مستمسك العروة الوثقى - ج ١١

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ١١

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٦

المراد منه الواقعي ، [١] بدعوى : كونه مقتضى الجمع بين الطائفتين. ففيه : أنهما يعدان من المتعارضين [٢] ، والعرف لا يفهم التخيير منهما ، والجمع الدلالي فرع فهم العرف من ملاحظة الخبرين ذلك. وإن كان المراد التخيير الظاهري. العملي [٣] ، فهو فرع مكافئة الفرقتين ، والمفروض أن الفرقة الأولى أرجح ، من حيث شهرة العمل بها [٤]. وأما التفصيل‌

______________________________________________________

[١] بأن يراد منه كون الحكم الواقعي التخيير ، فهو تخيير في المسألة الفرعية.

[٢] لاشتمال كل من الدليلين على الأمر بأحد الطرفين ، الظاهر في الوجوب. وحمله على الوجوب التخييري ، أو الرخصة في الفعل ، خلاف الظاهر.

[٣] يعني : التخيير في المسألة الأصولية ، بأن يختار المكلف أحد المتعارضين فيتعين عليه العمل به.

[٤] ودليل التخيير بين المتعارضين يختص بصورة عدم المرجح لأحدهما على الآخر ، أما مع وجود المرجح يتعين الأخذ بالراجح ولا تخيير. لكن عرفت الإشكال في الترجيح بموافقة الشهرة الفتوائية. مضافاً الى ما يتوجه على هذه الطائفة : بأنها تتضمن التحديد بزوال يوم التروية ، وقد سبق ، أن الأخبار المتضمنة لذلك مردودة لا مجال للعمل بها ، كغيرها من التحديدات التي لم يقل بها المشهور. اللهم إلا أن يدفع : بأن مصحح إسحاق خال عن التحديد (١). وصحيح جميل ، وان اشتمل على التحديد بزوال يوم التروية ، لكن مورده صورة استمرار الحيض إلى ما بعد قضاء المناسك ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٢١ من أبواب أقسام الحج. ملحق حديث : ١٣. وقد تقدم ذلك في المسألة الرابعة من الفصل.

٢٤١

المذكور فموهون بعدم العمل [١]. مع أن بعض أخبار القول الأول ظاهر في صورة كون الحيض بعد الدخول في الإحرام [٢]

______________________________________________________

كما يظهر من قوله (ع) : « ثمَّ تقيم حتى تطهر » (١) ، ولا مانع من خروج المرأة ـ في الصورة المذكورة ـ إلى عرفات يوم التروية بعد عدولها عن الحج. نعم صحيح ابن بزيع لا مرد للإشكال عليه (٢). لكن يكفي ـ في إثبات القول المشهور ـ صحيح جميل ، ومصحح إسحاق. وأما أخبار القول الثاني فالعمدة فيها : صحيح العلاء بن صبيح والجماعة معه (٣) وهو ـ بعد اشتماله على التحديد بيوم التروية ـ لا مجال للاعتماد عليه ، كنظائره. ومن ذلك يتوجه الاشكال على بعض روايات عجلان أبي صالح (٤) مضافاً إلى إشكال الضعف في السند المشترك بين جميعها. ولأجله لا مجال ـ أيضاً ـ للأخذ بما هو خال عن التحديد منها. ومن ذلك يظهر : عدم جواز الاعتماد على أخبار القول الثاني. ولا سيما بملاحظة هجرها ، وإعراض الأصحاب عنها ، عدا النادر. لأجل ذلك لا تصلح لمعارضة الأخبار الأولة.

[١] فإنه لم ينقل عن أحد من القدماء ، ولا المتأخرين ، ولا متأخري المتأخرين ، وإنما نقل عمن سبق.

[٢] مثل صحيح ابن بزيع ، ومصحح إسحاق بن عمار ، فان ظاهر‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢١ من أبواب أقسام الحج حديث : ٢. وقد تقدم ذلك في المسألة : ٤ من الفصل‌

(٢) الوسائل باب : ٢١ من أبواب أقسام الحج حديث : ١٤. وقد سبق ذكر الرواية في المسألة : ٣ من الفصل‌

(٣) الوسائل باب : ٨٤ من أبواب الطواف حديث : ١. وقد تقدم ذلك في المسألة : ٤ من الفصل.

(٤) الوسائل باب : ٨٤ من أبواب الطواف حديث : ٣ ، ٦ ، ١٠. وقد تقدم ذلك في المسألة : ٤ من الفصل.

٢٤٢

نعم لو فرض كونها حائضاً حال الإحرام ، وعلمت بأنها لا تطهر لإدراك الحج ، يمكن أن يقال : يتعين عليها العدول إلى الافراد من الأول [١] ، لعدم فائدة في الدخول في العمرة ثمَّ العدول الى الحج. وأما القول الخامس فلا وجه له [٢] ، ولا له قائل معلوم.

