النّهاية - ج ٤

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٨٤

وفى حديث عمر «ليس على عربىّ ملك ، ولسنا بنازعين من يد رجل شيئا أسلم عليه ، ولكنا نقوّمهم ، المِلَّةَ على آبائهم خمسا من الإبل» المِلَّةُ (١) : الدّية ، وجمعها مِلَلٌ.

قال الأزهرى : كان أهل الجاهلية يطأون الإماء ويلدن لهم ، فكانوا ينسبون إلى آبائهم ، وهم عرب ، فرأى عمر أن يردّهم على آبائهم فيعتقون ، ويأخذ من آبائهم لمواليهم ، عن كلّ واحد خمسا من الإبل.

وقيل : أراد من سبى من العرب فى الجاهلية وأدركه الإسلام وهو عند من سباه أن يردّه حرّا إلى نسبه ، وتكون عليه قيمته لمن سباه ، خمسا من الإبل.

(س) ومنه حديث عثمان «أن أمة أتت طيّئا فأخبرتهم أنها حرّة ، فتزوّجت فولدت ، فجعل فى ولدها الْمِلَّةَ» أى يفتكّهم أبوهم من موالى أمّهم.

وكان عثمان يعطى مكان كلّ رأس رأسين ، وغيره يعطى مكان كلّ رأس رأسا ، وآخرون يعطون قيمتهم ، بالغة ما بلغت.

(ه) وفيه «قال له رجل : إنّ لى قرابات أصلهم ويقطعوننى ، وأعطيهم فيكفروننى ، فقال له : إنما تسفّهم المَلَ» المَلُ والمَلَّةُ : الرّماد الحارّ الذى يحمى ليدفن فيه الخبز لينضج ، أراد : إنما تجعل المَلَّةَ لهم سفوفا يستفّونه ، يعنى أن عطاءك إياهم حرام عليهم ، ونار فى بطونهم.

(ه) ومنه حديث أبى هريرة «كأنّما تسفّهم المَلَ».

وفيه «قال أبو هريرة : لمّا افتتحنا خيبر ، إذا أناس من يهود مجتمعون على خبزة يَمُلُّونَها» أى يجعلونها فى المَلَّةِ.

(س) وحديث كعب «أنه مرّ به رجل من جراد ، فأخذ جرادتين فمَلَّهُما» أى شواهما بالمَلَّةِ.

وفى حديث الاستسقاء «فألّف الله السّحاب ومَلَّتْنا» كذا جاء فى رواية لمسلم (٢).

__________________

(١) هذا شرح أبى الهيثم ، كما ذكر الهروى.

(٢) أخرجه مسلم فى (باب الدعاء فى الاستسقاء ، من كتاب صلاة الاستسقاء) الحديث الحادى عشر. وروايته : «ومكثنا».

٣٦١

قيل : هى من الْمَلل ، أى كثر مطرها حتى مَلِلْنَاها.

وقيل : هى «ملتنا» بالتّخفيف ، من الامتلاء ، فخفّف الهمز. ومعناه : أوسعتنا سقيا وريّا.

وفى قصيد كعب بن زهير :

* كأنّ ضاحيه بالنّار مَمْلُولُ *

أى كأنّ ما ظهر منه للشمس مشوىّ بالمَلَّةِ من شدّة حرّه.

(س) وفيه «لا تزال المَلِيلَةُ والصّداع بالعبد» المَلِيلَةُ : حرارة الحمّى ووهجها.

وقيل : هى الحمّى التى تكون فى العظام.

وفى حديث المغيرة «مَلِيلَةُ الإرغاء» أى مملُولَةُ الصّوت. فعيلة بمعنى مفعولة ، يصفها بكثرة الكلام ورفع الصّوت ، حتى تُمِلَ السّامعين.

(س) وفى حديث زيد ، أنّه أَمَلَ عليه «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» يقال : أَمْلَلَتُ الكتاب وأَمْلَيْتُه ، إذا ألقيته على الكاتب ليكتبه.

(س) وفى حديث عائشة «أصبح النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بِمَلَلٍ ، ثم راح وتعشّى بسرف» مَلَلٌ ـ بوزن جمل ـ موضع بين مكة والمدينة ، على سبعة عشر ميلا (١) من المدينة.

(ململ) ـ فى حديث أبى عبيد «أنه حمل يوم الجسر ، فضرب مَلْمَلَةَ الفيل» يعنى خرطومه.

__________________

وقال الإمام النووى فى شرحه على مسلم ٦ / ١٩٥ : «هكذا ضبطناه : ومكثنا. وكذا هو فى نسخ بلادنا ، ومعناه ظاهر. وذكر القاضى فيه أنه روى فى نسخ بلادهم على ثلاثة أوجه ، ليس منها هذا. ففى رواية لهم : «وبلّتنا» ومعناه أمطرتنا. قال الأزهرى : بلّ السحاب بالمطر بلّا ، والبلل : المطر. ويقال : انهلت ، أيضا. وفى رواية لهم : «وملتنا» بالميم ، مخففة اللام. قال القاضى : ولعل معناه : أوسعتنا مطرا. وفى رواية : «ملأتنا» بالهمز.

(١) فى ياقوت ٨ / ١٥٣ : «ثمانية وعشرين ميلا»

٣٦٢

(ملا (١)) فيه «إنّ الله لَيُمْلِي للظّالم» الإِمْلاءُ : الإمهال والتأخير وإطالة العمر. وقد تكرر فى الحديث.

وكذلك تكرر فيه ذكر «المَلِيِ» وهو الطائفة من الزّمان لا حدّ لها. يقال : مضى مَلِيٌ من النهار ، ومَلِيٌ من الدّهر : أى طائفة منه.

(باب الميم مع الميم) (٢)

(مم) ـ فى كتابه لوائل بن حجر «من زنى مِمْ بكر ، ومن زنى مِمْ ثيّب» أى من بكر ومن ثيّب ، فقلب النون ميما ، أمّا مع بكر ، فلأنّ النّون إذا سكنت قبل الباء فإنها تقلب ميما فى النّطق ، نحو عنبر وشنباء ، وأما مع غير الباء ، فإنها لغة يمانية ، كما يبدلون الميم من لام التعريف. وقد مرّ هذا فيما تقدّم.

