النّهاية - ج ٤

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٨٤

نهار» القُطْرُب : دويبّة لا تستريح نهارها سعيا ، فشبّه به الرجل يسعى نهاره فى حوائج دنياه ، فإذا أمسى كان كالّا تعبا ، فينام ليلته حتى يصبح ، كالجيفة التى لا تتحرّك (١).

(قطط) ـ فى حديث الملاعنة «إن جاءت به جعدا قَطَطاً فهو لفلان» القَطَطُ : الشديد الجعودة. وقيل : الحسن الجعودة ، والأوّل أكثر. وقد تكرر فى الحديث.

وفي حديث عليّ رضى الله عنه «كان إذا علا قدّ ، وإذا توسّط قَطَّ» أى قطعه عرضا نصفين.

(ه) وفى حديث زيد وابن عمر رضى الله عنهم «كانا لا يريان ببيع القُطوط بأسا إذا خرجت» القطوط : جمع قِطّ ، وهو الكتاب والصّكّ يكتب للإنسان فيه شىء يصل إليه. والقِطُّ : النّصيب.

وأراد بها الأرزاق والجوائز التى كان يكتبها الأمراء للناس إلى البلاد والعمّال ، وبيعها عند الفقهاء غير جائز ما لم يحصل ما فيها فى ملك من كتبت له.

(قطع) (ه) فيه «أنّ رجلا أتاه وعليه مُقَطَّعاتٌ له» أى ثياب قصار ، لأنها قُطِعَت عن بلوغ التّمام.

وقيل : المُقَطَّع من الثياب : كل ما يفصّل ويخاط من قميص وغيره ، وما لا يُقْطَع منها كالأزر والأردية.

ومن الأوّل :

(ه) حديث ابن عباس رضى الله عنهما فى وقت صلاة الضّحى «إذا تَقَطَّعَت (٢) الظلال» أى قصرت ، لأنها تكون بكرة ممتّدة ، فكلّما ارتفعت الشمس قصرت.

ومن الثانى :

(ه) حديث ابن عباس ؛ فى صفة نخل الجنة «منها مُقَطَّعَاتُهم وحللهم» ولم يكن يصقها بالقصر ؛ لأنه عيب.

__________________

(١) الذى فى اللسان : «كالجيفة لا يتحرّك».

(٢) فى الهروى : «انقطعت».

٨١

وقيل : المُقَطَّعات لا واحد لها ، فلا يقال للجبّة القصيرة مُقَطَّعة ، ولا للقميص مُقَطَّع ، وإنما يقال لجملة الثياب القصار مُقَطعات ، والواحد ثوب.

(ه) وفيه «نهى عن لبس الذهب إلّا مُقَطعا» أراد الشىء اليسير منه ، كالحلقة والشّنف ونحو ذلك ، وكره الكثير الذى هو عادة أهل السّرف والخيلاء والكبر. واليسير هو ما لا تجب فيه الزكاة.

ويشبه أن يكون إنما كره استعمال الكثير منه ؛ لأن صاحبه ربما بخل بإخراج زكاته فيأثم بذلك عند من أوجب فيه الزكاة.

(ه) وفى حديث أبيض بن حمّال «أنه اسْتَقْطَعَه الملح الذى بمأرب» أى سأله أن أن يجعله له قِطاعا يتملّكه ويستبدّ به وينفرد. والإِقطاع يكون تمليكا وغير تمليك.

(ه) ومنه الحديث «لمّا قدم المدينة أَقْطَع الناس الدّور» أى أنزلهم فى دور الأنصار.

ومنه الحديث «أنه أَقْطَع الزّبير نخلا» يشبه أنه إنما أعطاه ذلك من الخمس الذى هو سهمه ، لأن النّخل مال ظاهر العين حاضر النّفع ، فلا يجوز إِقْطاعُه. وكان بعضهم يتأوّل إِقْطاع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم المهاجرين الدّور على معنى العارية.

ومنه الحديث «كانوا أهل ديوان أو مُقْطَعين» بفتح الطاء ، ويروى «مُقْتَطِعين» ؛ لأنّ الجند لا يخلون من هذين الوجهين.

وفى حديث اليمين «أو يَقْتَطِع بها مال امرىء مسلم» أى يأخذه لنفسه متملّكا ، وهو يفتعل من القَطْع.

ومنه الحديث «فخشينا أن يُقْتَطَع دوننا» أى يؤخذ وينفرد به.

ومنه الحديث «ولو شئنا لاقْتَطَعْنَاهم».

وفيه «كان إذا أراد أن يَقْطَع بعثا» أى يفرد قوما يبعثهم فى الغزو ويعيّنهم من غيرهم.

وفى حديث صلة الرحم «هذا مقام العائذ بك من القَطِيعة» القَطيعة : الهجران والصّدّ ، وهى فَعِيلة ، من القَطْع ، ويريد به ترك البرّ والإحسان إلى الأهل والأقارب ، وهى ضدّ صلة الرحم.

٨٢

(ه) وفى حديث عمر رضى الله عنه «ليس فيكم من تَقَطَّعُ دونه (١) الأعناق مثل (٢) أبى بكر» أى ليس فيكم [أحد](٣) سابق إلى الخيرات ، تَقَطَّع أعناق مسابقيه حتى لا يلحقه أحد مثل أبى بكر رضى الله عنه. يقال للفرس الجواد : تَقَطَّعَت أعناق الخيل عليه فلم تلحقه.

ومنه حديث أبى ذرّ (٤) رضى الله عنه «فإذا هى يُقَطَّع (٥) دونها السّراب» أى تسرع إسراعا (٦) كثيرا تقدّمت به وفاتت ، حتى إن السّراب يظهر دونها : أى من ورائها لبعدها فى البرّ.

(ه) وفى حديث ابن عمر رضى الله عنهما «أنه أصابه قُطْع» القُطْع : انقطاع النّفس وضيقه.

(ه) وفيه «كانت يهود قوما لهم ثمار لا تصيبها قُطْعَةٌ» أى عطش بانقطاع الماء عنها. يقال : أصابت الناس قُطْعَةٌ : أى ذهبت مياه ركاياهم.

وفيه «إنّ بين يدى الساعة فتنا كقِطْع الليل المظلم» قِطْعُ الليل : طائفة منه ، وقِطْعة. وجمع القِطْعة : قِطَع. أراد فتنة مظلمة سوداء تعظيما لشأنها.

