مستمسك العروة الوثقى - ج ١١

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ١١

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٦

ثمَّ ما ذكر إنما هو بالنسبة الى حجة الإسلام ، حيث لا يجزئ للبعيد إلا التمتع ، ولا للحاضر إلا الافراد أو القران [١]. وأما بالنسبة إلى الحج الندبي فيجوز لكل من البعيد والحاضر كل من الأقسام الثلاثة [٢] بلا إشكال. وان كان الأفضل اختيار التمتع [٣]. وكذا بالنسبة إلى الواجب غير حجة‌

______________________________________________________

جريان الأصل في العدم الأزلي ، كما أشرنا إليه في مباحث المياه من هذا الشرح.

وربما يتوهم الاشكال على المصنف : بأن المراد بمن لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ ، من كان أهله بعيداً عن المسجد ، فيكون موضوع حكم التمام وجودياً لا يمكن إثباته بالأصل واندفاعه ظاهر ، فان الصحيح المفسر بذلك إنما أريد به تفسير التحديد ، لا بيان أن الموضوع وجودي.

[١] قال في الذخيرة : « إن موضع الخلاف حجة الإسلام ، دون التطوع والمنذور .. ».

[٢] في المدارك ، وعن الشيخ في التهذيبين ، والمحقق في المعتبر ، والعلامة في جملة من كتبه ، والشهيد في الدروس : التصريح بذلك.

[٣] قال في الجواهر : « لا خلاف أيضاً في أفضلية التمتع على قسيميه لمن كان الحج مندوباً بالنسبة إليه ـ لعدم استطاعته ، أو لحصول حج الإسلام ـ منه ـ والنصوص مستفيضة فيه أو متواترة ، بل هو من قطعيات مذهب الشيعة .. ». ويشهد به النصوص الكثيرة ، المتواترة مضموناً ، كصحيح البزنطي قال : « سألت أبا جعفر (ع) في السنة التي حج فيها ـ وذلك في سنة اثنتي عشرة ومائتين ـ فقلت : بأي شي‌ء دخلت مكة : مفرداً أو متمتعاً؟ فقال (ع) : متمتعاً. فقلت له : أيها أفضل المتمتع بالعمرة إلى الحج أو من أفرد وساق الهدي؟ فقال (ع) : كان‌

١٦١

الإسلام ، كالحج النذري وغيره [١].

______________________________________________________

أبو جعفر (ع) يقول : المتمتع بالعمرة إلى الحج أفضل من المفرد السائق للهدي. وكان يقول : ليس يدخل الحاج بشي‌ء أفضل من المتعة » (١) وصحيح معاوية بن عمار : « قلت لأبي عبد الله (ع) ـ ونحن بالمدينة ـ : إني اعتمرت في رجب وأنا أريد الحج ، فأسوق الهدي ، أو أفرد الحج ، أو أتمتع؟ قال (ع) : في كل فضل ، وكل حسن. قلت : فأي ذلك أفضل؟ فقال : إن علياً (ع) كان يقول : لكل شهر عمرة تمتع ، فهو والله أفضل » (٢) ، ومكاتبة علي بن حديد قال : « كتب اليه : علي ابن جعفر يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان ، ثمَّ حضر الموسم ، أيحج مفرداً للحج أو يتمتع ، أيهما أفضل؟ فكتب اليه : يتمتع أفضل » (٣) ، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال : « قلت له : إني سقت الهدي وقرنت. قال : ولِمَ تفعل ذلك؟ التمتع أفضل » (٤) ، وصحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) : « قال (ع) : المتعة والله أفضل ، وبها نزل القرآن ، وجرت السنة » (٥) إلى غير ذلك من النصوص. وفي المدارك : « أكثر من أن تحصى .. ». وقد عقد لها في الوسائل باباً طويلاً.

[١] الظاهر من كلماتهم عدم الفرق بين المندوب والواجب بالنذر‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب أقسام الحج حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب أقسام الحج حديث : ١٨.

(٣) الوسائل باب : ٤ من أبواب أقسام الحج حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ٤ من أبواب أقسام الحج حديث : ٧.

(٥) الوسائل باب : ٤ من أبواب أقسام الحج حديث : ٨.

١٦٢

( مسألة ١ ) : من كان له وطنان ، أحدهما في الحد ، والآخر في خارجه لزمه فرض أغلبهما [١]. لصحيحة زرارة [٢] عن أبي جعفر (ع) : « من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة ولا متعة له. فقلت لأبي جعفر (ع) : أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكة. فقال (ع) : فلينظر أيهما الغالب » [٣]. فان تساويا فان كان مستطيعاً من كل منهما تخير بين الوظيفتين [٤] ،

______________________________________________________

ونحوه. وقد تقدم كلام الذخيرة. والظاهر من قولهم : التمتع فرض النائي ، أنه الفرض بالأصل ، لا الفرض بالنذر ونحوه. نعم يختص كلامهم بما إذا كان المنذور مطلقاً ، وأما إذا كان معيناً فلا ريب في اقتضاء النذر التعين فلا يجزئ غير المتعين. وأما الواجب بالإفساد فالظاهر من دليله لزوم مطابقته للواجب الذي أفسده ، للتعبير فيه بالقضاء ، الظاهر في مطابقته للمقتضي ،

[١] بلا خلاف أجده فيه. كذا في الجواهر.