( مسألة ٥ ) : إذا حدث الحيض وهي في أثناء طواف عمرة التمتع ، فان كان قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافها على الأقوى [٣]. وحينئذ فإن كان الوقت موسعاً أتمت عمرتها‌

______________________________________________________

قوله فيه : « تجي‌ء متمتعة » أنها تجي‌ء إلى مكة ، ومن المعلوم أن دخول مكة للمتمتع إنما يكون بعد الإحرام. وأما ما ذكره المجلسي ( قده ) : من أنها في الصورة الأولى لا تقدر على نية العمرة ، فإن كان المراد أنها لا تقدر على النية الجزمية ، ففي الصورة الثانية أيضاً لا تقدر ، لاحتمال طروء الحيض واستمراره الى وقت الوقوف. وإن كان المراد أنها لا تقدر على النية الرجائية فهو ممنوع.

[١] كما سبق في ذيل المسألة السابقة.

[٢] إذ لا دليل على الاستنابة في الطواف في المقام ، ولا وجه لرفع اليد عن الأخبار الواردة في المسألة التي عرفتها.

[٣] على المشهور شهرة عظيمة ، بل لا يعرف الخلاف فيه إلا من الصدوق ، فصحح الطواف والمتعة. لصحيح محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن امرأة طافت ثلاثة أطواف ـ أو أقل من ذلك ـ ثمَّ رأت دماً. قال (ع) : تحفظ مكانها ، فاذا طهرت طافت بقيته وأعتدت‌

٢٤٣

______________________________________________________

بما مضى » (١). قال في الفقيه : « قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ : وبهذا الحديث أفتي ، دون الحديث الذي رواه ابن مسكان ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عمن سأل أبا عبد الله (ع) عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثمَّ طمثت ، قال : « تتم طوافها ، وليس عليها غيره ومتعتها تامة ، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة. ولأنها زادت على النصف وقد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج. وإن هي لم تطف إلا ثلاثة أشواط فلتستأنف الحج. فإن أقام بها جمّالها فلتخرج إلى الجعرانة أو إلى التنعيم فلتعتمر » (٢). لأن هذا الحديث إسناده منقطع ، والحديث الأول رخصة ورحمة ، وإسناده متصل .. ». وفيه : أن الصحيح مطلق والمرسل مختص بالمتمتعة ، فيتعين التقييد به. وأيضاً فإن المرسل المذكور رواه الشيخ مسنداً عن إبراهيم بن أبي إسحاق ، عن سعيد الأعرج (٣). كما رواه مرسلاً عمن سأل أبا عبد الله (ع). وروي أيضاً ـ في الصحيح ـ عن ابن مسكان عن أبي إسحاق صاحب اللؤلؤ. قال : « حدثني من سمع أبا عبد الله (ع) يقول في المرأة المتمتعة : إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثمَّ حاضت فمتعتها تامة ، وتقضي ما فاتها من الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ، وتخرج إلى منى قبل أن تطوف الطواف الآخر » (٤) ، ورواه الكليني (ره) ـ إلى قوله : « فمتعتها تامة » (٥) ، فإن مفهومه عدم تمامية المتعة إذا طافت أقل من ذلك. مع أن ضعف السند مجبور بالاعتماد عليه من الأصحاب.

__________________

(١) الوسائل باب : ٨٥ من أبواب الطواف حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٨٥ من أبواب الطواف حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٨٦ من أبواب الطواف حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٨٦ من أبواب الطواف حديث : ٢.

(٥) الوسائل باب : ٨٦ من أبواب الطواف ملحق حديث : ٢.

٢٤٤

بعد الطهر ، وإلا فلتعدل إلى حج الافراد ، وتأتي بعمرة مفردة بعده [١]. وإن كان بعد تمام أربعة أشواط فتقطع الطواف [٢] ، وبعد الطهر تأتي بالثلاثة الأخرى ، وتسعى ، وتقصر مع سعة الوقت [٣].

______________________________________________________

ولا سيما مع تأييده بما دل على صحة الطواف إذا طرأ الحيض بعد تجاوز النصف وبطلانه إذا كان قبل ذلك ، كخبر أبي بصير (١) ، وأحمد بن عمر الحلال (٢).

[١] لما سبق.

[٢] بلا إشكال. للحدث المانع من صحته.

[٣] يعني : قبل الإحرام للحج. والذي يظهر من عبارة القواعد : أنها تسعى ، وتقصر في حال الحيض ، ويكون المأتي به من الأشواط الأربعة بمنزلة الطواف التام. قال (ره) : « ولو طافت أربعاً فحاضت ، سعت وقصرت ، وصحت متعتها ، وقضت باقي المناسك وأتمت بعد الطهر. ولو كان أقل فحكمها حكم من لم تطف ، فتنتظر الطهر ، فان حضر وقت الوقوف ولم تطهر خرجت الى عرفة وصارت حجتها مفردة ، وان طهرت وتمكنت من طواف العمرة وأفعالها صحت متعتها ، وإلا صارت مفردة ، فإن تفصيله في الأخير كالصريح في عدم التفصيل في الأول. ولكنه غير ظاهر ، بل هو خلاف ما دل على الترتيب بين الطواف والسعي وبين العمرة والحج. والرواية الأولى واردة في الضيق. والثانية لا تخلو من تشويش ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٨٥ من أبواب الطواف حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٨٥ من أبواب الطواف حديث : ٢.

