النّهاية - ج ٤

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٨٤

(مجن) قد تكرر فى الحديث ذكر «المجنّ والمجانّ» (١) وهو التّرس والتّرسة. والميم زائدة لأنه من الجنّة : السّترة. وقد تقدّم فى الجيم.

وفى حديث بلال :

وهل أردن يوما مياه مجنّة

وهل يبدون لى شامة وطفيل

مجنّة : موضع بأسفل مكة على أميال. وكان يقام بها للحرب سوق.

وبعضهم يكسر ميمها ، والفتح أكثر. وهى زائدة. وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

(س) وفى حديث عليّ «ما شبّهت وقع السّيوف على الهام إلّا بوقع البيازر على المواجن» جمع ميجنة ، وهى المدقّة. يقال : وجن القصّار الثوب يجنه وجنا ، إذا دقّه. والميم زائدة. وهى مفعلة ، بالكسر منه.

(باب الميم مع الحاء)

(محج) ـ قد تكرر فيه ذكر «المَحَجّة» وهى جادّة الطريق ، مفعلة ، من الحَجّ : القصد. والميم زائدة ، وجمعها : المَحَاجّ ، بتشديد الجيم.

ومنه حديث عليّ «ظهرت معالم الجور ، وتركت مَحَاجّ السّنن».

(محح) (ه) فيه «فلن تأتيك حجّة إلّا دحضت ، ولا كتاب زخرف إلّا ذهب نوره ومَحَ لونه» مَحَ الكتاب وأَمَحَ : أى درس. وثوب مَحٌ : خلق.

(س) ومنه حديث المتعة «وثوبى مَحٌ» أى خلق بال.

(محز) (ه) فيه «فلم نزل مفطرين حتى بلغنا مَاحُوزَنَا» قيل (٢) : هو موضعهم الذى أرادوه. وأهل الشام يسمّون المكان الذى بينهم وبه العدوّ وفيه أساميهم ومكاتبهم : مَاحُوزا (٣).

__________________

(١) ضبط فى الأصل ، واللسان : «المجان» بكسر الميم. وضبطته بالفتح من : ا. قال فى المصباح (جنن): «والجمع المجانّ ، وزان دوابّ».

(٢) القائل هو شمر ، كما فى المعرّب ص ٣٢٣.

(٣) زاد فى المعرّب : «والمكاتب : مواضع الكتيبة».

٣٠١

وقيل : هو من حزت الشىء ، أى : أحرزته. وتكون الميم زائدة.

قال الأزهرى : لو كان منه لقيل : محازنا ، ومحوزنا. وأحسبه بلغة غير عربيّة.

(محسر) ـ قد تكرر ذكر «محسّر» فى الحديث ، وهو بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المشدّدة : واد بين عرفات ومنى.

(محش) [ه] فيه «يخرج قوم من النار قد امْتَحَشُوا» أى احترقوا. والمَحْش : احتراق الجلد وظهور العظم.

ويروى «امْتُحِشُوا (١)» لما لم يسمّ فاعله. وقد مَحَشَتْهُ النار تَمْحَشُهُ مَحْشاً.

ومنه حديث ابن عباس «أتوضّأ من طعام أجده حلالا ؛ لأنه مَحَشَتْهُ النار!» قاله منكرا على من يوجب الوضوء ممّا مسّته النار. وقد تكرر فى الحديث.

(محص) (س) فى حديث الكسوف «فرغ من الصلاة وقد أَمْحَصَتِ الشمس» أى ظهرت من الكسوف وانجلت.

ويروى «امَّحَصَتْ» على المطاوعة ، وهو قليل فى الرّباعى. وأصل المَحْص : التخليص. ومنه تَمْحِيص الذنوب ، أى إزالتها.

(ه) ومنه حديث عليّ وذكر فتنة فقال : «يُمْحَصُ (٢) الناس فيها كما يُمْحَصُ ذهب المعدن» أى يخلّصون بعضهم من بعض ، كما يخلّص ذهب المعدن من التراب.

وقيل : يختبرون كما يختبر الذهب ؛ لتعرف جودته من رداءته.

(محض) ـ فى حديث الوسوسة «ذلك مَحْض الإيمان» أى خالصه وضريحه.

وقد تقدّم معنى الحديث فى حرف الصاد.

والمَحْض : الخالص من كل شىء.

(س) ومنه حديث عمر «لمّا طعن شرب لبنا فخرج مَحْضاً» أى خالصا على جهته لم يختلط بشىء. والمَحْض فى اللغة : اللّبن الخالص ، غير مشوب بشىء.

ومنه الحديث «بارك لهم فى مَحْضِهَا ومخضها» أى الخالص والممخوض.

__________________

(١) وهى رواية الهروى.

(٢) فى الهروى : «يمحّص ... كما يمحّص».

