نفحات القرآن - ج ٢

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

نفحات القرآن - ج ٢

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 964-8139-91-1
ISBN الدورة:
964-8139-75-X

الصفحات: ٣٨٤

القرآن الكريم» فانّها تؤلّف كتاباً مستقلاً (١) ، إلّاأننا إخترنا هذه الآيات الاثنتي عشرة من بينها واوردناها ، ومن المؤمل أن يفتَح هذا البحث ـ أي بحث معرفة الله وآيات وجوده في هذا العالم الكبير ـ الطريق أمامنا ، ويوضح لنا بأنَّ في هذا الخلق العظيم دلائل وافرة للسائرين في طريق الله ، يُمكنهم من خلال التمعن في هذا الكتاب العظيم المليء بالأسرار أَنْ يزدادوا قُرباً منه ، وتُملأ أوعيةُ قلوبهم وأنفسهم من حُبِّهِ أكثر فأكثر ، فيرددون هذا الكلام القرآني باستمرار : (رَبَّنا مَا خَلَقْتَ هذا باطِلاً)!.

توضيحات

١ ـ عَظَمَةُ ووُسَعَةُ السمَوات

لا عِلْمَ لأحدٍ بحدود سعةِ وامتدادِ السماوات ، إنّ الشيء الذي نعلمه هو أنّه كلما ازداد علم وتفكير الإنسان وتطور فإنّ عظمة السماوات سوف تكون في نظره أكبر وسوف يكتشف أبعاداً جديدة عن عظمة السماوات وأسرارها ، وتقول آخر معلومات علماء الفلك بهذا الخصوص :

«إنَّ منظومتنا الشمسية ترتبط بـ «درب التبانة» التي هي في الواقع احدى المجرات ، وقد توصلَ العلماء في بحوثهم إلى أنّها تتألف من مائةِ مليارد نجمة احداها شمسنا هذه والتي تُعتبر أوسطها حجماً (لا تَنْسَى أنّ الشمس أكبر من الأرض بأكثر من مليون مرّة) ، وإذا ضَربنا هذا العدد بمائة تصبح النتيجة مائة مليون مليار ، أي أنّ حجم مجموع كرات هذه المجرة يعادل الكرة الأرضية بهذا المقدار!.

وإذا أضفنا هذا العدد إلى العدد الذي اكتشفه العلماء في هذا العالم وفقاً لبحوثهم ، وهو مليارد مجرّة على الأقل ، يقفُ العقل والعلم البشري متحيراً أمام عظمة الاله الذي خلقَ هذا العالم اللامتناهي ، (تفحصوا الأرقام أعلاه وتفكَّروا في عظمتها).

علماً أنّ هذه الأعداد والأرقام هي ضمن حدود علم واطلاع البشر في الوقت الحاضر،

__________________

(١) في القرآن الكريم ذُكرت «السماء» أكثر من ثلاثمائة مرّة بصيغة مفردة أو جمع (السمَوات).

١٤١

وليس واضحاً ما سيُكتَشَفُ من معالم جديدة في المستقبل».

وهناك شهادةٌ لطيفةٌ جدّاً لمرصد «بالومار» بخصوص عظمة السماوات حيث يقول :

«في الوقت الذى لم تتمّ صناعة عدسة مرصد «بالومار» العملاق لم تكن سعة الدنيا حسب علمنا أكثر من ٥٠٠ سنة ضوئية (والمقصود من السنة الضوئية هو مقدار المسافة التي يقطعها الضوء بسرعةِ ثلاثمائة الف كيلو متر في الثانية خلال سنة واحدة ، وثلاثمائة الف كيلو متر في الثانية تعني الدوران حول الأرض سبع مرات خلال طرفة عين).

ولكن هذه العدسة ضاعفت دنيانا إلى الف مليون سنة ضوئية ، وفي النتيجة تم اكتشاف الملايين من المجراّت الجديدة ، حيث يبعدُ بعضها عنّا مليار سنة ضوئية ، ولكن هناك فضاءً عظيماً مهيباً ومظلماً بحيث لم يُرَ شيء من خلاله أبداً ويبعد الف مليون سنة ضوئية ... إلّاأنّ ممّا لا شك فيه هو وجود مئات الملايين من المجرّات في ذلك الفضاء المهيب المظلم حيثُ تُصانُ الدنيا من خلال جاذبية تلك المجرّات ، ويُعتقد أنّ هذه الدنيا العظيمة التي نراها ليست سوى ذرةٍ صغيرةٍ متناهية من عالمٍ أعظمْ ، ولسنا نقطع بعدم وجود عالمٍ آخر في مكانٍ آخر من الدنيا!» (١).

* * *

٢ ـ الدِّقة العجيبةُ في القوانين التي تحكمُ السماءَ والأرض

من المعروف أنّه كلما تعاظمت الموجودات فلابدّ من أنْ تتضاءل دقة القوانين السائدة فيها ، بينما لا يصدقُ هذا المعنى على هذا العالم الشاسع أبداً ، أي أنّه مع عظمته وسعته العجيبة وإثارته للجدل ، فهو ذو انظمةٍ دقيقةٍ وظريفة ، ومن أجل إدراك هذه الحقيقة يكفينا الالتفات إلى المسائل الآتية :

أ) نحن نعلم أنّ الإنسان قد أفلحَ في نهاية المطاف أنْ يُنزلَ سفينة الفضاء بطاقمٍ يتألف من شخصين في النقطةِ التي حدّدها العلماء في كوكب القمر ، ثم عادا إلى الأرض (تأمل

__________________

(١) مجلة الفضاء ، العدد ٥٦ فروردين ١٣٥١.

١٤٢

جيداً ..) فعلى مدى الأيّام الثلاثة التي قضتها السفينةُ في قطع المسافة بين الأرض والقمر ، كانت الأرض تدور حول نفسها وتغيرُ مكانها في السماء حول الشمس ، وكوكبُ القمر كان يدور حول نفسه وحول الأرض أيضاً ، فكم يجب أن تكون هذه الحركات مُنظمةً ودقيقةً ومحبوكة وثابتة بحيث يستطيع العلماء أن يحسبوا حسابَ هذه الحركات ويقدّروها من خلال العقول الالكترونية حتى تحط سفينةُ الفضاء في المكان الذي حددوه على سطح كوكب القمر ، ومِنْ ثمَّ المكان الذي عيّنوهُ لعودتها إلى كوكب الأرض؟ فإذا اختلفت احدى هذه الحركات وتداخلت فيما بينها ونقصت أو ازدادت مقدار ثانيةٍ واحدةٍ فمن المسَّلم به أنّ حسابات العلماء سترتبك ويكون عملهم غير ناجح.

أجَلْ .. إنّ نظام عالم الوجود الدقيق هو الذي يمنح الإنسان فرصةَ القيام بمثل هذا العمل ، أي الهبوط على سطح كوكب القمر وفي المكان الذي حددهُ.

