا أنكرنا شمولها لموارد الجمع العرفي وادعينا انصرافها إلى غير موارد الجمع العرفي ، فتكون السيرة حينئذ مما لا رادع عنها فتكون معتبرة.

توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية.

(٣) يعني : والسيرة القطعية كاشفة عن مخصص يخصص أخبار العلاج ، فيثبت حينئذ المشهور أعني : عدم شمول أخبار العلاج للتوفيق العرفي.

٣٠٦

كاشفة إجمالا عمّا يوجب تخصيص أخبار العلاج بغير موارد التوفيق العرفي ؛ لو لا (١) دعوى اختصاصها به (٢) ، وأنها (٣) سؤالا وجوابا بصدد الاستعلام والعلاج (٤) في موارد التحيّر والاحتياج ، أو دعوى (٥) الإجمال وتساوي (٦) احتمال العموم مع احتمال الاختصاص ، ولا ينافيها (٧) مجرد صحة ...

______________________________________________________

(١) هذا إشارة إلى وجه القول المشهور الذي أفاده بقوله : «وقصارى ما يقال في وجهه : إن الظاهر من الأخبار العلاجية ...» الخ.

وحاصله : أن تخصيص الأخبار العلاجية إنما يصح فيما إذا كان لها عموم يشمل موارد التوفيق العرفي ، وأما إذا لم يكن لها عموم ؛ بأن يكون موضوع تلك الأخبار خصوص موارد التحيّر ـ دون غيرها كموارد الجمع العرفي التي لا يتحيّر العرف في استفادة المراد منها ـ كان خروج موارد التوفيق العرفي بالتخصيص الذي هو خروج موضوعي لا بالتخصيص.

لكن المصنف «قدس‌سره» منع هذا الوجه بقوله : «ويشكل بأن مساعدة العرف على الجمع والتوفيق ...» الخ.

(٢) أي : اختصاص أخبار العلاج. وضمير «به» راجع إلى «بغير».

(٣) عطف على «اختصاصها» ، وضميره «راجع إلى أخبار العلاج.

(٤) الأول أعني : «الاستعلام» راجع إلى السؤال ، والثاني أعني : «العلاج» راجع إلى الجواب ، و «في موارده» متعلق ب «الاستعلام».

(٥) عطف على «دعوى اختصاصها» ، وحاصله : أن دعوى التخصيص منوطة بعدم اختصاص ظهور أخبار العلاج بغير موارد الجمع العرفي ، أو بعدم إجمالها الناشئ عن تساوي احتمالي العموم والاختصاص ، إذ مع صحة هاتين الدعويين لا مجال لدعوى التخصيص كما هو واضح ؛ لكن المصنف «قدس‌سره» منع هذه الدعوى بقوله : «ودعوى أن المتيقن منها غيرها ...» الخ.

(٦) عطف تفسيري ل «الإجمال».

(٧) أي : ولا ينافي دعوى الإجمال ، وهذا إشارة إلى توهم ودفعه.

أما التوهم فهو : أن صحة السؤال عن مطلق التعارض الشامل للتوفيق العرفي تكشف عن العموم ، وهو صالح للرادعية عن السيرة ، فدعوى السيرة تنافي هذا العموم.

وأما الدفع فمحصله : أن المنافاة منوطة بظهور اللفظ في العموم حتى يصلح للرادعية ، ومجرد السؤال عن مطلق التعارض لا يثبت العموم ؛ لأن صحته أعم من

٣٠٧

السؤال لما (١) لا ينافي العموم ما لم يكن (٢) هناك ظهور (٣) أنه لذلك (٤) ، فلم يثبت (٥) بأخبار العلاج ردع عمّا هو (٦) عليه بناء العقلاء وسيرة العلماء ، من (٧) التوفيق وحمل (٨) الظاهر على الأظهر ، والتصرف فيما يكون صدورهما قرينة عليه (٩) فتأمل.

______________________________________________________

احتمال العموم ؛ لكفاية احتماله في صحة السؤال ، واحتماله لا ينافي السيرة ولا يردعها.

هذا بناء على ما في أكثر النسخ حتى المطبوعة أخيرا المصححة على النسخة الأصلية المخطوطة بقلم المصنف ؛ ولكن في نسخة العلامة الرشتي «قدس‌سره» : «ولا ينافيهما» بتثنية الضمير الراجع إلى كلتا الدعويين ـ أي : دعوى الاختصاص ودعوى الإجمال ـ ولا بأس به.

(١) متعلق ب «السؤال» والأولى تبديله ب «عما».

(٢) هذا إشارة إلى دفع التوهم المذكور بقولنا : «وأما الدفع فمحصله ...» الخ.

(٣) بالرفع مضافا إلى كلمة «أنه» وضمير «أنه» راجع إلى «السؤال».

(٤) أي : للعموم ، يعني : ما لم يكن هناك ظهور كون السؤال للعموم ، وهذا الظهور غير ثابت ؛ لكون السؤال أعم من الظهور واحتماله.

