النّهاية - ج ٤

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٨٤

فالقِدْحَة : اسم للضرب بالمِقْدَحة ، والقَدْحَة : المرّة ، ضربها مثلا لاستخراجه بالنّظر حقيقة الأمر.

وفى حديث حذيفة «يكون عليكم أمير لو قَدَحْتُمُوه بشعرة أوريتموه» أى لو استخرجتم ما عنده لظهر ضعفه ، كما يستخرج القَادِح النار من الزّند فيورى.

(ه) وفى حديث أم زرع «تَقْدَح قدرا وتنصب أخرى» أى تغرف. يقال : قَدَح القدر إذا غرف ما فيها. والمِقْدَحَة : المغرفة. والقَدِيح : المرق.

ومنه حديث جابر «ثم قال : ادعى خابزة فلتخبز معك واقْدَحي من برمتك» أى اغرفى.

(قدد) فيه «وموضع قِدِّهِ فى الجنة خير من الدنيا وما فيها» القِدّ بالكسر : السّوط ، وهو فى الأصل سير يُقَدّ من جلد غير مدبوغ : أى قدر سوط أحدكم ، أو قدر الموضع الذى يسع سوطه من الجنة خير من الدنيا وما فيها.

(س) وفى حديث أحد «كان أبو طلحة شديد القدِّ» إن روى بالكسر فيريد به وتر القوس ، وإن روى بالفتح فهو المدّ والنّزع فى القوس.

(س) وفى حديث سمرة «نهى أن يُقَدّ السّير بين أصبعين» أى يقطع ويشق لئلا يعقر الحديد يده ، وهو شبيه بنهيه أن يتعاطى السيف مسلولا. والقَدُّ : القطع طولا ، كالشّق.

ومنه حديث أبى بكر يوم السّقيفة «الأمر بيننا وبينكم كقَدّ الأبلمة» أى كشقّ الخوصة نصفين.

(ه) ومنه حديث عليّ «كان إذا تطاول قَدّ ، وإذا تقاصر قطّ» أى قطع طولا وقطع عرضا.

[ه] وفيه «أن امرأة أرسلت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بجديين مرضوفين وقَدٍّ» أراد سقاء صغيرا متّخذا من جلد السّخلة فيه لبن ، وهو بفتح القاف.

ومنه حديث عمر «كانوا يأكلون القَدَّ» يريد جلد السّخلة فى الجدب.

وفى حديث جابر «أتى بالعبّاس يوم بدر أسيرا ولم يكن عليه ثوب ، فنظر له النبى صلى

٢١

الله عليه وسلم قميصا ، فوجدوا قميص عبد الله بن أبىّ يُقَدُّ عليه فكساه إيّاه» أى كان الثّوب على قدره وطوله.

وفى حديث عروة «كان يتزوّد قَدِيدَ الظباء وهو محرم» القَدِيد : اللّحم المملوح المجفّف فى الشمس ، فعيل بمعنى مفعول.

(ه) وفى حديث ابن الزبير «قال لمعاوية فى جواب : ربّ آكل عبيط سَيُقَدّ عليه ، وشارب صفو سيغصّ» هو من القُدَاد ، وهو داء فى البطن.

(ه) ومنه الحديث «فجعله الله حبنا وقُدَاداً» والحبن : الاستسقاء (١) (ه س) وفى حديث الأوزاعىّ «لا يسهم من الغنيمة للعبد ولا الأجير ولا القَدِيديِّين» هم تبّاع العسكر والصّنّاع ، كالحدّاد ، والبيطار ، بلغة أهل الشام. هكذا يروى بفتح القاف وكسر الدال.

وقيل : هو بضم القاف وفتح الدال ، كأنهم لخسّتهم يلبسون القَدِيد ، وهو مسح صغير.

وقيل : هو من التَّقَدُّد : التّقطّع والتّفرّق ، لأنهم يتفرّقون فى البلاد للحاجة وتمزّق ثيابهم. وتصغيرهم تحقير لشأنهم. ويشتم الرجل فيقال له : يا قَدِيدِيّ ، ويا قُدَيْديُ.

وفيه ذكر «قُدَيْد» مصغرا ، وهو موضع بين مكة والمدينة.

وفى ذكر الأشربة «المَقَدِّيُ» هو طلاء منصّف طبخ حتى ذهب نصفه ، تشبيها بشىء قُدَّ بنصفين ، وقد تخفّف داله.

(قدر) ـ فى أسماء الله تعالى «الْقادِرُ ، والمُقْتَدِر ، والْقَدِيرُ» فالقادِر : اسم فاعل ، من قَدَرَ يَقْدِر ، والقَدِير : فعيل منه ، وهو للمبالغة. والمقْتَدِر : مفتعل ، من اقْتَدَر ، وهو أبلغ.

وقد تكرر ذكر «القَدَر» فى الحديث ، وهو عبارة عما قضاه الله وحكم به من الأمور. وهو مصدر : قَدَرَ يَقْدِر قَدَراً. وقد تسكّن داله.

(ه) ومنه ذكر «لَيْلَةِ الْقَدْرِ» وهى اليلة التى تُقَدَّر فيها الأرزاق وتقضى.

ومنه حديث الاستخارة «فاقْدُرْه لى ويسّره» أى اقض لى به وهيّئه.

__________________

(١) عبارة الهروى : «السّقى فى البطن».

٢٢

[ه] وفى حديث رؤية الهلال «فإن غمّ عليكم فاقْدُروا له» أى قَدِّرُوا له عدد الشهر حتى تكمّلوه ثلاثين يوما.

وقيل : قَدِّرُوا له منازل القمر ، فإنه يدلّكم على أنّ الشهر تسع وعشرون أو ثلاثون.

قال ابن سريج (١) : هذا خطاب لمن خصّه الله بهذا العلم. وقوله «فأكملوا العدّة» خطاب للعامّة التى لم تعن به. يقال : قَدَرْتُ الأمر أَقْدُرُه وأَقْدِرُه إذا نظرت فيه ودبّرته.

(ه) ومنه حديث عائشة «فاقْدُرُوا قَدْرَ الجارية الحديثة السنّ» أى انظروه وأفكروا فيه.

ومنه الحديث «كان يَتَقَدَّر فى مرضه : أين أنا اليوم؟» أى يُقَدِّر أيام أزواجه فى الدّور عليهنّ.

وفى حديث الاستخارة «اللهم إنى أَسْتَقْدِرك بقُدْرَتك» أى أطلب منك أن تجعل لى عليه قُدْرة.

