النّهاية - ج ٤

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٨٤

المعروف به الذى إذا طلب وجد فيه ، واحدتها : مَظِنَّة ، بالكسر ، وهى مفعلة من الظَّنّ : أى الموضع الذى يظنّ به الشىء.

ويجوز أن يكون من الظَّنّ بمعنى العلم ، والميم زائدة.

ومنه الحديث «طلبتُ الدنيا مَظانَ حلالها» أى المواضع التى أعلم فيها الحلال. وقد تكررت فى الحديث.

(باب الميم مع العين)

(معتاط) ـ فى حديث الزكاة «فأعمد إلى عَنَاقٍ مُعْتَاط» المُعْتاط من الغنم : التى امتنعت عن الحمل ؛ لسمنها وكثرة شحمها.

وهى فى الإبل : التى لا تحمل سنوات من غير عقر. وأصلها من الياء أو الواو.

يقال للناقة إذا طرقها الفحل فلم تحمل : هى عائط ، فإذا لم تحمل السّنة المقبلة أيضا فهى عَائِط عِيط وعُوط. وتَعَوَّطت ، إذا ركبها الفحل فلم تحمل. وقد اعْتاطَت اعْتِياطاً فهى مُعْتاط.

والذى جاء فى سياق الحديث : أن المعتاط التى لم تلد وقد حان أن تحمل ، وذلك من حيث معرفة سنّها ، وأنها قد قاربت السّنّ التى يحمل مثلها فيها ، فسمّى الحمل بالولادة. والميم والتاء زائدتان.

(معج) (ه) فى حديث معاوية «فمَعَجَ البحر مَعْجَةً تفرّق (١) لها السّفن» أى ماج واضطرب.

(معد) (ه) فى حديث عمر «تَمَعْدَدُوا واخشوشنوا» هكذا يروى من كلام عمر ، وقد رفعه الطّبرانىّ فى «المعجم» عن أبى حدرد الأسلمى ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

يقال : تَمَعْدَدَ الغلام ، إذا شبّ وغلظ.

__________________

(١) فى ا : «ففرّق».

٣٤١

وقيل : أراد تشبّهوا بعيش مَعَدِّ بن عدنان. وكانوا أهل غلظ وقشف : أى كونوا مثلهم ودعوا التّنعّم وزىّ العجم.

ومنه حديثه الآخر «عليكم بالّلبسة المَعَدِّيَّة» أى خشونة اللباس.

(معر) (س) فيه «فَتَمَعَّرَ وجهه» أى تغيّر. وأصله قلّة النّضارة وعدم إشراق اللّون ، من قولهم : مكان أَمْعَرُ ، وهو الجدب الذى لا خصب فيه.

(ه) وفيه «ما أَمْعَرَ حاجّ قطّ» أى ما افتقر. وأصله من مَعَرِ الرأس ، وهو قلة شعره. وقد مَعِرَ الرجل بالكسر ، فهو مَعِرٌ. والأَمْعَر : القليل الشّعر. والمعنى : ما افتقر من يحجّ.

(ه) وفى حديث عمر «اللهم إنى أبرأ إليك من معرّة الجيش» المعرّة : الأذى. والميم زائدة. وقد تقدّمت فى العين.

(معز) (ه) فى حديث عمر «تَمَعْزَزُوا واخشوشنوا» هكذا جاء فى رواية (١). أى كونوا أشدّاء صبرا ، من المَعَزِ ، وهو الشدّة. وإن جعل من العزّ كانت الميم زائدة ، مثلها فى تمدرع وتمسكن.

(معس) (ه) فيه «أنه مرّ على أسماء وهى تَمْعَسُ إهابا لها».

وفى رواية «منيئة لها» أى تدبغ. وأصل المَعْسِ : المعك والدّلك.

(معص) ـ فيه «أن عمرو بن معديكرب شكا إلى عمر المَعَصَ» هو بالتحريك : التواء فى عصب الرّجل.

(معض) (س) فى حديث سعد «لمّا قتل رستم بالقادسيّة بعث إلى الناس خالد بن عرفطة وهو ابن أخته ، فامتَعَضَ الناس امْتِعَاضا شديدا» أى شقّ عليهم وعظم. يقال : مَعِضَ من شىء سمعه ، وامْتَعَضَ ، إذا غضب وشقّ عليه.

وفى حديث ابن سيرين «تستأمر اليتيمة ، فإن مَعِضَت لم تنكح» أى شقّ عليها.

وفى حديث سراقة «تَمَعَّضَتِ الفرس» قال أبو موسى : هكذا روى فى «المعجم» ولعله من هذا.

__________________

(١) الرواية الأخرى : «تمعددوا» وسبقت فى (معد).

٣٤٢

قال : وفى نسخة «فنهضت».

قلت : لو كان بالصاد المهملة من المعص ، وهو التواء الرّجل لكان وجها.

(معط) (ه) فيه «قالت له عائشة : لو أخذت ذات الذّنب منّا بذنبها ، قال : إذا أدعها كأنها شاة مَعْطاءُ» هى التى سقط صوفها. يقال : امّعَطَ شعره وتَمَعَّطَ ، إذا تناثر. وقد تكرر فى الحديث.

وفى حديث حكيم بن معاوية «فأعرض عنه فقام مُتَمَعِّطاً» أى متسخّطا متغضّبا. يجوز أن يكون بالعين والغين.

(س) وفى حديث ابن إسحاق «إن فلانا وترقوسه ثم مَعَط فيها» أى مدّ يديه بها. والمَعْطُ بالعين والغين : المدّ.

(معك) (س) فيه «فتمعَّك فيه» أى تمرّغ فى ترابه. والمَعْكُ : الدّلك. والمَعْكُ أيضا : المطل. يقال : مَعَكَه بدينه وماعَكَه.

(ه) ومنه حديث ابن مسعود «لو كان المَعْكُ رجلا كان رجل سوء».

(ه) وحديث شريح «المَعْكُ طرف من الظّلم».

(معمع) (ه) فيه «لا تهلك أمّتى حتى يكون بينهم التّمايل والتّمايز والْمَعَامِعُ» هى شدّة الحرب والجدّ فى القتال.

والمَعْمَعَة فى الأصل : صوت الحريق. والمَعْمَعَان : شدّة الحرّ.

(ه) ومنه حديث ابن عمر «كان يتتبّع اليوم المَعْمَعَانِيَ فيصومه» أى الشديد الحرّ.