(٥) هذه نتيجة قوله : «اللهم إلا أن يقال» ، ومحصلها : أن أخبار العلاج إما ظاهرة في خصوص التعارض الموجب للتحيّر عرفا ، أو مجملة ، والمتيقن منها غير موارد الجمع العرفي ، أو عامة لموارد الجمع العرفي أيضا.

وعلى جميع التقادير : تكون موارد التوفيق العرفي خارجة عن حريم تلك الأخبار إما تخصصا كما في الأول وإما تيقنا كما في الثاني ، وإما تخصيصا كما في الثالث ؛ لكشف السيرة القطعية عن المخصص.

(٦) هذه الكلمة زائدة فيكفي أن يقال : «ردع عما عليه بناء العقلاء».

(٧) بيان ل «ما» الموصول ، وقوله : «سيرة» عطف على «بناء».

(٨) هذا وقوله : «والتصرف» معطوفان على «التوفيق» ومفسران له.

(٩) أي : على التصرف ؛ كما إذا قال : «لا تصم يوم عاشوراء» ثم قال : «صم يوم عاشوراء» ، حيث إنه يحمل الأول على الكراهة والثاني على الرخصة.

قوله : «فتأمل» لعله إشارة على أنه ـ بناء على عموم أخبار العلاج ـ لا بد من الالتزام برادعيته للسيرة القطعية التي عليها أبناء المحاورة في التوفيقات العرفية كسائر السير القطعية المردوع عنها بعموم أو إطلاق ، وقطعيتها لا تمنع عن ردع أخبار العلاج لها.

فالأولى في دفع الإشكال منع العموم ، ودعوى ظهور أخبار العلاج في خصوص

٣٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

التعارض الحقيقي ، وعدم الدليل على الردع ـ عن هذه السيرة القطعية ـ الذي هو كاف في إمضائها.

أو إشارة إلى أن الأخبار شاملة لمورد الجمع العرفي ؛ إلا إن الإجماع أو السيرة مخصصة ، لا أن الأخبار لا تشمله ، فخروج موارد الجمع العرفي إنما هو بالتخصيص لا بالتخصص. والفرق بينهما أظهر من الشمس.

خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدس‌سره»

يتلخّص البحث في أمور :

١ ـ الغرض من عقد هذا الفصل : بيان اختصاص أخبار العلاج بموارد التعارض الحقيقي أو شمولها موارد الجمع العرفي ، فيه قولان :

القول الأول ـ أعني : الاختصاص ـ هو المنسوب إلى المشهور.

القول الثاني ـ وهو عدم الاختصاص ـ منسوب إلى جماعة كالشيخ الطوسي والمحقق القمي وبعض المحدّثين.

٢ ـ استدل على المشهور بوجهين :

أحدهما : أن الظاهر من الأخبار العلاجية سؤالا وجوابا هو موارد التحيّر ، ولا تحير في موارد الجمع العرفي.

وثانيهما : أن المتيقن منها هو غير موارد الجمع العرفي ، فلا تجري أحكام التعارض من التخيير والترجيح في موارد الجمع العرفي.

٣ ـ الإشكال على الوجه الأول : هو منع اختصاص الأسئلة بغير موارد الجمع العرفي لأحد وجوه :

١ ـ أنه يمكن أن يكون السؤال عن حكم كلي التعارض الشامل للمستقر والزائل ؛ كموارد التوفيق العرفي.

٢ ـ أنه يمكن أن يكون السؤال ـ عن حكم مطلق التعارض ـ لأجل التحير في الحكم الواقعي وإن لم يكن تحير في الحكم الظاهري ، والتحير في الحكم الواقعي كاف في صحة السؤال عن حكم المتعارضين وإن كان بينهما جمع عرفي.

٣ ـ أنه يمكن أن يكون عموم السؤال لموارد الجمع العرفي لأجل احتمال الراوي منع الشارع وردعه عن الجمع العرفي ، وهذا الاحتمال يوجب صحة السؤال عن موارد الجمع العرفي.

٣٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

هذا تمام الكلام في الإشكال على الوجه الأول.

٤ ـ وأما الإشكال في الوجه الثاني : فيمكن بأحد وجهين :

أحدهما : أنه لا مورد هنا للأخذ بالمتيقن ؛ إذ مورده إجمال الدليل وعدم ظهوره في معنى ، والمفروض : أن إطلاق الأخبار العلاجية الشامل ـ لموارد الجمع العرفي ـ باق على حاله.

ثانيهما : إنه ـ بعد تسليم عدم الإطلاق ـ لا مجال أيضا للأخذ بالمتيقن ؛ لأن المتيقن المجدي في تقييد الإطلاق هو المتيقن في مقام التخاطب لا المتيقن الخارجي والمقام من قبيل الثاني لا الأول.

٥ ـ تصحيح قول المشهور ـ على فرض تسليم الإشكال المتقدم من عدم الموجب لاختصاص السؤالات بغير موارد الجمع العرفي ـ بأن السرة القطعية قائمة على الجمع بين العام والخاص والمطلق والمقيد ، وغيرهما من موارد الجمع ، وهي كاشفة عن وجود مخصص تخصص به أخبار العلاج بغير موارد الجمع العرفي ، فبعد خروج موارد الجمع عن الأخبار العلاجية بالتخصيص يثبت ما هو المشهور أعني عدم شمول أخبار العلاج موارد الجمع العرفي.