(ه) وفى حديث ابن الزبير والجنّى «فجاء وهو على القِطْع فنفضه (٧)» القِطْع بالكسر : طنفسة تكون تحت الرّحل على كتفى البعير.

(ه) وفيه «أنه قال لمّا أنشده العباس ابن مرداس أبياته العينيّة : اقْطَعُوا عنى لسانه» أى أعطوه وأرضوه حتى يسكت ، فكنى باللسان عن الكلام.

ومنه الحديث «أتاه رجل فقال : إنى شاعر فقال : يا بلال اقْطَع لسانه ، فأعطاه أربعين درهما».

__________________

(١) فى اللسان ، والتاج والفائق ٢ / ٣٥٩ : «عليه».

(٢) يجوز رفع «مثل». ونصبه. انظر الفائق.

(٣) تكملة من اللسان نقلا عن ابن الأثير ، ومن الفائق.

(٤) هكذا فى الأصل واللسان. والذى فى ا وتاج العروس : «أبى رزين».

(٥) فى ا «تقطّع».

(٦) فى ا «أى تسرّع دونها إسراعا».

(٧) رواية الهروى : «ينفضه».

٨٣

قال الخطّابى : يشبه أن يكون هذا ممن له حقّ فى بيت المال ، كابن السبيل وغيره ، فتعرّض له بالشعر فأعطاه لحقّه ، أو لحاجته ، لا لشعره.

(س) وفيه «أن سارقا سرق فقُطِعَ ، فكان يسرق بقَطَعَته» القَطَعة ، بفتحتين : الموضع المقطوع من اليد ، وقد تضم القاف وتسكّن الطاء.

(ه) وفى حديث وفد عبد القيس «يقذفون فيه من القُطَيْعَاء» هو نوع من التمر. وقيل : هو البسر قبل أن يدرك.

(قطف) ـ فى حديث جابر «فبينا أنا على جملى أسير ، وكان جملى فيه قِطاف» وفى رواية «على جمل لى قَطُوف» القِطاف : تقارب الخطو فى سرعة ، من القَطْف : وهو القطع. وقد قَطَفَ يَقْطِف قَطْفا وقِطافا. والقَطُوف : فعول منه.

(ه) ومنه الحديث «أنه ركب على فرس لأبى طلحة يَقْطِف» وفى رواية «قَطُوف».

ومنه الحديث «أَقْطَفُ القوم دابّة أميرهم» (١) أى أنهم يسيرون بسير دابّته ، فيتّبعونه كما يتّبع الأمير.

(ه) وفيه «يجتمع النّفر على القِطْف فيشبعهم» القِطْف بالكسر : العنقود ، وهو اسم لكل ما يُقْطَف ، كالذّبح والطّحن. وقد تكرر ذكره فى الحديث ، ويجمع على قِطَاف وقُطُوف ، وأكثر المحدّثين يروونه بفتح القاف ، وإنما هو بالكسر.

ومنه حديث الحجّاج «أرى رؤوسها قد أينعت وحان قِطَافُها» قال الأزهرى : القِطاف : اسم وقت القَطْفِ ، وذكر حديث الحجّاج. ثم قال : والقَطَاف بالفتح جائز عند الكسائى. ويجوز أن يكون القِطَاف مصدرا.

(س) وفيه «يقذفون فيه من القَطِيف» وفى رواية «تديفون فيه من القَطِيف» القَطِيف : المَقْطوف من التّمر ، فعيل بمعنى مفعول.

(س) وفيه «تعس عبد القَطِيفة» هى كساء له خمل : أى الذى يعمل لها ويهتمّ بتحصيلها. وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

__________________

(١) فى اللسان : «أقطف القوم دابّة أميرهم».

٨٤

(قطن) (ه) فى حديث المولد «قالت أمّه لمّا حملت به : والله ما وجدته فى قَطَنٍ ولا ثنّة» القَطَن : أسفل الظهر ، والثّنّة : أسفل البطن.

(س) ومنه حديث سطيح :

* حتى أتى عارى الجآجىء والقَطَنْ *

وقيل : الصواب «قَطِنٌ» بكسر الطاء ، جمع قَطِنة ، وهى ما بين الفخذين.

(ه) وفى حديث سلمان «كنت رجلا من المجوس ، فاجتهدت فيه حتى كنت قَطِنَ النار» أى خازنها وخادمها : أراد أنه كان لازما لها لا يفارقها ، من قَطَن فى المكان إذا لزمه.

ويروى بفتح الطاء جمع قَاطِن ، كخادم وخدم. ويجوز أن يكون بمعنى قاطِن ، كفَرَط وفارِط.

ومنه حديث الإفاضة «نحن قَطِينُ الله» أى سكّان حرمه. والقَطين : جمع قاطِن ، كالقُطَّان. وفى الكلام مضاف محذوف تقديره : نحن قَطِين بيت الله وحرمه. وقد يجىء القَطِين بمعنى قاطِن ، للمبالغة.

ومنه حديث زيد بن حارثة :

فإنّى قَطِينُ البيت عند المشاعر

وفى حديث عمر «أنه كان يأخذ من القِطْنِيَّة العشر» هى بالكسر والتشديد : واحدة القَطَانِي ، كالعدس والحمّص ، واللّوبياء ونحوها.

(قطا) ـ فيه «كأنّى أنظر إلى موسى بن عمران فى هذا الوادى محرما بين قَطَوانِيَّتَيْن» القَطَوَانِيَّة : عباءة بيضاء قصيرة الخمل ، والنون زائدة.

كذا ذكره الجوهرى فى المعتلّ. وقال : «كساء قَطَوانِيّ» ).

(ه) ومنه حديث أم الدرداء «قالت : أتانى سلمان الفارسى يسلّم علىّ ، وعليه عباءة قَطَوانِيَّة».

__________________

(١) هكذا ذكر الجوهرى فقط ، ولم يشرح ولم يذكر الحديث.

٨٥

(باب القاف مع العين)

(قعبر) (ه) فيه «أنّ رجلا قال : يا رسول الله من أهل النار؟ قال : كلّ شديد قَعْبَرِيّ ، قيل : وما القَعْبَرِىُ؟ قال : الشديد على الأهل ، الشديد على العشيرة ، الشديد على الصاحب» قال الهروى : سألت عنه الأزهرى فقال : لا أعرفه.