وفى حديث ثابت «قال بكر بن عبد الله : إنه ليظلّ فى اليوم المَعْمعانِيّ البعيد ما بين الطّرفين يراوح ما بين جبهته وقدميه».

وفى حديث أوفى بن دلهم «النساء أربع ، فمنهن مَعْمَعٌ ، لها شيؤها أجمع» هى المستبدّة بمالها عن زوجها لا تواسيه منه ، كذا فسّر.

(معن) (ه) فيه «قال أنس لمصعب بن الزبير : أنشدك الله فى وصيّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزل عن فراشه وقعد على بساطه وتَمَعَّنَ عليه ، وقال : أمر

٣٤٣

رسول الله على الرأس والعين» تَمَعَّنَ : أى تصاغر وتذلّل انقيادا ، من قولهم : أَمْعَنَ بحقّى ، إذا أذعن واعترف.

وقال الزمخشرى : «هو من المَعان : المكان. يقال : موضع كذا مَعانٌ من فلان : أى نزل عن دسته ، وتمكّن على بساطه تواضعا».

ويروى «تمعّك عليه» أى تقلّب وتمرّغ (١).

(س) ومنه الحديث «أَمْعَنْتُم فى كذا» أى بالغتم. وأَمْعَنُوا فى بلد العدوّ وفى الطّلب : أى جدّوا وأبعدوا.

وفيه «وحسن مواساتهم بالماعُون» هو اسم جامع لمنافع البيت ، كالقدر والمفأس وغيرهما ، مما جرت العادة بعاريّته.

وفيه ذكر «بئر مَعُونَة» بفتح الميم وضم العين فى أرض بنى سليم ، فيما بين مكة والمدينة. فأمّا بالغين المعجمة فموضع قريب من المدينة.

(معول) ـ فى حديث حفر الخندق «فأخذ المِعْوَل فضرب به الصّخرة» المعول بالكسر : الفأس. والميم زائدة ، وهى ميم الآلة.

(معا) (ه) فيه «المؤمن يأكل فى مِعًى واحد ، والكافر يأكل فى سبعة أَمْعاء» هذا مثل ضربه للمؤمن وزهده فى الدنيا ، والكافر وحرصه عليها. وليس معناه كثرة الأكل دون الاتّساع فى الدنيا. ولهذا قيل : الرّغب شؤم ؛ لأنه يحمل صاحبه على اقتحام النار.

وقيل : هو تخصيص للمؤمن وتحامى ما يجرّه الشّبع من القسوة وطاعة الشّهوة.

ووصف الكافر بكثرة الأكل إغلاظ على المؤمن ، وتأكيد لما رسم له.

وقيل : هو خاصّ فى رجل بعينه كان يأكل كثيرا فأسلم فقلّ أكله.

والمِعَى : واحد الأَمْعاء ، وهى المصارين.

(ه) وفيه «رأى عثمان رجلا يقطع سمرة فقال : ألست ترعى مَعْوَتَها؟» أى ثمرتها إذا أدركت. شبّهها بالمَعْوِ ، وهو البسر إذا أرطب.

__________________

(١) انظر الفائق ٣ / ٣٦ ، ففيه زيادة شرح.

٣٤٤

(باب الميم مع الغين)

(مغث) (س) فى حديث خيبر «فَمَغَثَتْهم الحمّى» أى أصابتهم وأخذتهم. المَغْثُ : الضرب ليس بالشديد. وأصل المَغْثِ : المرس والدّلك بالأصابع.

ومنه الحديث «أنه قال للعباس : اسقونا ـ يعنى من سقايته ـ فقال : إن هذا شراب قد مُغِثَ ومرث» أى نالته الأيدى وخالطته.

(ه) وحديث عثمان «أنّ أمّ عيّاش قالت : كنت أَمْغَثُ له الزّبيب غدوة فيشربه عشيّة ، وأَمْغَثُه عشيّة فيشربه غدوة».

(مغر) (ه) فيه «أيّكم ابن عبد المطّلب؟ قالوا : هو الأَمْغَرُ المرتفق» أى هو الأحمر المتّكىء على مرفقه ، مأخوذ من الْمَغْرَة ، وهو هذا المدر الأحمر الذى تصبغ به الثياب. وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

وقيل (١) : أراد بالأَمْغَرِ الأبيض ، لأنهم يسمّون الأبيض أحمر.

ومنه حديث الملاعنة «إن جاءت به أُمَيْغِرَ سبطا فهو لزوجها» هو تصغير الأَمْغَرِ.

وحديث يأجوج ومأجوج «فرموا بنبالهم فخرّت عليهم مُتَمَغِّرَةً دما» أى محمرّة بالدّم.

(ه) وفى حديث عبد الملك «أنه قال لجرير : مَغِّرْ يا جرير» أى أنشد كلمة ابن مَغْرَاءَ واسمه أوس بن مَغْرَاءَ ، وكان من شعراء مضر. والمَغْرَاءُ : تأنيث الأَمْغَرِ.

(مغص) (س) فيه «إن فلانا وجد مَغْصاً» هو بالتسكين : وجع فى المعى ، والعامّة تحرّكه. وقد مُغِصَ فهو مَمْغُوصٌ.

(مغط) (ه) فى صفته عليه‌السلام «لم يكن بالطويل المُمَغَّطِ (٢)» هو بتشديد الميم الثانية : المتناهى الطّول. وامَّغَطَ النهار ، إذا امتدّ .. ومَغَطْتُ الحبل وغيره ، إذا مددته. وأصله مُنْمَغِطٌ. والنون للمطاوعة ، فقلبت ميما وأدغمت فى الميم.

__________________

(١) القائل هو الأزهرى ، كما فى الهروى.

(٢) ضبط فى الهروى واللسان بكسر الغين ، وهو فى ا بالكسر والفتح.

٣٤٥

ويقال بالعين المهملة بمعناه.

(مغل) (ه) فيه «صوم شهر الصّبر وثلاثة أيام من كلّ شهر صوم الدهر ، ويذهب بمَغَلَةِ الصدر» أى بنغله وفساده ، من الْمَغَلِ (١) وهو داء يأخذ الغنم فى بطونها. وقد مَغَل فلان بفلان ، وأَمْغَل به عند السلطان ، إذا وشى به ، ومَغِلَت عينه ، إذا فسدت.

ويروى «يذهب بمغلّة الصّدر» بالتشديد ، من الغلّ : الحقد.