٣٠٢

(س) ومنه حديث الزكاة «فأعمد إلى شاة ممتلئة شحما ومَحْضاً» أى سمينة كثيرة اللّبن. وقد تكرر فى الحديث بمعنى اللبن مطلقا.

(محق) ـ فى حديث البيع «الحلف منفقة للسّلعة مَمْحَقَة للبركة».

وفى حديث آخر «فإنه ينفّق ثم يَمْحَقُ» المَحْق : النّقص والمحو والإبطال. وقد مَحَقَه يَمْحَقُهُ. ومَمْحَقَة : مفعلة منه : أى مظنّة له ومحراة به.

ومنه الحديث «ما مَحَقَ الإسلام شيئا ما مَحَقَ الشّحّ» وقد تكرر فى الحديث.

(محك) ـ فى حديث عليّ «لا تضيق به الأمور ، ولا تَمْحَكُهُ الخصوم» المَحْك : اللّجاج ، وقد مَحَكَ يَمْحَكُ ، وأَمْحَكَهُ غيره.

(محل) (ه) فى حديث الشفاعة «إنّ إبراهيم يقول : لست هناكم ، أنا الذى كذبت ثلاث كذبات ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : والله ما فيها كذبة إلا وهو يُمَاحِل بها عن الإسلام» أى يدافع ويجادل ، من المِحَال ، بالكسر ، وهو الكيد. وقيل : المكر. وقيل : القوّة والشدّة.

وميمه أصليّة. ورجل مَحِلٌ : أى ذو كيد.

ومنه حديث ابن مسعود «القرآن شافع مشفّع ، ومَاحِل مصدّق» أى خصم مجادل مصدّق.

وقيل : ساع مصدّق ، من قولهم : مَحَلَ بفلان ، إذا سعى به إلى السلطان.

يعنى أنّ من اتّبعه وعمل بما فيه فإنه شافع له مقبول الشّفاعة ، ومصدّق عليه فيما يرفع من مساويه إذا ترك العمل به.

ومنه حديث الدعاء «لا تجعله مَاحِلاً مصدّقا».

والحديث الآخر «لا ينقض عهدهم عن شية مَاحِل» أى عن وشى واش ، وسعاية ساع.

ويروى «عن سنّة مَاحِل» بالنون والسين المهملة.

وفى حديث عبد المطلب :

٣٠٣

لا يغلبنّ صليبهم

ومحالهم غدوا محالك

أى كيدك وقوتك.

(ه) وفى حديث عليّ «إنّ من ورائكم أمورا مُتَمَاحِلَة» أى فتنا طويلة المدّة. والمُتَمَاحِل من الرجال : الطويل.

(س) وفيه «أما مررت بوادى أهلك مَحْلاً؟» أى جدبا. والمَحْل فى الأصل : انقطاع المطر. وأَمْحَلَتِ الأرض والقوم. وأرض مَحْلٌ ، وزمن مَحْلٌ ومَاحِلٌ.

(س) وفيه «حرّمت شجر المدينة إلّا مسد مَحَالَة» المَحَالَة : البكرة العظيمة التى يستقى عليها. وكثيرا ما يستعملها السّفارة على البئار العميقة.

وفى حديث قسّ :

أيقنت أنّى لا محا

لة حيث صار القوم صائر

أى لا حيلة ، ويجوز أن يكون من الحول : القوّة والحركة. وهى مفعلة منهما.

وأكثر ما يستعمل «لا محالة» بمعنى اليقين والحقيقة ، أو بمعنى لابدّ. والميم زائدة.

(س) وفى حديث الشّعبىّ «إن حوّلناها عنك بمحول» المحول بالكسر : آلة التحويل.

ويروى بالفتح ، وهو موضع التحويل. والميم زائدة.

(محن) [ه] فيه «فذلك الشهيد المُمْتَحَن» هو (١) المصفّى المهذّب. مَحَنْتُ الفضة ، إذا صفّيتها ، وخلّصتها بالنار.

(س) وفى حديث الشّعبىّ «المِحْنَة بدعة» هى أن يأخذ السلطان الرجل فيمتحنه ، ويقول : فعلت كذا وفعلت كذا ، فلا يزال به حتى يسقط ويقول ما لم يفعله ، أو ما لا يجوز قوله ، يعنى أن هذا الفعل بدعة.

(محنب) ـ فيه ذكر «مُحَنِّب» هو بضم الميم وفتح الحاء وتشديد النون المكسورة وبعدها باء موحّدة : بئر أو أرض بالمدينة.

__________________

(١) هذا شرح شمر ، كما فى الهروى.

٣٠٤

(محا) [ه] فى أسماء النبى عليه‌السلام «المَاحِي» أى الذى يَمْحُو الكفر ، ويعفّى آثاره.