ب) يستطيع علماء الفلك أن يَحْسُبُوا ويقدّروا أحداث المستقبل التي تتعلق بـ «الخسوف» و «الكسوف» في الكرة الأرضية قبل عشرات السنين ، وعدد ساعات الليل والنهار وشروق وغروب الشمس وبزوغ وافول القمر ، وهذا يعود إلى التنظيم الدقيق لحركاتها ليس إلّا.

ج) كما اشرنا سابقاً أنّ قوة الجاذبية تجذب الأجرام السماوية نحو بعضها ، بيد أنَّ القوةَ الدافعة التي تحصل من حركة الدوران والتي تسمى بالقوة الطاردة تُبعدها عن بعضها.

فإذا اريد أنْ تتحرك الكرة في مدارها ملايين السنين حركةً دقيقة وفي مدارٍ معَّينٍ فيجب أن تتوازن هاتان القوتان تماماً ، وهذا ما نعرفه أيضاً حيث إنَّ الجاذبيةَ تتناسب طردياً مع حجم الموجودات ، وعكسياً مع الجذر التربيعي للمسافة بينها (فلو ازداد الحجم فانَّ الجاذبية تتضاعف ، وإذا تضاعفت المسافات تضعفُ الجاذبيةُ طبقاً للمعادلة أعلاه).

وبناءً على ذلك فمن أجل أن تدور الأرض حول الشمس لمدةٍ طويلةٍ جدّاً في مدارٍ ثابت ، ينبغي أن يكون حجم الشمس والأرض وكذلك المسافة بينهما ، وسرعة حركةِ الأرض حول الشمس وفقَ حسابٍ دقيقٍ ، كي يتمّ التوازن بينهما ، وهذه المسائل ليست ممكنةً دون تَدَخُلٍ من عالم ذو علمٍ غيرِ متناهٍ وعقلٍ مدبرٍ.

١٤٣

٣ ـ السموات السبع

مايلفت النظر هو أنّ الحديث عن (السموات السبع) ورد في سبع آياتٍ من القرآن الكريم (١).

وتمّت الإشارة في احدى هذه الآيات إلى طبقات الأرض السبع أيضاً ، حيث يقول تعالى : (اللهُ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَواتٍ وَمِنَ الارْضِ مِثْلَهُنَّ). (الطلاق / ١٢)

ومن بين جميع التفاسير المختلفة التي ذُكرت عن السموات السبع ، يظهر أنّ التفسير الصحيح هو أنَّ المقصود من «السموات السبع» هو المعنى الحقيقي للسموات السبع ، أي السماء لا تعني الكرات ، بل مجموعة النجوم والكواكب في العالم العلوي ، والمقصود من العدد (سبعة) هو الرقم المعروف ، وليس هو للكثرة.

إنَّه ما يظهر من الآيات الاخرى هو أنّ كل ما نراهُ من نجوم ثابتةٍ ، وسيّارة ، ومجرّات ، وسُحُبٍ يتعلق (بالمجموعة السماوية الاولى) وعليه فهناك ست مجاميع عظيمة اخرى (ست سموات) تلي هذه المجموعة العظيمة ، حيث إنّ بعضها أكبر من البعض الآخر ، وتلك خارجةٌ عن متناول علم الإنسان (لحد الآن على الأقل).

نقرأ في قوله تعالى : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنيا بِزِيْنةٍ الْكَواكِبِ). (الصافات / ٦)

وجاء في قوله تعالى : (وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيْحَ). (فصلت / ١٢)

وورد هذا المعنى أيضاً باختلافٍ طفيفٍ في الآية الخامسة من سورة المُلك.

والجدير بالذكر أنّ المرحوم العلّامة المجلسي قد ذكر هذا الاحتمال كأحد التفاسير لهذه الآية إذ يقول : «الثالث : ما خطر بالبال القاصر ، وهو أن تكون جميع الافلاك الثمانية التي أثبتوها لجميع الكواكب فلكاً واحداً مسمى بالسماء الدنيا» (٢).

__________________

(١) البقرة ، ٢٩ ؛ الاسراء ، ٤٤ ؛ المؤمنون ، ٨٦ ؛ فصلت ، ١٢ ؛ الطلاق ، ١٢ ؛ الملك ، ٣ ؛ نوح ، ١٥ (واشيرَ في آيتين (المؤمنون ، ١٧ ؛ النبأ ، ١٢) إلى (سبع طرائق) وسبعاً شداداً أيضاً حيث يمكن أن يكونا إشارة إلى السموات السبع أيضاً.

(٢) بحار الأنوار ، ج ٥٨ ، ص ٧٨.

١٤٤

صحيحَّ أنَّ معداتنا العلمية الحديثة لم تكشف الحجب عن العوالم الستة الاخرى غير أنّه ليس هنالك من دليل ينفيها من الناحية العلمية أيضاً ، ويحتمل أن يكشف النقاب عن هذا السر في المستقبل.

بل يظهر من اكتشافات بعض علماء الفلك أنّ هناك الآن براهين تلوح في الافق عن وجود عوالم اخرى شبيهة لما نقلناه آنفاً عن مرصد «بالومار» الشهير فيما يتعلق بعظمة العالم ، ونكرر الجملة التي تشهد على كلامنا هذا «تمّ اكتشاف الملايين من المجرّات الجديدة حيث يبعد بعضها عناّ مليارد سنةٍ ضوئية ، لكن هناك فضاءً عظيماً مَهيباً ومظلماً لم يُرَ أيُّ شيء من خلاله أبداً ويبعد مسافة مليار سنة ضوئية ، إلّاأنّ ممّا لا شك فيه وجود مئات الملايين من المجرّات في ذلك الفضاء المهيب المظلم ، حيثُ تصانُ الدنيا من خلال جاذبية تلك المجرّات ، ويُعتقد أنّ هذه الدنيا العظيمة التي نراها ليست سوى ذرّةٍ صغيرةٍ متناهيةٍ من عالمٍ أعظمْ ، ولسنا نقطعُ بعدمِ وجود عالمٍ آخر في مكان آخر من الدنيا» (١).

يقول أحدُ العلماء في مقالٍ كتبهُ حول عظمة عالم الوجود ، بعد ذكر المسافات الهائلة والمذهلة للمجرّات ، وبيان الأرقام المدهشة المحددة طبقاً إلى السنةِ الضوئية ما يأتي :

«لا زال المنجمّون يعتقدون أنّهم لم يقطعوا سوى منتصف طريق ما يُمكنُ رؤيتُهُ من العالم العظيم ، ولا زال عليهم اكتشاف فضاءات أُخَر غير مكتشفة» (٢).

وعليه فإنّ العوالم التي تكشَّفت للبشر لحدّ الآن مع عظمتها ما هي إلّازاوية صغيرة من هذا العالم الكبير ، وتصلح للمطابقة مع مسألة السموات السبع (٣).