[٢] رواها الشيخ (ره) عن موسى بن القاسم ، عن عبد الرحمن ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (ع). ورواها بإسناده عن زرارة (١).

[٣] تتمة الحديث : « فهو من أهله ».

[٤] بلا خلاف أجده فيه ، كما في الجواهر. ووجهه إطلاق ما دل على وجوب الحج ، الشامل للأنواع الثلاثة ، والتخصيص بأحدها من دون مخصص ، وما دل على وجوب التمتع بعينه يختص بمن كان منزله نائباً.

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب أقسام الحج حديث : ١.

١٦٣

وإن كان الأفضل اختيار التمتع [١]. وإن كان مستطيعاً من أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن الاستطاعة [٢].

( مسألة ٢ ) : من كان من أهل مكة وخرج إلى بعض الأمصار ثمَّ رجع إليها ، فالمشهور جواز حج التمتع له وكونه مخيراً بين الوظيفتين [٣]. واستدلوا بصحيحة عبد الرحمن‌

______________________________________________________

كما دل على وجوب القرآن أو الافراد ، فإنه يختص أيضاً بمن كان من أهل مكة. والمورد خارج عنهما فلا مانع من الأخذ بإطلاق دليل الوجوب المقتضي للتخيير بين الأفراد الثلاثة. ولو فرض صدق كل من العنوانين عليه فقد عرفت أن دليل الحكمين فيهما يختص بصحيح زرارة وخبره. وشمول الصدر والذيل فيهما للمقام يوجب التعارض بين الصدر والذيل ، الموجب للسقوط عن الحجية ، فيتعين أيضاً الرجوع إلى الإطلاق.

[١] لما تقدم ، من النصوص المتضمنة لذلك.

[٢] كما في كشف اللثام والجواهر. لعموم الآية ، والأخبار. أقول : مقتضى الإطلاق التخيير ـ كما عرفت ـ لا التخصيص بفرض الوطن الذي استطاع منه من غير مخصص. ومثله ـ في الاشكال ـ : ما حكي عن بعض من التخيير إذا كان قد استطاع في غير الوطنين. أما إذا استطاع في أحدهما دون الآخر ففرضه فرض أهله. وحاصل الاشكال على القولين : أنه لا وجه لتعين أحد الفرضين في جميع ذلك ، لأنه بعد أن كان مستطيعاً يكون المرجع إطلاق وجوب الحج على المستطيع ، المقتضي للتخيير العقلي بين الأفراد الثلاثة بعد أن لم يكن ما يقتضي التعيين.

[٣] نسبه في المدارك إلى الأكثر ، ومنهم الشيخ في جملة من كتبه ، والمحقق في المعتبر ، والعلامة في المنتهى ، ونسبه غيره إلى المشهور ، كما في‌

١٦٤

ابن الحجاج عن أبي عبد الله (ع) : « عن رجل من أهل مكة يخرج الى بعض الأمصار ، ثمَّ يرجع الى مكة فيمر ببعض المواقيت ، أله أن يتمتع؟ قال (ع) : ما أزعم أن ذلك ليس له لو فعل. وكان الإهلال أحب إلي » [١]. ونحوها صحيحة أخرى عنه وعن عبد الرحمن بن أعين عن أبي الحسن (ع) [٢] وعن ابن أبي عقيل : عدم جواز ذلك ، وأنه يتعين عليه

______________________________________________________

الجواهر. وفي المستند : « المكي إذا بعد عن مكة ثمَّ حج على ميقات من المواقيت الخمسة الآفاقية أحرم متعة وجوباً. بغير خلاف يعرف ، كما صرح به غير واحد ». وكأنه أراد من نفي الخلاف : نفيه بالنسبة إلى الإحرام من الميقات ـ كما هو كذلك ـ لا بالنسبة إلى التمتع ، وإلا فالخلاف مشهور.

[١] رواها في الكافي عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته عن رجل .. » (١). ورجال السند كلهم أعيان.

[٢] رواها الشيخ بإسناده عن موسى بن القاسم ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج وعبد الرحمن بن أعين ، قالا : « سألنا أبا الحسن (ع) [ موسى (ع) خ ] عن رجل من أهل مكة خرج إلى بعض الأمصار ، ثمَّ رجع فمر ببعض المواقيت التي وقت رسول الله (ص) ، له أن يتمتع؟فقال : ما أزعم أن ذلك ليس له. والإهلال بالحج أحب إلي. ورأيت من سأل أبا جعفر (ع) ـ وذلك أول ليلة من شهر رمضان ـ فقال له :

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب أقسام الحج حديث : ٢.