وقال الزمخشرى : أرى أنه قلب عبقرىّ. يقال : رجل عبقرىّ ، وظلم عبقرى : شديد فاحش. والقلب فى كلامهم كثير (١).

(قعد) (ه) فيه «أنه نهى أن يُقْعَد على القبر» قيل : أراد القُعود لقضاء الحاجة من الحدث.

وقيل : أراد للإحداد والحزن ، وهو أن يلازمه ولا يرجع عنه.

وقيل : أراد به احترام الميّت ، وتهويل الأمر فى القُعُود عليه ، تهاونا بالميّت والموت.

وروى أنه رأى رجلا متّكئا على قبر فقال : «لا تؤذ صاحب القبر».

(ه) وفى حديث الحدود «أتى بامرأة قد زنت ، فقال : ممّن؟ قالت : من المُقْعَد الذى فى حائط سعد» المُقْعَد : الذى لا يقدر على القيام ؛ لزمانة به ، كأنه قد ألزم القُعُود.

وقيل : هو من القُعَاد ، وهو داء يأخذ الإبل فى أوراكها فيميلها إلى الأرض.

وفى حديث الأمر بالمعروف «لا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقَعِيده» القَعِيد : الذى يصاحبك فى قُعُودك ، فعيل بمعنى مفاعل.

وفى حديث أسماء الأشهليّة «إنّا معاشر (٢) النساء محصورات مقصورات ، قَواعِد بيوتكم ، وحوامل أولادكم» القَوَاعِد : جمع قاعِد ، وهى المرأة الكبيرة المسنّة ، هكذا يقال بغير هاء : أى إنها ذات قُعُود ، فأما قاعدة فهى فاعلة ، من قَعَدَتْ (٣) قُعودا ، ويجمع على قَوَاعِد أيضا.

__________________

(١) انظر الفائق ٢ / ٣٦٣.

(٢) فى الأصل : «معشر» وأثبتّ ما فى ا ، واللسان.

(٣) فى الأصل : «قعد قعودا» وأثبتّ ما فى ا ، واللسان.

٨٦

(س) وفيه «أنه سأل عن سحائب مرّت فقال : كيف ترون قواعِدَها وبواسقها؟» أراد بالقَوَاعِد ما اعترض منها وسفل ، تشبيها بقَواعد البناء (١).

[ه] وفى حديث عاصم بن ثابت :

أبو سليمان وريش المُقْعَد

وضالة مثل الجحيم الموقد

ويروى ... «المُعْقَد» ، وهما اسم رجل كان يريش لهم السهام : أى أنا أبو سليمان ومعى سهام راشها المُقْعَد أو المُعْقد ، فما عذرى فى ألّا أقاتل؟

وقيل : المُقْعد : فرخ النّسر وريشه أجود (٢) ، والضالة : من شجر السّدر يعمل منها السّهام ، شبّه السهام بالجمر لتوقّدها.

(س) وفى حديث عبد الله «من الناس من يذلّه الشيطان كما يذلّ الرجل قَعُودَه» القَعود من الدّوابّ : ما يَقْتَعِده الرجل للركوب والحمل ، ولا يكون إلّا ذكرا. وقيل : القَعود : ذكر ، والأنثى قَعُودة. والقَعود من الإبل : ما أمكن أن يركب ، وأدناه أن يكون له سنتان ، ثم هو قَعود إلى أن يثنى فيدخل فى السّنة السادسة ، ثم هو جمل.

(س) ومنه حديث أبى رجاء «لا يكون الرّجل متّقيا حتى يكون أذلّ من قَعُود ، كلّ من أتى عليه أرغاه» أى قهره وأذلّه ، لأن البعير إنما يرغو عن ذلّ واستكانة.

(قعر) (ه) فيه «أنّ رجلا تَقَعَّرَ عن مال له» وفى رواية «انْقَعَر عن ماله» أى انقلع من أصله. يقال : قَعَره إذا قلعه ، يعنى أنه مات عن مال له.

(س) ومنه حديث ابن مسعود «أنّ عمر لقى شيطانا فصارعه فقَعَره» أى قلعه.

(قعس) (س) فيه «أنه مدّ يده إلى حذيفة فتَقَاعَس عنه أو تَقَعَّس» أى تأخّر.

ومنه حديث الأخدود «فتَقاعَسَت أن تقع فيها».

(س) وفيه «حتى تأتى فتيات قُعْساً» القَعَس : نتوّ الصّدر خلقة ، والرجل أَقْعَس ، والمرأة قَعْساء ، والجمع : قُعْس.

__________________

(١) فى الأصل والدر النثير : «النساء» والتصحيح من ا واللسان. وفى الفائق ٢ / ٣٦٢ : «كقواعد البنيان».

(٢) فى الفائق ٢ / ٣٦١ : «أجود الريش».

٨٧

ومنه حديث الزّبرقان «أبغض صبياننا إلينا الأُقَيْعِسُ الذّكر» هو تصغير الأَقْعَس.

(قعص) (ه) فيه «ومن قتل قَعْصاً فقد استوجب المآب» (١) القَعْص : أن يضرب الإنسان فيموت مكانه. يقال : قَعَصْتُهُ وأَقْعَصْتُه إذا قتلته قتلا سريعا ، وأراد بوجوب المآب حسن المرجع بعد الموت.

(س) ومنه حديث الزبير «كان يَقْعَصُ الخيل بالرّمح قَعْصاً يوم الجمل».

ومنه حديث ابن سيرين «أَقْعَصَ ابنا عفراء أبا جهل».

(ه) وفى حديث أشراط الساعة «موتان كقُعاصِ الغنم» القُعاص بالضم : داء يأخذ الغنم لا يلبثها أن تموت.

(قعط) (ه) فيه «أنه نهى عن الاقْتِعاط» هو أن يعتمّ بالعمامة ولا يجعل منها شيئا تحت ذقنه. ويقال للعمامة : المِقْعَطَة.

وقال الزمخشرى : «المِقْعَطَة والمِقْعَط (٢) : ما تعصّب به رأسك».

(قعقع) (س) فيه «آخذ بحلقة الجنة فأُقَعْقِعُها» أى أحرّكها لتصوّت. والقَعْقَعة : حكاية حركة الشىء يسمع له صوت.