٢٤٥

ومع ضيقه تأتي بالسعي وتقصر [١] ، ثمَّ تحرم للحج وتأتي بأفعاله ، ثمَّ تقضي بقية طوافها ـ قبل طواف الحج أو بعده ـ ثمَّ تأتي ببقية أعمال الحج ، وحجها صحيح تمتعاً. وكذا الحال إذا حدث الحيض بعد الطواف وقبل صلاته [٢].

______________________________________________________

فالخروج عن القواعد غير ظاهر ، وان كان في الجواهر جعل ما في المتن أولى وأحوط.

[١] لما سبق من الخبرين ، وعليه جمهور الأصحاب. وخالف ابن إدريس فأبطل المتعة. قال (ره) : « والذي تقتضيه الأدلة : أنه إذا جاء الحيض قبل جميع الطواف فلا متعة لها. وإنما ورد بما قاله شيخنا أبو جعفر خبران مرسلان ، فعمل عليهما. وقد بينا أنه لا يعمل بأخبار الآحاد وإن كانت مسندة ، فكيف بالمراسيل؟! .. ». ومال إليه في المدارك ، عملا بالقواعد ، لاشتراط الترتيب بين السعي وتمام الطواف وبين أفعال الحج وتمام أفعال العمرة. وبصحيح ابن بزيع المتقدم (١). وإشكاله ظاهر ، لانجبار المرسلين بالعمل ، فيخرج بهما عن القواعد ، وعن إطلاق صحيح ابن بزيع‌.

[٢] قال في المدارك : « ولو حاضت بعد الطواف وقبل صلاة الركعتين ، فقد صرح العلامة وغيره بأنها تترك الركعتين ، وتسعى ، وتقصر فاذا فرغت من المناسك قضتهما. واستدل عليه في المنتهى بما رواه الشيخ عن أبي الصباح الكناني ، قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن امرأة طافت بالبيت في حج أو عمرة ، ثمَّ حاضت قبل أن تصلي الركعتين. قال (ع) :

__________________

(١) الوسائل باب : ٢١ من أبواب أقسام الحج حديث : ١٤. وقد سبق ذكر الرواية في المسألة : ٣ من الفصل.

٢٤٦

فصل في المواقيت

وهي المواضع المعينة للإحرام ، أطلقت عليها مجازاً ، أو حقيقة متشرعة [١].

______________________________________________________

إذا طهرت فلتصل ركعتين عند مقام إبراهيم (ع) ، وقد قضت طوافها » (١) وفي الدلالة نظر ، وفي الحكم اشكال ». ووجه النظر في الدلالة : عدم التعرض في الرواية لجواز فعل مناسك الحج قبل صلاة الركعتين. ووجه الإشكال في الحكم : عدم الدليل عليه الموجب للخروج عما دل على اعتبار الترتيب كما سبق. لكن عرفت الدليل على الحكم في الصورة السابقة ، ففي هذه الصورة أولى. وتشتركان في لزوم الانتظار في السعة ، ووجوب المبادرة إلى فعل مناسك الحج في الضيق. والله سبحانه ولي التوفيق.

فصل في المواقيت‌

[١] في المصباح المنير : « الوقت : مقدار من الزمان مفروض لأمر ما وكل شي‌ء قدرت له حيناً فقد وقته توقيتاً ، وكذلك ما قدرت له غاية ، والجمع أوقات والميقات الوقت ، والجمع مواقيت. وقد أستعير الوقت للمكان ، ومنه : مواقيت الحج موضع الإحرام ». ونحوه ما في النهاية الأثيرية. لكن في الصحاح : « الميقات : الوقت المضروب للفعل والموضع يقال : هذا ميقات أهل الشام ، للموضع الذي يحرمون منه ». ونحوه‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٨٨ من أبواب الطواف حديث : ٢.

٢٤٧

والمذكور منها في جملة من الأخبار خمسة [١] ، وفي بعضها ستة [٢].

______________________________________________________

كلام القاموس. وظاهرهما أن استعماله في المواضع المذكورة على وجه الحقيقة. اللهم إلا أن يكون المراد أنه حقيقة متشرعية لا لغوية.