٦ ـ رأي المصنف «قدس‌سره» :

عدم جريان ما يستفاد من الأخبار العلاجية من التخيير أو الترجيح في موارد الجمع العرفي.

٣١٠

فصل (١)

قد عرفت (٢) حكم تعارض الظاهر والأظهر ، وحمل (٣) الأول على الآخر ، فلا إشكال (٤) فيما إذا ظهر أن أيهما ظاهر وأيهما أظهر ، وقد ذكر فيما اشتبه الحال لتمييز ذلك (٥) ما لا عبرة به أصلا ، فلا بأس بالإشارة إلى جملة منها (٦) وبيان (٧) ضعفها :

______________________________________________________

في جملة من المرجحات النوعية للدلالة

(١) المقصود من عقد هذا الفصل : هو ذكر جملة من المرجحات للدلالة.

والتعرض لما قيل في تمييز الظاهر والأظهر ـ في الموارد التي اشتبه فيها الحال ـ وتزييفه ، فالبحث في هذا الفصل صغروي وهو : إثبات الأظهر وتمييزه عن الظاهر ، كما أن ما أفاده في أوائل التعادل والترجيح من تقدم الأظهر على الظاهر وسائر التوفيقات العرفية بحث كبروي.

توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية.

(٢) يعني : في أوائل التعادل والترجيح ، حيث قال : «ولا تعارض أيضا إذا كان أحدهما قرينة على التصرف في الآخر كما في الظاهر مع النصّ أو الأظهر».

(٣) عطف على «حكم» ومفسر له ، فإن حكم تعارضهما هو حمل الظاهر على الأظهر.

(٤) هذا متفرع على ظهر ـ بحسب الكبرى ـ من حكم الظاهر والأظهر ، وأنه لا إشكال في تقديم الأظهر فيما إذا تميز عن الظاهر ، وأما في موارد الاشتباه وعدم إحراز الأظهر ، فقد ذكروا لتمييزه وجوها ضعيفة سيأتي بيانها.

(٥) أي : الأظهر وضمير «به» راجع إلى «ما» الموصول المراد به الوجوه الضعيفة ، وتذكيره باعتبار لفظ «ما» لا معناه.

(٦) أي : من الوجوه التي لا عبرة بها.

(٧) بالجر عطف على «الإشارة» ، وضمير «ضعفها» راجع إلى «الوجوه».

٣١١

منها (١) : ما قيل في ترجيح ظهور العموم على الإطلاق ، وتقديم التقييد على التخصيص فيما دار الأمر بينهما : «من (٢) كون ظهور العام في العموم تنجيزيا (٣) ، بخلاف ظهور المطلق في الإطلاق فإنه (٤) معلق على عدم البيان والعام يصلح (٥) بيانا ،

______________________________________________________

في ترجيح العموم على الإطلاق

(١) أي : من تلك الوجوه الضعيفة : ما أفاده الشيخ «قدس‌سره» في الرسائل من أنه إذا دار الأمر بين التقييد والتخصيص قدّم الأول على الثاني لوجهين :

الأول : أظهرية العام في العموم من المطلق في الإطلاق ؛ لكون ظهور الأول تنجيزيا حيث إنه مستند إلى الوضع ، والثاني : تعليقيا ، لكونه معلقا على مقدمات الحكمة التي منها عدم البيان ، والعام صالح للبيانية ، فعدم الأخذ بالإطلاق حينئذ إنما هو لعدم تمامية مقتضيه ، بخلاف العكس ؛ إذ تمام المقتضي للعموم ـ وهو الوضع ـ موجود ، فلا وجه لرفع اليد عنه للزوم الدور الذي سيأتي تقريبه إن شاء الله تعالى.

مثلا : إذا ورد : «أكرم الشاعر ولا تكرم الفساق» ، وكان هناك شاعر فاسق ، دار الأمر بين إخراجه عن وجوب إكرام الشاعر بالتقييد بغير الفاسق وبين إخراجه عن عموم حرمة إكرام الفساق بالتخصيص ، والحكم بوجوب إكرامه ، فيقال : إن التقييد أولى من التخصيص ، حيث إن ظهور «الفساق» في العموم بالوضع ، وظهور «الشاعر» في الإطلاق بمقدمات الحكمة التي هي غير تامة ، لما عرفت من صلاحية العام للبيانيّة ؛ لأن دلالة العام تنجيزية لا تتوقف على غير الوضع ، بخلاف دلالة الإطلاق ـ الموضوع لنفس الطبيعة ـ على الشمول ؛ فإنها معلقة على عدم البيان ؛ لكون المولى بصدد بيان مراده ، فعدم تقييده إكرام الشاعر بالعدالة كاشف عن موضوعية نفس الشاعر لوجوب الإكرام ولو كان فاسقا ، ومن المعلوم : انتفاء هذه بورود البيان وهو العام المفروض صلاحيته للبيانية على ايراد من المطلق.