(باب الميم مع النون)

(منأ) (س) فى حديث عمر «وآدمة فى المَنِيئَةِ» أى فى الدّباغ. وقد مَنَأْتُ الأديم ، إذا ألقيته فى الدّباغ. ويقال له ما دام فى الدباغ : مَنِيئَةٌ ، أيضا.

ومنه حديث أسماء بنت عميس «وهى تمعس مَنِيئَةً لها».

(منجف) ـ فى حديث عمرو بن العاص ، وخروجه إلى النّجاشىّ «فقعد على مِنْجَاف السّفينة» قيل : هو سكّانها [أى ذَنَبها (٣)] الذى تُعدَّل به ، وكأنه [ما تنجف به السفينة (٤)] من نَجَفْتُ السّهمَ ، إذا بَرَيْته وعدلته ، كذا قال الزمخشرىّ. والميم زائدة.

قال الخطّابى : لم أسمع فيه شيئا أعتمده.

__________________

(١) وضعت هذه المادة فى الأصل ، وا قبل (مم) على غير نهج المصنّف فى إيراد الموادّ على ظاهر لفظها.

(٢) لم يوضع هذا الباب فوق المادّة فى الأصل ، وا.

(٣) تكملتان من الفائق ٣ / ٧٠. والنقل منه.

(٤) تكملتان من الفائق ٣ / ٧٠. والنقل منه.

٣٦٣

وأخرجه أبو موسى فى الحاء المهملة مع الياء ، وقال : قال الحربىّ : ما سمعت فى المنجاف شيئا ، ولعلّه أراد أحد ناحيتى السّفينة.

وأخرجه الهروىّ فى النون والجيم ، وقال : هو سكّانها ، سمّى به لارتفاعه.

(منح) (ه) فيه «من مَنَحَ مِنْحَةَ ورق ، أو مَنَحَ لبنا كان له كعدل رقبة» مِنْحَةُ (١) الورق : القرض ، ومِنْحَةُ اللبن : أن يعطيه ناقة أو شاة ، ينتفع بلبنها ويعيدها. وكذلك إذا أعطاه لينتفع بوبرها وصوفها زمانا ثم يردّها.

ومنه الحديث «الْمِنْحَةُ مردودة».

[ه] والحديث الآخر «هل من أحد يَمْنَحُ من إبله ناقة أهل بيت لا درّ لهم؟».

ومنه الحديث «ويرعى عليها مِنْحَةٌ (٢) من لبن» أى غنم فيها لبن. وقد تقع الْمِنْحَةُ على الهبة مطلقا ، لا قرضا ولا عاريّة. ومن العاريّة :

(ه) حديث رافع «من كانت له أرض فليزرعها أو يَمْنَحْهَا أخاه».

والحديث الآخر «من مَنَحَهُ المشركون أرضا فلا أرض له» لأنّ من أعاره مشرك أرضا ليزرعها ، فإنّ خراجها على صاحبها المشرك ، لا يسقط الخراج عنه مِنْحَتُهُ (٣) إيّاها المسلم ، ولا يكون على المسلم خراجها.

ومنه الحديث «أفضل الصّدقة الْمَنِيحَةُ ، تغدو بعساء وتروح بعساء» الْمَنِيحَةُ : المِنْحَةُ. وقد تكرّرتا فى الحديث.

وفى حديث أم زرع «وآكل فَأَتَمَنَّحُ» أى أطعم غيرى. وهو تفعّل من الْمِنْحَةِ : العطيّة.

__________________

(١) هذا قول أحمد بن حنبل. كما ذكر الهروى. وقبله قال : «قال أبو عبيد : المنحة عند العرب على معنيين : أحدهما أن يعطى الرجل صاحبه صلة ، فتكون له ، والأخرى أن يمنحه شاة أو ناقة ينتفع بلبنها ووبرها زمانا ثم يردّها. وهو تأويل قوله : «المنحة مردودة».

(٢) هكذا ضبطت بالرفع ، فى الأصل ، وا ، وهو المناسب لقوله فى التفسير «أى غنم» لكن جاءت فى اللسان بالنصب : «عليهما منحة» مع رفع التفسير.

(٣) فى الأصل ، وا ، واللسان : «منحتها» وما أثبتّ من الفائق ٣ / ٥١. وفى النسخة ٥١٧ : «منحتها إياه المسلم».

٣٦٤

(ه) وفى حديث جابر «كنت مَنِيحَ أصحابى يوم بدر» الْمَنِيحُ : أحد سهام الميسر الثلاثة التى لا غنم لها ولا غرم عليها ، أراد أنه كان يوم بدر صبيّا ، ولم يكن ممن يضرب له بسهم مع المجاهدين.

(منع) فى أسماء الله تعالى «المَانِعُ» هو الذى يَمْنَعُ عن أهل طاعته ، ويحوطهم وينصرهم.

وقيل : يَمْنَعُ من يريد من خلقه ما يريد ، ويعطيه ما يريد.

وفيه «اللهم من مَنَعْتَ مَمْنُوعٌ» أى من حرمته فهو محروم. لا يعطيه أحد غيرك.

وفيه «أنه كان ينهى عن عقوق الأمّهات ، ومَنْعِ وهات» أى عن مَنْعِ ما عليه إعطاؤه ، وطلب ما ليس له.

وفيه «سيعوذ بهذا البيت قوم ليست لهم مَنْعَةٌ» أى قوّة تَمْنَعُ من يريدهم بسوء. وقد تفتح النون.

وقيل : هى بالفتح جمع مَانِعٍ ، مثل كافر وكفرة. وقد تكررت فى الحديث على المعنيين.

(منقل) ـ فى حديث ابن مسعود «إلّا امرأة يئست من البعولة فهى فى مَنْقَلَيْهَا» المَنْقَل ، بالفتح : الخُفّ.

قال أبو عبيد : لو لا أنّ الرّواية اتّفقت فى الحديث والشّعر ما كان وجه الكلام عندى إلّا كسرها. والميم زائدة.

(منن) ـ فى أسماء الله تعالى «الْمَنَّانُ» هو المنعم المعطى ، من الْمَنِ : العطاء ، لا من الْمِنَّةِ. وكثيرا ما يرد المَنُ فى كلامهم بمعنى الإحسان إلى من لا يستثيبه ولا يطلب الجزاء عليه. فَالْمَنَّانُ من أبنية المبالغة ، كالسّفاك والوهّاب.