(س) ومنه حديث أبى الدّرداء «شرّ النساء السّلفعة التى تسمع لأسنانها قَعْقَعة».

وحديث سلمة «فقَعْقَعُوا لك السلاح فطار سلاحك».

(س [ه]) وفيه «فجىء بالصّبىّ ونفسه تَقَعْقَع» أى تضطرب وتتحرّك. أراد : كلّما صار إلى حال لم يلبث أن ينتقل إلى أخرى تقرّبه من الموت.

(قعيقعان) (س) فيه ذكر «قُعَيْقِعان» هو جبل بمكة. قيل : سمّى به ، لأنّ جرهما لمّا تحاربوا كثرت قَعْقَعَةُ السلاح هناك.

__________________

(١) رواية اللسان : «من خرج مجاهدا فى سبيل الله فقتل قعصا فقد استوجب المآب».

وفى الهروى : «حسن المآب». وقال : وأراد بحسن المآب قوله تعالى : «وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ».

(٢) الذى فى الفائق ٢ / ٤٥٧ : «والمقعطة والمعقطة».

٨٨

(قعنب) (س [ه]) فى حديث عيسى بن عمر «أقبلت مجرمّزا حتى اقْعَنْبَيْتُ بين يدى الحسن» اقْعَنْبَى الرجل : إذا جعل يديه على الأرض وقعد مستوفزا.

(قعا) (س) فيه «أنه نهى عن الإِقْعاء فى الصلاة» وفى رواية «نهى أن يُقْعِيَ الرجل فى الصلاة» الإِقْعاء : أن يلصق الرجل أليتيه بالأرض ، وينصب ساقيه وفخذيه ، ويضع يديه على الأرض كما يُقْعِي الكلب.

وقيل : هو أن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين. والقول الأوّل.

ومنه الحديث «أنه عليه الصلاة والسلام أكل مُقْعِياً» أراد أنه كان يجلس عند الأكل على وركيه مستوفزا غير متمكّن.

(باب القاف مع الفاء)

(قفد) ـ فى حديث معاوية «قال ابن المثنّى : قلت لأميّة : ما حطأنى [منك](١) حطأة ، قال : قَفَدَني قَفْدة» القَفْد : صفع الرأس ببسط الكفّ من قبل القفا.

(قفر) (س) فيه «ما أَقْفَرَ بيت فيه خلّ» أى ما خلا من الإدام ولا عدم أهله الأدم. والقَفَار : الطعام بلا أدم. وأَقْفَرَ الرجل : إذا أكل الخبز وحده ، من القَفْر والقَفار ، وهى الأرض الخالية التى لا ماء بها.

وقد تكرر ذكر «القَفْر» فى الحديث. وجمعه : قِفار. وأَقْفَر فلان من أهله إذا انفرد. والمكان من سكّانه إذا خلا.

ومنه حديث عمر «فإنّى لم آتهم ثلاثة أيام وأحسبهم مُقْفِرين» أى خالين من الطعام.

ومنه حديثه الآخر «قال للأعرابى الذى أكل عنده : كأنك مُقْفِر».

(س) وفيه «أنه سئل عمّن يرمى الصّيد فيَقْتَفِر أثره» أى يتتبّعه. يقال : اقْتَفَرْتُ الأثر وتَقَفَّرْتُه إذا تتبّعته وقفوته.

__________________

(١) سقط من ا ، واللسان. وهو فى ا : «ما حطانى حطاة» بترك الهمز. وانظر ما سبق ص ٤٠٤ من الجزء الأول.

٨٩

(ه) ومنه حديث يحيى بن يعمر «ظهر قبلنا أناس يَتَقَفَّرون العلم» ويروى «يَقْتَفِرون» ) أى يتطلّبونه.

وحديث ابن سيرين «إن بنى إسرائيل كانوا يجدون محمدا منعوتا عندهم فى التوراة ، وأنه يخرج من بعض هذه القرى العربية ، فكانوا يَقْتَفِرُون الأثر».

(قفز) فيه «لا تنتقب المحرمة ولا تلبس قُفَّازا» وفى رواية «لا تنتقب ، ولا تبرقع ولا تَقَفَّز» هو بالضم والتشديد : شىء يلبسه نساء العرب فى أيديهنّ يغطّى الأصابع والكف والساعد من البرد ، ويكون فيه قطن محشوّ.

وقيل : هو ضرب من الحلىّ تتّخذه المرأة ليديها.

ومنه حديث ابن عمر «أنه كره للمحرمة لبس القُفَّازَيْن».

(ه) وحديث عائشة «أنّها رخّصت لها فى لبس القُفَّازَيْن».

(ه) وفيه «أنه نهى عن قَفِيز الطّحّان» هو أن يستأجر رجلا ليطحن له حنطة معلومة بقَفِيزٍ من دقيقها. والقَفِيز : مكيال يتواضع الناس عليه ، وهو عند أهل العراق ثمانية مكاكيك.

(قفش) (ه) فى حديث عيسى عليه‌السلام «أنه لم يخلّف إلّا قَفْشَين ومخذفة» القَفْش : الخفّ القصير. وهو فارسى معرّب ، أصله كفش (٢). والمخذفة : المقلاع.

(قفص) (ه) فى حديث أبى هريرة «وأن تعلو التّحوت الوعول ، قيل : ما التّحوت؟ قال : بيوت القافِصة يرفعون فوق صالحيهم» القافِصة : اللّئام ، والسين فيه أكثر.

قال الخطّابى : ويحتمل أن يكون أراد بالقافِصة ذوى العيوب ، من قولهم : أصبح فلان قَفِصاً (٣) إذا فسدت معدته وطبيعته.

(س) وفى حديث أبى جرير «حججت فلقينى رجل مُقَفِّص ظبيا ، فاتّبعته فذبحته وأنا ناس لإحرامى» المُقَفَّصُ : الذى شدّت يداه ورجلاه ، مأخوذ من القَفَص الذى يحبس فيه الطّير. والقَفِص : المنقبض بعضه إلى بعض.

__________________

(١) انظر ص ٤٦٤ من الجزء الثالث.

(٢) هكذا فى الأصل وا والقاموس. والذى فى اللسان ، والمعرّب ص ٢٦٨ «كفج».

(٣) فى ا : «قفصا».

٩٠

(قفع) (ه) فى حديث عمر «ذكر عنده الجراد فقال : وددت أنّ عندنا منه قَفْعَةً أو قَفْعَتين» هو شىء شبيه بالزّبيل من الخوص ليس له عرى وليس بالكبير.