(باب الميم مع الفاء)

(مفج) (ه) فى حديث بعضهم «أخذنى الشّراة فرأيت مساورا قد اربدّ وجهه ، ثم أومأ بالقضيب إلى دجاجة كانت تبحثر (٢) بين يديه وقال : (٣) تسمّعى يا دجاجة ، تعجّبى يا دجاجة ، ضلّ عليّ واهتدى مَفاجةُ!!» يقال : رجل مَفاجةٌ ، إذا كان أحمق. ومَفَجَ ، إذا حمق.

(باب الميم مع القاف)

(مقت) (ه) فيه «لم يصبنا عيب من عيوب الجاهلية فى نكاحها ومَقْتِها» المَقْتُ فى الأصل : أشدّ البغض. ونكاح المَقْتِ (٤) : أن يتزوّج الرجل امرأة أبيه ، إذا طلّقها أو مات عنها (٥) ، وكان يفعل فى الجاهلية. وحرّمه الإسلام.

__________________

(١) ضبط فى الأصل بسكون الغين. وفى الهروى ، واللسان بالفتح. وفى ا بالفتح والسكون ، وفوقها كلمة «معا».

(٢) فى اللسان : «تتبختر» وبحثر الشىء : بحثه وبدّده ، كبعثره. اللسان (بحثر).

(٣) الذى فى الهروى :

تسمعي تعجبي دجاجه

صلّى عليُ واهتدى مفاجه

(٤) هذا شرح ابن الأعرابى ، كما ذكر الهروى.

(٥) زاد الهروى : «ويقال لهذا الرجل : «الضّيزن». وانظر حواشى ص ٨٧ من الجزء الثالث.

٣٤٦

وقد تكرر ذكر «المَقْتِ» فى الحديث.

(مقر) ـ فى حديث لقمان «أكلت المَقِرَ وأطلت على ذلك الصّبر» المَقِرُ : الصّبر ، وهو هذا الدّواء المرّ المعروف. وأَمْقَرَ الشىء ، إذا أمرّ. يريد أنه أكل الصّبر ، وصبر على أكله.

وقيل : المَقِرُ : شىء يشبه الصّبر ، وليس به.

ومنه حديث عليّ «أمرّ من الصّبر والمَقِرِ».

(مقس) (س) فيه «خرج عبد الرحمن بن زيد وعاصم بن عمر يَتَمَاقَسَانِ فى البحر» أى يتغاوصان. يقال : مَقَسْتُهُ وقَمَسْتُه ، على القلب ، إذا غططته فى الماء.

(مقط) (ه) فى حديث عمر «قدم مكة فقال : من يعلم موضع المقام؟ وكان السّيل احتمله من مكانه ، فقال المطّلب بن أبى وداعة : قد كنت قدّرته وذرعته بِمِقَاطٍ عندى» المِقاطُ بالكسر : الحبل الصغير الشديد الفتل ، يكاد يقوم من شدّة فتله ، وجمعه : مُقُطٌ ، ككتاب وكتب.

(س) وفى حديث حكيم بن حزام «فأعرض عنه فقام مُتَمَقِّطاً» أى متغيّظا. يقال : مَقَطْتُ صاحبى مَقْطاً ، وهو أن تبلغ إليه فى الغيظ.

ويروى بالعين ، وقد تقدّم.

(مقق) ـ فى حديث عليّ «من أراد المفاخرة بالأولاد فعليه بالمُقِ من النساء» أى الطوال. يقال : رجل أَمَقُ ، وامرأة مَقَّاءُ.

(مقل) (ه) فيه «إذا وقع الذّباب فى الطعام فامْقُلُوه» وروى «فى الشّراب» : أى اغمسوه فيه. يقال : مَقَلْتُ الشىء أَمْقُلُهُ مَقْلاً ، إذا غمسته فى الماء ونحوه.

ومنه حديث عبد الرحمن وعاصم «يَتَمَاقَلَانِ فى البحر» ويروى «يتماقسان».

(ه) وفى حديث ابن (١) لقمان «قال لأبيه : أرأيت الحبّة تكون فى مَقْلِ البحر؟». أى فى مغاص البحر.

__________________

(١) الذى فى الهروى : «وفى الحديث أن لقمان الحكيم قال لابنه : إذا رأيت الحيّة التى تكون فى مقل البحر ...»

٣٤٧

وفى حديث عليّ «لم يبق منها إلا جرعة كجرعة المَقْلَةِ» هى بالفتح : حصاة يقتسم بها الماء القليل فى السّفر ، ليعرف قدر ما يسقى كلّ واحد منهم. وهى بالضم : واحدة المُقْلِ ، الثّمر المعروف. وهى لصغرها لا تسع إلا الشىء اليسير من الماء.

(ه) وفى حديث ابن مسعود ، وسئل عن مسّ الحصى فى الصلاة فقال : «مرّة وتركها خير من مائة ناقة لِمُقْلَةٍ» (١) المُقْلَةُ : العين. يقول : تركها خير من مائة ناقة ، يختارها الرجل على عينه ونظره كما يريد (٢).

ومنه حديث ابن عمر «خير من مائة ناقة كلّها أسود المُقْلَةِ» أى كل واحد منها أسود العين.

(مقة) (س) فيه «المِقَة من الله ، والصِّيت من السماء» المِقَة : المحبّة. وقد وَمِقَ يَمِقُ مِقَةً. والهاء فيه عوض من الواو المحذوفة ، وبابه الواو. وقد تكرر ذكره فى الحديث.

(مقا) (ه) فى حديث عائشة ، وذكرت عثمان فقالت : «مَقَوْتُمُوه مَقْوَ الطّست ، ثم قتلتموه» يقال : مَقَى الطّست يَمْقُوهُ ويَمْقِيه ، إذا جلاه. أرادت أنهم عتبوه على أشياء ، فأعتبهم ، وأزال شكواهم. وخرج نقيّا من العيب. ثم قتلوه بعد ذلك.

(باب الميم مع الكاف)

(مكث) (س) فيه «أنه توضّأ وضوءا مَكِيثاً» أى بطيئا متأنيّا غير مستعجل. والمَكْثُ والمُكْثُ : الإقامة مع الانتظار ، والتّلبّث فى المكان.

(مكد) (ه) فى حديث سبى هوازن «أخذ عيينة بن حصن منهم عجوزا ، فلما ردّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم السّبايا أبى عيينة أن يردّها ، فقال له أبو صرد : خذها إليك ،

__________________

(١) هذا شرح أبى عبيد ، كما ذكر الهروى

(٢) زاد الهروى : «وقال الأوزاعى : معناه أنه ينفقها فى سبيل الله تعالى. قال أبو عبيد : هو كما قال ، ولم يرد أنه يقتنيها».