(ه) ومنه الحديث «ما أحد أَمَنُ علينا من ابن أبى قحافة!» أى ما أحد أجود بماله وذات يده.

وقد تكرر [أيضا](١) فى الحديث.

__________________

(١) من : ا.

٣٦٥

وقد يقع الْمَنَّانُ على الذى لا يعطى شيئا إلّا مَنَّهُ. واعتدّ به على من أعطاه ، وهو مذموم لأن الْمِنَّةَ تفسد الصّنيعة.

(ه) ومنه الحديث «ثلاثة يشنؤهم الله ، منهم البخيل الْمَنَّانُ» وقد تكرر أيضا فى الحديث.

(ه) ومنه الحديث (١) «لا تتزوّجنّ حنّانة ولا مَنَّانَةً» هى التى يتزوّج بها لماها ، فهى أبدا تَمُنُ على زوجها. ويقال لها : الْمَنُونُ ، أيضا.

[ه] ومن الأوّل الحديث «الكمأة من المَنِ ، وماؤها شفاء للعين» أى هى ممّا مَنَ الله به على عباده.

وقيل : شبّهها بِالْمَنِ ، وهو العسل الحلو ، الذى ينزل من السماء عفوا بلا علاج. وكذلك الكمأة ، لا مؤونة فيها ببذر ولا سقى.

(س) وفى حديث سطيح :

* يا فاصل الخطّة أعيت من ومن *

هذا كما يقال : أعيا هذا الأمر فلانا وفلانا ، عند المبالغة والتعظيم : أى أعيت كلّ من جلّ قدره ، فحذف. يعنى أنّ ذلك مما تقصر العبارة عنه لعظمه ، كما حذفوها من قولهم بعد اللّتيّا والّتى ، استعظاما لشأن المحذوف.

(س) وفيه «من غشّنا فليس منّا» أى ليس على سيرتنا ومذهبنا ، والتّمسّك بسنّتنا ، كما يقول الرّجل : أنا منك وإليك ، يريد المتابعة والموافقة.

(س) ومنه الحديث «ليس منّا من حلق وخرق وصلق» وقد تكرر أمثاله فى الحديث بهذا المعنى.

وذهب بعضهم إلى أنه أراد به النّفى عن دين الإسلام ، ولا يصحّ.

(منهر) ـ فى حديث عبد الله بن أنيس «فأتوا مَنْهَرا فاختبأوا» المنهر : خرق فى الحصن نافذ يدخل فيه الماء ، وهو مفعل ، من النّهر ، والميم زائدة.

__________________

(١) عبارة الهروى : «وروى عن بعضهم : لا تتزوّجنّ ...».

٣٦٦

(ه) ومنه حديث عبد الله بن سهل «أنه قتل وطرح فى منهر من مناهير خيبر».

(منا) (ه) فيه «إذا تَمَنَّى أحدكم فليكثر ، فإنما يسأل ربّه» التَّمَنِّي : تشهّى حصول الأمر المرغوب فيه ، وحديث النّفس بما يكون وما لا يكون.

والمعنى : إذا سأل الله حوائجه وفضله فليكثر ، فإن فضل الله كثير ، وخزائنه واسعة.

(س) ومنه حديث الحسن «ليس الإيمان بالتّحلّى ولا بِالتَّمَنِّي ، ولكن ما وقر فى القلب ، وصدّقته الأعمال» أى ليس هو بالقول الذى تظهره بلسانك فقط ، ولكن يجب أن تتبعه معرفة القلب.

وقيل : هو من التَّمَنِّي : القراءة والتّلاوة ؛ يقال : تَمَنَّى ، إذا قرأ.

[ه] ومنه مرثية عثمان :

تَمَنَّى كتاب الله أوّل ليلة

وآخرها (١) لاقى حمام المقادر

وفى حديث عبد الملك «كتب إلى الحجّاج : يا ابن الْمُتَمَنِّيَةِ» أراد أمّه ، وهى الفريعة بنت همّام ، وهى القائلة :

هل من سبيل إلى خمر فأشربها

أم هل سبيل إلى نصر بن حجّاج

وكان نصر رجلا جميلا من بنى سليم ، يفتتن به النّساء ، فحلق عمر رأسه ونفاه إلى البصرة. فهذا كان تَمَنِّيهَا الذى سمّاها به عبد الملك.

(س [ه]) ومنه قول عروة بن الزبير للحجّاج «إن شئت أخبرتك من لا أمّ له ، يا ابن الْمُتَمَنِّيَةِ».

(ه) وفى حديث عثمان «ما تعنّيت ، ولا تَمَنَّيْتُ ، ولا شربت خمرا فى جاهليّة ولا إسلام».

وفى رواية «ما تَمَنَّيْتُ منذ أسلمت» أى ما كذبت. التَّمَنِّي : التّكذّب ، تفعّل ، من مَنَى يَمْنِي ، إذا قدّر ، لأنّ الكاذب يقدّر الحديث فى نفسه ثم يقوله.

قال رجل لابن دأب ، وهو يحدّث : «أهذا شىء روّيته (٢) أم شىء تَمَنَّيْتَهُ؟» أى اختلقته ولا أصل له. ويقال للأحاديث التى تُتَمَنَّى : الْأَمَانِيُ ، واحدتها : أُمْنِيَّةٌ.

__________________

(١) فى اللسان : «أوّل ليله ... وآخره».

(٢) فى الهروى : «رويته».

٣٦٧

ومنه قصيد كعب :

فلا يغرّنك ما مَنَّتْ وما وعدت

إنّ الْأَمَانِيَ والأحلام تضليل

(ه) وفيه «أنّ منشدا أنشد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

لا تأمننّ وإن أمسيت فى حرم

حتّى تلاقى ما يَمْنِي لك المَانِي

فالخير والشّرّ مقرونان فى قرن

بكلّ ذلك يأتيك الجديدان

فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لو أدرك هذا الإسلام» معناه : حتى تلاقى ما يقدّر لك المقدّر ، وهو الله تعالى. يقال : مَنَى الله عليك خيرا يَمْنِي مَنْياً.

ومنه سمّيت «الْمَنِيَّةُ» وهى الموت. وجمعها : المَنَايَا ؛ لأنها مقدّرة بوقت مخصوص. وقد تكررت فى الحديث.