[١] قد اختلفت كلمات الأصحاب ( رض ) في تعدادها ، فمنهم من ذكر خمسة ، ومنهم من ذكر ستة ، ومنهم من ذكر سبعة ، ومنهم من ذكر عشرة. وليس ذلك اختلافاً في الحكم ، وإنما هو لاختلاف أنظارهم في الجهة الملحوظة في ذكر العدد. وكذلك النصوص الشريفة اختلفت في ذكر العدد ، فمنها ما ذكر فيه خمسة ، كصحيح الحلبي : « قال أبو عبد الله (ع) : الإحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول الله (ص) ، لا ينبغي لحاج ولا لمعتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها : وقت لأهل المدينة : ذا الحليفة ، وهو مسجد الشجرة ، يصلي فيه ، ويفرض الحج ، ووقت لأهل الشام : الجحفة ، ووقت لأهل نجد : العقيق ، ووقت لأهل الطائف : قرن المنازل ، ووقت لأهل اليمن : يلملم. ولا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت رسول الله (ص) (١). ونحوه صحيح أبي أيوب الخزاز (٢) وغيره.

[٢] كصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) : « قال : من تمام الحج والعمرة : أن تحرم من المواقيت التي وقتها رسول الله (ص) ، لا تجاوزها إلا وأنت محرم ، فإنه وقت لأهل العراق ـ ولم يكن يومئذ عراق ـ : بطن العقيق من قبل أهل العراق ، ووقت لأهل اليمن : يلملم ، ووقت لأهل الطائف : قرن المنازل ، ووقت لأهل المغرب : الجحفة ـ وهي مهيعة ـ

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ١.

٢٤٨

ولكن المستفاد من مجموع الاخبار : أن المواضع التي يجوز الإحرام منها عشرة [١] :

أحدها : ذو الحليفة ، وهي ميقات أهل المدينة ومن يمر على طريقهم [٢]. وهل هو مكان فيه مسجد الشجرة ، أو نفس المسجد [٣]؟ قولان وفي جملة من الأخبار : أنه هو الشجرة [٤] ،

______________________________________________________

ووقت لأهل المدينة : ذا الحليفة. ومن كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فوقته منزله » (١)

[١] وعليه فتوى الفقهاء ، كما عرفت ، ويأتي.

[٢] بلا ريب ، نصاً وفتوى في الجملة.

[٣] قد اختلفت عبارات الأصحاب في تعيين الميقات المذكور ، فالمحكي عن المقنعة ، والناصريات ، وجمل العلم والعمل ، والكافي ، والإشارة : أنه ذو الحليفة. وفي الشرائع والقواعد ، وعن النافع والجامع : أنه مسجد الشجرة لكن عن المعتبر والمهذب وكتب الشيخ والصدوق والقاضي وسلار وابني زهرة وإدريس والتذكرة والمنتهى والتحرير : أنه ذو الحليفة ، وأنه مسجد الشجرة.

[٤] في صحيح علي بن رئاب قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الأوقات التي وقتها رسول الله (ص) للناس. فقال (ع) : إن رسول الله (ص) وقت لأهل المدينة : ذا الحليفة ، وهي الشجرة .. (٢) وفي خبر علي ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع) قال : « سألته عن المتعة في الحج ، من أين إحرامها وإحرام الحج؟ قال : وقت رسول الله (ص) لأهل العراق من‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ٧.

٢٤٩

وفي بعضها : أنه مسجد الشجرة [١]. وعلى أي حال فالأحوط الاقتصار على المسجد ، إذ مع كونه هو المسجد فواضع ، ومع كونه مكاناً فيه المسجد فاللازم حمل المطلق على المقيد [٢]

______________________________________________________

العقيق ، ولأهل المدينة ومن يليها من الشجرة » (١) ونحوهما صحيح ابن سنان الآتي في المحاذاة (٢) وصحيح الحلبي الآتي أيضاً في المسألة الأولى (٣) وغيرهما.

[١] كما تقدم في صحيح الحلبي. وفي صحيح رفاعة : « ووقت لأهل المدينة ذا الحليفة ، وهو مسجد الشجرة » (٤). وفي مرسل الحسين بن الوليد : « لأي علة أحرم رسول الله (ص) من مسجد الشجرة ولم يحرم من موضع دونه » (٥).

[٢] فيه تأمل ، لأن نسبة المسجد إلى ذي الحليفة ـ بناء على أنه المكان الذي فيه المسجد ـ نسبة الجزء إلى الكل ، لا الفرد إلى الكلي التي هي نسبة المقيد الى المطلق ، فيكون المراد من ذي الحليفة جزأه مجازاً : وعليه يكون الدوران بين المجاز المذكور وبين حمل تعيين المسجد على الاستحباب وكون الأول أولى غير ظاهر.

هذا بالنظر الى ما اقتصر فيه على أحد الأمرين ـ أعني : ذا الحليفة ومسجد الشجرة ـ أما بالنظر الى ما جمع فيه بين الأمرين على وجه التفسير ـ

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ٩.

(٢) الوسائل باب : ٧ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب المواقيت حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ١١. وقد جاء ذلك في المصدر بلا سند إلا أن عطفه على ما سبق لرفاعة من رواية لعله يقتضي اسناد الرواية المذكورة إليه أيضاً.

(٥) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ١٣.