٣٤٨

فو الله ما فوها ببارد ، ولا ثديها بناهد ، ولا بطنها بوالد ، ولا درّها بماكِدٍ» أى دائم. والمَكُودُ : التى يدوم لبنها ولا ينقطع.

(مكر) ـ فى حديث الدعاء «اللهم امكُر لى ولا تَمْكُر بى» مَكْرُ الله : إيقاع بلائه بأعدائه دون أوليائه.

وقيل : هو استدراج العبد بالطاعات ، فيتوهّم أنها مقبولة وهى مردودة.

المعنى : ألحق مَكْرَكَ بأعدائى لا بى. وأصل المَكْرِ : الخداع. يقال : مَكَرَ يَمْكُرُ مَكْراً.

ومنه حديث عليّ فى مسجد الكوفة «جانبه الأيسر مَكْرٌ» قيل : كانت السوق إلى جانبه الأيسر ، وفيها يقع المكرُ والخداع.

(مكس) (ه) فيه «لا يدخل الجنة صاحب مَكْسٍ» المكسُ : الضّريبة التى يأخذها الماكِسُ ، وهو العشّار.

(س) ومنه حديث أنس وابن (١) سيرين «قال لأنس : تستعملنى على المَكْسِ ـ أى على عشور الناس ـ فأُمَاكِسُهُم ويُمَاكِسُونَنِي».

وقيل : معناه تستعملنى على ما ينقص دينى ، لما يخاف من الزيادة والنقصان ، فى الأخذ والتّرك.

وفى حديث جابر «قال له : أترى إنما مَاكَسْتُكَ (٢) لآخذ جملك» المُمَاكَسَةُ فى البيع : انتقاص الثمن واستحطاطه ، والمنابذة بين المتبايعين. وقد ماكَسَهُ يُمَاكِسُه مِكَاساً ومُمَاكَسَةً.

(س) ومنه حديث ابن عمر «لا بأس بالمُمَاكَسَةِ فى البيع».

(مكك) (ه) فيه «لا تَتَمَكَّكُوا على غرمائكم» وفى رواية «لا تُمَكِّكُوا غرماءكم» أى لا تلحّوا عليهم ، ولا تأخذوهم على عسرة ، وارفقوا بهم فى الاقتضاء والأخذ. وهو من مَكَ الفصيل ما فى ضرع الناقة ، وامْتَكَّه ، إذا لم يبق فيه من اللبن شيئا إلا مصّه.

__________________

(١) وفى الأصل ، وا : «أنس بن سيرين» وهو خطأ. وعبارة اللسان : «وفى حديث ابن سيرين قال لأنس ...» وأنس هذا هو أنس ابن مالك ، فقد كان ابن سيرين مولى له ، وروى عنه ، وكان كاتبه بفارس. انظر حلية الأولياء ٢ / ٢٦٧ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٢١٤ ، تاريخ بغداد ٥ / ٣٣١.

(٢) سبقت فى (كيس) رواية أخرى ، فانظرها.

٣٤٩

(س) وفى حديث أنس «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يتوضأ بمَكُّوكٍ ، ويغتسل بخمسة مَكاكِيكَ» وفى رواية «بخمسة مَكاكى» أراد بالمَكُّوك المدّ.

وقيل : الصاع. والأوّل أشبه ، لأنه جاء فى حديث آخر مفسّرا بالمدّ.

والمَكاكى : جمع مَكُّوكٍ ، على إبدال الياء من الكاف الأخيرة.

والمكُّوك : اسم للمكيال ، ويختلف مقداره باختلاف اصطلاح الناس عليه فى البلاد.

(س) ومنه حديث ابن عباس «فى تفسير قوله تعالى : (صُواعَ الْمَلِكِ) قال : كهيئة المكُّوك» وكان للعباس مثله فى الجاهلية ، يشرب به.

(مكن) (ه) فيه «أقرّوا الطير على مَكِنَاتِها» المَكِنَاتُ (١) فى الأصل : بيض الضّباب ، واحدتها : مَكِنَةٌ ، بكسر الكاف ، وقد تفتح. يقال : مَكِنَت الضّبّة ، وأَمْكَنَت.

قال أبو عبيد : جائز فى الكلام أن يستعار مَكْنُ الضّباب فيجعل للطير ، كما قيل : مشافر الحبش ، وإنما المشافر للإبل.

وقيل : المَكِناتُ : بمعنى الأَمْكِنة. يقال : الناس على مَكِناتِهِم وسكناتهم : أى على أَمْكِنَتِهم ومساكنهم.

ومعناه أن الرجل فى الجاهلية كان إذا أراد حاجة أتى طيرا ساقطا ، أو فى وكره فنفّره ، فإن طار ذات اليمين مضى لحاجته. وإن طار ذات الشّمال رجع ، فنهوا عن ذلك. أى لا تزجروها ، وأقرّوها على مواضعها التى جعلها الله لها ، فإنها لا تضرّ ولا تنفع.

وقيل (٢) : المَكِنَةُ : من التَّمَكُّن ، كالطّلبة والتّبعة ، من التّطلّب والتّتبّع. يقال : إنّ فلانا لذو مكنة من السلطان : أى ذو تَمَكُّنٍ. يعنى أقرّوها على كلّ مَكِنةٍ ترونها عليها ، ودعوا التّطيّر بها.

وقال الزمخشرى : يروى (٣) «مُكُناتِها» ، جمع مُكُنٍ ، ومُكُنٌ : جمع مَكانٍ ، كصعدات فى صعد ، وحمرات ، فى حمر.

__________________

(١) هذا شرح أبى عبيد ، كما ذكر الهروى.

(٢) القائل هو شمر ، كما فى الهروى.

(٣) انظر الفائق ٣ / ٤٢

٣٥٠

وفى حديث أبى سعيد «لقد كنا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يهدى لأحدنا الضّبّة المَكُونُ أحبّ إليه من أن تهدى إليه دجاجة سمينة» المَكُونُ : التى جمعت المَكْنَ ، وهو بيضها. يقال : ضبّة مَكُونٌ ، وضبّ مَكُونٌ.

ومنه حديث أبى رجاء «أيّما أحبّ إليك ، ضبّ مَكُونٌ ، أو كذا وكذا؟».

(باب الميم مع اللام)

(ملأ) ـ قد تكرر ذكر «المَلَإِ» فى الحديث. والمَلأ : أشراف الناس ورؤساؤهم ، ومقدّموهم الذين يرجع إلى قولهم. وجمعه : أَمْلَاء.