وكذلك تكرر فى الحديث ذكر «الْمَنِيِ» بالتشديد ، وهو ماء الرّجل. وقد مَنَى الرّجل ، وأَمْنَى ، واسْتَمْنَى ، إذا استدعى خروج الْمَنِيِ.

[ه] وفيه «البيت المعمور مَنَا مكّة» أى بحذائها فى السماء. يقال : دارى مَنَا دار فلان : أى مقابلها.

ومنه حديث مجاهد «إن الحرم حرم مَنَاهُ من السّموات السّبع والأرضين السّبع» أى حذاءه وقصده (١).

وفيه «أنّهم كانوا يهلّون لِمَنَاةَ» مَنَاةُ : صنم كان لهذيل وخزاعة بين مكّة والمدينة ، والهاء فيه للتأنيث. والوقف عليه بالتاء.

(مناذر) ـ فيه ذكر «مَنَاذِر» هى بفتح الميم وتخفيف النّون وكسر الذال المعجمة : بلدة معروفة بالشام قديمة.

(منار) ـ فيه «لعن الله من غيّر مَنَارَ الأرض» أى أعلامها. والميم زائدة. وستذكر فى النّون.

__________________

(١) فى الأصل : «حذاؤه وقصده» والمثبت من او اللسان.

٣٦٨

(باب الميم مع الواو)

(موبذ) ـ فى حديث سطيح «فأرسل كسرى إلى الْمُوبَذَانِ» الْمُوبَذَانُ للمجوس : كقاضى القضاة للمسلمين ، والْمُوبَذُ : كالقاضى.

(موت) ـ فى دعاء الانتباه «الحمد لله الذى أحيانا بعد ما أَمَاتَنَا ، (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)» سمّى النّوم مَوْتاً ، لأنه يزول معه العقل والحركة ، تمثيلا وتشبيها ، لا تحقيقا.

وقيل : الْمَوْتُ فى كلام العرب يطلق على السكون. يقال : مَاتَتِ الرّيح : أى سكنت.

والْمَوْتُ يقع على أنواع بحسب أنواع الحياة ، فمنها ما هو بإزاء القوّة النّامية الموجودة فى الحيوان والنّبات ، كقوله تعالى : (يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها).

ومنها زوال القوّة الحسّيّة ، كقوله تعالى : (يا لَيْتَنِي مِتُ قَبْلَ هذا).

ومنها زوال القوّة العاقلة ، وهى الجهالة ، كقوله تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) و (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى).

ومنها الحزن والخوف المكدّر للحياة ، كقوله تعالى : (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ).

ومنها المنام كقوله تعالى : (وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها).

وقد قيل : المنام : المَوْتُ الخفيف ، والمَوْتُ : النّوم الثّقيل.

وقد يستعار المَوْتُ للأحوال الشّاقّة ، كالفقر ، والذّلّ ، والسّؤال ، والهرم ، والمعصية ، وغير ذلك.

(س) ومنه الحديث «أول من مَاتَ إبليس» لأنّه أوّل من عصى.

(س) وحديث موسى عليه‌السلام «قيل له : إنّ هامان قد مَاتَ ، فلقيه ، فسأل ربّه ، فقال له : أما تعلم أنّ من أفقرته فقد أَمَتُّهُ».

(س) وحديث عمر «اللّبن لا يَمُوتُ» أراد أن الصّبىّ إذا رضع امرأة مَيِّتَةً حرم عليه من ولدها وقرابتها ما يحرم عليه منهم لو كانت حيّة وقد رضعها.

٣٦٩

وقيل : معناه : إذا فصل اللّبن من الثّدى وأسقيه الصّبىّ ، فإنّه يحرم به ما يحرم بالرّضاع ، ولا يبطل عمله بمفارقة الثّدى ، فإنّ كلّ ما انفصل من الحىّ مَيِّتٌ ، إلّا اللّبن والشّعر والصّوف ، لضرورة الاستعمال.

وفى حديث البحر «الحلّ مَيْتَتُهُ» هو بفتح الميم : اسم لما مَاتَ فيه من حيوانه. ولا تكسر الميم.

وفى حديث الفتن «فقد مَاتَ مِيتَةً جاهليّة» هى بالكسر : حالة الموت : أى كما يموت أهل الجاهليّة ، من الضّلال والفرقة.

(س) وفى حديث أبى سلمة «لم يكن أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم متحزّقين ولا مُتَمَاوِتِينَ» يقال : تَمَاوَتَ الرّجل ، إذا أظهر من نفسه التّخافت والتّضاعف ، من العبادة والزّهد والصّوم.

(س) ومنه حديث عمر «رأى رجلا مطأطئا رأسه ، فقال : ارفع رأسك ، فإن الإسلام ليس بمريض».

ورأى رجلا مُتَمَاوِتاً ، فقال : «لا تُمِتْ علينا ديننا ، أَمَاتَكَ الله».

(س) وحديث عائشة «نظرت إلى رجل كاد يَمُوتَ تخافتا ، فقالت : ما لهذا؟ فقيل : إنّه من القرّاء ، فقالت : كان عمر سيّد القرّاء ، كان إذا مشى أسرع ، وإذا قال أسمع ، وإذا ضرب أوجع».

(ه) وفى حديث بدر «أرى القوم مُسْتَمِيتِينَ» أى مستقتلين ، وهم الذين يقاتلون على الموت.

(س) وفيه «يكون فى الناس مُوتَانٌ كقعاص الغنم» الْمُوتَانُ ، بوزن البطلان : الموت الكثير الوقوع.

وفيه «من أحيا مَوَاتاً فهو أحقّ به» الْمَوَاتُ : الأرض الّتى لم تزرع ولم تعمر ، ولا جرى عليها ملك أحد. وإحياؤها : مباشرة عمارتها ، وتأثير شىء فيها.

(س) ومنه الحديث «مَوَتَانُ الأرض لله ولرسوله» يعنى مَوَاتَهَا الذى ليس ملكا لأحد.

٣٧٠

وفيه لغتان : سكون الواو ، وفتحها مع فتح الميم.

والْمَوَتَانُ أيضا : ضدّ الحيوان.