١٦٥

فرض المكي إذا كان الحج واجباً عليه ، وتبعه جماعة [١]. لما دل من الأخبار على أنه لا متعة لأهل مكة. وحملوا الخبرين على الحج الندبي ، بقرينة ذيل الخبر الثاني [٢]. ولا يبعد قوة‌

______________________________________________________

جعلت فداك ، إني قد نويت أن أصوم بالمدينة. قال : تصوم إن شاء الله تعالى. قال له : وأرجو أن يكون خروجي في عشرين من شوال. فقال : تخرج إن شاء الله. فقال له : قد نويت أن أحج عنك أو عن أبيك ، فكيف أصنع؟ فقال له : تمتع. فقال له : إن الله ربما منّ عليّ بزيارة رسول الله (ص) وزيارتك والسلام عليك ، وربما حججت عنك ، وربما حججت عن أبيك. وربما حججت عن بعض إخواني أو عن نفسي ، فكيف أصنع؟ فقال له : تمتع. فرد عليه القول ثلاث مرات يقول : إني مقيم بمكة وأهلي بها فيقول : تمتع. فسأله بعد ذلك رجل من أصحابنا فقال : إني أريد أن أفرد عمرة هذا الشهر ـ يعني شوال ـ فقال له : أنت مرتهن بالحج. فقال له الرجل : إن أهلي ومنزلي بالمدينة ، ولي بمكة أهل ومنزل ، وبينهما أهل ومنازل. فقال له : أنت مرتهن بالحج. فقال له الرجل : فإن لي ضياعاً حول مكة « وأريد أن أخرج حلالاً فاذا كان إبان الحج حججت » (١).

[١] منهم السيد في الرياض.

[٢] فإن السؤال الذي رواه بقوله : « ورأيت من سأل أبا جعفر (ع) » مورده الندب. بل وعن المنتفى : صراحته في ذلك. وفي الجواهر أيد الحمل المذكور : باستبعاد عدم الحج للمكي قبل الخروج. لكن في كشف اللثام استشكل فيه : بأنه مخالف لما اتفق عليه النص والفتوى ، من استحباب‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب أقسام الحج حديث : ١.

١٦٦

هذا القول. مع أنه أحوط ، لأن الأمر دائر بين التخيير والتعيين ، ومقتضى الاشتغال هو الثاني. خصوصاً إذا كان‌

______________________________________________________

التمتع في المندوب. وأجاب عنه بالحمل على التقية. وفيه : أن الحمل على التقية إنما يكون بعد تعذر الجمع العرفي.

وتحقيق الحال : أنه لا ينبغي التأمل في أن ذيل الصحيح مختص بالندب ، لكنه لا يرتبط بصدره ولا يكون قرينة عليه ، لأنه سؤال آخر من سائل آخر. وأما ما ذكره في كشف اللثام من الإشكال ، فغاية ما يقتضي أنه مخالف لعموم ما دل على أفضلية التمتع ، ومن الجائز خروج المورد عنه. ومن هنا يظهر أن بين الصحيحتين وبين ما دل على أنه لا متعة لأهل مكة عموماً من وجه ، فإن أخذنا بإطلاق الثاني تعين حمل الصحيحتين على الندب ، وإن أدى إلى تخصيص عموم أفضلية التمتع. وإن أخذنا بإطلاق الصحيحتين تعين حمل الثاني على غير المورد ، فيختص بمن يحج وهو في مكانه. ولما لم يكن تقييد أحدهما بأسهل من الآخر تعين طرحهما والرجوع إلى دليل آخر ، وهو عموم وجوب الحج على المستطيع ، المقتضي للتخيير بين الأفراد الثلاثة ، فيتم ما هو المشهور ، كما أشار إلى ذلك في الجواهر.

ومنه يظهر الاشكال فيما ذكر في الرياض انتصاراً لابن أبي عقيل : بأنه يرجح التصرف في الصحيحين على التصرف في المعارض ، لموافقته للكتاب والسنة. فان الترجيح بذلك إنما يكون في غير العامين من وجه. ومثله ما ذكره : من أنه ـ مع تسليم التساوي ـ يرجع إلى الأصل ، المقتضي للاحتياط ، للدوران بين التعيين والتخيير. فان الرجوع إلى الأصل مع التعارض بالعموم من وجه إذا لم يكن دليل ، وهو في المقام إطلاق وجوب الحج المقتضي للتخيير ، فإنه مقدم على الأصل.

١٦٧

مستطيعاً حال كونه في مكة فخرج قبل الإتيان بالحج [١]. بل يمكن أن يقال : إن محل كلامهم صورة حصول الاستطاعة بعد الخروج عنها. وأما إذا كان مستطيعاً فيها قبل خروجه منها فيتعين عليه فرض أهلها [٢].

( مسألة ٣ ) : الآفاقي إذا صار مقيماً في مكة ، فإن كان ذلك بعد استطاعته ووجوب التمتع عليه فلا إشكال في بقاء حكمه [٣] ، سواء كانت إقامته بقصد التوطن أو المجاورة ولو بأزيد من سنتين. وأما إذا لم يكن مستطيعاً ثمَّ استطاع‌

______________________________________________________

[١] إذ حينئذ ـ على المشهور ـ يكون من تبدل الحكم الفعلي ، وهو أبعد من تبدل الحكم التقديري ، للإشكال في جريان الاستصحاب فيه. لكن في شمول الإطلاق لا فرق.