(باب الميم مع الخاء)

(مخخ) ـ فيه «الدّعاء مُخُ العبادة» مُخُ الشىء : خالصه. وإنما كان مخّها لأمرين :

أحدهما : أنه امتثال أمر الله تعالى حيث قال : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) فهو محض العبادة وخالصها.

الثانى : أنه إذا رأى نجاح الأمور من الله قطع أمله عما سواه ، ودعاه لحاجته وحده. وهذا هو أصل العبادة ، ولأنّ الغرض من العبادة الثواب عليها ، وهو المطلوب بالدعاء.

وفى حديث أم معبد فى رواية «فجاء يسوق أعنزا عجافا ، مِخَاخُهُنَ قليل» المِخَاخ : جمع مُخّ ، مثل حبّ (١) وحباب ، وكمّ وكمام.

وإنما لم يقل «قليلة» لأنه أراد أنّ مخاخهنّ شىء قليل.

(مخر) (ه) فيه «إذا بال أحدكم فَلْيَتَمَخَّرِ الرّيح» أى ينظر أين مجراها ، فلا يستقبلها لئلّا ترشّش عليه بوله.

والمَخْر فى الأصل : الشّقّ. يقال : مَخَرَتِ السفينة الماء ، إذا شقّته بصدرها وجرت. ومَخَرَ الأرض ، إذا شقها للزراعة.

(ه) ومنه حديث سراقة «إذا أتى أحدكم الغائط فليفعل كذا وكذا ، واسْتَمْخِرُوا الرّيح» أى اجعلوا ظهوركم إلى الريح عند البول ؛ لأنه إذا ولّاها ظهره أخذت عن يمينه ويساره ، فكأنه قد شقّها به.

ومنه حديث الحارث بن عبد الله بن السائب «قال لنافع بن جبير : من أين؟ قال : خرجت أَتَمَخَّرُ الريح» كأنه أراد : أستنشقها.

ومنه الحديث «لَتَمْخُرَنَ الرّوم الشام أربعين صباحا» أراد أنها تدخل الشام وتخوضه ، وتجوس خلاله ، وتتمكّن منه ، فشبّهه بمخر السفينة البحر.

__________________

(١) انظر حاشية ص ١٠٤ من هذا الجزء.

٣٠٥

[ه] وفى حديث زياد «لمّا قدم البصرة واليا عليها ، قال : ما هذه المَوَاخِير؟ الشراب عليه حرام حتى تسوّى بالأرض ، هدما وحرقا» هى جمع مَاخُور ، وهو مجلس (١) الرّيبة ، ومجمع أهل الفسق والفساد ، وبيوت الخمّارين ، وهو تعريب : ميخور.

وقيل : هو عربىّ ، لتردّد الناس إليه ، من مخر السفينة الماء.

(مخش) ـ فى حديث عليّ «كان صلى‌الله‌عليه‌وسلم مِخَشّا» هو الذى يخالط الناس ويأكل معهم ويتحدّث. والميم زائدة.

(مخض) (س) فى حديث الزكاة «فى خمس وعشرين من الإبل بنت مَخَاض» المَخَاض : اسم للنّوق الحوامل ، واحدتها خلفة. وبنت المخاض وابن المخاض : ما دخل فى السنة الثانية ، لأنّ أمّه قد لحقت بالمخاض : أى الحوامل ، وإن لم تكن حاملا.

وقيل : هو الذى حملت أمّه ، أو حملت الإبل التى فيها أمّه ، وإن لم تحمل هى ، وهذا هو معنى ابن مخاض وبنت مخاض ؛ لأن الواحد لا يكون ابن نوق ، وإنما يكون ابن ناقة واحدة. والمراد أن تكون وضعتها أمّها فى وقت مّا ، وقد حملت النّوق التى وضعن مع أمّها ، وإن لم تكن أمّها حاملا ، فنسبها إلى الجماعة بحكم مجاورتها أمّها.

وإنما سمّى ابن مخاض فى السنة الثانية ؛ لأنّ العرب إنما كانت تحمل الفحول على الإناث بعد وضعها بسنة ليشتدّ ولدها ، فهى تحمل فى السّنة الثانية وتمخض ، فيكون ولدها ابن مخاض. وقد تكرر ذكرها فى الحديث.

وفى حديث عمر «دع المَاخِض والرّبّى» هى التى أخذها المَخَاض لتضع. والمَخَاض : الطّلق عند الولادة. يقال : مَخَضَتِ الشاة مَخْضاً ومَخَاضاً ومِخَاضاً ، إذا دنا نتاجها.

(س) وفى حديث عثمان «أن امرأة زارت أهلها فَمَخَضَتْ عندهم» أى تحرّك الولد فى بطنها للولادة ، فضربها المخاض. وقد تكرر أيضا فى الحديث.

وفى حديث الزكاة فى رواية «فأعمد إلى شاة ممتلئة مَخَاضاً وشحما» أى نتاجا.