وفيه «كان شعارنا : يا منصور أَمِتْ» هو أمر بالموت. والمراد به التفاؤل بالنّصر بعد الأمر بِالْإِمَاتَةِ ، مع حصول الغرض للشّعار ، فإنّهم جعلوا هذه الكلمة علامة بينهم ، يتعارفون بها ؛ لأجل ظلمة اللّيل.

وفى حديث الثّوم والبصل «من أكلهما فَلْيُمِتْهُمَا طبخا» أى فليبالغ فى طبخهما ؛ لتذهب حدّتهما ورائحتهما.

وفى حديث الشيطان «أمّا همزه فَالْمُوتَةُ» يعنى الجنون. والتفسير فى الحديث.

فأما «غزوة مؤتة» فإنها بالهمز. وهى موضع من بلد الشّام.

(مود) (ه) فى حديث ابن مسعود «أرأيت رجلا مُودِياً نشيطا» المُودِي : التّامّ السّلاح ، الكامل أداة الحرب. وأصله الهمز ، والميم زائدة ، وقد تليّن الهمزة فتصير واوا. وقد تقدّم هو وغيره فى حرف الهمزة.

(مور) (ه) فى حديث الصدقة «فأمّا المنفق فإذا أنفق مَارَتْ عليه» أى تردّدت نفقته ، وذهبت وجاءت. يقال : مَارَ الشّىء يَمُورُ مَوْراً ، إذا جاء وذهب. ومَارَ الدّم يَمُورُ مَوْراً ، إذا جرى على وجه الأرض.

(س) ومنه حديث سعيد بن المسيّب «سئل عن بعير نحروه بعود ، فقال : إن كان مَارَ مَوْراً فكلوه ، وإن ثرّد فلا».

(ه) وفى حديث ابن الزبير «يطلق عقال الحرب بكتائب تَمُورُ كرجل الجراد» أى تتردّد وتضطرب ، لكثرتها.

(ه) وفى حديث عكرمة «لمّا نفخ فى آدم الروح مَارَ فى رأسه فعطس» أى دار وتردّد.

وحديث قسّ «ونجوم تَمُورُ» أى تذهب وتجىء.

٣٧١

وفى حديثه أيضا «فتركت الْمَوْرَ ، وأخذت فى الجبل» المَوْرُ ، بالفتح : الطّريق. سمّى بالمصدر ؛ لأنه يجاء فيه ويذهب.

(س) وفى حديث ليلى «انتهينا إلى الشّعيثة ، فوجدنا سفينة قد جاءت من مَوْرٍ» قيل : هو اسم موضع ، سمّى به لِمَوْرِ الماء فيه : أى جريانه.

(مزج) ـ فيه «إنّ امرأة نزعت خفّها ، أو مُوزَجَها فسقت به كلبا» المَوْزَج : الخفّ ، تعريب موزه ، بالفارسية.

(موس) (س) فى حديث عمر «كتب أن يقتلوا من جرت عليه الْمَوَاسِي» أى من نبتت عانته ، لأنّ الْمَوَاسِيَ إنما تجرى على من أنبت. أراد من بلغ الحلم من الكفّار.

(موش) (س) فيه «كان للنبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم درع تسمّى ذات الْمَوَاشِي» هكذا أخرجه أبو موسى فى «مسند ابن عبّاس» من الطّوالات. وقال : لا أعرف صحّة لفظه ، وإنّما يذكر المعنى بعد ثبوت اللّفظ.

(موص) (ه) فى حديث عائشة «قالت عن عثمان : مُصْتُمُوهُ كما يُمَاصُ الثّوب ، ثم عدوتم عليه فقتلتموه» الْمَوْصُ : الغسل بالأصابع. يقال : مُصْتُهُ أَمُوصُهُ مَوْصاً. أرادت أنهم استتابوه عمّا نقموا منه ، فلمّا أعطاهم ما طلبوا قتلوه.

(موق) (ه) فيه «إنّ امرأة رأت كلبا فى يوم حارّ فنزعت له بِمُوقِهَا ، فسقته فغفر لها» الْمُوقُ : الخفّ ، فارسىّ معرّب.

ومنه الحديث «أنه توضأ ومسح على مُوقَيْهِ».

وحديث عمر «لمّا قدم الشّام عرضت له مخاضة ، فنزل عن بعيره ونزع مُوقَيْهِ وخاض الماء».

(س) وفيه «أنه كان يكتحل مرّة من مُوقِهِ ، ومرّة من ماقه» قد تقدّم شرحه فى المأق.

(مول) (س) فيه «نهى عن إضاعة الْمَالِ» قيل : أراد به الحيوان : أى يحسن إليه ولا يهمل.

٣٧٢

وقيل : إضاعته : إنفاقه فى الحرام ، والمعاصى وما لا يحبّه الله.

وقيل : أراد به التّبذير والإسراف ، وإن كان فى حلال مباح.

الْمَالُ فى الأصل : ما يملك من الذهب والفضّة ، ثم أطلق على كلّ ما يقتنى ويملك من الأعيان. وأكثر ما يطلق المَالُ عند العرب على الإبل ، لأنها كانت أكثر أَمْوَالِهِمْ.

ومَالَ الرّجلُ وتَمَوَّلَ ، إذا صار ذا مال. وقد مَوَّلَهُ غيره. ويقال : رجل مَالٌ : أى كثير المال ، كأنّه قد جعل نفسه مالا ، وحقيقته : ذو مال.

(س) ومنه الحديث «ما جاءك منه وأنت غير مشرف عليه فخذه وتَمَوَّلْهُ» أى اجعله لك مالا.

وقد تكرر ذكر «المَالِ» على اختلاف مسمّياته فى الحديث. ويفرق فيها بالقرائن.

(موم) ـ فى صفة الجنة «(وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) من مُومِ العسل» المُومُ : الشّمع وهو معرّب.

(س) وفى حديث العرنيّين «وقد وقع بالمدينة الْمُومُ» هو البرسام مع الحمّى (١).

وقيل : هو بثر أصغر من الجدرىّ.

(مومس) ـ فى حديث جريج «حتى تنظر فى وجوه المُومِسات» المُومِسة : الفاجرة. وتجمع على مَيَامِس ، أيضا ، ومَوَامِس. وأصحاب الحديث يقولون : مَيَامِيس ، ولا يصحّ إلّا على إشباع الكسرة ليصير ياء ، كمطفل ، ومطافل ، ومطافيل.