٤ ـ لِمَ لا تنظرون إلى السماء؟!

إنَّ كثرة ووفرة آيات الله في عرض السموات ، وجمال السماء في الليل ، دَفَعَ القرآن

__________________

(١) مجلة الفضاء ، العدد ٥٦ فروردين ١٣٥١.

(٢) مجلة (نيوز ويك) السنة ١٩٦٤ (لا ينبغي أن ننسى إنَّ هذه الشهادة تعود إلى ما قبل ٢٤ سنة).

(٣) من أجل المزيد من الايضاح حول التفاسير المختلفة التي ذكرت فيما يخص السموات السبع ، يُراجع التفسير الامثل (ذيل الآية ٢٩ من سورة البقرة).

١٤٥

الكريم والأحاديث إلى دعوة الناس باسرهم وخص المؤمنين منهم إلى التفكُّر في السموات من أجل كسب المزيد من الإيمان ، فيقول القرآن الكريم في الآية ٦ من سورة ق : (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلىَ السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَالَها مِنْ فُرُوْجٍ)؟!.

وقد أمَرت الروايات (المستيقظين في الاسحار) خاصة ، أن ينظروا إلى السماء أولاً حينَ ينهضون (لصلاة الليل) ، وأن يقرأوا الآيات الاخيرة من سورة آل عمران التي تنعكس فيها جميعُ هذه الحقائق بنحوٍ عرفانيٍّ : (إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَواتِ وَالارْضِ ...) ثم يتوجهون نحو العبادة (حيث يمتليء الدعاء بعطر التوحيد ومعرفة الله) (١).

ورُويَ أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حينما كان يستيقظ لصلاة الليل يبتدىء بالمسواك ثم يلقي نظرةً على السماء ، ويردد هذه الآيات (٢).

وورد في صفات أمير المؤمنين عليه‌السلام أيضاً عن أحد أصحابه ويدعى «حبة العرنيّ» حيث قال : «بينا أنا ونوف (أحد أصحاب الإمام علي عليه‌السلام) نائمين في رحبة القصر إذ نحن بأمير المؤمنين عليه‌السلام في بقية من الليل ، واضعاً يديه على الحائط شبيه الواله ، وهو يقول : (انَّ فى خَلْقِ السَّموات وَالارْضِ) إلى آخر الآية ، قال : ثم جعل يقرأ هذه الآيات ويمّر شبه الطائر عقله ، فقال لي : أراقدٌ أنت يا حبّة أم رامق؟ قال : قلت : رامقٌ هذا أنت تعمل هذا العمل فكيف نحن؟ فأرخى عينيه فبكى ، ثم قال لي : يا حبّة ، إنّ لله موقفاً ولنا بين يديه موقف لا يخفى عليه شيء من أعمالنا ، يا حبّة إنّ الله أقرب إليَّ واليك من حبل الوريد ، يا حبّة إنّه لن يحجبني ولا إياك عن الله شيء ....» (٣).

* * *

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٢ ، ص ٥٥٤ الآيات الأخيرة من سورة آل عمران.

(٢) المصدر السابق.

(٣) بحار الأنوار ، ج ٤١ ، ص ٢٢.

١٤٦

٨ ـ آياته في خلق الشمس والقمر والنجوم

تمهيد :

مع أنَّ الشمسَ والقمر تُعدّانِ من كواكب وكرات السَّماء ، وقد تمّ الحديث بشكلٍ منفصلٍ عن عظمة السموات ، ولكن لقربهما من كرتنا الأرضية فانَّ لهما تأثيراتٍ جمَّةٍ على حياتنا ، وقد أشار القرآن الكريم إليهما بشكل خاصٍ ، ووصف كلاً منهما بآية عظيمةٍ من آيات الله ، وإشار إلى الفوائد الخاصة للنجوم إذ اعتبرها من آيات الله ، وأنَّ التفحُص في كلٍ منها لا سيما في ظل اكتشافات العصر من الممكن أن يوضح لنا عظمةَ الباري تعالى من جهةٍ وعظمة تعاليم القرآن الكريم من جهة اخرى.

وبعد التمهيد المختصر نتأمل خاشعين في الآيات الشريفة الآتية :

١ ـ (هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيآءً والْقَمَرَ نُوراً وقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ والْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعْلَمُونَ). (يونس / ٥)

٢ ـ (أَلَمْ تَرَوا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَمَواتٍ طِباقاً* وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيْهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً). (نوح / ١٥ و ١٦)

٣ ـ (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ والْقَمَرَ دَائِبَيْنِ). (ابراهيم / ٣٣)

٤ ـ (وَسَخَّرَ الشَّمسَ والْقَمَرَ كُلٌ يَجْرِىِ لِأَجَلٍ مُّسَمّىً). (فاطر / ١٣)

٥ ـ (ومِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ والنَّهارُ والشَّمسُ والْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلقَمَرِ واسْجُدُوا للهِ الّذِى خَلَقَهُنَّ إنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ). (فُصَلت / ٣٧)

٦ ـ (وَالشَّمْسُ تَجْرِىِ لِمُسْتَقَرٍ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيْرُ الْعَزيْزِ الْعَلِيْم* والْقَمَرَ قَدَّرنَاهُ مَنازِلَ

١٤٧

حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيْمِ* لَاالشَّمْسُ يَنْبَغِى لَهَآ أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ). (يس / ٣٨ ـ ٤٠)

٧ ـ (وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ اللَّيلَ والنَّهَارَ والشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ). (الانبياء / ٣٣)

٨ ـ (فَلَآ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ والْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ). (المعارج / ٤٠)

٩ ـ (كَلَّا وَالْقَمَرِ* واللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ* والصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ* إِنَّهَا لَإِحْدى الكُبَرِ).

(المدّثر / ٣٢ ـ ٣٥)

١٠ ـ (وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِى ظُلُمَاتِ الْبَرِّ والبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَومٍ يَعْلَمُونَ). (الانعام / ٩٧)

* * *

جمع الآيات وتفسيرها

القَسَمُ بالشمس والقمر والنجوم :

بالرغم من أنّ زمان نزول الآيات المتعلقة بالشمس والقمر كان في وقت لا يملك فيه الإنسان إلّاالقليل من المعلومات عن هذين الكوكبين العظيمين ، وتقارن نزول هذه الآيات مع شيوع الخرافات الكثيرة «وبالأخص في مهد نزول هذه الآيات» بالرغم من كل ذلك فإنّ القرآن أشار إلى القمر والشمس والنجوم بعظمة ملفتة للنظر ، وذكر الكثير من خصوصياتها وبشكل عام فإنّ القرآن اعتبرها من آيات الحق الإلهيّة والبراهين على إثبات الذات المقدّسة.