وقيل : أراد به المخاض الذى هو دنوّ الولادة. أى أنها امتلأت حملا وسمنا.

__________________

(١) فى الهروى : «أهل الرّيبة».

٣٠٦

وفيه «بارك لهم فى محضها ومَخْضِهَا» أى ما مُخِضَ من اللبن وأخذ زبده. ويسمى مَخِيضاً أيضا.

والمَخَض : تحريك السّقاء الذى فيه اللبن ، ليخرج زبده.

(س) ومنه الحديث «أنه مرّ عليه بحنازة تُمْخَضُ مَخْضاً» أى تحرّك تحريكا سريعا.

(مخن) ـ فى حديث عائشة ، تمثّلت بشعر لبيد :

يتحدّثون مَخَانة وملاذة (١)

المَخَانة : مصدر من الخيانة ، والميم زائدة.

وذكره أبو موسى فى الجيم ، من المجون ، فتكون الميم أصليّة.

(باب الميم مع الدال)

(مدج) (ه س) فيه ذكر «مُدَجِّج» بضم الميم وتشديد الجيم المكسورة : واد بين مكة والمدينة ، له ذكر فى حديث الهجرة.

(مدد) (ه س) فيه «سبحان الله مِدَادَ كلماته»

أى مثل عددها. وقيل : قدر ما يوازيها فى الكثرة ، عيار كيل ، أو وزن ، أو عدد ، أو ما أشبهه من وجوه الحصر والتقدير.

وهذا تمثيل يراد به التّقريب ، لأنّ الكلام لا يدخل فى الكيل والوزن ، وإنما يدخل فى العدد.

والمِدَاد : مصدر كالمَدَدِ. يقال : مَدَدْتُ الشىء مَدّاً ومِدَاداً ، وهو ما يكثّر به ويزاد.

(ه) ومنه حديث الحوض «ينبعث فيه ميزابان ، مِدَادُهُمَا أنهار الجنة» أى يمدّهما أنهارها.

ومنه حديث عمر «هم أصل العرب ومَادَّة الإسلام» أى الذين يعينونهم ويكثّرون

__________________

(١) البيت فى شرح ديوان لبيد ص ١٥٧. وهو فيه :

يتأكلون مغالة وخيانة

ويعان قائلهم وإن لم يشغب

وقد سبق إنشاد المصنّف له فى (خون).

٣٠٧

جيوشهم ، ويتقوّى بزكاة أموالهم. وكلّ ما أعنت به قوما فى حرب أو غيره (١) فهو مادّة لهم.

(س) وفيه «إنّ المؤذّن يغفر له مَدَّ صوته» المَدُّ : القدر ، يريد به قدر الذنوب : أى يغفر له ذلك إلى منتهى مدّ صوته ، وهو تمثيل لسعة المغفرة ، كقوله الآخر «لو لقيتنى بقراب الأرض خطايا لقيتك بها مغفرة».

ويروى «مدى صوته» وسيجىء.

(س) وفى حديث فضل الصحابة «ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفه» المُدّ فى الأصل : ربع الصاع ، وإنما قدّره به ؛ لأنه أقلّ ما كانوا يتصدّقون به فى العادة.

ويروى بفتح الميم ، وهو الغاية.

وقد تكرر ذكر «المُدّ» بالضم فى الحديث ، وهو رطل وثلث بالعراقى ، عند الشافعىّ وأهل الحجاز ، وهو رطلان عند أبى حنيفة ، وأهل العراق.

وقيل : إنّ أصل المُدّ مقدّر بأن يمدّ الرجل يديه فيملأ كفّيه طعاما.

وفى حديث الرّمى «منبله والمُمِدّ به» أى الذى يقوم عند الرامى فيناوله سهما بعد سهم ، أو يردّ عليه النّبل من الهدف. يقال : أَمَدَّهُ يُمِدُّهُ فهو مُمِدّ.

(س) وفى حديث عليّ «قائل كلمة الزّور والذى يَمُدُّ بحبلها فى الإثم سواء» مثّل قائلها بالمائح الذى يملأ الدّلو فى أسفل البئر ، وحاكيها بالماتح الذى يجذب الحبل على رأس البئر ويمدّه ، ولهذا يقال : الرواية (٢) أحد الكاذبين.

وفى حديث أويس «كان عمر إذا أتى أَمْدَاد أهل اليمن سألهم : أفيكم أويس ابن عامر؟» الأَمْدَاد : جمع مَدَد ، وهم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمدّون المسلمين فى الجهاد.

ومنه حديث عوف بن مالك «خرجت مع زيد بن حارثة فى غزوة مؤتة ، ورافقنى مَدَدِيّ من اليمن» هو منسوب إلى المَدَد.

__________________

(١) هكذا بضمير المذكر فى الأصل ، وا ، واللسان. والحرب لفظها أنثى ، وقد تذكّر ذهابا إلى معنى القتال. قاله فى المصباح.

