[حجّة القول المختار]
اعلم انّ الأدلّة الدّالّة على انّ الأصل في الاشياء الحلّ قبل بعثة الرّسل وكذا فيما لا نصّ فيه بعد بعثتهم وكذا الحكم في الافعال امور.
الاوّل : الآيات وهي كثيرة.
منها قوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(١).
وهذه الاية تدلّ على حليّة الاشياء مطلقاً ولا تدلّ على اباحة الافعال كما لا يخفى ثمّ انّ هذه الاية تدلّ على العموم لا على فرد خاصّ من ما في الارض لانّ لفظة «ما» ظاهرة في العموم فيكون المعنى انّ جميع ما في الارض خلق لانتفاعكم فيكون مباحاً لكم الّا ما ثبت تحريمه بدليل آخر.
لايقال : انّ نوع الانتفاع غير معلوم فيجوز ان يكون لكلّ شيء انتفاع خاصّ غير معلوم فلا يمكن الاستدلال بالآية.
لأنّا نقول : لا شكّ انّ الله تعالى في مقام الامتنان فيجب ان يراد عموم الانتفاع كيف وان كان المراد فرداً خاصّاً غير معلوم يحكم العقل بوجوب الاجتناب من جميع افراد الانتفاع لاحتمال الضّرر ايضاً حينئذٍ وكيف يناسب هذا بمقام الامتنان فالمراد عموم انواع الانتفاع.
__________________
(١) البقرة : ٣٩