٢٥٠

لكن مع ذلك الأقوى جواز الإحرام من خارج المسجد ـ ولو اختياراً ـ وإن قلنا أن ذا الحليفة هو المسجد. وذلك لان مع الإحرام من جوانب المسجد يصدق الإحرام منه عرفاً ، إذ فرق بين الأمر بالإحرام من المسجد أو بالإحرام فيه [١]. هذا مع إمكان دعوى : أن المسجد حد للإحرام فيشمل جانبيه مع محاذاته [٢]. وإن شئت فقل : المحاذاة كافية ولو مع القرب من الميقات.

______________________________________________________

كصحيح الحلبي وغيره ـ فلا مجال لشي‌ء من ذلك ، إذ قوله (ع) فيه : « وهو مسجد الشجرة » لا بد من الأخذ بالتفسير فيه على كل حال وإن لم نقل بوجوب حمل المطلق على المقيد ، كما هو ظاهر.

[١] هذا الفرق إنما يقتضي جواز الإحرام من جوانب المسجد المتصلة به ، ولا يسوغ الإحرام من جوانبه مع عدم الاتصال ، لأن الابتداء حينئذ لا يكون من المسجد ، كما لا يخفى.

[٢] فيكون المراد ، من كون المسجد الميقات : أنه موضع للإحرام بلحاظ البعد عن مكة ، فجميع ما يحاذيه من المواضع المساوية له في البعد يجوز الإحرام منها. وهذا هو العمدة في إثبات جواز الإحرام خارج المسجد. وعن المحقق الثاني في حاشية القواعد : أن جواز الإحرام من الموضع المسمى بذي الحليفة وإن كان خارج المسجد لا يكاد يدفع. انتهى. وإلى ذلك مال في الجواهر في مبحث المحاذاة. واستشهد له بإطلاق الإحرام مع المحاذاة لمسجد الشجرة في صحيح ابن سنان الآتي (١) ، ولو وجب الإحرام من نفس المسجد لوجب الأمر به في الصحيح.

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب المواقيت حديث : ١. ويأتي ذكر الرواية في الميقات التاسع ، وهو المحاذاة.

٢٥١

______________________________________________________

( تنبيه )

قال في كشف اللثام : « وفي الصحاح : ذو الحليفة : موضع. وفي القاموس : موضع على ستة أميال من المدينة ، وهو ماء لبني جشم. وفي تحرير النووي : بضم الحاء المهملة ، وفتح اللام ، وبالفاء : على نحو ستة أميال من المدينة ـ وقيل : سبعة ، وقيل : أربعة ـ ومن مكة نحو عشرة مراحل. ونحو منه في تهذيبه. وفي المصباح المنير : ماء من مياه بني جشم ثمَّ سمي به الموضع ، وهو ميقات أهل المدينة ، نحو مرحلة منها. ويقال : على ستة أميال. قلت : ويقال : على ثلاثة ، ويقال : على خمسة ونصف. وفي المبسوط والتذكرة : أنه مسجد الشجرة ، وأنه على عشرة مراحل عن مكة ، وعن المدينة ميل. ووجه : بأنه ميل الى منتهى العمارات في وادي العقيق التي ألحقت بالمدينة. وقال فخر الإسلام في شرح الإرشاد : ويقال لمسجد الشجرة : ذو الحليفة. وكان قبل الإسلام اجتمع فيه ناس وتحالفوا. ونحوه في التنقيح. وقيل : الحليفة تصغير الحلفة ـ بفتحات ـ واحدة الحلفاء ، وهو النيات المعروف. وينص على ستة أميال : صحيح ابن سنان عن الصادق (ع) .. إلى أن قال : وقال المسهوري في خلاصة الوفاء : قد اختبرت فكان من عتبة باب المسجد النبوي ـ المعروف بباب السلام ـ إلى عتبة مسجد الشجرة بذي الحليفة تسعة عشر ألف ذراع ، وسبعمائة ذراع ، واثنان وثلاثون ذراعاً ونصف ذراع .. ».

ولا ريب في عدم الفائدة في هذا الاختلاف ، لأن المسجد لم يزل‌

٢٥٢

( مسألة ١ ) : الأقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة ـ وهي ميقات أهل الشام ـ اختياراً [١]. نعم يجوز مع الضرورة ، لمرض ، أو ضعف ، أو غيرهما من الموانع. لكن‌

______________________________________________________

معروفاً من صدر الإسلام إلى اليوم ، كما أشار إلى ذلك في الجواهر. بل الغريب وقوع الاختلاف المذكور على النهج المزبور ، كما لا يخفى. وأما النص ـ في صحيح ابن سنان ـ على أنه ستة أميال عن المدينة فغير ظاهر ، لجواز اختلاف المتحاذيين مسافة بالنسبة إلى مكان ثالث كما نشير إليه في الميقات التاسع.