(ه) ومنه حديث عثمان (٢) «إن الذّكاة فى الحلق واللبّة لمن قَدَرَ» أى لمن أمكنه الذبح فيهما ، فأما النادّ والمتردّى فأين اتّفق من جسمهما.

وفى حديث عمير مولى آبى اللحم (٣) «أمرنى مولاى أن أَقْدُر لحما» أى أطبخ قِدْرا من لحم.

(قدس) ـ فى أسماء الله تعالى «الْقُدُّوسُ» هو الطاهر المنزّه عن العيوب. وفعّول : من أبنية المبالغة ، وقد تفتح القاف ، وليس بالكثير ، ولم يجىء منه إلّا قَدُّوس ، وسَبّوح ، وذَرّوح.

وقد تكرر ذكر «التَّقْديس» فى الحديث ، والمراد به التطهير.

ومنه «الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ» قيل : هى الشام وفلسطين. وسمّى بيت المَقْدس ، لأنه الموضع

__________________

(١) فى اللسان : «ابن شريح» وانظر شرح النووى على مسلم (باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال ، من كتاب الصوم) ٧ / ١٨٩.

(٢) أخرجه الهروى من حديث عمر.

(٣) هو عبد الله بن عبد الملك بن عبد الله بن غفار ، وقيل فى اسمه أقوال أخرى. انظر الإصابة ١ / ٩. وإنما سمى آبى اللحم ، لأنه كان يأبى أن يأكل اللحم.

٢٣

الذى يُتَقَدَّس فيه من الذنوب. يقال : بيت المَقْدِس ، والبيت المُقَدَّس ، وبيت القُدْس ، بضم الدال وسكونها.

(ه) ومنه الحديث «إن روح القُدُس نفث فى روعى» يعنى جبريل عليه‌السلام ؛ لأنه خلق من طهارة.

(ه) ومنه الحديث «لا قُدِّسَتْ أمّة لا يؤخذ لضعيفها من قويّها» أى لا طهّرت.

(س) وفى حديث بلال بن الحارث «أنه أقطعه حيث يصلح للزرع من قُدْس ، ولم يعطه حقّ مسلم» هو بضم القاف وسكون الدال : جبل معروف.

وقيل : هو الموضع المرتفع الذى يصلح للزراعة.

وفى كتاب الأمكنة «أنه قَرِيسٌ» قيل : قريس وقَرْس : جبلان قرب المدينة ، والمشهور المروىّ فى الحديث الأوّل.

وأما «قَدَس» بفتح القاف والدال. فموضع بالشام من فتوح شرحبيل بن حسنة.

(قدع) (ه) فيه «فتَتَقَادَع [بهم](١) جَنَبَتَا الصّراط تَقَادُعَ الفراش فى النار» أى تسقطهم فيها بعضهم فوق بعض. وتَقَادَع القوم : إذا مات بعضهم إثر بعض. وأصل القَدْع : الكفّ والمنع.

(ه) ومنه حديث أبى ذرّ «فذهبت أقبّل بين عينيه ، فقَدَعَني بعض أصحابه» أى كفّنى. يقال : قَدَعْتُه وأَقْدَعْتُه قَدْعا وإِقداعا.

(ه) ومنه حديث زواجه بخديجة «قال ورقة بن نوفل : محمد يخطب خديجة؟ هو الفحل لا يُقْدَع أنفه» يقال : قَدَعْتُ الفحل ، وهو أن يكون غير كريم ، فإذا أراد ركوب الناقة الكريمة ضرب أنفه بالرمح أو غيره حتى يرتدع وينكفّ. ويروى بالراء.

ومنه الحديث «فإن شاء الله أن يَقْدَعَه بها قَدَعَه».

(ه س) ومنه حديث ابن عباس «فجعلت أجد بى قَدَعاً من مسألته» أى جبنا وانكسارا وفى رواية «أجدنى قَدِعْت عن مسألته».

__________________

(١) تكملة من الهروى ، ومما سبق فى (فرش).

٢٤

ومنه حديث الحسن «اقدَعُوا هذه النّفوس فإنها طلعة».

(ه) ومنه حديث الحجّاج «اقْدَعوا هذه الأنفس فإنها أسأل شىء إذا أعطيت ، وأمنع شىء إذا سئلت» أى كفّوها عمّا تتطلّع إليه من الشهوات.

[ه] وفيه «كان عبد الله بن عمر قَدِعاً» القَدَع بالتحريك : انسلاق العين وضعف البصر من كثرة البكاء ، وقد ، قَدِعَ فهو قَدِعٌ.

(قدم) ـ فى أسماء الله تعالى «المُقَدِّم» هو الذى يُقَدِّم الأشياء ويضعها فى مواضعها ، فمن استحقّ التقديمَ قَدَّمه.

(ه) وفى صفة النار «حتى يضع الجبّار فيها قَدَمَه» أى الذين قَدَّمَهم لها من شرار خلقه ، فهم قَدَمُ الله للنار ، كما أنّ المسلمين قَدَمُه للجنة.

والقَدَم : كلّ ما قدّمْتَ من خير أو شر. وتَقَدَّمَتْ لفلان فيه قَدَمٌ : أى تَقَدُّم فى خير وشرّ.

وقيل : وضع القَدم على الشىء مثل للرّدع والقمع ، فكأنه قال : يأتيها أمر الله فيكفّها من طلب المزيد.

وقيل : أراد به تسكين فورتها ، كما يقال للأمر تريد إبطاله : وضعته تحت قَدَمِي.

(س) ومنه الحديث «ألا إن كلّ دم ومأثرة تحت قَدَمَيَ هاتين» أراد إخفاءها ، وإعدامها ، وإذلال أمر الجاهلية ، ونقض سنّتها.

ومنه الحديث «ثلاثة فى المنسى تحت قَدَم الرحمن» أى أنهم منسيّون ، متروكون ، غير مذكورين بخير.

(ه) وفى أسمائه عليه الصلاة والسلام «أنا الحاشر الذى يحشر الناس على قَدَمِي» أى على أثرى.

وفى حديث عمر «إنّا على منازلنا من كتاب الله وقسمة رسوله ، والرجل وقَدَمُه ، والرجل وبلاؤه» أى فعاله وتَقَدُّمه فى الإسلام وسبقه.