(٢) فى الأصل : «الرواية» والتصحيح من : ا ، واللسان.

٣٠٨

(ه) وفى حديث عثمان «قال لبعض عمّاله : بلغنى أنّك تزوّجت امرأة مَدِيدَة» أى طويلة.

وفيه «المُدَّة التى مَادَّ فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا سفيان» المُدَّة : طائفة من الزمان ، تقع على القليل والكثير. ومَادٌّ فيها : أى أطالها ، وهى فاعل ، من المَدّ.

ومنه الحديث «إن شاءوا مَادَدْنَاهُمْ».

ومنه الحديث «وأَمَدُّهَا خواصر» أى أوسعها وأتمّها.

(مدر) ـ فيه «أحبّ إلىّ من أن يكون لى أهل الوبر والمَدَر» يريد بأهل المَدَر : أهل القرى والأمصار ، واحدتها : مَدَرَة.

[ه] ومنه حديث أبى ذر «أما إنّ العمرة من مَدَرِكُمْ» أى من بلدكم ، ومَدَرَةُ الرجل : بلدته.

يقول : من (١) أراد العمرة ابتدأ لها سفرا جديدا من منزله ، غير سفر الحج. وهذا على الفضيلة لا الوجوب.

(ه) ومنه حديث جابر «فانطلق هو وجبّار بن صخر ، فنزعا فى الحوض سجلا أو سجلين ثم مَدَرَاه» أى طيّناه وأصلحاه بالمَدَر ، وهو الطّين المتماسك ؛ لئلا يخرج منه الماء.

ومنه حديث عمر وطلحة ، فى الإحرام «إنما هو مَدَرٌ» أى مصبوغ بالمدر. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفى حديث الخليل عليه‌السلام «يلتفت إلى أبيه فإذا هو ضبعان (٢) أَمْدَر» هو المنتفخ الجنبين العظيم البطن.

وقيل : الذى تترّب جنباه من المدر.

وقيل : الكثير الرجيع ، الذى لا يقدر على حبسه.

(مدره) ـ فى حديث شدّاد بن أوس «إذ أقبل شيخ من بنى عامر ، هو مِدْرَهُ قومِه»

__________________

(١) فى الهروى : «إذا».

(٢) فى الهروى ، واللسان : «فإذا هو بضبعان أمدر».

٣٠٩

المِدْرَه : زعيم القوم وخطيبهم والمتكلّم عنهم ، والذى يرجعون إلى رأيه.

والميم زائدة ، وإنما ذكرناه هاهنا للفظه.

(مدن) ـ فيه ذكر «مَدَان» بفتح الميم ، له ذكر فى غزوة زيد بن حارثه بنى جذام. ويقال له : فيفاء مَدَان ، وهو واد فى بلاد قضاعة.

(مدا) (س) فيه «المؤذّن يغفر له مَدَى صوته» المَدَى : الغاية : أى يستكمل مغفرة الله إذا استنفد وسعه فى رفع صوته ، فيبلغ الغاية فى المغفرة إذا بلغ الغاية فى الصّوت.

وقيل : هو تمثيل ، أى أن المكان الذى ينتهى إليه الصوت لو قدّر أن يكون ما بين أقصاه وبين مقام المؤذّن ذنوب تملأ تلك المسافة لغفرها الله له.

(ه) ومنه الحديث «أنه كتب ليهود تيماء أنّ لهم الذّمّة وعليهم الجزية بلا عداء ، النهار مَدَى واللّيل سدى» أى ذلك لهم أبدا مادام الليل والنهار. يقال : لا أفعله مَدَى الدّهر : أى طوله. والسّدى : المخلّى.

ومنه حديث كعب بن مالك «فلم يزل ذلك يَتَمَادَى بى» أى يتطاول ويتأخّر ، وهو يتفاعل ، من المدى.

والحديث الآخر «لو تَمَادَى الشّهر لواصلت».

(ه) وفيه «البرّ بالبرّ مُدْيٌ بِمُدْيٍ» أى مكيال بمكيال. والمدى : مكيال لأهل الشام يسع خمسة عشر مكّوكا ، والمكّوك : صاع ونصف. وقيل : أكثر من ذلك.

(ه) ومنه حديث عليّ «أنه أجرى للناس المُدْيَيْنِ والقسطين» يريد مديين من الطعام ، وقسطين من الزّيت. والقسط : نصف صاع.

أخرجه الهروى عن عليّ ، والزمخشرى عن عمر.

(س) وفيه «قلت : يا رسول الله ، إنّا لاقوا العدوّ غدا وليست معنا مُدًى» المُدَى : جمع مُدْيَة ، وهى السّكّين والشّفرة.

ومنه حديث ابن عوف «ولا تفلّوا المُدَى بالاختلاف بينكم» أراد : لا تختلفوا فتقع الفتنة بينكم ، فينثلم حدّكم ، فاستعاره لذلك.