(ه) ومنه الحديث «أنه سمع رجلا ، منصرفهم من غزوة بدر ، يقول : ما قتلنا إلّا عجائز صلعا ، فقال : أولئك المَلَأُ من قريش ، لو حضرت فعالهم لاحتقرت فعلك» أى أشراف قريش.

ومنه الحديث «هل تدرى فيم يختصم الملأُ الأعلى؟» يريد الملائكة المقرّبين.

(س) وفى حديث عمر حين طعن «أكان هذا عن مَلَإٍ منكم؟» أى تشاور من أشرافكم وجماعتكم.

(ه) وفى حديث أبى قتادة «لمّا ازدحم الناس على الميضأة قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أحسنوا المَلَأَ فكلّكم سيروى» المَلَأُ ، بفتح الميم واللام والهمزة كالأوّل : الخلق.

ومنه قول الشاعر (١) :

تنادوا يا لبهثة إذا رأونا

فقلنا : أحسنى مَلَأ جهينا

وأكثر قرّاء الحديث يقرأونها «أحسنوا المِلْءَ» بكسر الميم وسكون اللام ، من ملء الإناء. وليس بشىء.

ومنه الحديث الآخر «أحسنوا أَمْلَاءَكم» أى أخلاقكم.

وفى حديث الأعرابىّ الذى بال فى المسجد «فصاح به أصحابه ، فقال : أحسنوا مَلَأً» أى خلقا.

__________________

(١) هو عبد الشارق بن عبد العزّى الجهنى. معجم مقاييس اللغة ٦ / ٤٩٢.

٣٥١

وفى غريب أبى عبيدة «مَلَأً : أى غلبة».

ومنه حديث الحسن «أنهم ازدحموا عليه فقال : أحسنوا مَلَأَكُم أيها المرؤون».

(س) وفى دعاء الصلاة «لك الحمد مِلْءَ السموات والأرض» هذا تمثيل ، لأن الكلام لا يسع الأماكن. والمراد به كثرة العدد.

يقول : لو قدّر أن تكون كلمات الحمد أجساما ، لبلغت من كثرتها أن تَملَأَ السموات والأرض.

ويجوز أن يكون المراد به تفخيم شأن كلمة الحمد. ويجوز أن يريد به أجرها وثوابها.

ومنه حديث إسلام أبى ذرّ «قال لنا كلمة تَمْلَأُ الفم» أى أنها عظيمة شنيعة ، لا يجوز أن تحكى وتقال ، فكأنّ الفم مَلآنُ بها ، لا يقدر على النطق.

ومنه الحديث «امْلَئُوا أفواهكم من القرآن».

(ه) وفى حديث أم زرع «مِلْءُ كسائها ، وغيظ جارتها» أرادت أنها سمينة ، فإذا تغطّت بكسائها مَلَأَتْهُ.

وفى حديث عمران ومزادة الماء «إنه ليخيّل إلينا أنها أشدّ مِلْأَةً منها حين ابتدىء فيها» أى أشدّ امتِلَاءً. يقال : مَلَأْتُ الإناء أَمْلَؤُهُ مَلْأً. والمِلْءُ : الاسم. والمِلْأَة أخصّ منه.

وفى حديث الاستسقاء «فرأيت السّحاب يتمزّق كأنه المُلَاءُ حين تطوى» المُلَاءُ ، بالضم والمدّ : جمع مُلاءةٍ ، وهى الإزار والرّيطة.

وقال بعضهم : إنّ الجمع مُلَأٌ ، بغير مدّ. والواحد ممدود. والأوّل أثبت.

شبّه تفرّق الغيم واجتماع بعضه إلى بعض فى أطراف السماء بالإزار ، إذا جمعت أطرافه وطوى.

ومنه حديث قيلة «وعليه أسمال مليّتين» هى تصغير مُلَاءَةٍ ، مثنّاة مخففة الهمز.

وفى حديث الدّين «إذا أتبع أحدكم على مَلِىءٍ فليتبع (١)» المَلِىءُ بالهمز : الثقة الغنىّ. وقد مَلُؤَ ، فهو مَلِىءٌ بيّن المَلَاءِ والمَلاءةِ بالمدّ. وقد أولع الناس فيه بترك الهمز وتشديد الياء.

__________________

(١) ضبط فى الأصل ، وا ، واللسان : «فليتّبع» وضبطته بالتخفيف ممّا سبق فى مادة (تبع) ومن صحيح مسلم (باب تحريم مطل الغنىّ ، من كتاب المساقاة).

٣٥٢

(ه) ومنه حديث عليّ «لا مَلِىءٌ (١) والله بإصدار ما ورد عليه».

(ه) وفى حديث عمر «لو تَمالَأَ عليه أهل صنعاء لأقدتهم به» أى تساعدوا واجتمعوا وتعاونوا.

(ه) ومنه حديث عليّ «والله ما قتلت عثمان ولا مَالَأْتُ فى قتله» أى ما ساعدت ولا عاونت.

(ملج) (ه) فيه «لا تحرّم المَلْجَةُ والمَلْجَتَانِ» وفى رواية (٢) «الإِمْلاجَةُ والإِمْلَاجَتانِ». المَلْجُ : المصّ. مَلَجَ الصبىّ أمّه يَمْلُجُهَا مَلْجاً ، ومَلِجَها يَمْلَجُها ، إذا رضعها. والمَلْجَة : المرّة. والإِملاجةُ : المرّة أيضا ، من أَمْلَجَتْه أمّه : أى أرضعته.

يعنى أنّ المصّة والمصّتين لا تحرّمان ما يحرّمه الرّضاع الكامل.

(ه) ومنه الحديث «فجعل مالك بن سنان يَمْلَجُ الدّم بفيه من وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم ازدرده» أى مصّه ثم ابتلعه.

ومنه حديث عمرو بن سعيد «قال لعبد الملك بن مروان يوم قتله : أذكرك مَلْجَ فلانة» يعنى امرأة كانت أرضعتهما.

[ه] وفى حديث طهفة «سقط الأُمْلُوجُ» هو (٣) نوى المقل.

وقيل (٤) : هو ورق من أوراق الشجر ، يشبه الطّرفاء والسّرو.

وقيل : هو ضرب من النّبات ، ورقه كالعيدان.

وفى رواية «سقط الأُمْلُوجُ من البكارة» هى جمع بكر ، وهو الفتىّ السّمين من الإبل : أى سقط عنها ما علاها من السّمن برعى الأُمْلوج. فسمّى السّمن نفسه أُمْلُوجاً ، على سبيل الاستعارة. قاله (٥) الزمخشرى.