فيقول تعالى في الآية الاولى التي نبحثها : (هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً والقَمَرَ نُورْاً).

يقول بعضُ أربابِ اللغة (ومنهم الطريحي في مجمع البحرين) وعددٌ من المفسرّين : إنَّ الفَرْقَ بين «الضياء» و «النور» هو أنّ «الضياء» يُطلقُ على النور الذي ينبعث من ذات

١٤٨

الشيء ، ويُطلقُ النورُ على الضوء الذي يُكسبُ من الغير ، وعليهِ فانَّ الآية أعلاه إشارةٌ لطيفةٌ إلى هذه المسألةِ حيث إنّ نورَ الشمسِ ينطلقُ منها ، في الوقت الذي يحصلُ نورُ القمرِ عن طريق ضوء الشمس الذي يَشُعُ عليه ، ويتحدث القرآن الكريم بهذا في زمانٍ لم يكن للناس اطلاعٌ عليه.

وممّا لا شك فيه أنّه لا يمكنُ انكارُ أَنَّ كُلاً من هذين المفهومين قد يُستعمل بمعنى اعمَّ من النور «الذاتي» أو «الاكتسابي» ، ومشاهدة حالات استعمال هذين المفهومين في القرآن الكريم وفي كلامِ العربِ يَشْهَد على ذلك ، وقد يكون لهما معنيان مختلفان فيما إذا تزامنا معاً ، كما جاء في الآية أعلاه.

* * *

وورد هذا المعنى في الآية الثانية بتعبيرٍ آخر ، فَبَعد الإشارة إلى خلق السموات السبع يضيفُ قائلاً : (وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُوْراً وجَعَلَ الشَّمسَ سِراجاً) وقد عَبَّرَ عن الشمس بـ «السراج» في آيتين اخريين من القرآن الكريم أيضاً (الفرقان / ٦١ ، النبأ / ١٣) ، ونحن نعلمُ أنّ نورَ المصباح ينبعثُ من داخلهِ وليسَ مُكتَسباً من الخارج ، وقد جاء في بعض نصوص اللُّغة أنّ الضياءَ أكثر شدةً من النور (١) ، ولعلَّ هذا الاختلاف مُستَمَدٌ من الاختلاف الأول ويعود إليه (٢).

على أيّةِ حالٍ ، فقد اشيرَ هنا وقبل كل شيءٍ إلى نور «الشمس» و «القمر» كآياتٍ حق من آيات الله وبراهين على قدرته وآلائه جلَّ وعلا.

فالشمسُ بضوئها المشرقِ على الكون لا تقوم بتدفئة وانارة مهد الكائنات في العالم فحسب ، بل لها نصيبٌ اساسيٌ في نمو النباتات وحياة الحيوانات.

__________________

(١) تفسير الكشّاف ، ج ٢ ، ص ٣٢٩ ؛ وتفسير روح البيان ، ج ٤ ، ص ١٢.

(٢) ينبغي الانتباه إلى أنّ «الضياء» يأتي بصيغة «المفرد» و «الجمع» أيضاً ، ويعتقد بعض المفسرين أنّ له صيغة الجمع في الآية أعلاه ، وأنّه إشارة لطيفةٌ إلى تركيب ضوء الشمس من سبعة ألوان.

١٤٩

واليوم قد ثبتت هذه الحقيقة ، إذ إنَّ كلَّ حركةٍ تُشاهدُ في الأرض هي من بركاتِ ضوء الشمس ، فلو فكّرنا بامعانٍ في حركة الرياح ، والغيوم وأمواج البحار وجريان الأنهار ، والشلالات ، والحيوانات والناس لوجدناها تنبعُ من ضوء الشمس بدون استثناء.

ولو انطفأت الشَّمس وانقطعت هذه الاشعةُ التي تهبُ الحياة عن الأرض فسَيَعُمُّ الموتُ والسكوتُ والظلامُ كلَّ مكانٍ خلال فترةٍ قصيرةٍ جدّاً.

كما أنّ نور القمرِ الجميلِ لايعتبر مصباحاً في ليالينا الحالكة ودليلا ؛ لقاطعي الصحراء ليلاً فقط ، بل إنَّ نورَهُ اللطيف والمناسب يبعثُ الطمأنينةَ والنشاط لدى البشر بأسرهم.

ويرى بعضُ المزارعين أنّ «نور القمر» له دور حساس في نمو الفواكه والنباتات أيضاً.

وطبعاً أنّ كل ما ذكرناه يختصُ بنور الشمس والقمر فقط ، وسنقوم ببحث ما يخص بقية بركاتهما بشكلٍ مستقلٍ.

ثم يشيرُ القرآن الكريم في نهاية هذه الآية إلى احدى البركات والفوائد المهمّة لهاتين الكرتين السماويتين حيث يضيف : (وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنينَ وَالْحِسابَ).

فالقمرُ بسيرِهِ المنَّظم ، وحركته الدقيقة يُعتبر تقويماً واضحاً وحيّاً وطبيعياً للغاية ، تَسهُلُ قراءَتُه على العالم والجاهل ، ويُنَظِّمُ برامج حياته على اساسهِ ، ولو أمعّنا التفكير لوجدنامسألة تنظيم حياة الإنسان ترتبط بقوةٍ بحساب السنين والشهور ووجودِ تقويمٍ طبيعيٍ ، حيث يتكفلُ القمرُ والشمسُ ودوران الأرض المنَظَّم حول نفسها وحول الشمس بانجاز هذا الدور ، وأنَّ التقويمات الحالية التي نُظِّمت استناداً إلى حسابات المُنجمِّين لا تنفعُ إلّاالذين لديهم إمكانية فهمها ، والتقويم الوحيد المفهوم والمعلوم والمفيد للجميع هو التقويم الطبيعي الذي يتوفر لدينا من حركة القمر ، منذ مرحلة «الهلال» وحتى وصوله إلى مرحلة «البدر الكامل» ، ومن ثمَّ إلى «المحاق» ، ولو تفحَّصَ الإنسان قليلاً لاستطاع أنّ يُحدِّدَ ليالي الشهر من خلال ملاحظة حجم القمر ، لأنَّ القَمَر لا يستقر على حالٍ واحدة في السماء على مدى ليلتين أبداً ، ولعلَّ تنظيم العبادات الإسلامية وفقاً للأشهر القمريةِ نابعٌ من هذا الأمر.

١٥٠

وكل هذه الدوافع ادّت إلى أن يقولَ القرآن الكريم في نهاية هذه الآية : (يُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعْلَمُونَ).

والحديث في الآية الثالثة والرابعة عن تسخير الشمس والقمر للإنسان : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ والْقَمَرَ).