وقد تكرر ذكر «المُدْيَة والمُدَى» فى الحديث.

٣١٠

(باب الميم مع الذال)

(مذح) (ه) فى حديث عبد الله بن عمرو «قال وهو بمكة : لو شئت لأخذت سبتى (١) فمشيت بها ، ثم لم أَمْذَح حتى أطأ المكان الذى تخرج منه الدابّة» المَذْح : أن تصطكّ الفخذان من الماشى ، وأكثر ما يعرض للسّمين من الرجال. وكان ابن عمرو كذلك.

يقال : مَذَح يَمْذَح مَذْحا. وأراد قرب الموضع الذى تخرج منه الدابّة.

(مذد) ـ فيه ذكر «المَذاد» وهو بفتح الميم : واد بين سلع وخندق المدينة الذى حفره النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى غزوة الخندق.

(مذر) ـ فيه «شرّ النساء المَذِرَةُ الوذرة» المَذر : الفساد. وقد مَذِرت تَمْذَر فهى مَذِرَة.

«ومنه مَذِرَت البيضة» إذا فسدت.

(ه) وفى حديث الحسن «ما تشاء أن ترى أحدهم ينفض مِذْرَوَيْه» المِذْرَوَان : جانبا الأليتين ، ولا واحد لهما. وقيل : هما طرفا كلّ شىء ، وأراد بهما الحسن فرعى المنكبين. يقال : جاء فلان ينفض مِذْرَوَيْه ، إذا جاء باغيا يتهدّد. وكذلك إذا جاء فارغا فى غير شغل. والميم زائدة.

(مذق) (ه) فيه «بارك لهم فى مَذْقِها ومحضها» المَذْق : المزج والخلط. يقال : مَذَقْت اللبن ، فهو مَذِيق ، إذا خلطته بالماء.

(س) ومنه حديث كعب وسلمة :

ومَذْقَةٍ كطرّة الخنيف

المَذْقَة : الشّربة من اللبن المَمْذُوق ، شبّهها بحاشية الخنيف ، وهو ردىء الكتّان ، لتغيّر لونها ، وذهابه بالمزج.

(مذقر) (ه) فى حديث عبد الله بن خبّاب «قتلته الخوارج على شاطىء نهر ، فسال

__________________

(١) فى الهروى : «سبتىّ فمشيت فيهما» وفى الفائق ١ / ٥٦٤ : «بسبتىّ فمشيت فيهما».

٣١١

دمه فى الماء فما امذَقَرَّ» قال الراوى : فأتبعته بصرى كأنه شراك أحمر.

قال أبو عبيد : أى ما امتزج بالماء.

وقال شمر : الامْذِقْرَارُ : أن يجتمع الدّم ثم يتقطّع (١) قطعا ولا يختلط بالماء. يقول : لم يكن كذلك ولكنه سال وامتزج. وهذا بخلاف الأوّل. وسياق الحديث يشهد للأوّل ؛ أى أنه مرّ فيه كالطّريقة الواحدة لم يختلط به. ولذلك شبّهه بالشّراك الأحمر ، وهو سير من سيور النّعل.

وذكر المبرّد هذا الحديث فى الكامل. قال : «فأخذوه (٢) وقرّبوه إلى شاطىء النّهر ، فذبحوه ، فامْذَقَرَّ دمه. أى جرى مستطيلا متفرّقا (٣)». هكذا رواه بغير حرف النّفى.

ورواه بعضهم بالباء (٤) ، وهو بمعناه.

(مذل) (ه) فيه «المِذال من النّفاق» هو أن يقلق الرجل عن فراشه الذى يضاجع عليه حليلته ، ويتحوّل عنه ليفترشه غيره. يقال : مَذَل بسرّه يَمْذُل ، ومَذِل يَمْذَل ، إذا قلق به. والمَذِلُ والماذِل : الذى تطيب نفسه عن الشىء ، يتركه ويسترخى عنه.

(مذي) (ه) فى حديث عليّ «كنت رجلا مَذَّاءً» أى كثير المَذْي ، هو بسكون الذال مخفّف الياء : البلل اللّزج الذى يخرج من الذّكر عند ملاعبة النساء ، ولا يجب فيه الغسل. وهو نجس يجب غسله ، وينقض الوضوء. ورجل مَذَّاءٌ : فعّال ، للمبالغة فى كثرة المَذْيِ. وقد مَذَى الرجل يَمْذِي. وأَمْذَى. والمِذاء : المُمَاذاة (٥) فعال منه.

[ه] ومنه الحديث «الغيرة من الإيمان ، والمِذاء من النّفاق» قيل : هو أن يدخل الرجل الرجال على أهله ، ثم يخلّيهم يُمَاذِي بعضهم بعضا. يقال : أَمْذَى الرجل ، وماذَى ، إذا قاد على أهله ، مأخوذ من المَذْي.