(٢) بيان «ما» الموصول في «ما قيل» ، وهذا بيان حاصل كلام الشيخ «قدس‌سره».

(٣) لاستناده إلى الوضع الذي لم يعلّق على شيء ؛ لكونه المقتضي التام للظهور.

(٤) أي : ظهور المطلق في الإطلاق معلّق على عدم البيان الذي هو جزء المقتضي للإطلاق ، فظهور العام لتمامية مقتضيه ـ وهو الوضع ـ منجز غير معلق على شيء ، بخلاف إطلاق المطلق ، فإنه معلق على تمامية مقتضيه المنوطة بعدم البيان.

(٥) لكونه تنجيزيا باعتبار تماميّة مقتضيه وهو الوضع كما مرّ مرارا.

٣١٢

فتقديم العام حينئذ (١) لعدم تمامية مقتضى الإطلاق معه بخلاف العكس (٢) فإنه (٣) موجب لتخصيصه بلا وجه إلا (٤) على نحو دائر.

ومن (٥) «أن التقييد أغلب من التخصيص».

وفيه (٦) : أن عدم البيان الذي هو جزء ...

______________________________________________________

(١) أي : حين تنجيزيته وصلاحيته للبيانية ، و «لعدم» خبر «فتقديم» ، وضمير «معه» راجع إلى «العام» و «مقتضى الإطلاق» بصيغة اسم الفاعل ، والمراد به مقدمات الحكمة. فالنتيجة : أن ظهور العام تنجيزي والمطلق تعليقي.

(٢) وهو تقديم المطلق على العام المستلزم لتخصيص العام ـ كالفساق في المثال ـ بالمطلق وهو الشاعر ، وإخراج الشاعر الفاسق عن حرمة إكرام الفساق ، فإن هذا التقديم لا وجه له ، ضرورة : أن هذا التخصيص منوط بتمامية المقدمات المقتضية للإطلاق ، وقد عرفت عدم تماميتها.

وبعبارة أخرى : يدور الأمر بين تقديم العام على المطلق وبين تخصيص العام ، وتقديم العام يلزمه تقيّد المطلق لا تقييده ؛ لفرض : عدم جريان المقدمات فيه حتى يستفاد الشيوع من المطلق ، فلا يراد من المطلق حينئذ إلا الطبيعة المهملة. وأما تقديم المطلق وتخصيص العام به فهو إما بلا ميزان وضابط ، وإما دوري ، وكلاهما باطل ، فيتعين تقديم العام على المطلق.

(٣) أي : فإن العكس ـ وهو تقديم المطلق على العام ـ موجب لتخصيص العام بلا وجه ، وهذا تعليل لعدم المطلق على العام ، ومحصله : أن هذا التقديم بلا وجه أي : اقتراح محض وليس بميزان ؛ لما مر من عدم تمامية المطلق حتى يصح تخصيص العام به ؛ لتوقف تماميته على عدم البيان.

(٤) استثناء من «بلا وجه» يعني : أن هذا التخصيص يكون بلا وجه إلّا بنحو محال ، وهو الدور ؛ إذ العمل بالتعليقي ـ وهو المطلق ـ موقوف على طرح التنجيزي وهو العام ؛ إذ مع وجوده لا يتحقق المطلق ، وطرح التنجيزي منوط بالعمل بالتعليقي ، وهذا دور واضح.

(٥) عطف على «من كون» وإشارة إلى الوجه الثاني من وجهي تقديم التقييد على التخصيص عند الدوران بينهما ، ومحصله : أن التقييد في المحاورات أكثر من التخصيص ، وهذه الأكثرية ربما توجب أظهرية العام في العموم من ظهور المطلق في الإطلاق.

(٦) هذا إشكال على الوجه الأول : وهو كون ظهور العام تنجيزيا وظهور المطلق تعليقيا. ومبنى الإشكال هو : النزاع في أن البيان المأخوذ عدمه في انعقاد الإطلاق هل هو

٣١٣

المقتضي (١) في مقدمات الحكمة ، إنما هو عدم البيان في مقام التخاطب لا إلى الأبد (٢) ، وأغلبية (٣) التقييد مع كثرة ...

______________________________________________________

البيان حال إلقاء الكلام ، فإذا كان المولى في مقام البيان ولم يأت بالمقيد المتصل انعقد الإطلاق في كلامه؟ أم أن البيان المأخوذ عدمه في مقدمات الحكمة هو البيان إلى الأبد لا خصوص عدمه في حال التخاطب. ظاهر كلام الشيخ «قدس‌سره» هو الثاني ، ومختار المصنف هو الأول ، وقد ناقش «قدس‌سره» كلام الشيخ هنا وفي بحث المطلق والمقيد وفي الفوائد.