بَيْدَ أنَّهُ عبَّر في الآية بكلمة (دائبَيْن) أي (الحركة وفقاً لسُنَّةٍ ثابتةٍ) (١) وفي الاخرى ورد تعبير (كُلٌ يَجْرِى لِأَجَلٍ مُّسمّىً) أَيْ «إنَّ كُلاً منهما يستمر في حركته إلى حدٍ مُعيَّنٍ».

وهذه الجملةُ تشيرُ إلى أنّ حركةَ الشمس والقمر ستنتهي على المدى البعيد ، ويتغير نظام المنظومة الشمسية بعد ملايين السنين ، وهذا بحد ذاته أحد المعجزات العلمية للقرآن الكريم.

وفي الحقيقةِ أنّ المقصود بحركة الشمس هو دوران الأرض حول الشمس طبعاً ، لأنّ ما يظهر للعيان أنّ الشمس هي التي تتحرك ، حيث إنَّ الأرض في الواقع هي التي تُوجدُ هذا الشعور لدى الإنسان ، إذ إنّ الشَّمسَ تتحرك باستمرار مع المنظومةِ الشمسية داخل المجرّات ، وسوف نشير إلى ذلك لاحقاً.

والمقصود بتسخير الشمس والقمر وبقية الكائنات التي يعتبرُها القرآن الكريم مسخَّرَةً للإنسان ، هو أنّها تتحرك في مجال مصالح الإنسان وخدمته ، فكما قُلنا سابقاً أنّ لضوءِ الشمس والقمر دوراً مهماً في حياة الإنسان وكافة الكائنات الحيّة ، لا سيما ضياء الشمس إذ تستحيلُ الحياةُ على سطح الأرض بدونه لحظةً واحدةً ، وحتى في الليالي المُظلمة فاننا نستفيدُ من الحرارة المتبقية عن ضوة الشمس في الأرض والجو ولولاها لانجمدت الكائنات الحيَّةُ بأسرها ، إضافةِ إلى الفوائد الاخرى كالمدِّ والجَزرِ في المحيطات ، فهو مصدرٌ للكثير من الخدمات ، وسنشير إلى ذلك في بحث آياته في البحار ـ إن شاء الله ـ ، وكذلك وضع تقويمٍ طبيعي وخدمات اخرى.

__________________

(١) «دائبين» من مادة «دؤوب» وتعني استمرار العمل وفقاً لعادةٍ وسُنَّةٍ دائمةٍ وهو تعبيرٌ للحركة المنظمة والمتَسّعةللشمس والقمر ، ولا يُعتقدُ بوجودِ تعبيرٍ أفضلَ من هذا التعبير.

١٥١

وبلا شك فإنّ ما نعرفه اليوم من بركاتِ الشمس والقمر أكثر ممّا كان يعرفه السالفون والمخاطَبون بهذه الآيات عند نزولها ، ولهذا فانَّ دروس التوحيد التي نقرأها على صفحاتها أكثر ممّا كان يقرأُه السابقون ، لهذا يقول في نهاية هذه الآية : إنّ ربَّكُم هو الذي سخَّر لكم كلَّ هذه الموجودات ، أمّا الذين تدعونَ من دونه فهم لا يملكون الحكمَ والمُلكَ في هذا العالم بقدَرِ قشرةِ نواة التمر : (وَالَّذِينَ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيْرٍ) (١).

* * *

وقد عبرت الآية الخامسة بصراحةٍ عن خلقِ الليل والنهار والشمس والقمر ووصفت هذه الظاهرة بأنَّها من آياته ، إلّاأنَّهُ يأمُرُ في نفس الوقت بضرورة عدم الاعتقاد بانَّ هذه هي الإله كما يتصور عبدة الشمس والقمر .. كلا .. : (لَاتَسْجُدُوْا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُوْنَ).

وهنا نرى الدقة التي يتحدث بها القرآن الكريم ، إذ إنّ ذكر القوائد المختلفة للشمس والقمر والليل والنهار وكافة الموجودات في هذا العالم من شأنه أن يترك أثراً في أذهان ذوي العقول الضيقة ويتصورون بأنّهم مدينون للنعم التي اسبغتها عليهم هذه الموجودات فيسجدون لها ويخضعون ويعظمونها ، وهذا ما ابتلى به الوثنيون على مر التاريخ ، لكن القرآن يقول لهؤلاء : افتحوا أعينكم جيداً وانظروا بدقّة وتبحر ، وعندها سترون من وراء الحجب العلل ، وسترون الذات القدسية لعلة العلل وعندها سوف تعفرون جباهكم بالسجود إليه وسوف لن تخدعكم أو تضلكم هذه المظاهر.

* * *

ويتحدث في الآيتين السادسةِ والسابعةِ عن حركة الشمس والقمر ومنازلهما ، ويصرَّحُ

__________________

(١) «القطميرُ» ، بتعبير بعض المفسِّرين هو القشر الخفيف الذي يغطي نواة التمر ، ويقول البعض إنّه النتوء الصغير الموجود خلف نواة التمر ، وعلى اية حالٍ فهو كنايةٌ عن موجودات متصاغره ودنيئة.

١٥٢

في نهاية هاتين الآيتين بأن كلاً من هذين الجُرمين يسبح في فلكهِ ومداره وخطه : (وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (١) ، وهذه التعابير من عجائب القرآن من ناحيةٍ ، ومن عجائب عالم الخلقِ وعلمِ وقدرةِ البارى تعالى من ناحية اخرى.

وتوجد هنا عدةُ تفاسير لما تَعنيه جملة (وَالشَّمْسُ تَجْرِى) ومفهوم (لِمُسْتَقرٍ لَهَا).

اولها : إنّ المقصودَ هي الحركة الظاهرية للشمس التي تبدأ منذ شروق الشمس وحتى استقرارها عند الغروب ، حيث يظهر للعيان أنّها تختفي (ونعلمُ جيداً إِنَّ حركة الأرض حول نفسها هي التي تُجسدُ لنا مثل هذه الظاهره في الواقع).

الثاني : إنّ المقصود هي حركات الشمس المحورية ، حيث تنحرف نحو الجزء الشمالي للكرة الأرضية مع بداية فَصل الربيع ، وتستمر هذه الحركة حتى بداية فصل الصيف حيث تستقر (في النصف الشمالي للكرة الأرضية) محاذية لمدار السرطان ٢٣ شمالاً وهو ما يصطلح عليه بالميل الاعظم الشمالي ، ثم تبدأ حركتها نحو الجنوب وتصل إلى محاذاة خط الاستواء أوائل فصل الخريف ، ثم تنحرف نحو جنوب الكرة الأرضية ، وتستمر هذه الحركة حتى بداية فصل الشتاء حيث تصل إلى محاذاة مدار رأس الجدي ٢٣ جنوباً ويعبّرون عن هذا الانحراف بالميل الأعظم الجنوبي ، ثم تبدأ حركتها نحو الشمال وتكون بمحاذاة خط الاستواء في فصل الربيع.