__________________

(١) فى الأصل : «لا ملىّ» والتصحيح من ا ، واللسان.

(٢) وهى رواية الهروى.

(٣) هذا شرح الأزهرى ، كما فى الهروى.

(٤) الذى فى الهروى : «وقال القتيبى : الأملوج : ورق كالعيدان ليس بعريض ، نحو ورق الطّرفاء والسّرو. وجمعه : الأماليج. وقال أبو بكر : الأملوج : ضرب من النبات ورقه كالعيدان ، وهو العبل. قال : وقال بعضهم : هو ورق مفتول».

(٥) انظر الفائق ٢ / ٦.

٣٥٣

(ملح) (ه) فيه «لا تحرّم المَلْحَةُ والمَلْحَتان» أى الرّضعة والرّضعتان. فأما بالجيم فهو المصّة. وقد تقدّمت.

والمِلْحُ بالفتح والكسر : الرّضع. والمُمَالَحة : المراضعة.

[ه] ومنه الحديث «قال له رجل من بنى سعد ، فى وفد هوازن : يا محمد ، إنّا لو كنا مَلَحْنا للحارث بن أبى شمر ، أو للنّعمان بن المنذر ، ثم نزل منزلك هذا منّا لحفظ ذلك فينا ، وأنت خير المكفولين ، فاحفظ ذلك» أى لو كنا أرضعنا لهما. وكان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مسترضعا فيهم ، أرضعته حليمة السّعدية.

(ه) وفيه «أنه ضحّى بكبشين أَمْلَحَين» الأَمْلَحُ (١) : الذى بياضه أكثر من سواده.

وقيل (٢) : هو النّقىّ البياض.

ومنه الحديث «يؤتى بالموت فى صورة كبش أَمْلَحَ» وقد تكرر فى الحديث.

[ه] وفى حديث خبّاب «لكن حمزة لم يكن له إلا نمرة مَلحاءُ» أى بردة فيها خطوط سود وبيض.

ومنه حديث عبيد بن خالد «خرجت فى بردين وأنا مسبلهما ، فالتفتّ فإذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقلت : إنما هى مَلْحَاءُ ، قال : وإن كانت مَلْحاءَ ، أما لك فىّ أسوة؟».

(ه) وفيه «الصادق يعطى ثلاث خصال : المُلْحَةَ ، والمحبّة ، والمهابة» المُلْحة بالضم : البركة. يقال : كان ربيعنا مَمْلُوحاً فيه : أى مخصبا مباركا. وهو من تَمَلَّحَت الماشية ، إذا ظهر فيها السّمن من الرّبيع.

(س) وفى حديث عائشة «قالت لها امرأة : أزمّ جملى ، هل علىّ جناح؟ قالت : لا ، فلما خرجت قالوا لها : إنها تعنى زوجها ، قالت : ردّوها علىّ ، مُلْحةٌ فى النار ، اغسلوا عنى أثرها بالماء والسّدر» المُلْحَةُ : الكلمة المَلِيحةُ. وقيل : القبيحة.

وقولها : «اغسلوا عنى أثرها» تعنى الكلمة التى أذنت لها بها ، ردّوها لأعلمها أنه لا يجوز.

وفيه «إن الله ضرب مطعم ابن آدم للدنيا مثلا ، وإن مَلَحَه» أى ألقى فيه المِلْحَ

__________________

(١) هذا شرح الكسائى ، كما فى الهروى.

(٢) القائل هو ابن الأعرابى. كما ذكر الهروى.

٣٥٤

بقدر للإصلاح. يقال منه : مَلَحْتُ القدر ، بالتخفيف ، وأَمْلَحْتُهَا ، ومَلَّحْتُها ، إذا أكثرت مِلْحَها حتى تفسد.

وفى حديث عثمان «وأنا أشرب ماء المِلْحِ» يقال : ماء مِلْحٌ ، إذا كان شديد المُلوحة ، ولا يقال : مالِحٌ ، إلّا على لغة ليست بالعالية.

وقوله «ماء المِلْحِ» من إضافة الموصوف إلى الصفة.

وفى حديث عمرو بن حريث «عناق قد أجيد تَمليحُها وأحكم نضجها» التَّمْلِيحُ هاهنا : السّمط ، وهو أخذ شعرها وصوفها بالماء.

وقيل : تَمْلِيحُها : تسمينها ، من الجزور المُمَلَّح ، وهو السّمين.

(ه) ومنه حديث الحسن «ذكرت له النّورة (١) فقال : أتريدون أن يكون جلدى كجلد الشاة المَمْلُوحةِ» يقال : مَلَحْتُ الشاة ومَلَّحْتُها ، إذا سمطتها.

(ه) وفى حديث جويرية «وكانت امرأة مُلَاحةً» أى شديدة الملاحةِ ، وهو من أبنية المبالغة.

وفى كتاب الزمخشرى : «وكانت امرأة مُلاحةً : أى ذات مَلاحةٍ. وفعال مبالغة فى فعيل. نحو كريم وكرام ، وكبير وكبار. وفعّال مشدّد (٢) أبلغ منه».

(ه) وفى حديث ظبيان «يأكلون مُلَّاحَها ، ويرعون سراحها» المُلَّاحُ : ضرب من النّبات. والسّراح : جمع سرح ، وهو الشجر.

(ه) وفى حديث المختار «لمّا قتل عمر بن سعد جعل رأسه فى مِلَاحٍ وعلّقه» المِلَاحُ : المخلاة ، بلغة هذيل. وقيل : هو سنان الرّمح.

(ملخ) (س) فى حديث أبى رافع «ناولنى الذراع فامْتَلَخْتُ الذّراع» أى استخرجتها. يقال : امْتَلَخْتُ اللّجام عن رأس الدابة ، إذا أخرجته.

__________________

(١) فى اللسان : «التوراة». قال فى المصباح : والنّورة ، بضم النون : حجر الكلس ، ثم غلبت على أخلاط تضاف إلى الكلس من زرنيخ وغيره ، وتستعمل لإزالة الشّعر».

وقيل : إن النّورة ليست عربية فى الأصل. انظر المعرّب ص ٣٤١. ولم يذكرها المصنّف فى (نور).

(٢) فى الفائق ٣ / ٤٦ : «مشدّدا».