وبعد الإشارة إلى مبنى الإشكال نقول في توضيحه : إن عدم البيان ـ الذي هو من مقدمات الحكمة التي يتوقف عليها الإطلاق ـ إنما هو عدم البيان في خصوص مقام التخاطب لا مطلقا حتى في دليل منفصل. وعليه : فظهور المطلق في الإطلاق معلّق على عدم البيان في مقام التخاطب ، فلا دخل لعدم البيان المنفصل في انعقاد الظهور في الإطلاق ، فبعدم البيان في مقام التخاطب يصير الظهور في الإطلاق تنجيزيا كتنجيزية ظهور العام ، فيقع التعارض بين الظهورين التنجيزيين ؛ لا بين التنجيزي والتعليقي كما أفاده الشيخ «قدس‌سره».

نعم اتصال العام بالمطلق يمنع انعقاد الظهور في الإطلاق ؛ لكون العام بيانا في مقام التخاطب ؛ لكنه خارج عن مفروض البحث وهو انعقاد الظهور في كل منهما ، والخلاف في تعيين الأظهر منهما.

(١) بصيغة اسم الفاعل ، والمراد به مقدمات الحكمة ، فالأولى إسقاط أحدهما ؛ لإغناء كل منهما عن الآخر.

(٢) يعني : حتى لو ورد البيان منفصلا عن المطلق بمدة مديدة ، والمفروض : هنا ورود العام منفصلا عنه ، وبعد استقرار الظهور في كل من العام والمطلق يتعارضان ، ولا وجه لتقديم العام.

(٣) هذا إشارة إلى الإشكال على الوجه الثاني ، وهو كون التقييد أغلب من التخصيص.

ومحصل الإشكال وجهان :

أحدهما : منع أغلبية التقييد من التخصيص ، لبلوغ التخصيص في الكثرة بمثابة قيل فيه : ما من عام إلا وقد خصّ.

وثانيهما : أن هذه الأغلبية ـ بعد تسليمها ـ غير مفيدة ؛ لعدم كونها موجبة للظن في مورد الشك أولا ، وعدم حجيته على فرض حصوله ثانيا.

٣١٤

التخصيص (١) بمثابة قد قيل : ما من عام إلّا وقد خص ، غير مقيد (٢) ، فلا بد (٣) في كل قضية من ملاحظة خصوصياتها (٤) الموجبة لأظهرية أحدهما من الآخر ، فتدبر (٥).

ومنها (٦) : ما قيل فيما إذا دار بين التخصيص والنسخ ـ كما إذا ورد ...

______________________________________________________

(١) هذا إشارة إلى الوجه الأول ، وهو منع أغلبية التقييد من التخصيص.

(٢) خبر «وأغلبية» ، وهذا إشارة إلى ثاني وجهي الإشكال ، والأولى أن يقال : «غير مفيدة» بالتاء لما يعتبر من المطابقة في التأنيث والتذكير بين المبتدأ والخبر ، فإن «غير مفيدة» خبر لقوله : «وأغلبية».

(٣) هذا متفرع على عدم تمامية الوجهين المتقدمين اللذين أقيما على ترجيح ظهور العام على ظهور المطلق.

وغرضه : أنه بعد عدم ثبوت ترجيح ظهور العام على ظهور المطلق بالوجهين المذكورين ـ وصلاحية كل منهما للتصرف في الآخر ، وعدم لزوم محذور الدور والتخصيص بلا وجه ـ لا بد في إثبات الأظهرية في كل قضية من ملاحظة خصوصياتها من القرائن المقالية والمقامية الموجبة ؛ لأظهرية العام أو المطلق أو تكافؤهما في الظهور.

(٤) أي : خصوصيات القضية ، وضمير «أحدهما» راجع إلى العام والمطلق.

(٥) يمكن أن يكون إشارة إلى : أن عدم البيان في مقام التخاطب يتوقف عليه أصل ظهور المطلق في الإطلاق ، وأما حجيته بحيث يصح التمسك به فهي مشروطة بعدم البيان إلى الأبد كالمخصص المنفصل ، فإن العام ظاهر في العام ؛ ولكن حجيته في العموم منوطة بعدم ورود مخصص منفصل ، فالعمل بالمطلق أو العام قبل ورود المقيد والمخصص كالعمل بالأصل قبل ورود الدليل ، فكما أنه لا مورد للعمل بالأصل بعد الظفر بالدليل ، فكذلك العمل بالمطلق أو العام بعد الظفر بالمقيد أو المخصص. ولعل مراد الشيخ من عدم البيان هو عدم البيان في مقام التخاطب في انعقاد أصل الظهور ، وعدم البيان أبدا في حجيته بقاء ؛ لا توقف أصل الظهور عليه ، فإنه مما لا يظن من أحد احتماله.