بناءً على ذلك فانَّ المقصود من جريان الشمس هو هذا الانحراف نحو الشمال والجنوب ، والمقصود من المستقر هو آخر نقطةٍ للانحراف الجنوبي والشمالي أي (مدار رأس السرطان ومدار رأس الجدي).

والمعروف (طبعاً) أنّ هذه الحركةَ ناتجةٌ عن دوران الأرض حول الشمس ومع الأخذ بنظر الاعتبار انحراف محور الأرض بمقدار ٢٣ ، ولكن ما يبدو لنا هو أنّ الشمس لها مثل هذه الحركة.

الثالث : المقصود هو الحركة الموضعية للشمس حول نفسها ، فقد ثبت اليوم أنّ الشمس

__________________

(١) «يسبحون» من مادة «سباحة» وتعني الحركة السريعة في الماء أو الهواء (مفردات الراغب).

١٥٣

تدور حول مركزها أيضاً (إِذ ذكَرُوا أنّ مدّة هذه الحركة في دورةٍ كاملةٍ تعادل ٢٥ يوماً ونصف اليوم) ، وفي هذه الحالة ستَكون اللام في (لِمُسْتَقرٍ لَهَا) بمعنى (في) أي أنّ الشمس تتحرك في مكانها (وطبعاً فقد اشكَلَ بعض المفسّرين على هذا التفسير باعتباره لا يتناسب مع مفهوم كلمة جريان).

الرابع : المقصود هو حركة الشمس في أبراج السماء على مدى أشهر السنة ، والتي تقابل في كل شهر أحد هذه الصور الفلكية الاثنا عشر ومن هنا تظهر السنة باثنتي عشر شهراً بعدد هذه الابراج (١) ، وعليه فانَّ المقصود من المستقر هو نهاية هذه الدورة.

الخامس والسادس : الحركتان اللتان اكتشفهما العلماء مؤخراً للشمس ، إحداهما مع مجموعة المنظومة الشمسية في دورتها حول مجرتنا التي تأخذها باتّجاه إحدى الصور الفلكية المعروفة ب (صورة الجاثي) الواقعة في جهة الشمال بالنسبة للشمس ، إذ تقطع أثناء هذه الحركة أكثر من (٦٠٠ مليون كم سنوياً) وهذا ما يشبه تماماً جلوس مجموعةٍ في طائرةٍ وانشغالهم بالدوران حول مركزٍ واحدٍ بينما تسير الطائرة بسرعةٍ نحو اتجاهٍ ما ، وقد تكون حركةُ الطائرة هادئة وخفيفة بالقدر الذي لا يحس الإنسان بهذه الحركة السريعة.

والحركة الاخرى هي دوران المنظومة الشمسية مع بقية المجرّات حول المركز الأصلي لهذه المجرّات التي نرتبط بها ، وممّا يثير العجب فقد ذكروا أنّ سرعة هذه الحركة المذهلة تقدر ب ٩٠٠ الف كيلو متر في الساعة (بل أكثر من ذلك قليلاً) (٢).

وطبقاً لهذا التفسير فانَّ المقصود من المستقر هو المستقر الذي تبلغه الشمس عند نهاية العالم وحلول القيامة ، حينها تصبح الشمس بلا ضياءٍ ويزول نظامها.

و (طبعاً) لا تتعارض هذه التفاسير مع بعضها ، فيمكن أن تجتمع كلُ هذه التفاسير الستة

__________________

(١) المقصود من «البرج» هنا مجموعة النجوم المتجمّعة والتي تكوِّنُ شكلاً خاصاً ، والابراج الاثنا عشر كما يلي : الحمل ، والثور ، والجوزاء ، والسرطان ، والأسد ، والسنبلة ، والميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدي ، والدلو ، والحوت.

(٢) راجعوا كتاب العوالم البعيدة ، ص ٢٩٣ ؛ وتسخير النجوم ، ص ٣٩٢.

١٥٤

في مفهوم هذه الآية ، لأنّ حركة كل من الأرض والشمس ليست نوعاً واحداً.

وتعبير «يُسبِّحون» تَعبيرٌ لطيفٌ حيث يعبّر عن حركة الشمس والقمر السريعة والرقيقة والمتوازنة في نفس الوقت.

وذكر في الآيات أعلاه منازل معينة للقمر حيث قال : (وَالقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنازِلَ).

والمقصود تلك المنازل الثمانية والعشرون التي يطويها القمر كل شهر منذ بداية مرحلة الهلال وحتى المحاق (الظلام المطلق) ، وفي الليلة الثامنة والعشرين يظهر ثانيةً على هيئة هلالٍ أصفر رفيع جدّاً وقليل الاشعاع والنور ويبقى ليلتين حيث يقال له (محاق) إذ تتعذر رؤيتُه.

ويشبِّهُ القرآنُ الكريمُ هلال آخر الشهر بـ (العُرجُونِ القَدَيِم) (١) ، وهذا التعبيرُ لطيفٌ وجذّاب للغاية من عدة وجوه.

ونختتم هذا البحث الذي قد طال بعض الشيء بذكر هاتين المسألتين :

أولاً : إنّ المقصود من الفلك في الآيات المذكورة هو المعنى اللغوي وليس المعنى الذي يقصده علماء الفلك في قديم الزمان ، لأنّ الفلك في اللغة يعني مدار النجوم ، وأحياناً يقال لكل موجود يشبه الدائرة ويكون عالياً من أطرافه.

ويعتَقد «الراغب» أنّها في الأصل من مادة «فُلْك» (على وزن قُفْل) والتي تعني «السُفن» ، لأنَّ السفن لها حركات دائرية أثناء مسيرها في البحار.

ولكنَّ المنجمين القدامى سلكوا نهج بطليموس إذ كانوا يعتقدون أنّ السماء تتألف من تسعِ طبقاتٍ مركبة بعضها فوق بعض كقشرة البصل ، ولأنَّ هذه الطبقات تتكون من مادةٍ شفّافةٍ كالبلّور فقد التَصَقت النجوم والكواكب في وسطها وتدور مع دوران الافلاك فيظهرُ دوران النجوم فقط ، ولا يظهرُ شيءٌ من دوران الأفلاك ، وقد بَطُلَ هذا الاعتقاد بنحوٍ كاملٍ اليوم ، واصبح من المسلَّم به أنّ النجوم معلقةٌ في فضاءٍ غير محدودٍ وتتحرك تحت تأثير

__________________

(١) «العرجون» من مادة «انعراج» أي الاعوجاج والانحناء ، ويصفه البعض بذلك القسم من القرن المقوَّس الذي يتبقى على النخل بعد قطف التمر ، و «القديم» تعني العتيق.