وفى حديث مواقيت الصلاة «كان قدر صلاته الظّهر فى الصيف ثلاثة أَقْدام إلى خمسة

٢٥

أَقْدام» أَقْدام الظّل التى تعرف بها أوقات الصلاة هى قَدَم كل إنسان على قدر قامَتِه ، وهذا أمر مختلف باختلاف الأقاليم والبلاد ؛ لأن سبب طول الظل وقصره هو انحطاط الشمس وارتفاعها إلى سمت الرؤوس ، فكلّما كانت أعلى ، وإلى محاذاة الرؤوس فى مجراها أقرب ، كان الظل أقصر ، وينعكس الأمر بالعكس ، ولذلك ترى ظلّ الشتاء فى البلاد الشماليّة أبدا أطول من ظل الصيف فى كل موضع منها ، وكانت صلاته عليه الصلاة والسلام بمكة والمدينة من الإقليم الثانى. ويذكر أنّ الظل فيهما عند الاعتدال فى آذار وأيلول ثلاثة أَقْدام وبعض قَدَم ، فيشبه أن تكون صلاته إذا اشتدّ الحرّ متأخّرة عن الوقت المعهود قبله إلى أن يصير الظلّ خمسة أَقْدَام ، أو خمسة وشيئا ، ويكون فى الشتاء أوّل الوقت خمسة أَقْدام ، وآخره سبعة ، أو سبعة وشيئا ، فينزّل هذا الحديث على هذا التقدير فى ذلك الإقليم دون سائر الأقاليم. والله أعلم.

[ه] ومنه حديث عليّ «غير نكل فى قَدَمٍ ولا واهنا فى عزم (١)» أى فى تَقَدُّم. ويقال : رجل قَدَمٌ إذا كان شجاعا. وقد يكون القَدَم بمعنى التقدُّم.

(س) وفى حديث بدر «أَقْدِم حيزوم» هو أمر بالإِقْدام. وهو التقدُّم فى الحرب. والإِقْدام : الشجاعة. وقد تكسر همزة : «إقْدَم» ، ويكون أمرا بالتقدّم لا غير. والصحيح الفتح ، من أقْدَم.

(س) وفيه «طوبى لعبد مغبّر قُدُمٍ فى سبيل الله» رجل قُدُمٌ بضمتين : أى شجاع. ومضى قُدُماً إذا لم يعرّج.

(س) ومنه حديث شيبة بن عثمان «فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قُدْماً ، ها» أى تَقَدَّموا و «ها» تنبيه ، يحرّضهم على القتال.

وفى حديث عليّ «نظر قُدُماً أمامه» أى لم يعرّج ولم ينثن. وقد تسكّن الدال. يقال : قَدَمَ بالفتح يَقْدُم قُدْماً : أى تَقَدَّم.

(س) وفيه «أنّ ابن مسعود سلّم عليه وهو يصلى فلم يردّ عليه ، قال : فأخذنى ما قَدُم

__________________

(١) رواية الهروى : «لغير نكل فى قدم ، ولا وهى فى عزم». وقال ابن الأثير فى مادة (وها) : ويروى «ولا وهى فى عزم».

٢٦

وما حدث» أى الحزن والكآبة ، يريد أنه عاودته أحزانه القديمة واتّصلت بالحديثة.

وقيل : معناه غلب علىّ التفكّر فى أحوالى القديمة والحديثة. أيّها كان سببا لترك ردّه السلام علىّ.

[ه] وفى حديث ابن عباس «أنّ ابن أبى العاص مشى القُدَمِيَّة» وفى رواية «اليقْدُمِيَّة (١)» والذى جاء فى رواية البخارى «القُدَمِيَّة» ومعناها أنه تَقَدَّم فى الشّرف والفضل على أصحابه.

وقيل : معناه التّبختر ، ولم يرد المشى بعينه.

والذى جاء فى كتب الغريب «اليقْدُمِيَّة» [والتَّقْدُمِيَّة (٢)] بالياء والتاء فهما زائدتان ، ومعناهما التقدّم.

ورواه الأزهرى بالياء المعجمة من تحت ، والجوهرى (٣) بالمعجمة من فوق.

وقيل : إنّ اليَقْدُمِيَّة بالياء من تحت هو التقدُّم بهمّته وأفعاله.

(س) وفى كتاب معاوية إلى ملك الروم «لأكوننّ مُقَدِّمَتَه إليك» أى الجماعة التى تَتقدّم الجيش ، من قَدَّم بمعنى تَقَدَّم ، وقد استعيرت لكل شىء ، فقيل : مُقَدِّمة الكتاب ، ومُقَدِّمة الكلام بكسر الدال ، وقد تفتح.

وفيه «حتى إنّ ذفراها لتكاد تصيب قادِمَةَ الرّحل» هى الخشبة التى فى مُقَدِّمة كور البعير بمنزلة قربوس السّرج. وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

(س) وفى حديث أبى هريرة «قال له أبان بن سعيد : تدلّى من قَدُوم ضأن» قيل : هى ثنيّة أو جبل بالسّراة من أرض دوس.

وقيل : القَدوم : ما تقدم من الشاة ، وهو رأسها ، وإنما أراد احتقاره وصغر قدره.

(س) وفيه «إن زوج فريعة قتل بطرف القَدوم» هو بالتخفيف والتشديد : موضع على ستة أميال من المدينة.

(ه) ومنه الحديث «إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام اختتن بالقَدوم» قيل : هى قرية بالشام. ويروى بغير ألف ولام. وقيل : القَدوم بالتخفيف والتشديد : قَدُوم النّجّار.

__________________

(١) فى الأصل : «التقدمية» والمثبت من ا ، واللسان ، والهروى.

(٢) تكملة من اللسان ، نقلا عن ابن الأثير.

(٣) وحكى عن سيبويه أن التاء زائدة.

٢٧

وفى حديث الطفيل بن عمرو :

* ففينا الشعر والملك القُدَامُ *

أى القديم ، مثل طويل وطوال.

(باب القاف مع الذال)

(قذذ) (ه) فى حديث الخوارج «فينظر فى قُذَذِه فلا يرى شيئا» القُذَذ : ريش السّهم ، واحدتها : قُذَّة.

(ه) ومنه الحديث «لتركبنّ سنن من كان قبلكم حذو القُذَّة بالقُذَّة» أى كما تقدّر كلّ واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع. يضرب مثلا للشّيئين يستويان ولا يتفاوتان.

وقد تكرر ذكرها فى الحديث مفردة ومجموعة.

(قذر) (س) فيه «ويبقى فى الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم وتَقْذَرُهم نفس الله عزوجل» أى يكره خروجهم إلى الشام ومقامهم بها ، فلا يوفّقهم لذلك ، كقوله تعالى : «كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ» يقال : قَذِرْت الشىء أَقْذَرُه إذا كرهته واجتنبته.

