لطائف الإشارات - ج ٣

زين الدين أبي القاسم عبدالكريم ابن هوازن بن عبدالملك ابن طلحة بن محمد النيسابوري القشيري

لطائف الإشارات - ج ٣

المؤلف:

زين الدين أبي القاسم عبدالكريم ابن هوازن بن عبدالملك ابن طلحة بن محمد النيسابوري القشيري


المحقق: الدكتور إبراهيم بسيوني
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٣
الصفحات: ٧٩٤

ويقال : «السّجين» جبّ في جهنم. وقيل : صخرة في الأرض السفلى ، وفي اللغة السّجين : فعيل من السجن.

«وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ». استفهام على جهة التهويل

«كِتابٌ مَرْقُومٌ». أي مكتوب ؛ كتب اللّه فيه ما هم عاملون ، وما هم إليه صائرون. وإنما المكتوب على بني آدم في الخير والشر ، والشقاوة والسعادة فهو على ما تعلّق به علمه وإرادته ، وإنما أخبر على الوجه الذي علم أن يكون أو لا يكون ، وكما علم أنه يكون أو لا يكون أراد أن يكون أو لا يكون. ثم إنه سبحانه لم يطلع أحدا على أسرار خلقه إلّا من شاء من المقربين بالقدر الذي أراده ؛ فإنه يجرى عليهم في دائم أوقاتهم ما سبق لهم به التقدير.

ثم قال : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢))

ويل للذين لا يصدّقون بيوم الدين ، وما يكذّب به إلا كل مجاوز للحدّ الذي وضع له ؛ إذا يتلى عليه القرآن كفر به.

(كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)

أي : غطّى على قلوبهم ما كانوا يكسبون من المعاصي .. وكما أنهم ـ اليوم ـ ممنوعون عن معرفته فهم غدا ممنوعون عن رؤيته. ودليل الخطاب يوجب أن يكون المؤمنون يرونه غدا كما يعرفونه اليوم.

قوله جل ذكره : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ)

عليين أعلى الأمكنة ، تحمل إليه أرواح الأبرار تشريفا لهم وإجلالا.

٧٠١

ويقال : إنها سدرة المنتهى. ويقال : فوق السماء السابعة. كتاب مرقوم فيه أعمالهم مكتوبة يشهده المقربون (١) من الملائكة.

(إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ)

اليوم وغدا : اليوم في روح العرفان ، وراحة الطاعة والإحسان ، ونعمة الرضا وأنس القربة وبسط الوصلة. وغدا ـ فى الجنة وما وعدوا به من فنون الزلفة والقربة.

قوله تعالى : (عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ)

أثبت النظر ولم يبيّن المنظور إليه لاختلافهم في أحوالهم ؛ فمنهم من ينظر إلى قصوره. ومنهم من ينظر إلى حوره ، ومنهم ومنهم .. ومنهم الخواصّ فهم على دوام الأوقات إلى الله ـ سبحانه ـ ينظرون.

قوله جل ذكره : (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ)

من نظر إليهم علم أنّ أثر نظره إلى مولاه ما يلوح على وجهه من النعيم ؛ فأحوال المحبّ شهود عليه أبدا. فإن كان الوقت وقت وصال فاختياله ودلاله ، وسروره وحبوره ، ونشاطه وانبساطه. وإن كان الوقت وقت غيبة وفراق فالشهود عليه نحوله وذبوله ، وحنينه وأنينه ، ودموعه وهجوعه .. وفي معناه قلت (٢).

يا من تغيّر صورتى لمّا بدا

 ـ لجميع ما ظنوا بنا ـ تحقيق

__________________

(١) هكذا في ص وفي م (يشهد) بدون ضمير غائب ، وحسب النسخة الأولى تكون عودة الضمير على الكتاب المرقوم ، وحسب النسخة الثانية يكون الكلام مستمرا خصوصا ولم يبدأ كالعادة بعلامة نشعر ببدء الآية مثل : قوله تعالى أو قوله جل ذكره .. أي : يشهد المقربون أن الأبرار لفى نعيم ، ويتقوّى الرأى الأول بما قاله القشيري منذ قليل : إن الله يطلع بعض المقربين على أسرار خلقه بالقدر الذي يريده سبحانه ، كذلك فإن السياق ـ على الفهم الثاني ـ يقتضى فتح همزة (إن الأبرار ...) ولكنها مكسورة مما يدل على أن الكلام مستأنف ـ اللهم إلا إذا كانت يشهد بمعنى يقسم ـ فالشهادة ترد بمعنى القسم ـ كما مرّ من قبل ... وهمزة إن تكسر بعد القسم.