دوران الأمر بين التخصيص والنسخ

(٦) أي : من الموارد التي اشتبه في كون أي الدليلين أظهر «ما قيل ...» الخ. فقوله : «منها» عطف على «منها ما قيل ...» الخ ، وضمير «منها» راجع إلى ما يستفاد من قوله : «ما لا عبرة به أصلا» من الوجوه الضعيفة التي ذكرت لتمييز الأظهر عن الظاهر ، والضمير المستتر في «دار» راجع إلى «الأمر الخاص» أي : دار أمر الخاص بين كونه مخصصا للعام أو منسوخا به. ومحصل هذا الوجه في دوران الأمر بين التخصيص

٣١٥

عام (١) بعد حضور (٢) وقت العمل بالخاص ـ حيث يدور بين أن يكون الخاص مخصصا أو يكون العام ناسخا ، أو (٣) ورد الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام ، حيث يدور بين أن يكون الخاص مخصصا للعام ، أو ناسخا له ورافعا (٤) لاستمراره ودوامه في وجه (٥) تقديم التخصيص على النسخ من (٦) غلبة التخصيص وندرة النسخ.

______________________________________________________

والنسخ هو : أغلبية التخصيص الموجبة لتقديمه على النسخ ، وقد ذكر المصنف لهذا الدوران موردين : أحدهما : ما أشار إليه بقوله : «إذا ورد عام بعد حضور وقت العمل بالخاص. وثانيهما : ما أشار إليه بقوله : «أو ورد الخاص ...» الخ. وحاصل المورد الأول : أنه إذا ورد عام بعد حضور وقت العمل بالخاص كما إذا قال : «أكرم زيدا الأمير» وبعد حضور زمان العمل به «لا تكرم الأمراء» فإنه يدور الأمر بين مخصصية الخاص للعام وناسخية العام للخاص. توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية.

(١) إشارة إلى المورد الأول.

(٢) تقييد ورود العام بكونه بعد حضور وقت العمل بالخاص يكون لأجل تقوّم النسخ بحضور وقت العمل ؛ إذ لو ورد العام قبل حضور وقت العمل بالخاص تعيّن التخصيص ، ولا يدور الأمر بينه وبين النسخ.

(٣) عطف على «ورد عام» وإشارة إلى المورد الثاني ـ وهو عكس السابق ـ كما ورد خاص بعد حضور وقت العمل بالعام كقوله «عليه‌السلام» في ما رواه معاوية بن عمار : «العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج على من استطاع» (١) ، وبعد العمل بهذا العام ورد : «أن النائي لا يجب عليه العمرة المفردة والواجب عليه هو عمرة التمتع».

فيدور أمر هذا الخاص بين المخصصية والناسخية ، فتقديم الخاص وإن كان مسلّما ، لكن الكلام في أنه للتخصيص أو للنسخ.

(٤) عطف على «ناسخا» ومفسّر له ، وضمائر «له ، لاستمراره ، دوامه» راجعة إلى «العام».

(٥) متعلق ب «قيل» يعني : ما قيل في وجه تقديم التخصيص على النسخ.

(٦) بيان «ما» الموصول في قوله : «ما قيل».

وحاصل البحث : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٨ ، ص ٢٥٦» ـ أن الوجه في تقديم

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٦٥ / ٤ ، علل الشرائع ٢ : ٤٠٨ / ب ١٤٤ ، ح ١ ، تهذيب الأحكام ٥ : ٤٣٣ / ١٥٠٢ ، الوسائل ١١ : ٨ / ١٤١١.

٣١٦

ولا يخفى (١) : أن دلالة ...

______________________________________________________

التخصيص على النسخ ـ عند الدوران بينهما ـ هو غلبة التخصيص وندرة النسخ.

ثم إن الفرق بين النسخ والتخصيص ـ بعد وضوح وجوب العمل بالخاص المتأخر عن زمان العمل بالعام مطلقا سواء كان ناسخا أم مخصصا ـ هو : أنه بناء على التخصيص يكون الخاص كاشفا عن كون الحكم الواقعي هو مؤدى الخاص ، وأن العام لم يكن مرادا جدّيا من أول الأمر ، فإن لم يعمل بالعام لم يكن عاصيا ، بل متجريا ، لعدم عمله بما كان حجة عليه ظاهرا وهو العام.

وبناء على النسخ يكون العام حكما واقعيا ، فإن لم يعمل به كان عاصيا ، حيث إن النسخ عبارة عن رفع دوام الحكم وقطع استمراره ، فالعام مراد جدي للشارع ما لم يرد ناسخ له ، ومع ورود الناسخ يرتفع استمرار حكم العام ، نظير الأحكام الموقتة المرتفعة بخروج أوقاتها ؛ بل الحكم المنسوخ منها حقيقة. فمع فرض كون العام من الموقتات التي يجب قضاؤها بعد خروج أوقاتها يجب قضاؤها بناء على النسخ ، لأن الواجب الواقعي فات عنه في وقته فوجب عليه قضاؤه. ولا يجب قضاؤها بناء على التخصيص ؛ لعدم الوجوب واقعا للعام.

والحاصل : أن غلبة التخصيص على النسخ في المحاورات تلحق المشكوك بالغالب وهو التخصيص.

وكيف كان ؛ فالمعروف تعليل ذلك بشيوع التخصيص وندرة النسخ.

(١) هذا إشكال على الوجه المزبور : وهو غلبة التخصيص على النسخ الذي جعله الشيخ وغيره وجها لترجيح التخصيص على النسخ في الصورتين المذكورتين في المتن.