وقيل : هو شىء كالقفّة تتّخذ واسعة الأسفل ضيّقة الأعلى.

(س) وفى حديث القاسم بن مخيمرة «أنّ غلاما مرّ به فعبث به ، فتناوله القاسم ، فقَفَعَه قَفْعَةً شديدة (١)» أى ضربه. والمِقْفَعَة : خشبة تضرب بها الأصابع ، أو هو من قَفَعَه عمّا أراد : إذا صرفه عنه.

(قفعل) (س) فى حديث الميلاد «يد مُقْفَعِلَّة» أى متقبّضة. يقال : اقْفَعَلَّت يده إذا قبضت وتشنّجت.

(قفف) (س) فى حديث أبى موسى «دخلت عليه فإذا هو جالس على رأس البئر وقد توسّط قُفها» قُفُ البئر : هو الدّكّة التى تجعل حولها. وأصل القُفِ : ما غلظ من الأرض وارتفع ، أو هو من القَفِ : اليابس ، لأنّ ما ارتفع حول البئر يكون يابسا فى الغالب.

والقُفُ أيضا : واد من أودية المدينة عليه مال لأهلها.

(ه) ومنه حديث معاوية «أعيذك بالله أن تنزل واديا فتدع أوّله يرفّ وآخره يَقِفُ» أى ييبس.

(س [ه]) ومنه حديث رقيقة «فأصبحت مذعورة وقد قَفَ جلدى» أى تقبّض ، كأنه قد يبس وتشنّج. وقيل : أرادت قَفَ شعرى فقام من الفزع.

(س) ومنه حديث عائشة «لقد تكلّمت بشىء قَفَ له شعرى».

(ه) وفى حديث أبى ذر «ضعى قُفَّتَك» القُفَّة : شبه زبيل صغير من خوص يجتنى فيه الرّطب ، وتضع النساء فيه غزلهنّ ، ويشبّه به الشيخ والعجوز.

(ه) ومنه حديث أبى رجاء «يأتوننى فيحملوننى كأنى قُفَّة حتى يضعونى فى مقام الإمام ، فأقرأ بهم الثلاثين والأربعين فى ركعة».

وقيل : القُفَّة هاهنا : الشجرة اليابسة البالية.

__________________

(١) الذى فى اللسان : «فتناوله القاسم بمقفعة قفعة شديدة».

٩١

وقال الأزهرى : الشجرة بالفتح ، والزّبيل بالضم.

(ه) وفيه «أنّ بعضهم ضرب مثلا فقال : إنّ قَفَّافاً ذهب إلى صيرفىّ بدراهم» القَفَّاف : الذى يسرق الدراهم بكفّه عند الانتقاد. يقال : قَفَ فلان درهما.

[ه] وفى حديث عمر «قال له حذيفة : إنك تستعين بالرجل الفاجر ، فقال : إنى لأستعين بالرجل لقوّته ، ثم أكون على قَفَّانِه» قَفَّانُ كل شىء : جُمّاعه ، واستقصاء معرفته. يقال : أتيته على قَفَّان ذلك وقافيته : أى على أثره.

يقول : أستعين بالرجل الكافى القوىّ وإن لم يكن بذلك الثّقة ، ثم أكون من ورائه وعلى أثره ، أتتبّع أمره وأبحث عن حاله ، فكفايته تنفعنى ، ومراقبتى له تمنعه من الخيانة.

وقَفَّان : فعّال ، من قولهم فى القفا : القَفَنّ (١). ومن جعل النون زائدة فهو فعلان.

وذكره الهروى والأزهرى فى «قَفَفَ» على أن النون زائدة.

وذكره الجوهرى فى قفن ، فقال : «القفّان : القفا ، والنون زائدة».

وقيل : هو معرب «قبّان» الذى يوزن به.

وقيل : هو من قولهم : فلان قبّان على فلان ، وقَفَّانٌ عليه : أى أمين يتحفّظ أمره ويحاسبه (٢)

(قفقف) (ه) فى حديث سهل بن حنيف «فأخذته قَفْقَفَة» أى رعدة. يقال : تَقَفْقَف من البرد إذا انضمّ وارتعد.

ومنه حديث سالم بن عبد الله «فلما خرج من عند هشام أخذته قَفْقَفَة».

(قفل) فى حديث جبير بن مطعم «بينا هو يسير مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مَقْفَلَه من حنين» أى عند رجوعه منها ، والمَقْفَل : مصدر قَفَل يَقْفِلُ إذا عاد من سفره. وقد يقال للسّفر :

__________________

(١) فى ا بتخفيف النون. قال فى القاموس : والقفن ، وتشدّد نونه : القفا».

(٢) زاد الهروى : «وقال بعضهم : قفّانه : إبّانه. يقال : هذا حين ذاك ، وربّانه ، وقفّانه ، وإبّانه بمعنى واحد».

٩٢

قُفُول ، فى الذهاب والمجىء ، وأكثر ما يستعمل فى الرّجوع. وقد تكرر فى الحديث.

وجاء فى بعض رواياته «أَقْفَلَ الجيش وقلّما أَقْفَلْنا» والمعروف قَفَل وقَفَلْنا ، وأَقْفَلْنا غيرنا ، وأُقْفِلْنا ، على ما لم يسمّ فاعله.

(س) ومنه حديث ابن عمر «قَفْلة كغزوة» القَفْلَة : المرّة من القُفول : أى إنّ أجر المجاهد فى انصرافه إلى أهله بعد غزوه كأجره فى إقباله إلى الجهاد ، لأنّ فى قُفُوله راحة للنّفس ، واستعدادا بالقوّة للعود ، وحفظا لأهله برجوعه إليهم.

وقيل : أراد بذلك التّعقيب ، وهو رجوعه ثانيا فى الوجه الذى جاء منه منصرفا ، وإن لم يلق عدوّا ولم يشهد قتالا ، وقد يفعل ذلك الجيش إذا انصرفوا من مغزاهم ، لأحد أمرين : أحدهما أنّ العدوّ إذا رآهم قد انصرفوا عنهم أمنوهم وخرجوا من أمكنتهم ، فإذا قَفَلَ الجيش إلى دار العدوّ نالوا الفرصة منهم فأغاروا عليهم ، والآخر أنهم إذا انصرفوا ظاهرين لم يأمنوا أن يقفو العدوّ أثرهم فيوقعوا بهم وهم غارّون ، فربما استظهر الجيش أو بعضهم بالرّجوع على أدراجهم ، فإن كان من العدوّ طلب كانوا مستعدّين للقائهم ، وإلا فقد سلموا وأحرزوا ما معهم من الغنيمة.