ومنه حديث أبى موسى فى الدّجاج «رأيته يأكل شيئا فَقَذِرْته» أى كرهت أكله ، كأنه رآه يأكل القَذَر.

(ه) ومنه الحديث «أنه عليه الصلاة والسلام كان قَاذُورةً لا يأكل الدّجاج حتى يعلف» القَاذُورة : هاهنا الذى يَقْذَر الأشياء ، وأراد بعلفها أن تطعم الشىء الطاهر. والهاء فيها للمبالغة.

(ه) وفى حديث آخر «اجتنبوا هذه القَاذُورة التى نهى الله عنها» القاذُورة هاهنا : الفعل القبيح والقول السيّىء.

ومنه الحديث «فمن أصاب من هذه القاذُورة شيئا فليستتر بستر الله» أراد به ما فيه حدّ كالزنا والشّرب. والقاذُورة من الرجال : الذى لا يبالى ما قال وما صنع.

٢٨

ومنه الحديث «هلك المُتَقَذِّرُون» يعنى الذين يأتون القاذورات (١)

(س) وفى حديث كعب «قال الله لروميّة : إنى أقسم بعزّتى لأهبنّ سبيك لبنى قاذِر» أى بنى إسماعيل بن إبراهيم عليهما‌السلام ، يريد العرب. وقاذِر : اسم ابن إسماعيل. ويقال له : قَيْذَر وقَيْذار.

(قذع) ـ فيه «من قال فى الإسلام شعرا مُقْذِعا فلسانه هدر» هو الذى فيه قَذَع ، وهو الفحش من الكلام الذى يقبح ذكره ، يقال : أَقْذَع له إذا أفحش فى شتمه.

(ه) ومنه الحديث «من روى هجاء مُقْذِعا فهو أحد الشاتمين» أى إن إثمه كإثم قائله الأوّل.

(س) ومنه حديث الحسن «أنه سئل عن الرجل يعطى غيره الزّكاة أيخبره به؟ فقال : يريد أن يُقْذِعَه به» أى يسمعه ما يشقّ عليه ، فسمّاه قَذَعاً ، وأجراه مجرى من يشتمه ويؤذيه ، فلذلك عدّاه بغير لام.

(قذف) ـ فيه «إنّى خشيت أن يَقْذِف فى قلوبكما شرّا» أى يلقى ويوقع. والقَذْف. الرّمى بقوّة.

وفى حديث الهجرة «فَيَتَقَذَّف عليه نساء المشركين». وفى رواية «فتَنْقَذِف». والمعروف «فتتقصّف».

وفى حديث هلال بن أمية «أنه قَذَف امرأته بشريك» القَذْف هاهنا : رمى المرأة بالزنا ، أو ما كان فى معناه. وأصله الرّمى ، ثم استعمل فى هذا المعنى حتى غلب عليه. يقال : قَذَف يَقْذِف قَذْفاً فهو قاذِف. وقد تكرر ذكره فى الحديث بهذا المعنى.

وفى حديث عائشة «وعندها قينتان تغنّيان بما تَقَاذَفَت به الأنصار يوم بعاث» أى تشاتمت فى أشعارها التى قالتها فى تلك الحرب.

__________________

(١) قال السيوطى فى الدر النثير : وفى «الحيلة» عن وكيع أنهم الذين يهريقون المرق إذا وقع فيه الذّباب.

٢٩

(ه) وفى حديث ابن عمر (١) «كان لا يصلّى فى مسجد فيه قِذَاف» القِذاف : جمع قُذْفة ، وهى الشّرفة ، كبرمة وبرام ، وبرقة وبراق.

وقال الأصمعى : إنما هى «قُذَف» ، واحدتها : قُذْفة ، وهى الشّرف. والأول الوجه ، لصحّة الرواية ووجود النّظير.

(قذا) (ه) فيه «هدنة على دخن ، وجماعة على أَقْذاء» الأَقْذَاء : جمع قَذًى ، والقَذَى : جمع قَذاة ، وهو ما يقع فى العين والماء والشّراب من تراب أو تبن (٢) أو وسخ أو غير ذلك ، أراد اجتماعهم يكون على فساد (٣) فى قلوبهم ، فشبّهه بقَذَى العين والماء والشّراب.

ومنه الحديث «يبصر أحدكم القَذَى فى عين أخيه ويعمى عن الجذع فى عينه» ضربه مثلا لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيّرهم به ، وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القَذاة. وقد تكرر فى الحديث.

(باب القاف مع الراء)

(قرأ) ـ قد تكرر فى الحديث ذكر «القِراءة ، والاقْتراء ، والقارِئ ، والقُرآن» والأصل فى هذه اللّفظة الجمع. وكلّ شىء جمعته فقد قَرَأْتَه. وسمّى القُرآن قُرْآناً لأنه جمع القصص ، والأمر والنهى ، والوعد والوعيد ، والآيات والسّور بعضها إلى بعض ، وهو مصدر كالغفران والكفران.

وقد يطلق على الصلاة لأنّ فيها قِراءة ، تسمية للشىء ببعضه ، وعلى القِراءة نفسها ، يقال : قَرَأَ يَقْرَأُ قِراءة وقُرْآناً. والاقتراء : افتعال من القِراءة ، وقد تحذف الهمزة منه تخفيفا ، فيقال : قُران ،

__________________

(١) الذى فى اللسان : «قال أبو عبيد : فى الحديث أن عمر رضى الله عنه كان لا يصلى فى مسجد فيه قذفات. هكذا يحدّثونه. قال ابن برّى : قذفات صحيح ، لأنه جمع سلامة ، كغرفة ، وغرفات. وجمع التكسير قذف ، كغرف. وكلاهما قد روى». ثم حكى ابن منظور بعد ذلك رواية ابن الأثير.

(٢) فى ا : «أو طين».

(٣) فى ا : «يكون فسادا فى قلوبهم». وفى اللسان : يكون على فساد من قلوبهم» وأثبت ما فى الأصل.

٣٠

وقَرَيْتُ ، وقارٍ ، ونحو ذلك من التّصريف.

(س) وفيه «أكثر منافقى أمّتى قُرّاؤها» أى أنهم يحفظون القُرآن نفيا للتّهمة عن أنفسهم ، وهم معتقدون تضييعه. وكان المنافقون فى عصر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهذه الصفة.