[٢] هذا ضعيف ، فإنه خلاف إطلاق كلامهم ، وإطلاق النصوص التي اعتمدوا عليها.

[٣] في الجواهر : « بلا خلاف أجده فيه نصاً وفتوى ، بل لعله إجماعي ، بل قيل : إنه كذلك للأصل وغيره ». لكن في المدارك : « وفي استفادة ذلك من الأخبار نظر » ، وفي الحدائق : « وهو جيد ، فان المفهوم من الأخبار المتقدمة هو انتقال حكمه من التمتع إلى قسيميه مطلقاً ، تجددت الاستطاعة أو كانت سابقة » وعلى هذا فما في الجواهر من قوله (ره) : « فما في المدارك من التأمل فيه في غير محله ». كأن الوجه فيه : ظهور الإجماع الذي ادعاه ، لا النصوص ، وإلا فهي كما ذكر في الحدائق ـ تبعاً للمدارك ـ شاملة له ولغيره.

١٦٨

بعد إقامته في مكة فلا إشكال في انقلاب فرضه الى فرض المكي في الجملة. كما لا إشكال في عدم الانقلاب بمجرد الإقامة [١]. وإنما الكلام في الحد الذي به يتحقق الانقلاب ، فالأقوى ما هو المشهور ، من أنه بعد الدخول في السنة الثالثة [٢]. لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) : « من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة ولا متعة له .. » [٣] ، وصحيحة عمر ابن يزيد عن الصادق (ع) : « المجاور بمكة يتمتع بالعمرة إلى الحج الى سنتين ، فاذا جاور سنتين كان قاطناً وليس له أن يتمتع » [٤]. وقيل : بأنه بعد الدخول في الثانية [٥] ،

______________________________________________________

[١] في الجواهر : « لا خلاف ـ نصاً وفتوى ـ في عدم انتقاله عن فرض النائي بمجرد المجاورة ، وإن لم يكن قد وجب عليه سابقاً ، بل لعله إجماعي أيضاً » ، وفي المدارك : أنه لا ريب فيه. ويقتضيه إطلاق النصوص الآتية.

[٢] في الجواهر : « نسبه غير واحد إلى المشهور ، وربما عزي إلى علمائنا عدا الشيخ .. ».

[٣] المتقدمة فيمن له منزلان (١).

[٤] رواها الشيخ عن موسى بن القاسم ، عن محمد بن عذافر ، عن عمر بن يزيد. قال : « قال أبو عبد الله (ع) : المجاور .. » (٢) ورجال السند كلهم ثقاة.

[٥] حكي هذا القول عن ظاهر الدروس ، فان الشهيد فيها قال :

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب أقسام الحج حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب أقسام الحج حديث : ٢.

١٦٩

لجملة من الاخبار وهو ضعيف ، لضعفها باعراض المشهور عنها [١]

______________________________________________________

« ولو أقام النائي بمكة سنتين انتقل فرضه إليها في الثالثة ، كما في المبسوط والنهاية. ويظهر من أكثر الروايات : أنه في الثانية ». وفي كشف اللثام ـ بعد حكاية ذلك ـ قال : « والأمر كذلك ، فقد سمعت خبري الحلبي وحماد عن الصادق (ع). وقال (ع) في خبر عبد الله بن سنان : « المجاور بمكة سنة يعمل عمل أهل مكة. ( قال الراوي ) : يعني : يفرد الحج مع أهل مكة ، وما كان دون السنة له أن يتمتع » (١). وقال الباقر (ع) : في مرسل حريز : « من دخل مكة بحجة عن غيره ثمَّ أقام سنة فهو مكي » (٢). وقد أفتى بهذا الخبر الصدوق في المقنع ».

وأشار بخبري الحلبي وحماد إلى صحيح الحلبي ، قال : « سألت أبا عبد الله (ع) : لأهل مكة أن يتمتعوا؟ قال : لا. قال : قلت : فالقاطنين فيها؟ قال : إذا أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكة ، فإذا أقاموا شهراً فان لهم أن يتمتعوا » (٣). والى خبر حماد قال : « سألت أبا عبد الله (ع) : عن أهل مكة يتمتعون؟ قال (ع) : ليس لهم متعة. قلت فالقاطن بها؟ قال : إذا أقام سنة أو سنتين صنع صنع أهل مكة. قلت : فان مكث الشهر؟ قال (ع) : يتمتع » (٤).

[١] بل لا يظهر من الدروس العمل بها ، فان قوله : « ويظهر من أكثر الروايات أنه في الثانية ». إنما هو نقل ما في أكثر الروايات ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب أقسام الحج حديث : ٨.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب أقسام الحج حديث : ٩.

(٣) الوسائل باب : ٩ من أبواب أقسام الحج حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ٩ من أبواب أقسام الحج حديث : ٧.