[١] كما هو المشهور شهرة عظيمة ، بل لا يعرف الخلاف فيه إلا من نادر. لرواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى (ع) قال : « سألته عن قوم قدموا المدينة ، فخافوا كثرة البرد وكثرة الأيام ـ يعني : الإحرام من الشجرة ـ فأرادوا أن يأخذوا منها إلى ذات عرق فيحرموا منها. قال (ع) : لا ـ وهو مغضب ـ من دخل المدينة فليس له أن يحرم إلا من المدينة » (١) ، وخبر أبي بصير : « قلت لأبي عبد الله (ع) : خصال عابها عليك أهل مكة. قال : وما هي؟ قلت : قالوا : أحرم من الجحفة ورسول الله (ص) أحرم من الشجرة. فقال : الجحفة أحد الوقتين ، فأخذت بأدناهما وكنت عليلاً » (٢) ، وخبر أبي بكر الحضرمي قال : « قال أبو عبد الله (ع) : إني خرجت بأهلي ماشياً فلم أهلّ حتى أتيت الجحفة ـ وقد كنت شاكياً ـ فجعل أهل المدينة يسألون عني فيقولون : لقيناه وعليه ثيابه وهم لا يعلمون ، وقد رخص رسول الله (ص)

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٦ من أبواب المواقيت حديث : ٤.

٢٥٣

______________________________________________________

لمن كان مريضاً أو ضعيفاً أن يحرم من الجحفة » (١). مضافاً إلى النصوص ـ المتقدمة وغيرها ـ المتضمنة : أن مسجد الشجرة ميقات أهل المدينة ، الظاهرة في التعيين.

وعن الجعفي وابن حمزة في الوسيلة : جواز الإحرام من الجحفة اختياراً. واستدل لهما بصحيح علي بن جعفر عن أخيه (ع) الوارد في مواقيت الإحرام : « وأهل المدينة من ذي الحليفة والجحفة » (٢) ، وصحيح معاوية بن عمار : « أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة. فقال (ع) : لا بأس » (٣) ، وصحيح الحلبي : « سألت أبا عبد الله (ع) : من أين يحرم الرجل إذا جاوز الشجرة؟ فقال (ع) : من الجحفة. ولا يجاوز الجحفة إلا محرماً » (٤) ولأجلها تحمل نصوص تعيين مسجد الشجرة على الأفضل. وأما خبر عبد الحميد المتقدم ، فمن المحتمل أن يكون المراد من قوله (ع) : « من دخل المدينة .. » الحصر بالإضافة إلى ذات عرق ، وإلا فمفروض السؤال فيه خوف البرد ، وهو من الضرورة. وكذلك خبر أبي بصير ، إذ يحتمل أن يكون المراد منه الاعابة بلحاظ ترك الأفضل ، واعتذاره (ع) : بأنه عليل عن ذلك أيضاً. وعلو مقامه الشريف عند أهل المدينة يقتضي ذلك ، وهو الذي يناسب جداً مع قوله (ع) : « الجحفة أحد الوقتين ». نعم خبر الحضرمي ظاهر في حصر الرخصة في المريض والضعيف ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب المواقيت حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ٥.

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٦ من أبواب المواقيت حديث : ٣.

٢٥٤

خصها بعضهم بخصوص المرض والضعف [١] ، لوجودهما في الأخبار [٢] ، فلا يلحق بهما غيرهما من الضرورات. والظاهر إرادة المثال [٣] ، فالأقوى جوازه مع مطلق الضرورة.

( مسألة ٢ ) : يجوز لأهل المدينة ومن أتاها العدول الى ميقات آخر كالجحفة أو العقيق ، فعدم جواز التأخير إلى الجحفة إنما هو إذا مشى من طريق ذي الحليفة [٤]. بل‌

______________________________________________________

فيدل على نفي الرخصة لغيرهما. وعليه لا بد من التصرف في غيره. وحينئذ فلا يبعد أن يحمل صحيح ابن جعفر (ع) على كون الجحفة ميقاتاً اضطرارياً ، وصحيح معاوية على كون الرجل ـ الذي أحرم من الجحفة ـ من متوطني المدينة ، ويكون وجه السؤال : توهم أن سكان المدينة لا بد أن يحرموا من ذي الحليفة. وأما صحيح الحلبي فمورده من جاوز الشجرة وليس فيه تعرض للمنع من مجاوزتها بدون إحرام. والأقوى ـ إذا ـ ما هو المشهور.

[١] ذلك ظاهر الجواهر ، فإنه فسر الضرورة ـ المذكورة في الشرائع ـ بقوله : « التي هي المرض ، والضعف ».

[٢] يشير به إلى خبر أبي بكر الحضرمي ، فقد اشتمل عليهما. وإلى خبر أبي بصير ، فقد ذكر فيه العلة ، وهي المرض.

[٣] كما هو ظاهر الأصحاب ، حيث أطلقوا ولم يخصوا الحكم بهما.