__________________

(١) فى الهرى : «ينقطع».

(٢) فى الكامل ص ٩٤٧ ، بتحقيق الشيخ أحمد شاكر : «ثم قرّبوه إلى شاطىء النهر فذبحوه».

(٣) مكانه فى الكامل : «على دقّة».

(٤) أى «ابذقرّ» كما فى الهروى ، والفائق ٣ / ١٦.

(٥) فى الأصل. «المماذات» والمثبت من : ا.

٣١٢

وقيل : هو من أَمْذَيْتُ فرسى ومَذَيْتُهُ ، إذا أرسلته يرعى.

وقيل : هو المَذاء بالفتح ، كأنه من اللّين والرّخاوة ، من أَمْذَيْتُ الشّراب ، إذا أكثرت مزاجه ، فذهبت شدّته وحدّته.

ويروى «المذال» باللام. وقد تقدّم.

(ه) وفى حديث رافع بن خديج «كنّا نكرى الأرض بما على المَاذِيَاناتِ (١) والسّواقى» هى جمع ماذِيَان ، وهو النّهر الكبير. وليست بعربيّة ، وهى سواديّة. وقد تكرر فى الحديث ، مفردا ومجموعا.

(مذينب) ـ فيه ذكر «سيل مهزور ، ومُذَيْنِب» هو بضم الميم وسكون الياء وكسر النون ، وبعدها باء موحّدة : اسم موضع بالمدينة. والميم زائدة.

(باب الميم مع الراء)

(مرأ) ـ فى حديث الاستسقاء «اسقنا غيثا مَرِيئاً مريعا» يقال : مَرأَني الطعام ، وأَمْرَأَني ، إذا لم يثقل على المعدة ، وانحدر عنها طيّبا.

قال الفرّاء : يقال : هنأنى الطعام ، ومَرَأَني ، بغير ألف ، فإذا أفردوها عن هنأنى قالوا : أَمْرَأَنِي.

ومنه حديث الشّرب «فإنه أهنأ وأَمْرَأُ» وقد تكرر فى الحديث.

(س) وفى حديث الأحنف «يأتينا فى مثل مَرِىء نعام (٢)» المَرِىءُ : مجرى الطعام والشراب من الحلق ، ضربه مثلا لضيق العيش وقلّة الطعام.

وإنما خصّ النّعام لدقّة عنقه ، ويستدلّ به على ضيق مَرِيئِه.

وأصل المَرِىءِ : رأس المعدة المتّصل بالحلقوم. وبه يكون اسْتِمْراءُ الطعام.

__________________

(١) فى الهروى ، والمعرّب ص ٣٢٨ : «الماذيان» ويجوز فتح الذال أيضا ، كما فى حواشى المعرّب.

(٢)؟؟؟

٣١٣

(ه) وفى حديث الحسن «أحسنوا ملأكم أيّها المَرْؤُون» هو جمع المَرْءِ ، وهو الرجل. يقال : مَرْءٌ وامْرُؤٌ.

(ه) ومنه قول رؤبة لطائفة رآهم : «أين يريد المَرْؤُون؟».

وفى حديث عليّ لما تزوّج فاطمة «قال له يهودىّ أراد أن يبتاع منه ثيابا : لقد تزوّجت امْرَأَةً» يريد امْرَأَةً كاملة. كما يقال : فلان رجل ، أى كامل فى الرجال.

وفيه «يقتلون كلب المُرَيْئة» هى تصغير المرأة.

(ه) وفيه «لا يَتَمَرْأى أحدكم فى الدنيا (١)» أى لا ينظر فيها ، وهو يتمفعل ، من الرّؤية ، والميم زائدة.

وفى رواية «لا يَتَمَرَّأ أحدكم بالدنيا» من الشىء المرىء.

(مرث) (ه) فيه «أنه أتى السّقاية فقال : اسقونى ، فقال العباس : إنهم قد مَرَثُوهُ وأفسدوه» أى وسّخوه بإدخال أيديهم فيه. والمَرْثُ : المرس. ومَرَثَ الصبىّ يَمْرُثُ ، إذا عضّ بدردره (٢).

(ه) ومنه حديث الزبير «قال لابنه : لا تخاصم الخوارج بالقرآن ، خاصمهم بالسّنة ، قال ابن الزبير : فخاصمتهم بها ، فكأنهم صبيان يَمْرُثون سخبهم» أى يعضّونها ويمصّونها.

والسّخب : قلائد الخرز. يعنى أنهم بهتوا وعجزوا عن الجواب.

(مرج) (ه) فيه «كيف أنتم إذا مَرِجَ الدين» أى فسد وقلقت أسبابه. والمَرْج : الخلط.

[ه] ومنه حديث ابن عمر «قد مَرِجَت عهودهم» أى اختلطت.