ومنه حديث أبى وائل «أكثر تبع الدّجّال أولاد المَيَامِس» وفى رواية «أولاد الموامس» وقد اختلف فى أصل هذه اللّفظة ، فبعضهم يجعله من الهمزة ، وبعضهم يجعله من الواو ، وكلّ منهما تكلّف له اشتقاقا فيه بعد ، فذكرناها فى حرف الميم لظاهر لفظها ، ولاختلافهم فى أصلها.

(مويه) (س) فيه «كان موسى عليه‌السلام يغتسل عند مُوَيْهٍ» هو تصغير ماء.

__________________

(١) الموم ، بمعنى البرسام فقط ، ذكره الجواليقى. المعرب ص ٣١٢ وبمعنى الشمع فقط ، ذكره الخفاجى. شفاء الغليل ص ٢٠٢.

٣٧٣

وأصل الْمَاءِ : موه ، ويجمع على أَمْوَاهٍ ومِيَاهٍ ، وقد جاء أَمْوَاء.

والنّسب إليه : مَاهِيٌ ، ومَائِيٌ ، على الأصل واللّفظ.

(س) وفى حديث الحسن «كان أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يشترون السّمن الْمَائِيَ» هو منسوب إلى مواضع تسمّى مَاهَ ، يعمل بها.

ومنه قولهم «مَاهُ البصرة ، ومَاهُ الكوفة ، وهو اسم للأماكن المضافة إلى كلّ واحدة منهما ، فقلب الهاء فى النسب همزة أو ياء. وليست اللّفظة عربية (١).

(باب الميم مع الهاء)

(مهر) (ه) فيه «مثل الْمَاهِرِ بالقرآن مثل الكرام السّفرة البررة» الْمَاهِرُ : الحاذق بالقراءة. وقد مَهَرَ يَمْهُرُ مَهَارَةً.

والسّفرة : الملائكة.

وفى حديث أم حبيبة «وأَمْهَرَهَا النّجاشىّ من عنده» يقال : مَهَرْتُ المرأة وأَمْهَرْتُهَا ، إذا جعلت لها مَهْراً ، وإذا سقت إليها مَهْرَهَا ، وهو الصّداق.

(مهش) (ه) فيه «أنه لعن من النّساء الْمُمْتَهِشَةَ (٢)» تفسيره فى الحديث : التى تحلق وجهها بالموسى (٣).

يقال : مَهَشَتْهُ النار ، مثل محشته : أى أحرقته.

(مهق) (ه) فى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لم يكن بالأبيض الْأَمْهَقِ» هو الكريه البياض كلون الجصّ. يريد أنه كان نيّر البياض.

__________________

(١) قال صاحب شفاء الغليل ص ٢٠٨ : «ماه : بمعنى البلد. ومنه ضرب هذا الدرهم بماه البصرة».

(٢) فى الأصل ، وا : «المتمهّشة» وما أثبت من الهروى ، واللسان ، والفائق ١ / ٢٨٣ ، وتاج العروس.

(٣) بعد هذا فى الهروى : «وقال القتيبى : لا أعرف الحديث إلا أن تكون الهاء مبدلة من الحاء. يقال : مرّ بى جمل فمحشنى ، إذا حاكّه فسحج جلده. وقال غيره : محشته النار ، ومهشته ، إذا أحرقته».

٣٧٤

(مهل) (ه) فى حديث أبى بكر «ادفنونى فى ثوبىّ هذين ، فإنما هما لِلمُهْلِ والتّراب» ويروى «لِلْمِهْلَةِ» بضم الميم وكسرها وفتحها ، وهى ثلاثتها : القيح والصّديد الذى يذوب فيسيل من الجسد ، ومنه قيل للنّحاس الذّائب : مُهْلٌ.

(ه) وفى حديث عليّ «إذا سرتم إلى العدوّ فَمَهْلاً مَهْلاً ، وإذا وقعت العين على العين فَمَهَلاً مَهَلاً» السّاكن : الرّفق ، والمتحرّك : التّقدّم. أى إذا سرتم فتأنّوا ، وإذا لقيتم فاحملوا. كذا قال الأزهرى وغيره.

وقال الجوهرىّ : المَهَلُ ، بالتّحريك : التّؤدة والتّباطؤ ، والاسم : المُهْلَةُ (١).

وفلان ذو مَهَلٍ ، بالتحريك : أى ذو تقدّم فى الخير. ولا يقال فى الشرّ. يقال : مَهَّلْتُهُ وأَمْهَلْتُه : أى سكّنته وأخّرته. ويقال : مَهْلاً للواحد والاثنين والجمع والمؤنّث ، بلفظ واحد.

(ه) ومنه حديث رقيقة «ما يبلغ سعيهم مَهْلَهُ» أى ما يبلغ إسراعهم إبطاءه.

(مهم) (ه س) فى حديث سطيح :

أزرق مَهْمُ النّاب صرّار الاذن

أى حديد النّاب.

قال الأزهرىّ : هكذا روى ، وأظنّه «... مهو النّاب ...» بالواو. يقال : سيف مهو : أى حديد ماض.

وأورده الزمخشرىّ :

أزرق ممهى النّاب صرّار الاذن

وقال (٢) : «الممهى : المحدّد» ، من أمهيت الحديدة ، إذا أحددتها. شبّه بعيره بالنمر ، لزرقة عينيه ، وسرعة سيره.

(س) وفى حديث زيد بن عمرو «مَهْمَا تجشّمنى تجشّمت» مَهْما : حرف من حروف الشّرط التى يجازى بها ، تقول : مَهْمَا تفعل أفعل.

قيل : إنّ أصلها : ماما ، فقلبت الألف الأولى هاء. وقد تكررت فى الحديث.

__________________

(١) زاد الجوهرى : «بالضم»

(٢) انظر الفائق ١ / ٤٦٤

٣٧٥

(مهه) فى حديث قسّ «ومَهْمَهٍ [فِيهِ (١)] ظُلْمَان» المَهْمَه : المفازة والبرّيّة القفر ، وجمعها : مَهَامِه.

(مهن) ـ فيه «ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم جمعته سوى ثوبى مَهْنَتِه» أى خدمته وبذلته.