١٥٥

قانون الجذب والدفع في مسيرةٍ معينةٍ ، والجدير بالذكر أنّ القرآن الكريم نزلَ في زمانٍ كانت تحكُم فيه نظريةُ بطليموس على جميع المحافل العلمية بكل قوةٍ ، إلّاأنّ تعابير القرآن (كالتعبير بـ «الجريان» و «السباحة» التي وردت في الآيات أعلاه) لا تتلائم مع النظرية القديمة بايِّ نحوٍ وتتطابق مع آخر الاكتشافات العلمية في هذا العصر.

* * *

وورد في الآيتين الثامنة والتاسعةِ (أَيْمَانٌ) تَبعثُ على التأمل فيقول في إحداهما : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ والمَغَارِبِ) ، فيمكن أن يكون هذا التعبير إشارة إلى المشارق والمغارب و «المكانية» المختلفة ، لأنَّ كروية الأرض تؤدي إلى وجود مشرقٍ ومغربٍ بعدد نقاط سطح الأرض ، أو أن يكون إشارة إلى المشارق والمغاربـ «الزمانية» ، لأننا نعلم أنّ حركةَ الأرض حول الشمس تؤدي إلى استحالةِ شروق الشمس وغروبها من نقطةٍ واحدةٍ خلال يومين متتاليين.

هذا الاختلافُ في المشارق والمغارب الذي يتمّ من خلال نظامٍ دقيقٍ ومنهجي سبّب في حدوث «الفصول الاربعة» بما فيها من بركات من جهةٍ ، ومن جهةٍ اخرى فهو يؤدّي موازنة الحرارة والبرودةِ والرطوبةِ على سطح الأرض ، ويمنحُ حياةَ الإنسان والحيوانات والنباتات نظاماً وترتيباً ، وكلٌ منها آية من آيات الله وبرهان من براهينه.

وفي مكانٍ آخر يُقسمُ بالقمر (كَلَّا وَالقَمَرِ* واللَّيلِ إِذْ أَدْبَرَ* وَالصُّبحِ اذَا اسْفرَ) ثم يضيف : أنّ هذه الأَيْمانُ تُنبيءُ عن تحذيرٍ في أمر المعاد فيقول : إنَّ أحداثَ القيامةِ وجهنَّم من عظيمات الامور (إِنَّها لِإحْدى الكُبَرِ) (١).

واقْسَمَ في بداية سورة الشمس بالشمس أيضاً ، واشعتّها التي تُحيي الأرواح ، والقمر الذي يبزغُ بعد غروب الشمس.

__________________

(١) يقول الفخر الرازي : «إنَّ جهنَّم لها سبع مقاماتٍ ودركاتٍ وهي كما يلي ، جهنَّم ، ولظى ، والحطمة ، والسعير ، وسقر ، والجحيم ، والهاوية» (تفسير الكبير ، ج ٣٠ ص ٢٠٩).

١٥٦

وهذا ما نفهمه أيضاً بأنَّ القَسَمَ بشيء ما يدلُ على أهميته الخاصة ، وإذا صدر هذا القَسَمُ عن شخصٍ عظيمٍ ستتضاعف اهميتُه ، وإذا اقسِمَ بهِ مِنْ أجل موضوعٍ مهمٍ ستزدادُ أهمية هذا الموضوع أيضاً.

والآن تأمّلوا جيداً عندما يُقسم الباري جلَّ وعلا بالشمس والقمر من أجلِ مسألةِ المعاد المهمّة ، فهذا دليلٌ على العظمةِ الفائقة لهذين الكوكبين ، ويشهد على هذه الحقيقة كون أن كلاً من هذين الكوكبين ذو أهميةٍ في نظر القرآن الكريم.

فلماذا يُقسمُ الباري تعالى بكواكب السماء واللّيلِ والنهار من أجل اثباتِ القيامة والحساب؟ وذلك لأنَّ النظام الحاكم على هذه الاشياء يبرهنُ على أنّ لجميع ذرات العالم حساباً خاصاً ، بناءً على ذلك كيف يمكنُ أن تكون أعمال الإنسان الذي هو زهرةُ عالم الوجود بلا حسابٍ ولا كتابٍ ، ولا وجود للمعاد والمحكمة العادلة؟.

* * *

وجاءت الآية العاشرة الأخيرة في بحثنا هذا عن نعمةِ وجود النجوم والنظام الدقيق الذي يحكمها فيقول : (وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهتَدوُا بِهَا فِى ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالبَحرِ) ثم يضيفُ : (قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَومٍ يَعْلَمُونَ).

لقد كانت النجوم دائماً وعلى مدى مراحل التاريخ من أهم وسائل ارشاد الإنسان في الليالي المظلمة ، حيث كان يهتدي بمساعدتها في أسفاره البحرية والبرّية ، حتى أنّ بعض العلماء يظنون أنّ الطيور المهاجرة ، أي الطيور التي تقطع آلاف الكيلو مترات في السنة أحياناً ، وبعضُها يستمر في طيرانه ليلاً ونهاراً بلا توقفٍ ، تحدد طريقها نهاراً عن طريق الشمس ، وليلاً عن طريق نجوم السماء ، ولهذا فانّها تتوقف عن مواصلة الطيران مؤقتاً إذا كان الجو غائماً تماماً حتى تنكشفَ الغيوم وتظهر السماء والنجوم!

والعجب إنّ إمكانية تحديد فصول السنة أيضاً من خلال الاستفادة من النجوم.

على أيّةِ حالٍ ، فانَّ هذه الآية تُلفتُ نظرَ كلِّ المفكِّرين إلى هذه المسألةِ وهي أنّ حركة

١٥٧

النجومِ في السماء واستقرارها في هذا الميدان العظيم تتمتع بنظامٍ وحسابٍ خاصٍ ، وإلّا لما استطاعَ أيُّ أحدٍ العثور على طريقهِ في ظلمة الليل من دونها.

وهذا النظام يدل على أنَّ الخالق المدبِّر قد خطَّطَ له بكل حكمةٍ ، ولهذا فانَّ النظام السائد على نجوم السماء هو الذي يُحررنا من ظلماتِ الشرك والكفر أيضاً!.

ومع تطور علم الفَلَك ، فقد نجح العلماء في تقدير سرعة الكثير من كواكب السماء ، وحجمها ومسافاتها وبقية خصائصها ، وتوصلوا عن هذا الطريق إلى حقائق جديدة عن هذا النظام العظيم.

صحيحٌ قد تم اختراعُ آلاتِ ووسائلَ دقيقةٍ يستطيعُ الإنسان بمساعدتها أن يعثرَ على طريقه في البر والبحر ، ولكن لا ينبغي نسيانُ عدم إمكانية استخدام جميع المسافرين لهذه الوسائل العلمية المتنوعة ، إضافة إلى حدوث الخلل في هذه المعدات والآلات الدقيقة أحياناً ممّا يسبب الانحراف عن الطريق ، فإذا كان الإنسان مطلعاً على مواقع ومواضع النجوم يستطيعُ من خلال ذلك إصلاح اخطاء هذه المعدات.