١٧٠

مع أن القول الأول موافق للأصل [١]. وأما القول بأنه بعد تمام ثلاث سنين [٢] ،

______________________________________________________

وكذلك كشف اللثام. نعم قوله : « ولا يعارضها غيرها ، لاحتمال صحيحتي زرارة وعمر بن يزيد الدخول في الثانية » ظاهر في العمل بها ، وحمل غيرها على ما ذكر جمعاً بينهما. وكيف كان فالنصوص المذكورة ـ بعد إعراض المشهور عنها ـ لا تصلح للاعتماد عليها. وأما ما ذكره في الكشف والجواهر : من الجمع بينها وبين النصوص السابقة ـ بأن يراد من الإقامة والمجاورة سنتين الدخول في الثانية ـ فبعيد.

ومثله ما ذكر في كشف اللثام ، من أنه يراد من سنتي الحج الزمان الذي يمكن فيه وقوع حجتين. كما يراد مثل ذلك في شهر الحيض. بل هو أبعد. ولو سلم أنه جمع عرفي فإنما يرتكب بعد ثبوت الحجية ، وقد عرفت أن الاعراض عن الثانية مسقط لها عن الحجية ، ويتعين الرجوع إلى ظاهر الأخبار الأول ، الموافق لفتوى المشهور. ومن ذلك يظهر ضعف ما في الجواهر من قوة القول المذكور وإن قلّ القائل به صريحاً ، بل لم يعثر عليه. انتهى.

[١] يعني : أصالة عدم الانقلاب. لكنه تعليقي ، بناء على أن محل الكلام صورة ما إذا حدثت الاستطاعة بعد المدة ، وكان الأولى أن يقول : « موافق للعموم الدال على وجوب التمتع على الآفاقي ».

[٢] هذا القول منسوب الى الشيخ في المبسوط والنهاية ، قال في الأول : « والمكي إذا انتقل إلى غيرها من البلدان ثمَّ جاء متمتعاً لم يسقط عنه الدم. وان كان من غيرها وانتقل إلى مكة ، فإن أقام بها ثلاث سنين فصاعداً كان من الحاضرين ، وإن كان أقل من ذلك كان حكمه حكم أهل‌

١٧١

فلا دليل عليه إلا الأصل ، المقطوع بما ذكر [١]. مع أن القول به غير محقق ، لاحتمال إرجاعه إلى القول المشهور ، بإرادة الدخول في السنة الثالثة [٢]. وأما الاخبار الدالة على أنه بعد ستة أشهر ، أو بعد خمسة أشهر [٣] ،

______________________________________________________

بلده ». وعبارته المحكية عن الثاني : « من جاور بمكة سنة أو سنتين جاز له أن يتمتع ، فيخرج إلى الميقات ويحرم بالحج متمتعاً. فان جاور بها ثلاث سنين لم يجز له التمتع وكان حكمه حكم أهل مكة ». ودلالتهما على هذا القول ظاهرة. وفي كشف اللثام : « حكي هذا القول عن السرائر أيضاً. قال فيها : من جاور بمكة سنة واحدة أو سنتين كان فرضه التمتع فيخرج الى ميقات بلده ويحرم بالحج متمتعاً. فان جاور بها ثلاث سنين لم يجز له التمتع وكان حكمه حكم أهل مكة وحاضريها ، على ما جاءت به الأخبار المتواترة ». وهي ظاهرة في هذا القول أيضاً.

[١] اعترف جماعة بعدم الوقوف على مستند هذا القول.

[٢] الحمل على ارادة الدخول في الثالثة ـ فيرجع الى القول الأول ـ بعيد ، وان كان ظاهر الدروس ذلك. بل في الجواهر : « إنه الظاهر بلا ريب فيه ، لقوله أولاً : « سنة أو سنتين » ، وإلا لقال ثلاثاً .. ». إذ فيه : أن الإقامة سنة أو سنتين يراد بها الإقامة في السنة التامة ، والسنتين التامتين ، فلو قال : « ثلاثاً » كان المراد به الثلاث التامة ، وهو مخالف للواقع في نظره. وليس المراد من السنتين الدخول في الثانية ، ليتوجه ذلك.

[٣] كصحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) : « في المجاور بمكة يخرج إلى أهله ثمَّ يرجع إلى مكة ، بأي شي‌ء يدخل؟ قال (ع) إن كان مقامه بمكة أكثر من ستة أشهر فلا يتمتع ، وإن كان أقل من‌

١٧٢

فلا عامل بها [١]. مع احتمال صدورها تقية [٢] ، وإمكان حملها على محامل أخر [٣]. والظاهر من الصحيحين : اختصاص‌

______________________________________________________

ستة أشهر فله أن يتمتع » (١) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) : « من أقام بمكة سنة فهو بمنزلة أهل مكة » (٢) ، وخبر الحسين بن عثمان وغيره ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله (ع) : « قال : من أقام بمكة خمسة أشهر فليس له أن يتمتع » (٣).

[١] يظهر ذلك من ملاحظة كلماتهم ، ونقل الأقوال الصريحة والظاهرة. فإنهم لم يذكروا قائلاً بذلك ، لا صريحاً ولا ظاهراً. نعم في المدارك : ذكر إمكان الجمع بينها وبين غيرها ، بالتخيير بين السنة والسنة أشهر. ولكنه احتمال وإمكان. مع أنه جمع بلا شاهد.