والرّواية بفتح الميم ، وقد تكسر.

قال الزّمخشرىّ : «وهو عند الأثبات خطأ. قال الأصمعىّ : المَهْنَةُ بفتح الميم : هى الخدمة. ولا يقال : مِهْنَة ، بالكسر. وكان القياس لو قيل مثل جلسة وخدمة ، إلّا أنّه جاء على فعلة واحدة». يقال : مَهَنْتُ القوم أَمْهَنُهُم وأَمْهُنُهُم ، وامْتَهَنُونِي : أى ابتذلونى فى الخدمة.

(ه) وفى حديث سلمان «أكره أن أجمع على ماهِنِي مَهْنَتَيْن» أى أجمع على خادمى عملين فى وقت واحد ، كالطّبخ والخبز مثلا.

(س) ومنه حديث عائشة «كان النّاس مُهَّانَ أنفسهم».

وفى حديث آخر «مَهَنَة أنفسهم» هما جمع ماهِنٍ ، ككاتب وكتّاب وكتبة.

وقال أبو موسى فى حديث عائشة : هو «مِهَان» يعنى بكسر الميم والتخفيف. كصائم وصيام. ثم قال : ويجوز «مُهَّان أنفسهم» قياسا.

وفى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «ليس بالجافى ولا المَهِين» يروى بفتح الميم وضمّها ، فالضمّ ، من الإهانة : أى لا يهين أحدا من النّاس ، فتكون الميم زائدة.

والفتح من المَهَانَةِ : الحقارة والصّغر ، وتكون الميم أصليّة.

وفى حديث ابن المسيّب «السّهل يوطأ ويُمْتَهَنُ» أى يداس ويبتذل ، من المَهْنَةِ : الخدمة.

(مهه) ـ فيه «كلّ شىء مَهَهٌ إلّا حديث النّساء» المَهَهُ والمَهَاهُ : الشّىء الحقير اليسير. والهاء فيه أصلية.

قال [عمران بن حطّان](٢) :

__________________

(١) تكملة ممّا سبق فى مادة (ظلم).

(٢) ساقط من : ا. وهو فى الصحاح ، واللسان بهذه النسبة. والرواية فى اللسان :

فليس لعيشتنا هذا مهاه

وليست دارنا هاتا بدار

٣٧٦

وليس لعيشنا هذا مَهَاهٌ

وليست دارنا الدّنيا بدار

وقيل : المَهاهُ : النّضارة والحسن ، أراد على الأوّل أن كلّ شىء يهون ويطرح إلّا ذكر النّساء. أى أن الرّجل يحتمل كلّ شىء إلّا ذكر حرمه.

وعلى الثانى يكون الأمر بعكسه ، أى أنّ كلّ ذكر وحديث ، حسن إلّا ذكر النّساء.

وهذه الهاء لا تنقلب فى الوصل تاء.

وفى حديث طلاق ابن عمر «قلت : فَمَهْ؟ أرأيت إن عجز واستحمق» أى فماذا ، للاستفهام ، فأبدل الألف هاء ، للوقف والسّكت.

(س) وفى حديث آخر «ثمّ مَهْ؟».

ومنه الحديث «فقالت الرّحم : مَهْ؟ هذا مقام العائذ بك».

وقيل : هو زجر مصروف إلى المستعاذ منه ، وهو القاطع ، لا إلى المستعاذ به ، تبارك وتعالى.

وقد تكرر فى الحديث ذكر «مَهْ» وهو اسم مبنىّ على السّكون ، بمعنى اسكت.

(مها) (ه) فى حديث ابن عباس «أنه قال لعتبة بن أبي سفيان ـ وقد أثنى عليه فأحسن ـ : أَمْهَيْتَ يا أبا الوليد» أَمْهَيْتَ : أى بالغت فى الثّناء واستقصيت ، من أَمْهَى حافر البئر ، إذا استقصى فى الحفر وبلغ الماء.

(ه) وفى حديث ابن عبد العزيز «أنّ رجلا سأل ربّه أن يريه موقع الشّيطان من قلب ابن آدم فرأى فيما يرى النّائم جسد رجل مُمَهَّى ، يرى داخله من خارجه» المَهَا : البلّور ، وكلّ شىء صفّى فهو مُمَهًّى ، تشبيها به. ويقال للكوكب : مَهاً ، وللثّغر إذا ابيضّ وكثر ماؤه : مَهاً.

(مهيع) (س) فيه «وانقل حُمَّاها إلى مَهْيَعَةَ» مَهْيَعَة : اسم الجُحفَة ، وهى ميقات أهل الشّام ، وبها غدير خُمّ ، وهى شديدة الوخم.

قال الأصمعىّ : لم يولد بغدير خمّ أحد فعاش إلى أن يحتلم ، إلّا أن يتحوّل منها.

وفى حديث عليّ «اتّقوا البدع والزموا المَهْيَعَ» هو الطّريق الواسع المنبسط. والميم زائدة ، وهو مفعل من التّهيّع : الانبساط.

٣٧٧

(مهيم) ـ فى حديث الدجّال «فأخذ بلَجْفَتَى الباب فقال : مَهْيَمْ؟» أى ما أمركم وشأنكم. وهى كلمة يمانيّة.

[ه] ومنه الحديث «أنه قال لعبد الرّحمن بن عوف ورأى عليه وضرا من صفرة : مَهْيَمْ؟».

وحديث لقيط «فيستوى جالسا فيقول : ربّ ، مَهْيَمْ».

(باب الميم مع الياء)

(ميتاء) ـ فى حديث اللّقطة «ما وجدت فى طريق مِيتاءٍ فعرّفه سنة» أى طريق مسلوك ، وهو مفعال من الإتيان. والميم زائدة ، وبابه الهمزة.

ومنه الحديث «قال لمّا مات ابنه إبراهيم : لو لا أنّه طريق مِيتَاءٌ لحزنّا عليك يا إبراهيم» أى طريق يسلكه كلّ أحد.

(ميتخة) ـ فيه «أنه خرج وفى يده مِيتَخَة» هكذا جاء فى رواية ، بتقديم الياء على التّاء ، وهى الدّرّة ، أو العصا ، أو الجريدة. وقد تقدّمت فى الميم والتّاء مبسوطة.