(٢) نسعد كثيرا جدا بهذا الشعر الذي صاغه القشيري ، فهو شاعر مقلّ ، ولكنه ـ كما هو واضح ـ رقيق دقيق.

وربما كان معنى النص الأول على هذا الترتيب : يا من تغيّر صورتى ـ لمّا بدا ـ تحقيق لجميع ما ظنوا بنا ؛ أي أن ما ظهر على أسرّتى من أشياء حاولت كتمانها قد حقّق ظنون الواشين والعاذلين .. فلا فائدة .. فالصبّ تفضحه عيونه! ونحسب أن ما قبل النص ، وما يقصده النص الثاني يؤيدان تذوقنا على هذا النحو.

٧٠٢

وقلت :

ولمّا أتى الواشين أنّى زرتها

جحدت حذارا أن تشيع السرائر

فقالوا : نرى في وجهك اليوم نضرة

كست محيّاك (١) .. وهاذاك ظاهر!

وبردك لا ذاك الذي كان قبله

به طيب نشر لم تشعه المجامر

فما كان منّى من بيان أقيمه

وهيهات أن يخفى مريب مساتر!

قوله جل ذكره : (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (٢٦))

(مَخْتُومٍ) أي رحيق لا غشّ فيه.

ويقال : عتيق طيّب.

ويقال : إنهم يشربون شرابا آخره مسك.

ويقال : بل هو مختوم قبل حضورهم.

ويقال : (خِتامُهُ مِسْكٌ). ممنوع من كلّ أحد ، معدّ مدّخر لكلّ أحد باسمه.

(وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ). وتنافسهم فيه بالمبادرة إلى الأعمال الصالحة ، والسباق إلى القرب ، وتعليق القلب بالله ، والانسلاخ عن الأخلاق الدّنيّة ، وجولان الهمم فى الملكوت (٢) ، واستدامة المناجاة.

قوله جل ذكره : (وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ)

تسنيم أي : عين تسنّم عليهم من علوّ.

وقيل : ميزاب ينصبّ عليهم من فوقهم.

ويقال : سمّى تسنيما ؛ لأن ماءه يجرى في الهواء متسنّما فينصبّ في أوانى أهل الجنة ؛

__________________

(١) كذا بالأصل ولعلّها (بدت في محياك) كى يستقيم الوزن.

(٢) هكذا في ص وهي أصح مما في م (المكتوب) فهى مشتبهة على الناسخ.

٧٠٣

فمنهم من يسقى مزجا ، ومنهم من يسقى صرفا .. الأولياء يسقون مزجا ، والخواص يسقون صرفا (١).

قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠))

كانوا يضحكون استهزاء بهم .. فاليوم .. الذين آمنوا من الكفار يضحكون!

(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ)

هل ... استفهام يراد منه التقرير.

ويقال : إذا رأوا أهل النار في النار يعذّبون لا تأخذهم بهم رأفة ، ولا ترقّ لهم قلوبهم ، بل يضحكون ويستهزئون ويعيّرونهم.

__________________

(١) نفهم من هذا أن الخواص أعلى درجة من الأولياء.

٧٠٤

سورة الانشقاق

قوله جل ذكره : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (١)

(بِسْمِ اللهِ) : اسم جليل جلاله لا بالأشكال ، وجماله لا على احتذاء أمثال ، وأفعاله لا بأغراض وأعلال ، وقدرته لا باجتلاب ولا احتيال ، وعلمه لا بضرورة ولا استدلال ، فهو الذي لم يزل ولا يزال ، ولا يجوز عليه فناء ولا زوال.

قوله جل ذكره : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (١))

(انْشَقَّتْ) : انصدعت.

(وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ)

أي قابلت أمر ربّها بالسمع والطاعة .. وحقّ لها أن تفعل ذلك.

(وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ)

بسطت باندكاك آكامها وجبالها حتى صارت ملساء ، وألقت ما فيها من الموتى والكنوز وتخلّت عنها .. وقابلت أمر ربها بالسمع والطاعة.

وجواب هذه الأشياء في قوله : (فَمُلاقِيهِ) أي يلقى الإنسان ما يستحقه على أعماله. (٢)

قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ).

__________________

(١) نعيد إلى الذاكرة ما قلناه من قبل من حدوث افتراق بين النسختين بين تفسير بسملتى «المطففين» و «الانشقاق».

(٢) يرى الكسائي ـ ويوافقه أبو جعفر النحاس وغيره ـ أن جواب القسم هو : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ...) أي : إذا انشقت السماء فمن أوتى كتابه بيمينه فحكمه كذا ..

٧٠٥

(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) : يا أيها المكلّف .. إنّك ساع بما لك سعيا ستلقى جزاءه ؛ بالخير خيرا وبالشّرّ شرّا.

(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ)

وهو المؤمن المحسن.

(فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً)

أي حسابا لا مشقّة فيه. ويقال : (حِساباً يَسِيراً) أي يسمعه كلامه ـ سبحانه ـ بلا واسطة ، فيخفّف سماع خطابه ما في الحساب من عناء.

ويقال : (حِساباً يَسِيراً) : لا يذكّره ذنوبه. ويقال : يقول : ألم أفعل كذا؟ وألم أفعل كذا؟ يعدّ عليه إحسانه .. ولا يقول : ألم تفعل كذا؟ لا يذكّره عصيانه.

(وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً)

أي بالنجاة والدرجات ، وما وجد من المناجاة ، وقبول الطاعات ، وغفران الزّلّات.

ويقال : بأن يشفّعه فيمن يتعلّق به قلبه. ويقال : بألا يفضحه.

ويقال : بأن يلقى ربّه ويكلّمه قبل أن يدخله الجنة فيلقى حظيّته من الحور العين.

قوله جل ذكره : (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ)

وهو الكافر.

(فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً) ..

أي ويلا.

(وَيَصْلى سَعِيراً)

جهنم.

(إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً)

٧٠٦

من البطر (١) والمدح.

(إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ)

أنه لن يرجع إلينا ، ولن يبعث.

قوله جل ذكره : (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ)

بالحمرة التي تعقب غروب الشمس.

(وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ)

وما جمع وضمّ.

(وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ)

تمّ واستوى واجتمع.

ويقال : الشّفق حين غربت شمس وصالهم ، وأذيقوا الفراق في بعض أحوالهم ، وذلك زمان قبض بعد بسط ، وأوان فرق عقيب جمع (٢). (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) : ليالى غيبتهم وهم بوصف الاستياق ؛ أو ليالى وصالهم وهم في روح التلاقي ، أو ليالى طلبهم وهم بنعت القلق والاحتراق.

(وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) : إذا ظهر سلطان العرفان على القلوب فلا بخس ولا نقصان.

قوله جل ذكره : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩))

أي حالا بعد حال. وقيل : من أطباق السماء. ويقال : شدّة بعد شدّة.

ويقال : تارات الإنسان طفلا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا.

ويقال : طالبا ثم واصلا ثم متّصلا.

ويقال : حالا بعد حال ، من الفقر والغنى ، والصحة والسّقم.

ويقال : حالا بعد حال في الآخرة.

__________________

(١) هكذا في ص وهي في م (النظر) والسياق يقتضى (البطر) فهو من أشد آفات الطريق خطرا ـ كما نعرف من مذهب القشيري.

(٢) فى م (وأوان فراق بعد جمع) والاصطلاحان الصوفيان الملائمان هما (الفرق والجمع).

٧٠٧

قوله جل ذكره : (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)

أي فما لكفّار أمّتك لا يصدّقون .. وقد ظهرت البراهين؟

(وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ)

يوعون أي تنطوى عليه قلوبهم ـ من أوعيت المتاع في الظّرف أي جعلته فيه.

(فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)

(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فإنهم ليسوا منهم ، ولهم أجر غير مقطوع.

٧٠٨

سورة البروج

قوله جل ذكره : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).

(بِسْمِ اللهِ) : اسم من لا عقل يكتنهه (١) ، اسم من لا مثل يشبهه ، اسم من لا فهم (٢) يرتقى إليه بالتصوير ، اسم من لا علم ينتهى إليه بالتقدير (٣) ، اسم من لم يره بصر إلّا واحد ـ وهو أيضا مختلف فيه (٤) ، اسم من لا يجسر أحد أن يتكلّم بغير ما إذن فيه ، اسم من لا قطر يحويه ، ولا سرّ يخفيه ، ولا أحد يصل إلى معرفته إلّا من يرتضيه.

قوله جل ذكره : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١))

أراد البروج الاثني عشر (٥).

(وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ)

يوم القيامة.

وجواب القسم قوله : (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ).

قوله جل ذكره : (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)

يقال : الشاهد الله ، والمشهود الخلق.

__________________

(١) أي يدرك كنهه.

(٢) هكذا في النسختين ، ومع ذلك فإننا نرجح أنها ربما كانت في الأصل (من لا وهم ...) فمن أقوال ذى النون : (كل ما تصور في وهمك فالله بخلاف ذلك) الرسالة ص ٤.

(٣) نعرف في الاصطلاح أن (التقدير) لله و (التدبير) للإنسان ، ولكن (التقدير) مستعمل هنا خاصا بالإنسان ؛ أي أن أحدا لا يستطيع أن (يقدر) الله حق قدره.

(٤) يشير بذلك إلى اختلاف الآراء حول رؤية النبي (ص) ربه ليلة المعراج رؤية بصرية (الرسالة ص ١٧٥).

(٥) وهي التي تسير الشمس في كل منها شهرا ، وهى : الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدى والدلو والحوت.

٧٠٩

ويقال : الشاهد الخلق ، والمشهود الله ؛ يشهدونه اليوم بقلوبهم ، وغدا بأبصارهم.

ويقال : الشاهد محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والمشهود القيامة ، قال تعالى : (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (١) ، وقال في القيامة : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) (٢).

وقيل : الشاهد يوم الجمعة (٣) ، والمشهود يوم عرفة.

ويقال : الشاهد الملك الذي يكتب العمل ، والشاهد الإنسان يشهد على نفسه ، وأعضاؤه تشهد عليه ؛ فهو شاهد وهو مشهود.

ويقال : الشاهد يوم القيامة ، والمشهود الناس.

ويقال : المشهود هم الأمة لأنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم يشهد لهم وعليهم.

ويقال : الشاهد هذه الأمة ، والمشهود سائر الأمم.

ويقال : الشاهد الحجر الأسود لأنّ فيه كتاب العهد.

ويقال : الشاهد جميع الخلق ؛ يشهدون لله بالوحدانية ، والمشهود الله.

ويقال : الشاهد الله ؛ شهد لنفسه بالوحدانية ، والمشهود هو لأنه شهد لنفسه.

قوله جل ذكره : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ)

أي لعنوا. والأخدود : الحفرة في الأرض إذا كانت مستطيلة ، وقصتهم في التفسير معلومة (٤) و (الْوَقُودِ) الحطب.

وهم أقوام كتموا إيمانهم فلمّا علم ملكهم بذلك أضرم عليهم نارا عظيمة ، وألقاهم فيها.

__________________

(١) آية ٤١ سورة النساء.

(٢) آية ١٠٣ سورة هود.

(٣) خرّج ابن ماجة وغيره رواية عن أبى الدرداء قوله : قال رسول الله (ص) : «أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة».

(٤) قيل هم من السجستان ، وقيل من نجران ، وقيل من القسطنطينية ، وقيل : هم من المجوس. وقيل من اليهود ، وقيل من النصارى.

٧١٠

وآخر من دخلها امرأة كان معها رضيع ، وهمّت أن ترجع ، فقال لها الولد : قفى واصبري .. فأنت على الحقّ.