وقيل : يحتمل أن يكون سئل عن قوم قَفَلوا لخوفهم أن يدهمهم من عدوّهم من هو أكثر عددا منهم فقَفَلُوا ؛ ليستضيفوا إليهم عددا آخر من أصحابهم ثم يكرّوا على عدوّهم.

(س) وفى حديث عمر «أنه قال : أربع مُقْفَلَات : النّذر والطلاق والعتاق والنّكاح» أى لا مخرج منهنّ لقائلهنّ ، كأنّ عليهنّ أَقفالاً ، فمتى جرى بها (١) اللسان وجب بها الحكم. وقد أَقْفَلْت الباب فهو مُقْفَل.

(قفن) (ه) فى حديث النّخعىّ «سئل عمّن ذبح فأبان الرأس قال : تلك القَفِينةُ ، لا بأس بها» هى المذبوحة من قبل القفا. ويقال للقفا : القفنّ ، فهى فعيلة بمعنى مفعولة. يقال : قَفَنَ الشاة واقْتَفَنَها.

__________________

(١) فى الأصل : «فيها» والمثيت من : ا. والذى فى اللسان : «فمتى جرى بهن اللّسان وجب بهنّ الحكم».

٩٣

وقال أبو عبيد : هى التى يبان رأسها بالذّبح.

ومنه حديث عمر «ثم أكون على قَفَّانه» عند من جعل النون أصلية. وقد تقدّم.

(قفا) [ه] فى أسمائه عليه الصلاة والسلام «المُقَفِّي» هو المولىّ الذاهب. وقد قَفَّى يُقَفِّي فهو مُقَفٍ : يعنى أنه آخر الأنبياء المتّبع لهم ، فإذا قَفَّى فلا نبىّ بعده.

(س) ومنه الحديث «فلما قَفَّى قال كذا» أى ذهب مولّيا ، وكأنه من القَفا : أى أعطاه قَفَاه وظهره.

(ه) ومنه الحديث «ألا أخبركم بأشدّ حرّا منه يوم القيامة؟ هذينك الرّجلين المُقَفِّيين» أى المولّيين. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفى حديث طلحة «فوضعوا اللّجّ على قَفَيَ» أى وضعوا السيف على قَفايَ ، وهى لغة طائيّة ، يشدّدون ياء المتكلم.

(س) وفى حديث عمر ، كتب إليه صحيفة فيها :

فما قلص وجدن معقّلات

قَفا سلع بمختلف التّجار

سلع : جبل ، وقَفَاه : وراءه وخلفه.

(ه) وفى حديث ابن عمر «أخذ المسحاة فاستَقْفاه ، فضربه بها حتى قتله» أى أتاه من قبل قفاه. يقال : تَقَفَّيت فلانا واسْتَقْفَيْته.

(ه) وفيه «يعقد الشيطان على قافِية أحدكم ثلاث عقد» القافِية : القَفَا. وقيل : قافِية الرأس : مؤخّره. وقيل : وسطه ، أراد تثقيله فى النّوم وإطالته ، فكأنه قد شد عليه شدادا وعقده ثلاث عقد.

(ه) وفى حديث عمر «اللهم إنّا نتقرّب إليك بعمّ نبيّك وقَفِيَّةِ آبائه وكبر رجاله» يعنى العبّاس ، يقال : هذا قَفِيّ الأشياخ وقَفِيَّتُهم. إذا كان الخلف منهم ، مأخوذ من : قَفَوْتُ الرجل إذا تبعته. يعنى أنه خلف آبائه وتلوهم وتابعهم ، كأنه ذهب إلى استسقاء أبيه عبد المطلب لأهل الحرمين حين أجدبوا فسقاهم الله به.

وقيل : القَفِيَّة : المختار. واقْتَفَاه إذا اختاره. وهو القَفْوة ، كالصّفوة ، من اصطفاه.

٩٤

وقد تكرر ذكر «القَفْو والاقْتِفاء» فى الحديث اسما ، وفعلا ، ومصدرا. يقال : قَفَوْته ، وقَفَيْتُه ، واقْتَفَيته إذا تبعته واقتديت به (١).

(س) وفيه «نحن بنو النّضر بن كنانة ، لا ننتفى من أبينا ولا نَقْفُو أمّنا» أى لا نتّهمها ولا نقذفها. يقال : قَفَا فلان فلانا إذا قذفه بما ليس فيه.

وقيل : معناه : لا نترك النّسب إلى الآباء وننتسب إلى الأمّهات.

(س) ومن الأوّل حديث القاسم بن مخيمرة «لا حدّ إلّا فى القَفْوِ البيّن» أى القذف الظاهر.

(س) وحديث حسان بن عطية «من قَفَا مؤمنا بما ليس فيه وقفه الله فى ردغة الخبال».

(باب القاف مع القاف)

(قق) (ه) فيه «قيل لابن عمر : ألا تبايع أمير المؤمنين؟ يعنى ابن الزّبير ، فقال : والله ما شبّهت بيعتهم (٢) إلّا بقَقَّة ، أتعرف ما القَقَّة (٣)؟ الصّبىّ يُحدِث ويضع يديه فى حدثه فتقول له أمه : «قَقَّة» وروى «قِقَة» بكسر الأولى وفتح الثانية وتحفيفها.

وقال الأزهرى : فى الحديث : إنّ فلانا وضع يده فى قِقَة (٤) ، والقِقَة : مشى الصّبىّ وهو حدث (٥).

وحكى الهروى عنه أنه لم يجىء عن العرب ثلاثة أحرف من جنس واحد فى كلمة إلّا قولهم : قعد الصّبىّ على قَقَقِه ، وصصصه (٦).

وقال الخطابى : قَقَّة : شىء يردّده الطفل على لسانه قبل أن يتدرّب بالكلام ، فكأنّ ابن عمر أراد تلك بيعة تولّاها الأحداث ومن لا يعتبر به.

__________________

(١) فى ا : «واقتديته».