وفى حديث أبىّ فى ذكر سورة الأحزاب «إن كانت لَتُقَارِي سورة البقرة أو هى أطول» أى تجاريها مدى طولها فى القِراءة ، أو أنّ قارئها ليساوى قارئ سورة البقرة فى زمن قِراءتها ، وهى مفاعلة من القِراءة.

قال الخطّابى : هكذا رواه ابن هشام. وأكثر الروايات «إن كانت لتوازى».

[ه] وفيه «أَقرؤكم أبىّ» قيل أراد من جماعة مخصوصين ، أو فى وقت من الأوقات ، فإن غيره كان أَقْرَأَ منه.

ويجوز أن يريد به أكثرهم قِراءة.

ويجوز أن يكون عامّا وأنه أَقْرَأُ الصحابة : أى أتقن للقُرآن وأحفظ (١).

(س) وفى حديث ابن عباس «أنه كان لا يَقْرأ فى الظّهر والعصر» ثم قال فى آخره «وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا» معناه أنه كان لا يجهر بالقراءة فيهما أو لا يسمع نفسه قراءته ، كأنه رأى قوما يَقرأون فيسمعون أنفسهم ومن قرب منهم.

ومعنى قوله «وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا» يريد أن القراءة التى تجهر بها أو تسمعها نفسك يكتبها الملكان ، وإذا قرأتها فى نفسك لم يكتباها ، والله يحفظها لك ولا ينساها ليجازيك عليها و

فيه «إن الربّ عزوجل يُقْرِئك السلام» يقال : أَقْرِىء فلانا السلام واقْرَأْ عليه‌السلام ، كأنه حين يبلّغه سلامه يحمله على أن يَقْرَأ السلام ويردّه ، وإذا قَرَأَ الرجل القُرآن أو الحديث على الشيخ يقول : أَقْرَأَنِي فلان : أى حملنى على أن أَقْرأ عليه. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفى إسلام أبى ذرّ «لقد وضعت قوله على أَقْرَاء الشعر فلا يلتئم على لسان أحد»

__________________

(١) قال الهروى : «ويجوز أن يحمل «أقرأ» على قارئ ، والتقدير : قارئ من أمتى أبىّ ، قال اللغويون : الله أكبر ، بمعنى كبير».

٣١

أى على طرق الشعر وأنواعه وبحوره ، واحدها : قَرْءٌ ، بالفتح.

وقال الزمخشرى وغيره : أَقْرَاء الشعر : قوافيه التى يختم بها ، كأَقْراء الطّهر التى ينقطع عندها ، الواحد قَرْءٌ ، وقُرْءٌ ، وقَرِيّ (١) ؛ لأنها مقاطع الأبيات وحدودها.

[ه] وفيه «دَعِي الصلاةَ أيام أَقْرَائك» قد تكررت هذه اللفظة فى الحديث مفردة ومجموعة ، والمفردة بفتح القاف ، وتجمع على أَقْراء وقُرُوء ، وهو من الأضداد يقع على الطّهر ، وإليه ذهب الشافعىّ وأهل الحجاز ، وعلى الحيض ، وإليه ذهب أبو حنيفة وأهل العراق.

والأصل فى القَرْء الوقت المعلوم ، فلذلك وقع على الضّدّين ؛ لأنّ لكل منهما وقتا ، وأَقْرَأَتِ المرأة إذا طهرت وإذا حاضت. وهذا الحديث أراد بالأَقْراء فيه الحيض ؛ لأنه أمرها فيه بترك الصلاة.

(قرب) ـ فيه «من تَقَرَّب إلىّ شبرا تَقَرَّبْتُ إليه ذراعا» المراد بقُرْب العبد من الله تعالى القُرْب بالذكر والعمل الصالح ، لا قُرْبُ الذات والمكان ؛ لأنّ ذلك من صفات الأجسام. والله يتعالى عن ذلك ويتقدّس.

والمراد بقُرْب الله من العبد قُرْبُ نعمه وألطافه منه ، وبرّه وإحسانه إليه ، وترادف مننه عنده ، وفيض مواهبه عليه.

(س) ومنه الحديث «صفة هذه الأمّة فى التّوراة قُرْبانُهم دماؤهم» القُرْبان : مصدر من قَرُبَ يَقْرُب : أى يَتَقَرَّبون إلى الله تعالى بإراقة دمائهم فى الجهاد ، وكان قُرْبانُ الأمم السالفة ذبح البقر والغنم والإبل.

(س) ومنه الحديث «الصلاة قُرْبانُ كلّ تقىّ» أى أن الأتقياء من الناس يَتَقَرَّبون بها إلى الله ، أى يطلبون القُرْبَ منه بها.

ومنه حديث الجمعة «من راح فى الساعة الأولى فكأنما قرّب بدنة» أى كأنما أهدى ذلك إلى الله تعالى ، كما يهدى القُرْبانُ إلى بيت الله الحرام.

__________________

(١) انظر الفائق ١ / ٥١٩. وقال فى الأساس : «ويقال للقصيدتين : هما على قرىّ واحد ، وعلى قرو واحد ، وهو الروىّ».

٣٢

(ه) وفى حديث ابن عمر «إن كنّا لنلتقى فى اليوم مرارا يسأل بعضنا بعضا ، وإن نَقْرُب بذلك إلا أن نحمد الله تعالى» قال الأزهرى : أى ما نطلب بذلك إلّا حمد الله تعالى.

قال الخطّابى : نَقْرُب : أى نطلب. والأصل فيه طلب الماء.

ومنه «ليلة القَرَب» وهى الليلة التى يصبحون منها (١) على الماء ، ثم اتّسع فيه فقيل : فلان يَقْرُب حاجته : أى يطلبها ، وإن الأولى هى المخفّفة من الثقيلة ، والثانية نافية.

ومنه الحديث «قال له رجل : ما لى هارب ولا قارِبٌ» القارِب : الذى يطلب الماء. أراد ليس لى شىء.

ومنه حديث عليّ «وما كنت إلّا كقارِب ورد ، وطالب وجد».

وفيه «إذا تَقَارَب الزمان» وفى رواية «اقْتَرب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب» أراد اقْتِراب الساعة. وقيل : اعتدال الليل والنهار ، وتكون الرؤيا فيه صحيحة لاعتدال الزمان. واقْتَرَب : افتعل ، من القُرْب. وتَقَارَب : تفاعل منه. ويقال للشىء إذا ولّى وأدبر : تَقَارَب.

(ه) ومنه حديث المهديّ «يَتَقارَب الزمان حتى تكون السّنة كالشّهر» أراد : يطيب الزمان حتى لا يستطال ، وأيام السّرور والعافية قصيرة.