٣٥٥

(ه) وفى حديث الحسن «يَمْلَخُ فى الباطل مَلْخاً» أى (١) يمرّ فيه مرّا سهلا. ومَلَخَ فى الأرض ، إذا ذهب فيها.

(ملذ) (س) فى حديث عائشة ، وتمثّلت بشعر لبيد (٢) :

يتحدّثون مخانة ومَلاذَةً

ويعاب قائلهم وإن لم يشغب

المَلَاذَةُ : مصدر مَلَذَهُ مَلْذاً ومَلاذَةً. والمَلُوذُ والمَلَاذُ : الذى لا يصدق فى مودّته.

وأصل المَلْذِ : سرعة المجىء والذّهاب.

(ملس) (ه) فيه «أنه بعث رجلا إلى الجن ، فقال له : سر ثلاثا مَلْساً» أى سر سيرا سريعا. والملْس : الخفّة والإسراع والسّوق الشديد. وقد امَّلَسَ فى سيره ، إذا أسرع.

وحقيقته سر ثلاث ليال ذات مَلْسٍ ، أو سر ثلاثا سيرا مَلْساً ، أو أنه ضرب من السّير ، فنصبه على المصدر.

(ملص) (ه) فى حديث عمر (٣) «أنه سئل عن إِمْلاصِ المرأة الجنين» هو أن تزلق الجنين قبل وقت الولادة. وكلّ ما زلق من اليد فقد مَلِصَ ، وأَملص ، وأَمْلَصْتُهُ أنا.

(ه) ومنه حديث الدجّال «فأَمْلَصَتْ به أمّه».

ومنه حديث عليّ «فلما أتمّت أَمْلَصَتْ ومات قيّمها».

(ملط) (س) فى حديث الشّجاج «فى المِلْطَى نصف دية الموضحة» المِلْطَى ، بالقصر ، والمِلْطَاةُ : القشرة الرقيقة بين عظم الرأس ولحمه ، تمنع الشّجّة أن توضح ، وهى من لطيت بالشّىء ، أى لصقت ، فتكون الميم زائدة.

وقيل : هى أصلية ، والألف للإلحاق ، كالّتى فى معزى. والمِلْطَاةُ كالعزهاة ، وهو أشبه. وأهل الحجاز يسمّونها السّمحاق.

__________________

(١) هذا شرح أبى عدنان ، كما فى الهروى.

(٢) انظر حواشى ص ٣٠٧ من هذا الجزء.

(٣) فى الهروى : «وفى حديث ابن عمر رضى الله عنهما». وفى اللسان : «وفى الحديث أن عمر رضى الله عنه سأل عن إملاص المرأة الجنين. فقال المغيرة بن شعبة : قضى فيه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بغرّة».

٣٥٦

(س) ومنه الحديث «يقضى فى المِلْطَاةِ بدمها» أى يقضى فيها حين يشجّ صاحبها ، بأن يؤخذ مقدارها تلك الساعة ثم يقضى فيها بالقصاص ، أو الأرش ، ولا ينظر إلى ما يحدث فيها بعد ذلك من زيادة أو نقصان. وهذا مذهب بعض العلماء.

وقوله «بدمها» فى موضع الحال ، ولا يتعلّق بيقضى ، ولكن بعامل مضمر ، كأنه قيل : يقضى فيها ملتبسة بدمها ، حال شجّها وسيلانه.

وفى كتاب أبى موسى فى ذكر الشّجاج «المِلْطَاةُ ، وهى السّمحاق» والأصل فيها من مِلْطَاطِ البعير ، وهو حرف فى وسط رأسه. والمِلْطَاطُ : أعلى حرف الجبل ، وصحن الدار.

(س) وفى حديث ابن مسعود «هذا المِلْطَاطُ طريق بقيّة المؤمنين» هو ساحل البحر.

ذكره الهروىّ فى اللام ، وجعل ميمه زائدة وقد تقدّم.

وذكره أبو موسى فى الميم ، وجعل ميمه أصلية.

ومنه حديث عليّ «وأمرتهم بلزوم هذا المِلْطَاطِ حتى يأتيهم أمرى» يريد به شاطىء الفرات.

وفى صفة الجنة «ومِلَاطُها مسك أذفر» المِلَاطُ : الطّين الذى يجعل بين سافى البناء ، يُمْلَطُ به الحائط : أى يخلط.

ومنه الحديث «إنّ الإبل يُمَالِطُهَا الأجرب» أى يخالطها.

وفيه «إن الأحنف كان أَمْلَطَ» أى لا شعر على بدنه ، إلّا فى رأسه.

(ملع) ـ فيه «كنت أسير المَلْعَ ، والخبب ، والوضع» المَلْعُ : السّير الخفيف السّريع ، دون الخبب ، والوضع فوقه.

(ملق) فى حديث فاطمة بنت قيس «قال لها : أمّا معاوية فرجل أَمْلَقُ من المال» أى فقير منه ، قد نفد ماله. يقال : أَمْلَقَ الرّجل فهو مُمْلِقٌ.

وأصل الإِمْلَاقِ : الإنفاق. يقال : أَمْلَقَ ما معه إِمْلَاقاً ، ومَلَقَهُ مَلْقاً ، إذا أخرجه من يده ولم يحبسه ، والفقر تابع لذلك ، فاستعملوا لفظ السّبب فى موضع المسبّب ، حتى صار به أشهر.

ومنه حديث عائشة «ويريش مملقها» أى يغنى فقيرها.

٣٥٧

(ه) ومن الأصل حديث ابن عباس «فسألته امرأة : أأنفق (١) من مالى ما شئت؟ قال : نعم ، أَمْلِقِي من مالك ما شئت».

(ه) وفى حديث عبيدة [السّلمانىّ](٢) «قال له ابن سيرين : ما يوجب الجنابة؟ قال : الرّفّ والاسْتِمْلاقُ» الرّفّ : المصّ. والاسْتِمْلَاقُ : الرّضع. وهو استفعال منه. وكنى به عن الجماع ، لأنّ المرأة ترتضع ماء الرّجل. يقال : مَلَقَ الجدى أمّه ، إذا رضعها.

(س) وفيه «ليس من خلق المؤمن المَلَقُ» هو بالتحريك : الزيادة فى التّودّد والدعاء والتضرّع فوق ما ينبغى.

(ملك) (ه) فيه «أَمْلِكْ عليك لسانك» أى لا تجره إلّا بما يكون لك لا عليك.

(س) وفيه «مِلَاكُ الدّين الورع» المِلَاكُ بالكسر والفتح : قوام الشّىء ونظامه ، وما يعتمد عليه [فيه (٣)].