[٢] كما في كشف اللثام والجواهر وغيرهما. لكن لم يظهر أن ذلك مذهب المخالفين ليصح الحمل على التقية. اللهم إلا أن يقال : يكفي في الصدور للتقية إيقاع الخلاف بين الإمامية ، كما ذكره في الحدائق في هذا المقام.

[٣] مثل اعتبار مضي ذلك المقدار في إجراء حكم الوطن لمن قصد التوطن. وفي الجواهر عن كشف اللثام : الحمل على حكم ذي الوطنين بالنسبة إلى إقامة الستة أشهر أو الأقل أو الأكثر. وهذه المحامل لا موجب لارتكابها إلا من باب قاعدة : أن التأويل أولى من الطرح ، التي لا دليل عليها. فالأولى إيكال المراد منها إلى قائلها ، عليه أفضل الصلاة والسلام.

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب أقسام الحج حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٨ من أبواب أقسام الحج حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٨ من أبواب أقسام الحج حديث : ٥.

١٧٣

الحكم بما إذا كانت الإقامة بقصد المجاورة ، فلو كانت بقصد التوطن فينقلب بعد قصده من الأول [١]. فما يظهر من بعضهم‌

______________________________________________________

[١] توضيح ذلك : أنه لا ريب في أنه ـ مع التوطن ، وقصد الإقامة ـ يصدق أنه من أهل مكة ، وحاضري المسجد. وحينئذ فالنصوص الواردة هنا ، إما أن تختص بالمتوطن ، ويكون الحكم فيها : بأنه له أن يتمتع إلى سنتين ، تصرفاً في قولهم (ع) : « ليس لأهل مكة متعة » (١) والحكم بأنه ـ بعد السنتين ـ بحكم أهل مكة لا تصرف فيه. وإما أن تختص بغير المتوطن ، ويكون الحكم فيها : بأنه لا متعة له الى سنتين ، على القاعدة. والحكم فيها : بأنه بحكم أهل مكة بعد سنتين ، تصرف في قولهم (ع) : « ليس للنائي إلا أن يتمتع » (٢). عكس الأول. وإما أن يعمهما معاً ، بأن يكون تصرفاً في الحكمين معاً في كل مما قبل السنتين وما بعدها.

ولأجل أن الظاهر من قوله (ع) في الصحيح الأول : « فهو من أهل مكة » (٣) ، وقوله (ع) في الصحيح الثاني : « وكان قاطناً » (٤) أنه في مقام تنزيله منزلة أهل مكة ، وأنه محط النظر والمحتاج إلى البيان ، تكون الروايتان ظاهرتين في الثاني غير المتوطن. فان المتوطن إنما يحتاج الى بيان حكمه فيما قبل السنتين ، وفيه الخروج عن القاعدة ، كما عرفت. هذا مضافاً الى الإشكال في عموم لفظ المجاور للمتوطن. ومن ذلك يظهر الاشكال‌

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٦ من أبواب أقسام الحج حديث : ١ وغيره من أحاديث الباب. وقد تقدم ذكر بعض ذلك في أوائل الفصل. فراجع.

(٢) راجع الوسائل باب : ٦ من أبواب أقسام الحج حديث : ٦ وغيره من أحاديث الباب. وقد تقدم ذكر بعض ذلك في أوائل الفصل. فراجع.

(٣) الوسائل باب : ٩ من أبواب أقسام الحج حديث : ٢. وقد تقدم ذكر الرواية في المسألة الثالثة من هذا الفصل.

(٤) الوسائل باب : ٩ من أبواب أقسام الحج حديث : ٨. وقد تقدم ذكر الرواية في المسألة الثالثة من هذا الفصل.

١٧٤

من كونها أعم [١] لا وجه له. ومن الغريب ما عن آخر ، من الاختصاص بما إذا كانت بقصد التوطن [٢]. ثمَّ الظاهر أن في صورة الانقلاب يلحقه حكم المكي بالنسبة إلى الاستطاعة أيضاً ، فيكفي في وجوب الحج الاستطاعة من مكة ، ولا يشترط فيه حصول الاستطاعة من بلده [٣]. فلا وجه لما‌

______________________________________________________

فيما ذكر في المدارك ـ تبعاً لما في المسالك ـ بقوله : « وربما قيل : إن الحكم مخصوص بالمجاور بغير نية الإقامة ، أما لو كان بنيتها انتقل فرضه من أول سنة. وإطلاق النص يدفعه ». ومثله ما ذكره في الجواهر.

وبالجملة : الظاهر من النصوص المذكورة أنها في مقام إلحاق المجاور بعد السنتين بأهل مكة ، لا في مقام إلحاق المجاور قبل السنتين بالنائي ، ولا في مقام الالحاقين معاً. فلاحظ.

[١] قد عرفت أنه صريح المدارك والجواهر. ونسبه ـ في الأول ـ إلى إطلاق النص ، وكلام الأصحاب.

[٢] حكاه في الجواهر عن بعض الحواشي. وفي المسالك : أنه باطل مخالف للنص والإجماع ..