وألقوها في النار ، واقتحمتها ، وبينما كان أصحاب الملك قعودا حوله يشهدون ما يحدث ارتفعت النار من الأخدود وأحرقتهم جميعا ، ونجا من كان في النار من المؤمنين وسلموا.

قوله جل ذكره : (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩))

ما غضبوا منهم إلّا لإيمانهم.

قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ)

أي أحرقوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا عن كفرهم (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ) : نوع من العذاب ، (وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) : نوع آخر (١).

قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)

(ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) النجاة العظيمة.

(إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ)

البطش الأخذ بالشدة.

(إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ)

يبدئ الخلق ثم يعيدهم بعد البعث.

__________________

(١) قد يكون العذاب الأول بالزمهرير في جهنم ، والثاني بنار الحريق ؛ فكأنهم يعذبون ببردها وحرها والله أعلم.

٧١١

ويقال : يبدئ بالعذاب ثم يعيد ، وبالثواب ثم يعيد.

ويقال : يبدئ على حكم العداوة والشقاوة ثم يعيد عليه ، ويبدئ على الضعف ويعيدهم إلى الضعف.

ويقال : يبدى الأحوال السّنيّة فإذا وقعت حجبة يعيد ثانية.

ويقال : يبدى بالخذلان أمورا قبيحة ثم يتوب عليه ، فإذا نقض توبته فلأنه أعاد له من مقتضى الخذلان ما أجراه في أول حاله.

ويقال : يبدى لطائف تعريفه ثم يعيد لتبقى تلك الأنوار أبدا لائحة ، فلا يزال يبدى ويعيد إلى آخر العمر.

قوله جل ذكره : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤))

(الْغَفُورُ) كثير المغفرة ، (الْوَدُودُ) مبالغة من الوادّ ، ويكون بمعنى المودود ؛ فهو يغفر لهم كثيرا لأنه يودّهم ، ويغفر لهم كثيرا لأنهم يودّونه.

قوله جل ذكره : (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ)

ذو الملك الرفيع ، والمجد الشريف.

(فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ)

لأنه مالك على الإطلاق ؛ فلا حجر عليه ولا حظر.

قوله جل ذكره : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ)

الجموع من الكفار.

(فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ)

وقد تقدم ذكر شأنهما.

(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ)

(الَّذِينَ كَفَرُوا)يعنى مشركى مكة ؛ (فِي تَكْذِيبٍ) للبعث والنشر.

(وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ)

٧١٢

عالم بهم.

(بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ)

(فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) مكتوب فيه. وجاء في التفسير : أنّ اللوح المحفوظ خلق من درّة بيضاء ، دفّتاه من ياقوتة حمراء عرضها بين السماء والأرض ، وأعلاه متعلّق بالعرش ، وأسفله فى حجر ملك كريم.

والقرآن كما هو محفوظ في اللوح كذلك محفوظ في قلوب المؤمنين ، قال تعالى : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) فهو في اللوح مكتوب ، وفي القلوب محفوظ.

٧١٣

سورة الطارق

قوله جل ذكره : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(بِسْمِ اللهِ) : اسم عزيز إذا أراد إعزاز عبد وفّقه لعرفانه ، ثم زيّنه بإحسانه ، ثم استخلصه بامتنانه ؛ فعصمه من عصيانه ، وقام بحسن التولّى ـ فى جميع أحواله ـ بشانه ، ثم قبضه على إيمانه ، ثم بوّأه في جنانه ، وأكرمه برضوانه ، ثم أكمل عليه نعمته برؤيته وعيانه.

قوله جل ذكره : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١))

أقسم بالسماء ، وبالنجم الذي يطرق ليلا.

(وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ)

استفهام يراد منه تفخيم شأن هذا النجم.

(النَّجْمُ الثَّاقِبُ)

المضيء العالي. وقيل : الذي ترمى به الشياطين.

ويقال : هى (١) نجوم المعرفة التي تدل على التوحيد يستضىء بنورها ويهتدى بها أولو البصائر.

(إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ)

ما من نفس إلا عليها حافظ من الملائكة ، يحفظ عليه عمله ورزقه وأجله ، ويحمله على دوام التيقّظ وجميل التحفّظ.

قوله جل ذكره : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ

__________________

(١) هكذا في م وهي في ص (هو نجم المعرفة ... إلخ).