وفيه «كان آخر كلامه الصلاة وما مَلَكَتْ أيمانكم» يريد الإحسان إلى الرقيق ، والتخفيف عنهم.

وقيل : أراد حقوق الزكاة وإخراجها من الأموال التى تمْلِكُها الأيدى ، كأنه علم بما يكون من أهل الرّدّة ، وإنكارهم وجوب الزّكاة ، وامتناعهم من أدائها إلى القائم بعده ، فقطع حجّتهم بأن جعل آخر كلامه الوصيّة بالصلاة والزكاة. فعقل أبو بكر هذا المعنى ، حتى قال : لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة.

وفيه «حسن المَلكَةِ نماء» يقال : فلان حسن المَلَكَة ، إذا كان حسن الصّنيع إلى مَمَالِيكِهِ.

ومنه الحديث «لا يدخل الجنة سيّئ المَلكَةِ» أى الذى يسئ صحبة المماليكِ.

__________________

(١) فى الأصل ، وا : «أنفق» والمثبت من الهروى ، واللسان ، والفائق ٣ / ٤٧.

(٢) زيادة من الهروى ، واللسان ، والفائق ١ / ٩٤٦. وضبطت «عبيدة» بالفتح من الهروى ، واللسان. وانظر أيضا تذكرة الحفاظ ١ / ٤٧ ، واللباب ١ / ٥٥٢ ، والمشتبه ص ٤٣٧

(٣) تكملة من اللسان. وفى الأصل ، وا : «يعتمد» بفتح الياء.

٣٥٨

(ه) وفى حديث الأشعث «خاصم أهل نجران إلى عمر فى رقابهم ، فقالوا : إنما كنا عبيد مَمْلُكَةٍ ، ولم نكن عبيد قنّ» المَمْلُكَةُ ، بضم اللام وفتحها (١) : أن يغلب عليهم فيستعبدهم وهم فى الأصل أحرار. والقنّ : أن يُمْلَكَ هو وأبواه.

[ه] وفى حديث أنس «البصرة إحدى المؤتفكات ، فانزل فى ضواحيها ، وإيّاك والمَمْلُكَةَ» مِلْك الطّريق ومَمْلُكَتُهُ : وسطه.

(س) وفيه «من شهد مِلَاكَ امرئ مسلم» المِلَاكُ والإِمْلَاكُ : التّزويج وعقد النّكاح.

وقال الجوهرى : لا يقال مِلاكٌ (٢).

(ه) وفى حديث عمر «أَمْلِكُوا العجين ، فإنه أحد الرّيعين» يقال : مَلَكْتُ العجين وأَمْلَكْتُهُ ، إذا أنعمت عجنه وأجدته. أراد أنّ خبزه يزيد بما يحتمله من الماء ، لجودة العجن.

(س) وفيه «لا تدخل الملائِكَةُ بيتا فيه كلب ولا صورة» أراد الملائكةَ السّيّاحين ، غير الحفظة والحاضرين عند الموت.

والملائكةُ : جمع مَلْأَكٍ ، فى الأصل ، ثم حذفت همزته ، لكثرة الاستعمال ، فقيل : مَلَكٌ. وقد تحذف الهاء فيقال : مَلَائِك.

وقيل : أصله : مألك ، بتقديم الهمزة ، من الألوك : الرّسالة ، ثم قدّمت الهمزة وجمع.

وقد تكرر فى الحديث ذكر «المَلَكُوتِ» وهو اسم مبنىّ من المُلْكِ ، كالجبروت والرّهبوت ، من الجبر والرّهبة.

وفى حديث جرير «عليه مسحة مَلَكٍ» أى أثر من الجمال ، لأنهم أبدا يصفون الملائكَةَ بالجمال.

وفيه «لقد حكمت بحكم المَلِكِ» يريد الله تعالى.

__________________

(١) وبالكسر ، أيضا ، عن ابن الأعرابى. كما قال فى اللسان.

(٢) عبارة الجوهرى : «الإملاك : التزويج ... وجئنا من إملاكه ، ولا تقل : ملاكه».

٣٥٩

ويروى بفتح اللام ، يعنى جبريل عليه‌السلام ، ونزوله بالوحى.

وفى حديث أبى سفيان «هذا مُلْكُ هذه الأمّة قد ظهر» يروى بضم الميم وسكون اللام ، وبفتحها وكسر اللام.

وفيه أيضا «هل كان فى آبائه من مَلَكَ؟» يروى بفتح الميمين واللام ، وبكسر الأولى وكسر اللام.

وفى حديث آدم «فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يَتَمَالَكُ» أى لا يتماسك. وإذا وصف الإنسان بالخفّة والطّيش ، قيل : إنه لا يتمالَكُ.

(ملل) (ه) فيه «إكلفوا من العمل ما تطيقون ، فإنّ الله لا يَمَلُ حتى تَمَلُّوا» معناه : أنّ الله لا يَمَلُ أبدا ، مَلِلْتُم أو لم تَمَلُّوا ، فجرى مجرى قولهم : حتى يشيب الغراب ، ويبيضّ القار.

وقيل : معناه : أنّ الله لا يطَّرحكم حتى تتركوا العمل (١) ، وتزهدوا فى الرغبة إليه ، فسمّى الفعلين مَلَلاً ، وكلاهما ليسا بِمَلَلٍ ، كعادة العرب فى وضع الفعل موضع الفعل ، إذا وافق معناه نحو قولهم (٢) :

ثم أضحوا لعب الدّهر بهم

وكذاك الدّهر يودى بالرّجال

فجعل إهلاكه إيّاهم لعبا.

وقيل : معناه : أن الله لا يقطع عنكم فضله حتى تَمَلُّوا سؤاله. فسمّى فعل الله مَلَلاً ، على طريق الازدواج فى الكلام ، كقوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) وقوله : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) وهذا باب واسع فى العربية ، كثير فى القرآن.

وفيه «لا يتوارث أهل مِلَّتَين» المِلَّةُ : الدّين ، كَمِلَّةِ الإسلام ، والنّصرانيّة ، واليهوديّة.

وقيل : هى معظم الدّين ، وجملة ما يجىء به الرّسل.

__________________

(١) فى الهروى زيادة : «له».

(٢) نسبه الهروى لعدىّ بن زيد. وهو بهذه النسبة فى أمالى المرتضى ١ / ٥٦. وزهر الآداب ص ٣٣٣. وانظر أيضا الأغانى ٢ / ٩٥ ، ١٣٥.

٣٦٠