[٣] قال في المسالك : « وهل ينتقل ، فيلحقه حكم الاستطاعة من البلد كذلك؟ وجهان ، أقربهما ذلك. خصوصاً مع كون الإقامة بنية الدوام .. ( إلى أن قال ) : نعم لو قيل : إن الاستطاعة تنتقل ـ مع نية الدوام من ابتداء الإقامة ـ أمكن ، لفقد النص النافي هنا. لكن يبعد حينئذ فرض انتقال الفرض بعد مضي سنتين مع عدم الاستطاعة ، فإن استطاعة مكة سهلة سريعة غالباً لا تتوقف على زمان طويل .. ».

١٧٥

يظهر من صاحب الجواهر ، من اعتبار استطاعة للنائي في وجوبه. لعموم أدلتها. وأن الانقلاب إنما أوجب تغيير نوع الحج ، وأما الشرط فعلى ما عليه ، فيعتبر بالنسبة إلى التمتع [١].

______________________________________________________

[١] في الجواهر ـ بعد أن حكى عن بعضهم : أنه لا يشترط ـ في وجوب الحج عليه ـ الاستطاعة المشروطة له ولو إلى الرجوع إلى بلده ، بل يكفي فيه استطاعة أهل مكة. لإطلاق الآية ، وكثير من الأخبار. إلى آخر ما حكاه ـ قال : « إلا أن الجميع كما ترى مع عدم قصد التوطن ضرورة انسباق إرادة نوع الحج خاصة من الجميع ، فيبقى عموم أدلة استطاعة النائي بحاله .. ».

أقول : النزاع المذكور لا يتضح له وجه محصل ، لأن الفرق بين الاستطاعة من البلد والاستطاعة من مكة ـ أو الموضع القريب ـ من وجهين أحدهما : من حيث الابتداء. وقد تقدم أنه لا يعتبر في الاستطاعة أن تكون من البلد ، فلو سافر اختياراً أو قهراً إلى الميقات ، فاستطاع هناك استطاعة شرعية منه الى مكة ثمَّ الى الرجوع الى بلده وجب عليه الحج الإسلامي ، وإن لم تكن له استطاعة من البلد ، إما لفقد المال أو لغيره. وكذا لا تكفي في وجوب حج الإسلام إذا كان مستطيعاً من البلد غير مستطيع من مكانه ، وثانيهما : من حيث الانتهاء. وقد تقدم أيضاً أنه إذا كان منصرفاً عن الرجوع الى بلده لا يعتبر في وجوب حج الإسلام الاستطاعة إليه ، بل تكفي الاستطاعة إلى الموضع الذي يقصد الإقامة فيه بعد رجوعه من الحج ولو كان قريباً إلى مكة ، وأنه لا تكفي الاستطاعة إلى البلد إذا كان رجوعه الى بلده ضرراً عليه أو حرجاً ، بل لا بد من الاستطاعة الى ذلك المكان.

١٧٦

هذا ولو حصلت الاستطاعة بعد الإقامة في مكة لكن قبل مضي السنتين ، فالظاهر أنه كما لو حصلت في بلده ، فيجب عليه التمتع ولو بقيت إلى السنة الثالثة أو أزيد. فالمدار على حصولها بعد الانقلاب [١].

وأما المكي إذا خرج الى سائر الأمصار مقيماً بها ، فلا يلحقه حكمها في تعيين التمتع عليه [٢]. لعدم الدليل ، وبطلان القياس. إلا إذا كانت الإقامة فيها بقصد التوطن ، وحصلت الاستطاعة بعده ، فإنه يتعين عليه التمتع بمقتضى القاعدة ولو في السنة الأولى [٣]. وأما إذا كانت بقصد المجاورة ، أو كانت الاستطاعة حاصلة في مكة فلا [٤]. نعم الظاهر دخوله حينئذ في المسألة السابقة ، فعلى القول بالتخيير فيها ـ كما عن‌

______________________________________________________

وبالجملة : لا تعتبر الاستطاعة من البلد ، ولا الاستطاعة إلى البلد ، بل تكفي الاستطاعة إلى الحج وما يتعلق به مما لا بد منه ، سواء أكان مستطيعاً من البلد وإليه أم لم يكن.

[١] ينبغي أن يكون الكلام هو الكلام فيما كانت الاستطاعة قبل الإقامة لكن في ظهور الإجماع على عدم انتقال الفرض تأملاً.

[٢] كما نص على ذلك في المدارك والجواهر وغيرهما ، معللاً بما ذكر في المتن.

[٣] لصدق النائي ، فيشمله عموم الحكم. وفي الجواهر : « كما هو واضح ».

[٤] أما في الصورة الأولى فلصدق كونه من حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ.

١٧٧

المشهور ـ يتخير ، وعلى قول ابن أبي عقيل يتعين عليه وظيفة المكي [١].