وقيل : هو كناية عن قصر الأعمار وقلّة البركة.

(ه) وفيه «سدّدوا وقَارِبوا» أى اقتصدوا فى الأمور كلها ، واتركوا الغلوّ فيها والتّقصير. يقال : قارَب فلان فى أموره إذا اقتصد. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفى حديث ابن مسعود «أنه سلّم على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو فى الصلاة فلم يردّ عليه ، قال : فأخذنى ما قَرُب وما بعد» يقال للرجل إذا أقلقه الشىء وأزعجه : أخذه ما قَرُب وما بعد ، وما قدم وما حدث ، كأنه يفكّر ويهتم فى بعيد أموره وقَرِيبها. يعنى أيّها كان سببا فى الامتناع من ردّ السلام.

وفى حديث أبى هريرة «لأُقَرِّبَنَ بكم صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أى لآتينّكم بما يشبهها ويَقْرُب منها.

__________________

(١) فى الأصل : «فيها» والمثبت من ا واللسان.

٣٣

ومنه حديثه الآخر «إنى لأَقْرَبُكُم شبها بصلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وفيه «من غيّر المطربة والمَقْرَبَةَ فعليه لعنة الله» المَقْرَبة : طريق صغير ينفذ إلى طريق كبير ، وجمعها : المُقَارِب. وقيل : هو من القَرَب ، وهو السّير بالليل. وقيل السّير إلى الماء.

(ه) ومنه الحديث «ثلاث لعينات : رجل عوّر (١) طريق المَقْرَبة».

(ه) وفى حديث عمر «ما هذه الإبل المُقْرِبة» هكذا روى بكسر الراء. وقيل : هى بالفتح وهى التى حزمت للركوب. وقيل : هى التى عليها رحال مُقْرَبة بالأدم ، وهو من مراكب الملوك ، وأصله من القِراب.

(ه) وفى كتابه لوائل بن حجر «لكل عشرة من السّرايا ما يحمل القِرَابُ من التّمر» هو شبه الجراب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه ، وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره.

قال الخطّابى : الرواية بالباء هكذا ، ولا موضع لها هاهنا ، وأراه «القراف» جمع قرف ، وهى أوعية من جلود يحمل فيها الزاد للسّفر ، وتجمع على : قروف ، أيضا.

(ه) وفيه «إن لقيتنى بقُراب (٢) الأرض خطيئة» أى بما يُقارِب ملاها ، وهو مصدر : قَارَب يُقارِب.

(س) وفيه «اتّقوا قُرَابَ المؤمن فإنه ينظر بنور الله» وروى «قُرابة المؤمن» يعنى فراسته وظنّه الذى هو قَريب من العلم والتّحقّق ؛ لصدق حدسه وإصابته. يقال : ما هو بعالم ولا قُرَاب عالم ، ولا قُرابة عالم ، ولا قَريب عالم.

[ه] وفى حديث المولد «فخرج عبد الله أبو النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات يوم مُتَقَرِّباً متخصّرا بالبطحاء» أى واضعا يده على قُرْبِه : أى خاصرته.

وقيل : هو الموضع الرّقيق أسفل من السّرّة.

__________________

(١) فى الأصل ، واللسان وشرح القاموس : «غوّر» بالغين المعجمة. وأثبته بالعين المهملة من ا واستنادا إلى تصحيحات الأستاذ عبد السلام هارون للسان العرب. قال : «والطريق لا يغوّر ، وإنما يعوّر ، أى تفسد أعلامه ومناره. ومنه قولهم : «طريق أعور» أى لا علم فيه. وقد جاء على هذا الصواب فى تهذيب الأزهرى ، مادة (قرب)».

(٢) قال فى القاموس : «وقاب الشىء بالكسر ، وقرابه ، وقرابته بضمهما : ما قارب قدره».

٣٤

وقيل : مُتَقَرِّباً ، أى مسرعا عجلا ، ويجمع على أَقْراب.

ومنه قصيد كعب بن زهير :

يمشى القراد عليها ثم يزلقه

عنها (١) لبان وأَقرابٌ زهاليل

وفى حديث الهجرة «أتيت فرسى فركبتها فرفعتها تُقَرِّب بى» قَرَّبَ تَقْرِيبا إذا عدا عدوا دون الإسراع ، وله تَقْرِيبان ، أدنى وأعلى.

(س) وفى حديث الدجّال «فجلسوا فى أَقْرُب السّفينة» هى سفن صغار تكون مع السّفن الكبار البحريّة كالجنائب لها ، واحدها : قارِب ، وجمعها : قَوَارِب ، فأمّا أَقْرُب فغير معروف فى جمع قارِب ، إلّا أن يكون على غير قياس.

وقيل : أَقْرُب السفينة : أدانيها ، أى ما قَارَب إلى الأرض منها.

(س) وفى حديث عمر «إلّا حامى على قَرابَتِه» أى أَقَارِبه. سمّوا بالمصدر ، كالصّحابة.

(قرثع) (س) فى صفة المرأة الناشز «هى كالقَرْثَع» القَرْثَع من النساء : البلهاء.

وسئل أعرابى عن القَرْثَع فقال : هى التى تكحّل إحدى عينيها وتترك الأخرى ، وتلبس قميصها مقلوبا.

(قرح) ـ فى حديث أحد «بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ» هو بالفتح والضم : الجرح ، وقيل : هو بالضم : الاسم ، وبالفتح : المصدر ، أراد ما نالهم من القتل والهزيمة يومئذ.

ومنه الحديث «إنّ أصحاب محمد قدموا المدينة وهم قُرْحان».

(ه) ومنه حديث عمر «لمّا أراد دخول الشام وقد وقع به الطاعون قيل له : إنّ [من](٢) معك من أصحاب محمد قُرْحان» وفى رواية «قُرْحانون» القُرْحان بالضم : هو الذى لم يمسّه القَرْح وهو الجدرىّ ، ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمؤنّث ، وبعضهم يثنّى ويجمع ويؤنث. وبعير قُرْحان : إذا لم يصبه الجرب قطّ (٣).

وأما قُرْحَانُون ، بالجمع ، فقال الجوهرى : «هى لغة متروكة» فشبّهوا السّليم من الطاعون والقَرْح بالقُرْحان ، والمراد أنهم لم يكن أصابهم قبل ذلك داء.

__________________

(١) رواية شرح ديوانه ص ١٢ : «منها».

(٢) من الهروى ، والصحاح ، والفائق ١ / ٥٩٦. وحكى صاحب اللسان عن شمر ، قال : «قرحان ؛ إن شئت نوّنت ، وإن شئت لم تنوّن».