٧١٤

مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ)

يخرج من صلب الأب ، وتريبة الأم.

وهو بذلك يحثّه على النّظر والاستدلال حتى يعرف كمال قدرته وعلمه وإرادته ـ سبحانه.

(إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ)

إنه على بعثه ، وخلقه مرة أخرى لقادر ؛ لأنه قادر على الكمال ـ والقدرة على الشيء تقتضى القدرة على مثله ، والإعادة في معنى الابتداء.

(يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ)

يوم تمتحن الضمائر.

(فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ)

أي ما لهذا الإنسان ـ يومئذ ـ من معين يدفع عنه حكم الله.

(وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ)

أي المطر.

(وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ)

(الصَّدْعِ) : الانشقاق بالنبات للزرع والشجر.

(إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ)

أي : إن القرآن لقول جزم.

(وَما هُوَ بِالْهَزْلِ)

الهزل ضد الجدّ ، فليس القرآن بباطل ولا لعب.

قوله جل ذكره : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً)

٧١٥

أي يحتالون حيلة.

(وَأَكِيدُ كَيْداً)

هم يحتالون حيلة ، ونحن نحكم فعلا ونبرم خلقا ، ونجازيهم على كيدهم ، بما نعاملهم به من الاستدراج والإمهال.

(فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)

أي أنظرهم ، وأمهلهم قليلا ، وأرودهم رويدا.

٧١٦

سورة الأعلى

قوله جل ذكره : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(بِسْمِ اللهِ) : اسم عزيز من قصده وجده ، ومن استسعفه حمده. من طلبه عرفه ، ومن عرفه لاطفه ، فإذا وجد لطفه ألفه ، وإذا ألفه أنف أن يخالفه.

قوله جل ذكره : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١))

أي سبّح ربّك بمعرفة أسمائه ، واسبح بسرّك في بحار علائه ، واستخرج من جواهر علوّه وسنائه ما ترصّع به عقد مدحه وثنائه.

(الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى)

خلق كلّ ذى روح فسوّى أجزاءه ، وركّب أعضاءه على ما خصّه به من النظم العجيب والتركيب البديع.

(وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى)

أي قدّر ما خلقه ، فجعله على مقدار ما أراده ، وهدى كلّ حيوان إلى ما فيه رشده من المنافع ، فيأخذ ما يصلحه ويترك ما يضره ـ بحكم الإلهام.

ويقال : هدى قلوب الغافلين إلى طلب الدنيا فعمروها ، وهدى قلوب العابدين إلى طلب العقبى فآثروها. وهدى قلوب الزاهدين إلى فناء الدنيا فرفضوها ، وهدى قلوب العلماء إلى النظر في آياته والاستدلال بمصنوعاته فعرفوا تلك الآيات ولازموها.

(وهدى قلوب المريدين إلى عزّ وصفه فآثروه ، واستفرغوا جهدهم فطلبوه) (١) ، وهدى

__________________

(١) ما بين القوسين موجود في ص وغير موجود في م.

٧١٧

العارفين إلى قدس نعته فراقبوه ثم شاهدوه ، وهدى الموحّدين إلى علاء سلطانه في توحد كبريائه فتركوا ما سواه وهجروه ، وخرجوا عن كلّ مألوف لهم ومعهود (١) حتى قصدوه. فلمّا ارتقوا عن حدّ البرهان ثم عن حدّ البيان ثم عمّا كالعيان علموا أنّه عزيز ، وأنّه وراء كلّ فصل ووصل ، فرجعوا إلى موطن العجز فتوسّدوه.

(وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى)

أي النبات.

(فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى)

جعله هشيما كالغثاء ، وهو الذي يقذفه السيل. و (أَحْوى) أسود.

(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (٢)

سنجمع القرآن في قلبك ـ يا محمد ـ حفظا حتى لا تنسى لأنا نحفظه عليك.

(إِلَّا ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى)

مما لا يدخل تحت التكليف فتنساه قبل التبليغ ولم يجب عليه أداؤه.

وهو ـ سبحانه ـ يعلم السّرّ والعلن.