(٢) فى اللسان : «بيعتكم».

(٣) فى اللسان ، والفائق ٢ / ٣٧٠ : «أتعرف ما ققّة؟».

(٤) فى ا : «ققّة».

(٥) ضبط فى الأصل : «حدث» بفتح الدال ، وضبطته بكسرها من ا ، والذى فى اللسان : «وهو حدثه».

(٦) زاد فى اللسان : «أى حدثه».

٩٥

وقال الزمخشرى : هو صوت يصوّت به الصّبىّ ، أو يصوّت له به إذا فزع من شىء أو فزّع ، أو إذا وقع فى قذر.

وقيل (١) : القَقَّة : العقى الذى يخرج من بطن الصّبىّ حين يولد ، وإياه عنى ابن عمر حين قيل له : هلّا بايعت أخاك عبد الله بن الزبير؟ فقال : «إنّ أخى وضع يده فى قَقَّة» أى (٢) لا أنزع يدى من جماعة وأضعها فى فرقة.

(باب القاف مع اللام)

(قلب) (ه) فيه «أتاكم أهل اليمن ، هم أرقّ قلوباً وألين أفئدة» القُلُوب : جمع القَلْب ، وهو أخصّ من الفؤاد فى الاستعمال.

وقيل : هما قريبان من السّواء ، وكرّر ذكرهما لاختلاف لفظيهما تأكيدا. وقَلْب كل شىء : لبّه وخالصه.

ومنه الحديث «إنّ لكلّ شىء قَلْباً ، وقَلْبُ القرآن ياسين».

(ه) والحديث الآخر «إن يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام كان يأكل الجراد وقُلُوب الشجر» يعنى الذى ينبت فى وسطها غضّا طريّا قبل أن يقوى ويصلب ، واحدها : قُلْب بالضم ، للفرق. وكذلك قُلْب النخلة.

(ه) وفيه «كان عليّ قرشيّا قَلْباً» أى خالصا من صميم قريش. يقال : هو عربىّ قَلْب : أى خالص.

وقيل : أراد فهما فطنا ، من قوله تعالى «إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ».

(س) وفى حديث دعاء السّفر «أعوذ بك من كآبة المُنْقَلَب» أى الانقِلاب من السّفر ، والعود إلى الوطن ، يعنى أنه يعود إلى بيته فيرى فيه ما يحزنه. والانقِلاب : الرّجوع مطلقا.

ومنه حديث صفيّة زوج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم «ثم قمت لأَنْقَلِب ، فقام معى ليَقْلِبَني» أى لأرجع إلى بيتى فقام معى يصحبنى.

__________________

(١) القائل هو الجاحظ. كما فى الفائق ٢ / ٣٧٠.

(٢) فى الفائق «إنى».

٩٦

ومنه حديث المنذر بن أبى أسيد حين ولد «فأَقْلَبُوه (١) ، فقالوا : أَقْلَبْناه يا رسول الله» هكذا جاء فى رواية مسلم ، وصوابه «قَلَبْناه» : أى رددناه.

(س) ومنه حديث أبى هريرة «أنه كان يقول لمعلّم الصبيان : اقْلِبْهم» أى اصرفهم إلى منازلهم.

(ه) وفى حديث عمر «بينا يكلّم إنسانا إذ اندفع جرير يطريه ويطنب ، فأقبل عليه فقال : ما تقول يا جرير؟ وعرف الغضب فى وجهه ، فقال : ذكرت أبا بكر وفضله ، فقال عمر : اقْلِب قَلَّابُ» وسكت.

هذا مثل يضرب لمن تكون منه السّقطة فيتداركها ، بأن يَقْلِبَها عن جهتها ويصرفها إلى غير معناها ، يريد : اقْلِبْ يا قَلَّابُ ، فأسقط حرف النداء ، وهو غريب ، لأنه إنما يحذف مع الأعلام.

(ه) وفى حديث شعيب وموسى عليهما‌السلام «لك من غنمى ما جات به قالِبَ لون» تفسيره فى الحديث : أنها جاءت على غير ألوان أمّهاتها ، كأنّ لونها قد انْقَلَب.

ومنه حديث عليّ فى صفة الطيور «فمنها مغموس فى قالِبِ لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه».

[ه] وفى حديث معاوية «لمّا احتضر ، وكان يُقَلب على فراشه فقال : إنكم لتُقَلِّبُون حوّلا قُلَّبا إن وقى كبّة النار (٢)» أى رجلا عارفا بالأمور ، قد ركب الصّعب والذّلول ، وقَلَبَها ظهرا لبطن ، وكان محتالا فى أموره حسن التَّقَلُّب.

__________________

(١) ضبط فى الأصل «فأقلبوه» وفى ا واللسان : «فاقلبوه» والضبط المثبت من صحيح مسلم (باب استحباب تحنيك المولود ... وجواز تسميته يوم ولادته ، من كتاب الآداب).

(٢) رواية الهروى : «إن وقى هول المطّلع» وكذا فى اللسان ، وأشار إلى رواية ابن الأثير. وانظر ما سبق ص ٤٦٤ من الجزء الأول.

٩٧

وفى حديث ثوبان «إنّ فاطمة حلّت الحسن والحسين بقُلْبَيْنِ من فضّة» القُلْب : السوار.

ومنه الحديث «أنه رأى فى يد عائشة قُلْبَيْن».

ومنه حديث عائشة فى قوله تعالى «(وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) ، قالت : القُلْبُ والفَتَخَة» وقد تكرر فى الحديث.

(س) وفيه «فانطلق يمشى ما به قَلَبَة» أى ألم وعلّة.

(س) وفيه «أنه وقف على قَلِيب بدر» القَلِيب : البئر التى لم تطو ، ويذكّر ويؤنث. وقد تكرر.

وفيه «كان نساء بنى إسرائيل يلبسن القَوالِب» جمع قالِب ، وهو نعل من خشب كالقبقاب ، وتكسر لامه وتفتح. وقيل : إنه معرّب.

(س) ومنه حديث ابن مسعود «كانت المرأة تلبس القالِبَيْن تطاول بهما».

(قلت) (ه) فيه «إنّ المسافر وماله لعلى قَلَتٍ إلّا ما وقى الله» القَلَتُ : الهلاك. وقد قَلِتَ يَقْلَت قَلَتاً : إذا هلك.