(٣) فى الهروى : «قال شمر : قرحان ؛ من الأضداد».

٣٥

ومنه حديث جابر «كنّا نختبط بقسيّنا ونأكل حتى قَرَحَتْ أشداقنا» أى تجرّحت من أكل الخبط.

وفيه «جلف الخبز والماء القَرَاح» هو بالفتح : الماء الذى لم يخالطه شىء يطيّب به ، كالعسل والتّمر والزّبيب.

(س) وفيه «خير الخيل الأَقْرَح المحجّل» هو ما كان فى جبهته قُرْحة ، بالضم ، وهى بياض يسير فى وجه الفرس دون الغرّة ، فأمّا القارِح من الخيل فهو الذى دخل فى السّنة الخامسة ، وجمعه : قُرَّح.

(س) ومنه الحديث «وعليهم الصالغ والقَارِحُ» أى الفرس القارِح.

وفيه ذكر «قُرْح» بضم القاف وسكون الراء ، وقد تحرّك فى الشّعر : سوق وادى القرى ، صلّى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبنى به مسجد.

(قرد) (ه) فيه «إيّاكم والإِقْرَاد ، قالوا : يا رسول الله ، وما الإِقْرَاد؟ قال : الرجل يكون منكم أميرا أو عاملا فيأتيه المسكين والأرملة فيقول لهم : مكانكم حتى أنظر فى حوائجكم ، ويأتيه الشريف الغنىّ فيدنيه ويقول : عجّلوا قضاء حاجته ، ويترك الآخرون مُقْرِدِين» يقال : أَقْرَدَ الرجل إذا سكت ذلّا (١) ، وأصله أن يقع الغراب على البعير فيلقط القِرْدَان فيقرّ ويسكن لما يجد من الراحة.

(ه) ومنه حديث عائشة «كان لنا وحش فإذا خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أسعرنا قفزا ، فإذا حضر مجيئه أَقْرَد» أى سكن وذلّ.

(س) ومنه حديث ابن عباس «لم ير بتَقْرِيد المحرم البعير بأسا» التَّقْرِيد : نزع القِرْدان من البعير ، وهو الطّبّوع الذى يلصق بجسمه.

ومنه حديثه الآخر «قال لعكرمة وهو محرم : قم فقَرِّدْ هذا البعير ، فقال : إنى محرم فقال : قم فانحره ، فنحره ، فقال : كم تراك الآن قتلت من قُرَادٍ وحمنانة».

__________________

(١) روى الهروى عن ثعلب : «يقال : أخرد الرجل : إذا سكت حياء. وأقرد : إذا سكت ذلّا».

٣٦

(س) وفى حديث عمر «ذرّى الدّقيق وأنا أحرّ (١) لك لئلّا يَتَقَرَّدَ» أى لئلا يركب بعضه بعضا.

(ه) وفيه «أنه صلى إلى بعير من المغنم ، فلما انفتل تناول قَرَدَة من وبر البعير» أى قطعة ممّا ينسل منه ، وجمعها : قَرَد ، بتحريك الراء فيهما ، وهو أردأ ما يكون من الوبر والصوف وما تمّعط منهما.

(ه) وفيه «لجأوا إلى قَرْدَدٍ» هو الموضع المرتفع من الأرض ، كأنهم تحصّنوا به. ويقال للأرض المستوية أيضا : قَرْدَدٌ.

ومنه حديث قسّ والجارود «قطعت قَرْدَداً»

وفيه ذكر «ذى قَرَد» هو بفتح القاف والراء : ماء على ليلتين من المدينة بينها وبين خيبر.

ومنه «غزوة ذى قَرَد» ويقال : ذو القَرَد.

(قردح) (ه) فى وصية عبد الله بن حازم «قال لبينه : إذا أصابتكم خطّة ضيم فقَرْدِحُوا لها» القَرْدَحة : القرار على الضّيم والصبر على الذّل : أى لا تضطربوا فيه فإن ذلك يزيدكم خبالا.

(قرر) (ه) فيه «أفضل الأيام يوم النّحر ثم يوم القَرِّ» هو الغد من يوم النحر ، وهو حادى عشر ذى الحجة ، لأنّ الناس يَقِرّون فيه بمنى : أى يسكنون ويقيمون.

ومنه حديث عثمان «أَقِرُّوا الأنفس حتى تزهق» أى سكّنوا الذّبائح حتى تفارقها أرواحها ، ولا تعجّلوا سلخها وتقطيعها.

(س) ومنه حديث أبى موسى «أُقِرَّت الصلاة بالبرّ والزكاة» وروى «قَرَّت» : أى اسْتَقَرَّت معهما وقرنت بهما ، يعنى أنّ الصلاة مقرونة بالبرّ ، وهو الصدق وجماع الخير ، وأنها مقرونة بالزكاة فى القرآن ، مذكورة معها.

__________________

(١) فى الأصل واللسان : «أحرّك لك» والتصويب من : ا ، ومما سبق فى (حرر) ١ / ٣٦٥.

٣٧

[ه] ومنه حديث ابن مسعود «قارّوا الصلاة» أى اسكنوا فيها ولا تتحرّكوا ولا تعبثوا ، وهو تفاعل من القَرار.

وفى حديث أبى ذر «فلم أَتَقارَّ أن قمت» أى لم ألبث ، وأصله : أَتَقَارَر ، فأدغمت الراء فى الراء.

(ه) ومنه حديث نائل مولى عثمان «قلنا لرباح بن المعترف : غنّنا غناء أهل القَرار» أى أهل الحضر المُسْتَقِرين فى منازلهم ، لا غناء أهل البدو الذى لا يزالون منتقلين.

(ه) ومنه حديث ابن عباس وذكر عليّا فقال : «علمى إلى علمه كالقَرارة فى المثعنجر» القَرارة : المطمئن من الأرض يَسْتَقرّ فيه ماء المطر ، وجمعها : القَرارُ.

ومنه حديث يحيى بن يعمر «ولحقت طائفة بقَرَارِ الأودية».

(ه) وفى حديث البراق «أنه استصعب ثم ارفضّ وأَقَرّ» أى سكن وانقاد.

(ه س) وفى حديث أم زرع «لا حرّ ولا قُرّ» القُرُّ : البرد ، أرادت أنه لا ذو حرّ ولا ذو برد ، فهو معتدل. يقال : قَرَّ يومنا يَقرُّ قُرّةً ، ويوم قَرٌّ بالفتح : أى بارد ، وليلة قَرَّة. وأرادت بالحرّ والبرد الكناية عن الأذى ، فالحرّ عن قليله ، والبرد عن كثيره.