قوله جل ذكره : (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى)

والذّكرى تنفع لا محالة (٣) ، ولكن لمن وفّقه الله للاتعاظ بها ، أمّا من كان المعلوم من حاله الكفر والإعراض فهو كما قيل :

__________________

(١) هكذا في م وهي في ص (معبود) وقد رجحنا (معهود) لتلاؤمها مع (مألوف). ولكن إذا تذكرنا أن الصوفية يرون الانسياق وراء الهوى نوعا من الشرك الخفي ـ قال تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) ـ فيمكن في ضوء ذلك قبول (معبود) أيضا.

(٢) يرى الجنيد أن المعنى «فلا تنسى العمل به» ، وهذا من الآراء الحسنة التي يتمشى معها رأى القشيري فى (إِلَّا ما شاءَ اللهُ).

(٣) ولهذا تفسر (إن) فى الآية على معنى (ما) : أي فذكر ما نفعت الذكرى ، ولا يكون لها حينئذ معنى الشرط ، وتفسر على معنى (إذ) مثل : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ، وعلى معنى (قد).

٧١٨

وما انتفاع أخى الدنيا بمقلته

إذا استوت عنده الأنوار والظّلم

(سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠))

الذي يخشى الله ويخشى عقوبته.

(وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى)

أي يتجنّب الذّكر الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ، ثم لا يموت فيها موتا يريحه ، ولا يحيا حياة تلذّ له.

قوله جل ذكره : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى)

من تطهّر من الذنوب والعيوب ، ومشاهدة الخلق وأدّى الزكاة ـ وجد النجاة ، والظّفر بالبغية ، والفوز بالطّلبة.

(وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)

ذكر اسم ربّه في صلاته. ويقال : ذكره بالوحدانية وصلّى له.

(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا)

تميلون إليها ؛ فتقدّمون حظوظكم منها على حقوق الله تعالى.

(وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى)

والآخرة للمؤمنين خير وأبقى ـ من الدنيا ـ لطلّابها.] (١)

قوله جل ذكره : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى)

إن هذا الوعظ لفى الصحف المتقدمة ، وكذلك في صحف إبراهيم وموسى وغيرهما ؛ لأنّ التوحيد ، والوعد والوعيد .. لا تختلف باختلاف الشرائع.

__________________

(١) ما بين القوسين موجود في م وغير موجود في ص.

٧١٩

سورة الغاشية

قوله جل ذكره : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).

(بِسْمِ اللَّهِ) : كلمة من سمعها وفي قلبه عرفانه تلألأت أنوار قلبه ، وتفرّقت أنواع كربه ، وتضاعفت في جماله طوارق حبّه ، وتحيّرت في جلاله شوارق لبّه.

كلمة من عرفها ـ وفي قلبه إيمانه ـ أحبّها من داخل الفؤاد ، وهجر ـ في طلبها ـ الرّقاد ، وترك ـ لأجلها ـ كلّ همّ ومراد.

قوله جل ذكره : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (١))

(الْغاشِيَةِ) المجلّلة ، يريد بها القيامة تغشى الخلق ، تغشى وجوه الكفّار.

(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً)

وجوه ـ إذا جاءت القيامة ـ خاشعة أي ذليلة. عاملة ناصبة : النّصب التعب.

جاء في التفسير : أنهم يجرّون على وجوههم.

(تَصْلى ناراً حامِيَةً) تلزم نارا شديدة الحرّ.

ويقال : (عامِلَةٌ) فى الدنيا بالمعاصي ، (ناصِبَةٌ) فى الآخرة بالعذاب.

ويقال : (ناصِبَةٌ) فى الدنيا (عامِلَةٌ) لكن من غير إخلاص كعمل الرهبان (١) ، وفي معناه عمل أهل النفاق.

__________________

(١) روى الضحاك عن ابن عباس قوله : «هم الذين أنصبوا أنفسهم في الدنيا على معصية الله عزوجل ، وعلى الكفر ، مثل عبدة الأوثان ، وكفار أهل الكتاب مثل الرهبان وغيرهم ، لا يقبل الله ـ جل ثناؤه ـ منهم إلا ما كان خالصا».

٧٢٠