(ميث) ـ فى حديث أبى أسيد «فلما فرغ من الطعام أَمَاثَتْه فسقته إياه» هكذا روى «أَمَاثَتْه» والمعروف «ماثَتْه». يقال : مِثْتُ الشّىء أَمِيثُه وأَمُوثُه فَانْمَاثَ ، إذا دفته فى الماء.

(ه) ومنه حديث عليّ «اللهمّ مِثْ قلوبهم كما يُمَاثُ الملح فى الماء».

(ميثر) ـ فيه «أنه نهى عن مِيثَرة الأرجوان» هى وطاء محشوّ ، يترك على رحل البعير تحت الرّاكب. وأصله الواو ، والميم زائدة. وسيجىء فى بابه.

(ميجن) ـ فى حديث ثابت «فضربوا رأسه بِمِيجَنَة» هى العصا التى يضرب بها القصّار الثوب.

وقيل : هى صخرة.

واختلف فى أصلها ، هل هو من الهمزة أو الواو؟ وجمعها : المَوَاجِن.

ومنه حديث عليّ «ما شَبَّهْتُ وَقْعَ السُّيُوفِ عَلَى الْهَامِ إِلَّا بِوَقْعِ البَيَازِرِ عَلَى المَوَاجِن».

٣٧٨

(ميح) (ه) فى حديث جابر «فنزلنا فيها ستّة مَاحَةً» هى جمع مَائح ، وهو الذى ينزل فى الرّكيّة إذا قلّ ماؤها ، فيملأ الدّلو بيده. وقد مَاحَ يَمِيحُ مَيْحاً. وكلّ من أولى معروفا فقد ماحَ. والآخذ : مُمْتَاحٌ ومُسْتَمِيحٌ.

[ه] ومنه حديث عائشة تصف أباها «وامْتَاحَ من المهواة» هو (١) افتعل ، من المَيْحِ : العطاء.

(ميد) ـ فيه «لمّا خلق الله الأرض جعلت تَمِيدُ فأرساها بالجبال» مادَ يَميد ، إذا مال وتحرّك.

ومنه حديث ابن عباس «فدحا الله الأرض من تحتها فَمَادَتْ».

ومنه حديث عليّ «فسكنت من المَيَدانِ برسوب الجبال» هو بفتح الياء : مصدر مادَ يَمِيد.

وفى حديثه أيضا يذمّ الدّنيا «فهى الحيود المَيُودُ» فعول منه.

(س) ومنه حديث أمّ حرام «الْمَائِد فى البحر له أجر شهيد» هو الذى يدار برأسه من ريح البحر واضطراب السّفينة بالأمواج.

(ه) وفيه «نحن الآخرون السّابقون ، مَيْدَ أنّا أوتينا الكتاب من بعدهم» مَيْدَ وبيد : لغتان بمعنى غير. وقيل : معناهما على أنّ.

(مير) (س) فيه «والحمولة المائِرَةُ لهم لاغية» يعنى الإبل التى تحمل عليها المِيرَةُ ، وهى الطّعام ونحوه ، ممّا يجلب للبيع ، ولا يؤخذ منها زكاة ، لأنها عوامل.

يقال : مَارَهُم يَمِيرُهُم ، إذا أعطاهم المِيرَةَ.

ومنه حديث ابن عبد العزيز «أنه دعا بإبل فأَمَارَها» أى حمل عليها المِيرَةَ. وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

(ميز) ـ فيه «لا تهلك أمّتى حتى يكون بينهم التّمايل والتَّمَايُزُ» أى يتحزّبون أحزابا ، ويَتَمَيَّزُ بعضهم من بعض ، ويقع التّنازع.

__________________

(١) فى الهروى : «أى استقى»

٣٧٩

يقال : مِزْتُ الشّىء من الشّىء ، إذا فرّقت بينهما ، فَانْمَازَ وامْتَازَ ، ومَيَّزْتُه فَتَمَيَّز.

ومنه الحديث «من ماز أذى فالحسنة بعشر أمثالها» أى نحّاه وأزاله.

(س) ومنه حديث ابن عمر «أنه كان إذا صلّى يَنْمازُ عن مصلّاه فيركع» أى يتحوّل عن مقامه الذى صلّى فيه.

(ه) وحديث النّخعىّ «اسْتَمازَ رجل من رجل به بلاء فابتلى به» أى انفصل عنه وتباعد. وهو استفعل من المَيْزِ.

(ميس) (س) فى حديث طهفة «بأكوار المَيْسِ» هو شجر صلب ، تعمل منه أكوار الإبل ورحالها.

[ه] وفى حديث أبى الدّرداء «تدخل قيسا وتخرج مَيْساً» يقال : مَاسَ يَمِيسُ مَيْساً ، إذا تبختر فى مشيه وتثنّى.

(ميسع) ـ فى حديث هشام «إنها لمِيسَاع» أى واسعة الخطو. والأصل : موساع ، فقلبت الواو ياء لكسرة الميم ، كميزان وميقات والميم زائدة. وبابها الواو.

(ميسم) (س) فيه «تنكح المرأة لمِيسَمِها» أى لحسنها ، من الوَسَامة. وقد وسم فهو وسيم ، والمرأة وَسِيمَة ، وحكمها فى البناء حكم ميساع ، فهى مفعل من الوَسَامة. وقد تكرّرت فى الحديث.

(ميسوسن) (س) فى حديث ابن عمر «رأى فى بيته المَيْسُوسَنَ فقال : أخرجوه فإنه رجس» هو شراب تجعله النّساء فى شعورهنّ ، وهو معرّب.

أخرجه الأزهرى فى «أسن» من ثلاثىّ المعتلّ. وعاد أخرجه فى الرّباعى.

(ميض) ـ فيه «فدعا بِالْمِيضَأَة» هى بالقصر وكسر الميم ، وقد تمدّ : مطهرة كبيرة يتوضّأ منها. ووزنها مفعلة ومفعالة. والميم زائدة.

(ميط) [ه] فى حديث الإيمان «أدناها إِمَاطَةُ الأذى عن الطّريق» أى تنحيته. يقال : مِطْتُ الشّىء وأَمَطْتُه. وقيل : مِطْتُ أنا ، وأَمَطْتُ غيرى.

ومنه حديث الأكل «فَلْيُمِطْ ما بها من أذى».

٣٨٠