ومنه حديث حذيفة فى غزوة الخندق «فلما أخبرته خبر القوم وقَرَرْتُ قَرِرْتُ» أى لمّا سكنت وجدت مسّ البرد.

[ه] وفى حديث عمر «قال لأبى مسعود البدرى : بلغنى أنّك تفتى ، ولّ حارّها من تولّى قارَّها» جعل الحرّ كناية عن الشّرّ والشدّة ، والبرد كناية عن الخير والهين. والقارّ : فاعل من القُرِّ : البرد.

أراد : ولّ شرّها من تولّى خيرها ، وولّ شديدها من تولى هينها.

ومنه حديث الحسن بن على فى جلد الوليد بن عقبة «ولّ حارّها من تولّى قارَّها» وامتنع من جلده.

(ه) وفى حديث الاستسقاء «لو رآك لقرّتْ عيناه» أى لسرّ بذلك وفرح. وحقيقته أبرد الله دمعة عينيه ، لأن دمعة الفرح والسّرور باردة.

٣٨

وقيل : معنى أَقَرَّ الله عينك بلّغك أمنيّتك حتى ترضى نفسك وتسكن عينك فلا تستشرف إلى غيره.

وفى حديث عبد الملك بن عمير «لقرص برّىّ بأبطح قُرِّيّ» سئل شمر عن هذا فقال : لا أعرفه ، إلا أن يكون من القُرّ : البرد.

[ه] وفى حديث أنجشة ، فى رواية البراء بن مالك «رويدك ، رفقا بالقَوَارِير» أراد النساء ، شبّههن بالقَوارير من الزجاج ؛ لأنه يسرع إليها الكسر ، وكان أنجشة يحدو وينشد القريض والرّجز. فلم يأمن أن يصيبهنّ ، أو يقع فى قلوبهنّ حداؤه ، فأمره بالكف عن ذلك. وفى المثل : الغناء رقية الزّنا.

وقيل : أراد أنّ الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت فى المشى واشتدّت فأزعجت الراكب وأتعبته ، فنهاه عن ذلك لأنّ النساء يضعفن عن شدّة الحركة. وواحدة القَوارير : قارُورة ، سمّيت بها لاسْتِقْرار الشراب فيها.

(س) وفى حديث عليّ «ما أصبت منذ وليت عملى إلا هذه القُوَيْريرة ، أهداها إلىّ الدّهقان» هى تصغير قَارُورة.

(ه) وفى حديث استراق السّمع «يأتى الشيطان فيتسمّع الكلمة فيأتى بها إلى الكاهن فيُقِرُّها فى أذنه كما تُقَرُّ القَارُورة إذا أفرغ فيها».

وفى رواية «فيقذفها فى أذن وليّه كقَرِّ الدّجاجة» القَرُّ : ترديدك الكلام فى أذن المخاطب (١) حتى يفهمه ، تقول : قَرَرْته فيه أَقُرُّه قَرّاً. وقَرُّ الدجاجة : صوتها إذا قطعته. يقال : قَرَّتْ تَقِرُّ قَرّاً وقَرِيراً ، فإن ردّدته قلت : قَرْقَرَتْ قَرْقَرَة (٢).

ويروى «كقَرِّ الزّجاجة» بالزاى : أى كصوتها إذا صبّ فيها الماء.

(قرس) (ه) فيه «قرِّسوا الماء فى الشّنان ، وصبّوه عليهم فيما بين الأذانين» أى برّدوه فى الأسقية. ويوم قَارِس : بارد.

__________________

(١) عبارة الهروى : «فى أذن الأبكم». وهى رواية اللسان ، حكاية عن ابن الأعرابى.

وذكر رواية ابن الأثير أيضا.

(٢) زاد الهروى «وقرقريرا».

٣٩

(قرش) ـ فى حديث ابن عباس ، فى ذكر قُرَيْش «هى دابة تسكن البحر تأكل دوابّه» وأنشد فى ذلك :

وقُرَيْشٌ هى التى تسكن البحر

بها سمّيت قرَيْشٌ قُرَيْشاً

وقيل : سمّيت لاجتماعها بمكّة بعد تفرّقها فى البلاد. يقال : فلان يَتَقَرَّش المال (١) : أى يجمعه.

(قرص) [ه] فيه «أن امرأة سألته عن دم المحيض يصيب الثّوب ، فقال : اقْرُصِيه بالماء».

(ه س) وفى حديث آخر «حتّيه بضلع ، واقْرُصِيه بماء وسدر» وفى رواية «قَرِّصيه» (٢) القَرْص : الدلك بأطراف الأصابع والأظفار ، مع صبّ الماء عليه حتى يذهب أثره. والتَّقْرِيص مثله. يقال : قَرَصْتُه وقَرَّصْتُه ، وهو أبلغ فى غسل الدم من غسله بجميع اليد.

وقال أبو عبيد (٣) : قَرِّصِيه بالتشديد : أى قطّعيه.

وفيه «فأتى بثلاثة قِرَصَة من شعير» القِرَصَة ـ بوزن العنبة ـ جمع قُرْص ، وهو الرّغيف ، كجُحْر وجِحَرَة.

وفى حديث عليّ «أنه قضى فى القارِصة والقامصة والواقصة بالدية أثلاثا» هنّ ثلاث جوار كنّ يلعبن ، فتراكبن فقَرَصَت السّفلى الوسطى ، فقمصت ، فسقطت العليا فوقصت عنقها ، فجعل ثلثى الدية على الثّنتين وأسقط ثلث العليا ؛ لأنها أعانت على نفسها.

جعل الزمخشرى هذا الحديث مرفوعا ، وهو من كلام علىّ. القارِصة : اسم فاعل من القَرْص بالأصابع.

(س) وفى حديث ابن عمير «لَقَارِصٌ قُمَارِصٌ» أراد اللّبن الذى يَقْرُص اللّسان من حموضته. والقُمَارِص : تأكيد له. والميم زائدة.

ومنه رجز ابن الأكوع :

__________________

(١) فى ا : «الماء».

(٢) وهى رواية الهروى.

(٣) فى الأصل : «أبو عبيدة» وأثبت ما فى : ا. ويلاحظ أن ابن الأثير أكثر ما ينقل عن أبى عبيد القاسم بن سلّام. ولم أره ينقل عن أبى عبيدة معمر بن المثنى إلا نادرا.

٤٠