[٤] كما صرح به في المدارك ، وتبعه في المستند ، وحكاه عن الدروس أيضاً. وقال في الجواهر : « ثمَّ لا يخفى عليك أن الاختصاص بالضرورة مع المرور على الميقات الأول ، فلو عدل عن طريقه ـ ولو من المدينة‌

٢٥٥

الظاهر أنه لو أتى إلى ذي الحليفة ثمَّ أراد الرجوع منه والمشي من طريق آخر جاز. بل يجوز أن يعدل عنه من غير رجوع [١] ، فإن الذي لا يجوز هو التجاوز عن الميقات محلا ، وإذا عدل الى طريق آخر لا يكون مجاوزاً وإن كان ذلك وهو في ذي الحليفة. وما في خبر إبراهيم بن عبد الحميد ، من المنع عن العدول إذا أتى المدينة ـ مع ضعفه [٢] ـ منزل على الكراهة.

( مسألة ٣ ) : الحائض تحرم خارج المسجد على المختار [٣]. ويدل عليه ـ مضافاً الى ما مر ـ مرسلة يونس في كيفية إحرامها : « ولا تدخل المسجد ، وتهل بالحج

______________________________________________________

ابتداء ـ جاز وأحرم منها اختياراً ، لأنها أحد الوقتين ».

[١] لم أقف على من نص على ذلك فيما يحضرني ، لكن يستفاد من كلامهم جواز ذلك ، فإنهم ذكروا : أن المستفاد من الأدلة حرمة العبور عن الميقات بلا إحرام ، حتى أفتى في المدارك والجواهر : بأن من تجاوز مسجد الشجرة إلى الجحفة أحرم من الجحفة وإن أثم بذلك. فاذا وصل إلى مسجد الشجرة ولم يتجاوزه ، وتنكب الطريق إلى أن وصل إلى طريق ينتهى به إلى الجحفة ، فلم يحصل منه التجاوز عن الميقات بلا إحرام ، كان حكمه الإحرام من الجحفة من دون لزوم إثم عليه.

[٢] طعن في المدارك في سنده : بأن إبراهيم بن عبد الحميد واقفي ، وأن في رجاله جعفر بن محمد بن حكيم ، وهو مجهول. لكن الأول غير قادح مع الوثاقة.

[٣] ويجوز لها الإحرام منه في حال الاجتياز.

٢٥٦

بغير صلاة » [١]. وأما على القول بالاختصاص بالمسجد ، فمع عدم إمكان صبرها الى أن تطهر [٢] تدخل المسجد وتحرم في حال الاجتياز إن أمكن ، وإن لم يمكن ـ لزحم أو غيره ـ أحرمت خارج المسجد ، وجددت في الجحفة أو محاذاتها [٣].

______________________________________________________

[١] رواها في الكافي عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الحائض تريد الإحرام. قال (ع) : تغتسل ، وتستثفر ، وتحتشي بالكرسف وتلبس ثوباً دون ثياب إحرامها ، وتستقبل القبلة ، ولا تدخل المسجد ، وتهل بالحج بغير صلاة » (١). والرواية ـ كما ترى ـ مسندة لا مرسلة ، ولا يظهر منها ورودها فيما نحن فيه ، بل لعل ظاهر قوله (ع) : « وتهل بالحج .. » أنها واردة في إحرام الحج لا إحرام العمرة.

[٢] وكذا مع إمكان صبرها ، لجواز الاجتياز للحائض.

[٣] قال في المستند : « فرع : وإذ عرفت تعين الإحرام من مسجد الشجرة ، فلو كان المحرم جنباً أو حائضاً أحرما منه مجتازين ، لحرمة اللبث. فان تعذر بدونه ، فهل يحرمان من خارجه ـ كما صرح به الشهيد الثاني والمدارك والذخيرة ـ لوجوب قطع المسافة من المسجد إلى مكة محرماً أم يؤخرانه إلى الجحفة لكون العذر ضرورة مبيحة للتأخير؟ الأحوط الإحرام منهما. وإن كان الأظهر الثاني ، لما ذكر. ولعدم الدليل على توقيت الخارج لمثلهما. ومنع وجوب قطع المسافة محرماً عليه. وتمثيل الضرورة في الأخبار بالمرض والضعف لا يوجب التخصيص بعد اتحاد العلة قطعاً. ولعدم القول بالفصل ظاهراً ».

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٨ من أبواب الإحرام حديث : ٢.

٢٥٧

( مسألة ٤ ) : إذا كان جنباً ولم يكن عنده ماء جاز له أن يحرم خارج المسجد [١]. والأحوط أن يتيمم للدخول والإحرام. ويتعين ذلك على القول بتعيين المسجد [٢]. وكذا الحائض إذا لم يكن لها ماء بعد نقائها [٣].

الثاني : العقيق [٤] ،

______________________________________________________

أقول : إلحاق الحيض بالضرورة غير ظاهر ـ حتى بناء على عدم الاقتصار على المرض والضعف ـ لأن التعدي منهما إنما يكون إلى ما يمنع من استمرار الإحرام من الميقات السابق إلى اللاحق ، والحيض ليس كذلك بل هو مانع من مجرد الإنشاء ، فلا يتعدى اليه. نعم الإشكال في بدلية الخارج ـ لعدم الدليل عليها ـ في محله. ومثله وجوب قطع المسافة. وحينئذ لا مانع من ترك الإحرام ، ويكون إحرامه من الجحفة ، أو ما يحاذيها إذا كان بعيداً عنها.