( مسألة ٤ ) : المقيم في مكة إذا وجب عليه التمتع ـ كما إذا كانت استطاعته في بلده ، أو استطاع في مكة قبل انقلاب فرضه ـ فالواجب عليه الخروج الى الميقات لإحرام عمرة التمتع [٢]. واختلفوا في تعيين ميقاته على أقوال : أحدها : أنه مهلّ أرضه [٣]. ذهب إليه جماعة [٤] ، بل ربما يسند الى المشهور ـ كما في الحدائق ـ لخبر سماعة عن أبي الحسن (ع) : « سألته عن المجاور ، أله أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال (ع) : نعم ، يخرج إلى مهل أرضه ، فليلب إن شاء » (١). المعتضد بجملة من الأخبار الواردة في الجاهل والناسي الدالة على ذلك (٢) ، بدعوى : عدم خصوصية للجهل

______________________________________________________

وأما في الثانية فلما سبق في نظيره في أول هذه المسألة. وقد عرفت دعوى ظهور الإجماع على كون العبرة بحال الاستطاعة.

[١] هذا ينبغي أن يختص بالصورة الأولى. أما في الثانية فدخوله في تلك المسألة محل نظر ، لاختصاصها بأهل مكة ، فلا تشمل المقام.

[٢] بلا إشكال :

[٣] بضم الميم : اسم مكان الإهلال ، على وزن اسم المفعول.

[٤] حكي عن الشيخ ، وأبي الصلاح ، وابن سعيد ، والمحقق في النافع ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب أقسام الحج حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١٤ من أبواب المواقيت.

١٧٨

والنسيان ، وأن ذلك لكونه مقتضى حكم التمتع [١]. وبالأخبار الواردة في توقيت المواقيت وتخصيص كل قطر بواحد منها أو من مرّ عليها‌ (١) ، بعد دعوى : أن الرجوع الى الميقات غير المرور عليه [٢].

ثانيها : أنه أحد المواقيت المخصوصة مخيراً بينها. واليه ذهب جماعة أخرى [٣]. لجملة أخرى من الأخبار [٤]

______________________________________________________

والعلامة في جملة من كتبه.

[١] هذا وما بعده ذكرهما في الحدائق ، وجعلهما مما يمكن الاستدلال به على هذا القول. والاشكال عليهما ظاهر.

[٢] فلا يتوهم أنه إذا رجع إلى ميقات غير ميقاته فقد عبر عليه ، ويجوز له الإحرام منه ، كما استدل به في الحدائق للقول الثاني. وهو متين. وسيأتي من المصنف (ره) الموافقة له.

[٣] منهم الشهيد في الدروس ، والشهيد الثاني في المسالك والروضة. ولعل منهم كل من أطلق الإحرام من الميقات ، كالمحقق في الشرائع وغيره.

[٤] منها مرسل حريز ، عمن أخبره ، عن أبي جعفر (ع) : « قال : من دخل مكة بحجة عن غيره ثمَّ أقام سنة فهو مكي. وإن أراد أن يحج عن نفسه ، أو أراد أن يعتمر ـ بعد ما انصرف من عرفة ـ فليس له أن يحرم من مكة ، ولكن يخرج الى الوقت. وكلما حول رجع الى الوقت » (٢) ، وموثق سماعة عن أبي عبد الله (ع) الآتي : أنه قال : « من حج معتمراً في شوال وفي نيته أن يعتمر ويرجع الى بلاده فلا بأس بذلك. وإن هو أقام إلى الحج فهو‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب المواقيت.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب أقسام الحج حديث : ٩.

١٧٩

مؤيدة بأخبار المواقيت ، بدعوى : عدم استفادة خصوصية كل بقطر معين [١].

ثالثها : أنه أدنى الحل. نقل عن الحلبي ، وتبعه بعض متأخري المتأخرين [٢]. لجملة ثالثة من الأخبار [٣].

______________________________________________________

يتمتع ، لأن أشهر الحج : شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، فمن اعتمر فيهن وأقام إلى الحج فهي متعة ، ومن رجع الى بلاده ولم يقم الى الحج فهي عمرة. وإذا اعتمر في شهر رمضان أو قبله وأقام إلى الحج فليس بمتمتع وإنما هو مجاور أفرد العمرة. فإن هو أحب أن يتمتع ـ في أشهر الحج ـ بالعمرة إلى الحج فليخرج منها حتى يتجاوز ذات عرق أو يتجاوز عسفان فيدخل متمتعاً بالعمرة إلى الحج. فان هو أحب أن يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فليلب منها » (١) ، وخبر إسحاق بن عبد الله : « سألت أبا الحسن (ع) عن المقيم بمكة ، يجرد الحج أو يتمتع مرة أخرى؟ قال (ع) : يتمتع أحب إلي ، وليكن إحرامه من مسيرة ليلة أو ليلتين » (٢).

[١] هذه الدعوة في محلها. لكن لا على نحو تشمل المقام ، بل تختص الأخبار المذكورة بالنائي العابر على الميقات إلى مكة.

[٢] وفي المدارك : أنه يحتمل قوياً ، وعن الكفاية : أنه استحسنه ، وعن الأردبيلي : أنه استظهره.

[٣] منها : صحيح الحلبي قال : « سألت أبا عبد الله (ع) : لأهل مكة أن يتمتعوا؟ قال (ع) : لا ، ليس لأهل مكة أن يتمتعوا. قلت : والقاطنون بها؟

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب أقسام الحج حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب أقسام الحج حديث : ٢٠.

١٨٠