[ه] ومنه حديث أبى مجلز «لو قلت لرجل وهو على مَقْلَتةٍ : اتّق الله رعته (١) فصرع غرمته» أى على مهلكة فهلك غرمت ديته.

[ه] وفى حديث ابن عباس «تكون المرأة مِقْلاتاً ، فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوّده» المِقْلَات من النساء : التى لا يعيش لها ولد. وكانت العرب تزعم أنّ المِقلات إذا وطئت رجلا كريما قتل غدرا عاش ولدها.

ومنه الحديث «تشتريها أكايس النساء للخافية والإِقْلَات».

__________________

(١) فى الأصل وا : «اتّق رعنه» بالنون. وفى اللسان : «اتق الله فصرع» وفى الفائق ٢ / ٣٧٤ «اتّق رعته» بالتاء المثناة من فوق. والذى فى الهروى : «.. وهو على مقلتة كيت وكيت». وما أثبتّه من تاج العروس.

٩٨

وفيه ذكر «قِلات السّيل» هى جمع قَلْت ، وهو النّقرة فى الجبل يستنقع فيها الماء إذا انصبّ السّيل.

(قلح) [ه] فيه «ما لى أراكم تدخلون علىّ قُلْحاً» القَلَح : صفرة تعلو الأسنان ، ووسخ يركبها. والرجل أَقْلَح ، والجمع : قُلْح ، من قولهم للمتوسّخ الثياب : قَلِحٌ ، وهو حثّ على استعمال السّواك.

(س) ومنه حديث كعب «المرأة إذا غاب زوجها تَقَلَّحَتْ» أى توسّخت ثيابها ، ولم تتعهّد نفسها وثيابها بالتنظيف. ويروى بالفاء. وقد تقدّم.

(قلد) [ه] فيه «قَلِّدُوا الخيل ولا تُقَلِّدُوها الأوتار» أى قَلِّدُوها طلب أعداء الدين والدفاع على المسلمين ، ولا تُقَلِّدوها طلب أوتار الجاهليّة وذحولها التى كانت بينكم.

والأوتار : جمع وتر بالكسر ، وهو الدّم وطلب الثأر ، يريد اجعلوا ذلك لازما لها فى أعناقها لزوم القَلَائد للأعناق.

وقيل : أراد بالأوتار : جمع وتر القوس : أى لا تجعلوا فى أعناقها الأوتار فتختنق ، لأنّ الخيل ربما رعت الأشجار فنشبت الأوتار ببعض شعبها فخنقتها (١).

وقيل : إنما نهاهم عنها لأنهم كانوا يعتقدون أن تَقْليد الخيل بالأوتار يدفع عنها العين والأذى ، فتكون كالعوذة لها ، فنهاهم وأعلمهم أنها لا تدفع ضررا ولا تصرف حذرا.

(ه) وفى حديث استسقاء عمر «فقَلَّدَتْنا السماء قِلْداً ، كلّ خمس عشرة ليلة» أى مطرتنا لوقت معلوم ، مأخوذ من قِلْد الحمّى ، وهو يوم نوبتها. والقِلْد : السّقى. يقال : قَلَدْتُ الزّرع إذا سقيته.

(ه س) ومنه حديث ابن عمرو «أنه قال لقيّمه على الوهط : إذا أقمت قِلْدَك من الماء فاسق الأقرب فلأقرب» أى إذا سقيت أرضك يوم نوبتها فأعط من يليك.

وفى حديث قتل ابن أبى الحقيق «فقمت إلى الأَقاليد فأخذتها» هى جمع : إِقْلِيد ، وهو المفتاح.

__________________

(١) قال الهروى : «والقول هو الأول».

٩٩

(قلس) (س) فيه «من قاء أو قَلَسَ فليتوضّأ» القَلَس بالتحريك ، وقيل بالسكون : ما خرج من الجوف ملء الفم ، أو دونه وليس بقىء ، فإن عاد فهو القىء.

(ه) وفى حديث عمر «لمّا قدم الشام لقيه المُقَلِّسون بالسّيوف والرّيحان (١)» هم الذين يلعبون بين يدى الأمير إذا وصل البلد ، الواحد : مُقَلِّس.

(ه) وفيه «لمّا رأوه قَلَّسُوا له» التَّقْليس : التّكفير ، وهو وضع اليدين على الصّدر ، والانحناء ، خضوعا واستكانة.

وفيه ذكر «قالِس» بكسر اللام : موضع أقطعه النبى عليه الصلاة والسلام [بنى الأحبّ من عذرة (٢)] له ذكر فى حديث عمرو بن حزم.

(قلص) (س) فى حديث عائشة «فقَلَصَ دمعى حتى ما أحسّ منه قطرة» أى ارتفع وذهب. يقال : قَلَصَ الدّمع ، مخفّفا ، وإذا شدّد فللمبالغة.

ومنه حديث ابن مسعود «إنه قال للضّرع : اقْلِصْ ، فقَلَصَ» أى اجتمع.

ومنه حديث عائشة «أنها رأت على سعد درعا مُقَلِّصة» أى مجتمعة منضمّة. يقال : قَلَّصَت الدّرع وتَقَلَّصَت ، وأكثر ما يقال فيما يكون إلى فوق.

(س) وفى حديث عمر «كتب إليه أبيات فى صحيفة منها (٣) :

قَلَائِصَنَا هداك الله إنّا

شغلنا عنكم زمن الحصار

القلائص : أراد بها ها هنا النساء ، ونصبها على المفعول بإضمار فعل : أى تدارك قَلَائِصَنا. وهى فى الأصل جمع قَلُوص ، وهى الناقة الشابّة. وقيل : لا تزال قَلُوصاً حتى تصير بازلا ، وتجمع على قِلاص وقُلُص ، أيضا.

ومنه الحديث «لتتركنّ القِلَاصُ فلا يسعى عليها» أى لا يخرج ساع إلى زكاة ؛ لقلة حاجة الناس إلى المال واستغنائهم عنه.

__________________

(١) فى الأصل «والزيجان» بالزاى والجيم. والتصحيح من : ا ، واللسان ، والهروى ، والفائق ٢ / ٣٧١.

(٢) تكملة من القاموس ، ومعجم البلدان لياقوت ٤ / ١٩. والحديث كله ساقط من ا.

(٣) انظر الجزء الأول ص ٤٥.

١٠٠