[١] وجاز له الإحرام من المسجد مجتازاً.

[٢] لعموم بدلية التراب عن الماء. فيقصد بالتيمم البدلية عن غسل الجنابة للكون في المسجد ، أو عن غسل الإحرام. وهذا التعيين يختص بصورة عدم إمكان الإحرام مجتازاً ، وإلا فلا موجب له.

[٣] لا مكان التيمم بدلاً عن الغسل. أما قبل نقائها فلا يشرع التيمم لأنه لا يقتضي الإباحة ، فضلاً عن رفع الحدث ، وبذلك افترقت الحائض عن الجنب. ولذلك تعرض لهما المصنف في مسألتين ، بخلاف غيره فذكرا في كلامه في مسألة واحدة.

[٤] إجماعاً محققاً ، حكاه جماعة كثيرة من الأصحاب. وفي كشف اللثام : « وهو ـ في اللغة ـ : كل واد عقه السيل ـ أي شقه ـ فأنهره‌

٢٥٨

وهو ميقات أهل نجد ، والعراق [١] ،

______________________________________________________

ووسعه ، وسمي به أربعة أودية في بلاد العرب ، أحدها : الميقات. وهو واد يتدفق سيله في غوري تهامة ، كما في تهذيب اللغة ».

[١] قد ذكر الأول في صحيح الحلبي المتقدم (١) ، وفي صحيح أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد الله (ع) : « ووقت لأهل نجد : العقيق وما أنجدت » (٢). وفي صحيح علي بن رئاب : « ولأهل نجد : العقيق » (٣). وفي صحيح رفاعة : « وقت رسول الله (ع) العقيق لأهل نجد. وقال : هو وقت لما أنجدت الأرض ، وأنتم منهم » (٤). وذكر الثاني في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ص) : « من تمام الحج والعمرة أن تحرم من المواقيت التي وقتها رسول الله (ص) لا تتجاوزها إلا وأنت محرم. فإنه وقت لأهل العراق ـ ولم يكن يومئذ عراق ـ بطن العقيق من قبل أهل العراق .. » (٥). وفي صحيح علي بن جعفر (ع) عن أخيه (ع) : « أما أهل الكوفة وخراسان وما يليهم فمن العقيق .. » (٦) وفي صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) : « وقت رسول الله (ص) لأهل المشرق العقيق ، نحواً من بريدين ما بين بريد البعث إلى غمرة .. » (٧) وفي خبر علي بن جعفر : « وقت رسول الله (ص) لأهل العراق من‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب المواقيت حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ٧.

(٤) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ١٠.

(٥) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ٢.

(٦) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ٥.

(٧) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ٦.

٢٥٩

ومن يمر عليه من غيرهم [١]. وأوله : المسلخ ، وأوسطه : غمرة ، وآخره : ذات عرق [٢]. والمشهور جواز الإحرام‌

______________________________________________________

العقيق .. » (١). ونحوها غيرها.

[١] كما يستفاد من صحيح عمر بن يزيد ، وعلي بن جعفر ، وصحيح رفاعة ، وصحيح الخزاز ، وغيرها. وسيأتي التعرض لذلك في المسألة الخامسة.

[٢] قد اشتهر ذلك في كلماتهم. وفي الحدائق : « صرح الأصحاب ( رض ) بأن العقيق ـ المتقدم في الأخبار ـ أوله : المسلخ ، ووسطه : غمرة ، وآخره ذاق عرق ، وأن الأفضل الإحرام من أوله ، ثمَّ وسطه ». ويشهد له خبر أبي بصير ، قال : « سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : حد العقيق : أوله المسلخ ، وآخره ذات عرق » (٢). ومرسل الصدوق في الفقيه : « قال الصادق (ع) : وقت رسول الله (ص) لأهل العراق العقيق ، وأوله : المسلخ ، ووسطه : غمرة ، وآخره : ذات عرق. وأوله أفضله » (٣) وخبر إسحاق بن عمار ـ المتقدم في مبحث جواز خروج المتمتع من مكة ـ قال (ع) فيه : « كان أبي مجاوراً هاهنا ، فخرج يتلقى بعض هؤلاء ، فلما رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحج » (٤).

نعم في خبر أبي بصير الأخر عن أحدهما (ع) قال : « حد العقيق : ما بين المسلخ إلى عقبة غمرة » (٥) وظاهره خروج غمرة ، فضلا عن‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت حديث : ٩.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب المواقيت حديث : ٧.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب المواقيت حديث : ٩.

(٤) الوسائل باب : ٢٢ من أبواب أقسام الحج حديث : ٨.

(٥) الوسائل باب : ٢ من أبواب المواقيت حديث : ٥.

٢٦٠