ومحصل الإشكال هو : أنه بناء على الوجه المذكور ذكر في تقديم التقييد على التخصيص ـ من كون ظهور العام في العموم تنجيزيا وظهور المطلق في الإطلاق تعليقيا ـ يلزم تقديم النسخ في المقام على التخصيص ؛ لأن دلالة كل دليل على الاستمرار تكون بالإطلاق ، فالدلالة على الاستمرار تعليقية لكونها بالمقدمات ، لا تنجيزية ؛ لعدم كونها بالوضع ، فإذا دل دليل بالوضع على قطع ذلك الاستمرار قدم ذلك الدليل عليه ؛ لكونه بالوضع قاطعا للاستمرار ومانعا عن تحقق الإطلاق المنوط بعدم البيان ؛ لكون الدليل القاطع للاستمرار بيانا. فإذا ورد «أكرم زيدا الشاعر» وبعد حضور وقت العمل به ورد «لا تكرم الشعراء» فإن دلالة الخاص على استمرار وجوب إكرام زيد الشاعر تكون بالإطلاق لا بالوضع ، ودلالة حرمة إكرام كل شاعر من زيد وغيره من الأفراد تكون

٣١٧

الخاص (١) أو العام (٢) على الاستمرار والدوام إنما هو بالإطلاق لا بالوضع ، فعلى الوجه العقلي (٣) في تقديم التقييد على التخصيص كان (٤) اللازم في هذا الدوران (٥) تقديم النسخ على التخصيص وأيضا (٦) ، وأن (٧) غلبة التخصيص إنما توجب أقوائية

______________________________________________________

بالوضع بناء على وضع الجمع المحلّى باللام للعموم ، وحيث إن الظهور الوضعي تنجيزي والإطلاقي تعليقي يقدّم العام ويصير ناسخا أي : رافعا لاستمرار حكم الخاص. وكذا الحال في عكس المثال وهو : ما إذا ورد الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام ، فإن مقتضى تقدم الظهور التنجيزي على التعليقي كما عرفت هو كون الخاص ناسخا لا مخصصا.

فالمتحصل : أن هذا الوجه ـ أي : تنجيزية الظهور وتعليقيته ـ يقتضي كون العام ناسخا في المثال الأول ، وكون الخاص ناسخا للعام في المثال الثاني. وعليه : فلا بد من الالتزام بالنسخ في الموردين دون التخصيص كما ذهب إليه الشيخ وغيره كما عرفت.

(١) هذا في المورد الأول أعني به : ورود العام بعد حضور وقت العمل بالخاص.

(٢) هذا في المورد الثاني ، وهو ورود الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام.

(٣) وهو كون ظهور العام في العموم تنجيزيا وظهور المطلق في الإطلاق تعليقيا ، وهذا الوجه العقلي هو الذي ذكره مرجحا لتقديم التقييد على التخصيص بقوله : «من كون ظهور العام في العموم تنجيزيا ، بخلاف ظهور المطلق في الإطلاق ...» الخ.

(٤) هذا ما يتعلق به قوله : «فعلى الوجه» يعني : فعلى الوجه العقلي «كان اللازم ...» الخ.

(٥) أي : في الدوران بين النسخ والتخصيص ، وقد عرفت وجه اللزوم ، وهو كون دلالة الدليل على الاستمرار بالإطلاق ودلالة العام على العموم ـ الذي هو بيان لقطع استمرار الدليل المقابل له ـ بالموضع ، فلا بد حينئذ من تقديم النسخ على التخصيص.

(٦) يعني : كتقديم التقييد على التخصيص كما تقدم في دوران الأمر بين التخصيص والتقييد.

(٧) عطف على «أن دلالة الخاص» ، وهذا متمم للجواب عن تقديم التخصيص على النسخ لأجل الغلبة.

توضيحه : أن غلبة التخصيص لا تجدي في رفع اليد عن الظهور الوضعي للعام بالظهور الإطلاقي ، إلا إذا أوجبت أقوائية الظهور الإطلاقي في الاستمرار من الظهور الوضعي للعام في العموم ، ولا توجب الغلبة ذلك إلا إذا كانت مرتكزة في أذهان العرف

٣١٨

ظهور الكلام في الاستمرار والدوام من ظهور العام في العموم إذا كانت مرتكزة في أذهان أهل المحاورة بمثابة (١) تعدّ من القرائن المكتنفة بالكلام (٢) ؛ وإلّا (٣) فهي وإن كانت مفيدة للظن بالتخصيص ، إلا إنها غير موجبة لها (٤) كما لا يخفى.

ثم إنه بناء على اعتبار عدم (٥) حضور وقت العمل (٦) في التخصيص ـ لئلا (٧) يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ـ ، يشكل (٨) الأمر في تخصيص الكتاب أو

______________________________________________________

بحيث تعدّ عندهم من القرائن المكتنفة بالكلام الموجبة للظهور. وليست الغلبة كذلك ، فلا يعتد بها ، وإن كانت مفيدة للظن بالتخصيص ؛ لكن مجرد الظن بالتخصيص لا يوجب وهنا في ظهور الكلام في العموم ، ولا أقوائية ظهوره في الدوام.