ورد في بعض الروايات تفسيرٌ آخرٌ لهذه الآية عن أهل البيت (عليهم‌السلام) يمكنُ أن يُعدَّ جزءً من المعاني الباطنيةِ والثانويةِ لهذه الآية ، وذلك أنّ المقصود من «النجوم» هم القادةُ الربانيّون والأئمّة المعصومون الذين ينجو الناسُ بهم من ظلمات الحياة كما ورد في تفسير علي بن إبراهيم في بيان معنى الآية : (وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِى ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) حيث قال : «النجوم هم آل محمد» (١) ، وطبعاً ـ من المستطاع الجمعُ بين هذين المعنيين ، أي النجوم الماديّة والنجوم المعنوية والهداية الظاهرية والباطنية.

* * *

توضيحات

١ ـ هوية الشمس

لقد اتّضح لنا اليوم تقريباً أنّ الشمسَ عبارة عن كرةٍ ، وأنّها أكبر من الأرض بمليون

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٧٥٠ ح ٢٠٣.

١٥٨

وثلاثمائة الف مرّة ، أي لو كانت الشمس مقعَّرةَ الوسط لكان من الممكن أن تستوعب مليوناً وثلاثمائة الف كرةٍ أرضيةٍ! وتتضح هذه العظمة المذهلة من خلال التأمل في قُطر الشمس عند الوسط الذي يقرب من (مليون وأربعمائة الف كيلو متر).

وتبلغ الفاصلة بيننا وبينها ١٥٠ مليون كيلومتراً تقريباً ، وأنَّ نورها الذي يقطعُ طريقهُ بسرعةِ ٣٠٠ الف كيلومتر في الثانية يصل إلينا خلال ٨ دقائق تقريباً.

إنّ جُرمَ الشمس العظيم يؤدّي إلى زيادة وزن الأشياء فيها ، فمثلاً إنَّ الإنسان الذي يبلغُ وزنُه ٦٠ كيلوغراماً على سطع الأرض سيكون وزنه ١٥٠٠ كغم فيما إذا كان على سطح الشمس!.

لقد قدَّر العلماء وزن الشمس بما يعادل :

٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٢ طن.

وأخيراً فهُم يُقدِّرون عمر الشمس منذ تكونها بشكلها الحالي بما يقارب ٥ مليارات سنة.

إنَّ للشمس ثلاثة انواعٍ من الحركة تقريباً ، حركةٌ حول نفسها (كلَّ ٢٥ يوماً مرّة واحدة تقريباً ، وحركةٌ مع المنظومةِ الشمسية في قلب المجرّات نحو الصورة الفلكية «الجاثي» حيث تبتعد عن مكانها أكثر من ٦٠٠ كم كل ساعة ، وحركةٌ حول مركز المجرّات ، وتدور حول هذا المركز خلال هذه الحركة مرّة واحدة كل ٢٥٠ مليون سنة.

أَما حرارةُ سطح ومركز الشمس فهي عجيبةٌ للغاية ، وتُبينُ حسابات العلماء أنّ حرارة سطح الشمس تعادل ٦٠٠٠ سانتغراد تقريباً ، ولا تحصل هذه الحرارة على الأرض في أيِّ مختبرٍ أو فرنٍ أبداً ، ودليلُ ذلك واضحٌ جدّاً لأنَّ جميع المواد بطيئة الذوبان التي نعرفها والتي يمكن بناء فرنٍ منها لا تذوب في مثل هذه الحرارة فقط ، بل تصبحُ بخاراً ، ولهذا فانَّ جميع المواد الموجودة على سطح الشمس ذائبةٌ على هيئة بخار.

والأعجبُ من ذلك حرارةُ عمقها التي تبلغُ ٢ مليون درجة سانتِغراد! وتندلعُ من سطح الشمس ألسنةُ نيران يبلغُ ارتفاعها أحياناً ١٦٠ الف كم ، ومن السهولة أن تضيع الكرةُ

١٥٩

الأرضية فيها (لأنّ قطر الأرض ليس أكثر من ١٢ ألف كيلو متر).

إنَّ هذه الحرارة لا تحصل بسبب الاحتراق ، وإلّا لو كانَ جرم الشمس قد صُنِعَ من الفحم الحجري الخالص لانتهت تماماً على مدى عدةِ آلاف من السنين كما يقول «جورج غاموف» في كتاب «تكوُّن وموت الشمس» ، ولا يبقى شيء سوى الرَّماد. فالحقيقة أنّ مفهوم الاحتراق لا يصدقُ بخصوص الشمس وما يصدقُ هو الطاقة الناتجة عن الانشطار النووي ، ولكن بهذا الحال وطبقاً للحسابات العلمية فانَّ كلَّ ثانيةٍ تمرُّ على الشمس ينقصُ من وزنها ٤ ملايين طن ، أَي إنَّ هذا المقدار من ذراتها يتحول إلى طاقةٍ ، فبالرغم من أنّ هذا الأمر ليس له تأثيرٌ على المدى القريب ، إلّاأنّه من المسلَّم به سيساعدُ في فناءِ الشمس على المدى البعيد ، وهذا ما صرَّحَ به القرآن الكريم في آياته ، حيث سيأتي اليوم الذي ينطفيءُ هذا المصباح السماوي العظيم المنير (١).

* * *

٢ ـ البركات العظيمة للشمس

مهما تحدثنا حول فوائد وجود هذا النجم السماوي وتأثيره البالغ في حياة الإنسان وبقية موجودات الأرض ، فإننا لا نستطيع أن نفي بالغرض ، وفي الحقيقة يمكنُ تأليف كتابٍ كبيرٍ في هذا المجال بالترتيب التالى :

١ ـ إنّ جاذبيةَ الشمس تؤدي إلى دوام استمرار الأرض في دورانها في مدارها الثابت وإلّا لسقطت في إِحدى زوايا هذا الفضاء اللا متناهي ككُرةٍ مضطربة.

٢ ـ إنّ الحرارة التي تصلنا من الشمس بصورة مباشرة نهاراً والتي تخزن في الأجسام وتنعكس علينا ليلاً ، لها تأثير في نمو النباتات وديمومة الحركة والحياة لدى الحيوانات.

٣ ـ إنَّ الشمسَ تَضعُ في خدمة الإنسان نوراً سليماً ومجانياً وغَير حارٍ أو مُحرقٍ ولا

__________________

(١) اقتباس من كتب ١ ـ تركيبات الشمس ، ٢ ـ نجوم بلا منظار ، ٣ ـ تكوُّن وموت الشمس ، ٤ ـ تاريخ العلوم ، ٥ ـ من العوالم البعيدة ، ٦ ـ الإسلام والهيئة.

١٦٠