(١) متعلق بقوله : «مرتكزة».

(٢) بحيث توجب أظهرية الكلام في الاستمرار من الظهور الوضعي للعام في العموم.

(٣) أي : وإن لم تكن الغلبة مرتكزة في أذهان أبناء المحاورة ، فالغلبة وإن كانت حينئذ مفيدة للظن بالتخصيص ؛ لكنها لا توجب أقوائية الظهور التي هي مناط تقديم التخصيص على النسخ.

(٤) أي : لأقوائية ظهور الكلام ، وضميرا «فهي ، أنها» راجعان إلى الغلبة.

(٥) غرضه : تحقيق حال الخصوصات الواردة عن أهل البيت المعصومين «عليهم‌السلام» بعد العمل بالعمومات الواردة في الكتاب والسنة.

ومحصل الإشكال فيها : أنه بناء على اشتراط التخصيص بورود الخاص قبل زمان العمل بالعام ـ حتى لا يلزم القبح وهو تفويت الغرض بتأخير البيان عن وقت الحاجة ـ يشكل الأمر في تلك الخصوصات ، إذ لو كان ورودها بعد العمل بالعام يلزم هذا القبح ، فلا يمكن الالتزام بمخصصية تلك الخصوصات لعمومات الكتاب والسنة ، كما أنه لا يمكن الالتزام بناسخيتها أيضا لتلك العمومات لاستلزامه كثرة النسخ في الشريعة الواحدة مع قلته وكثرة التخصيص.

وببيان آخر : الخاص مخصص إن كان قبل زمان الحاجة أي : قبل العمل بالعام وإن كان بعده فهو ناسخ وليس بمخصص ، فلا دوران بين المخصصية والناسخية.

(٦) أي : وقت العمل بالعام ، فإن تخصيصه منوط بورود الخاص قبل حضور وقت العمل بالعام.

(٧) هذا تعليل لاعتبار كون التخصيص قبل زمان العمل بالعام وقد مرّ توضيحه.

(٨) خبر «إنه» يعني : ثم إنه «يشكل الأمر في تخصيص الكتاب ...» الخ.

٣١٩

السنة (١) بالخصوصات الصادرة عن الأئمة «عليهم‌السلام» ؛ فإنها (٢) صادرة بعد حضور وقت العمل بعموماتها ، والتزام نسخهما بها (٣) ولو قيل (٤) بجواز نسخهما

______________________________________________________

(١) المراد بالسنّة هنا هي السنّة النبوية بقرينة صدور الخصوصات من الأئمة «عليهم‌السلام» ؛ لا بمعنى ما يقطع بكونه من الدين كما هو المقصود من أخبار العرض على الكتاب والسنة.

(٢) يعني : فإن الخصوصات صادرة ... الخ ، وهذا تقريب الإشكال المزبور ، يعني :

والمفروض : أنها صادرة بعد العمل بالعام ، فلا يمكن أن تكون مخصصة لعمومات الكتاب والسنة.

والحاصل : أنه يمكن تقريب الإشكال بوجهين :

أحدهما : عدم معقولية دوران الخاص المتأخر عن العام بين النسخ والتخصيص ؛ إذ مع وروده قبل العمل بالعام يتعيّن التخصيص ، وبعد العمل بالعام يتعيّن النسخ فلا دوران بينهما.

ثانيهما : أن أمر تلك الخصوصات دائر بين أمرين يبعد الالتزام بهما.

الأول : حملها على النسخ بعد انقضاء الوحي ، بأن يقال : إن الناسخ مما أنشأه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» وأخفاه لمصلحة عن الناس ، وأودعه عند الوصي «عليه‌السلام» ليظهره عليهم عند وجود المصلحة في إظهاره. ووجه بعده ما قيل : من ندرته خصوصا فيما كان إظهاره عنهم «عليهم‌السلام» لا عن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم».

الثاني : حملها على التخصيص ، مع الالتزام باحتفاف العام الكتابي بما يخصصه ، وعمل السابقين بالخاص لعلمهم به ؛ لكنه اختفى فأظهره الإمام «عليه‌السلام» لأهل عصره.

ووجه بعده : أن عموم البلوى بتلك الخصوصات الموجب لتوفّر الدواعي إلى نقلها وضبطها ـ حتى لا تقع الطبقات المتأخرة في خلاف الواقع ـ يوجب الاطمئنان بعدم علم أهل العصر السابق بتلك الخصوصات والقرائن الدالة عليها.

(٣) أي : بالخصوصات ، وضميرا «بعموماتهما ، ونسخهما» راجعان إلى الكتاب والسنة.

(٤) هذا إشارة إلى إشكال النسخ بالروايات الصادرة عن الأئمة «عليهم‌السلام» بعد انقطاع الوحي ، حيث إنهم «عليهم‌السلام» حفاظ الأحكام لا مشرّعون لها حتى

٣٢٠