__________________

(١) الذى فى الهروى : «لا يتمرأى أحدكم الماء. قال أبو حمزة : أى لا ينظر فيه».

(٢) قال صاحب القاموس : «والدّردر ، بالضم : مغارز أسنان الصبىّ ، أو هى قبل نباتها ، وبعد سقوطها».

٣١٤

وفى حديث عائشة «خلقت الملائكة من نور واحد ، (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ)» مارِجُ النار : لهبها المختلط بسوادها.

(س) وفيه «وذكر خيل المرابط فقال : طوّل لها فى مَرْجٍ» المَرْجُ : الأرض الواسعة ذات نبات كثير ، تَمْرُجُ فيه الدّوابّ ، أى تخلّى تسرح مختلطة كيف شاءت.

(مرجل) ـ فيه «ولصدره أزيز كأزيز المِرْجَلِ» هو بالكسر : الإناء الذى يغلى فيه الماء. وسواء كان من حديد أو صفر أو حجارة أو خزف. والميم زائدة. قيل : لأنه إذا نصب كأنه أقيم على أرجل.

(س) وفيه «وعليها ثياب مَرَاجِلُ» يروى بالجيم والحاء ، فالجيم معناه أنّ عليها نقوشا تمثال الرّجال. والحاء معناه أنّ عليها صور الرجال ، وهى الإبل بأكوارها. ومنه ثوب مُرَجَّلٌ. والروايتان معا من باب الراء ، والميم فيهما زائدة ، وقد تقدّم.

ومنه الحديث «فبعث معهما ببرد مَرَاجِلَ» قال الأزهرىّ : المراجلُ : ضرب من برود اليمن. وهذا التفسير يشبه أن تكون الميم أصليّة.

(مرخ) (ه) فيه «أنّ عمر دخل على النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوما ، وكان منبسطا ، فقطّب وتشزّن له ، فلما خرج عاد إلى انبساطه ، فسألته عائشة ، فقال : إنّ عمر ليس ممّن يُمْرَخُ معه» المَرْخُ والمزح سواء.

وقيل : هو من مَرَّخْتُ الرجل بالدّهن ، إذا دهنته به ثم دلكته. وأَمْرَخْتُ العجين ، إذا أكثرت ماءه. أراد ليس ممّن يستلان جانبه.

وفيه ذكر «ذى مُرَاخٍ» هو بضم الميم : موضع قريب من مزدلفة. وقيل : هو جبل بمكة. ويقال بالحاء المهملة.

(مرد) ـ فى حديث العرباض «وكان صاحب خيبر رجلا مارِداً منكرا» الماردُ من الرجال : العاتى الشديد. وأصله من مَرَدَةِ الجنّ والشياطين.

ومنه حديث رمضان «وتصفد فيه مَرَدَةُ الشياطين» جمع مارِدٍ.

(س) وفى حديث معاوية «تَمَرَّدْتُ عشرين سنة ، وجمعت عشرين ، ونتفت عشرين ،

٣١٥

وخضبت عشرين ، فأنا ابن ثمانين» أى مكثت أَمْرَدَ عشرين سنة ، ثم صرت مجتمع اللّحية عشرين سنة.

وفيه ذكر «مُرَيْدٍ» وهو بضم الميم مصغّر : أطم من آطام المدينة.

وفيه ذكر «مَرْدان» بفتح الميم وسكون الراء ، وهى ثنيّة بطريق تبوك ، وبها مسجد للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(مرر) (ه) فيه «لا تحلّ الصدقة لغنىّ ولا لذى مِرَّةٍ سوىّ» المِرَّةُ : القوّة والشدّة. والسّوىّ : الصحيح الأعضاء. وقد تكررت (١) فى الحديث.

(ه) وفيه «أنه كره من الشاء سبعا : الدّم ، والمِرارَ (٢) ، وكذا وكذا» المِرَارُ (٣) : جمع المَرَارةِ ، وهى التى فى جوف الشاة وغيرها ، يكون فيها ماء أخضر مُرٌّ. قيل : هى لكل حيوان إلا الجمل.

وقال القتيبىّ : أراد المحدّث أن يقول «الأَمَرَّ» وهو المصارين ، فقال «المِرَار». وليس بشىء.

(س) ومنه حديث ابن عمر «أنه جرح إبهامه فألقمها مَرارةً» وكان يتوضأ عليها.

(س) وفى حديث شريح «ادّعى رجل دينا على ميّت وأراد بنوه أن يحلفوا على علمهم ، فقال شريح : لتركبنّ منه مَرارةَ الذّقن» أى لتحلفنّ ما له شىء ، لا على العلم ، فتركبون من ذلك ما يُمِرُّ (٤) فى أفواههم وألسنتهم التى بين أذقانهم.

وفى حديث الاستسقاء :

وألقى بكفّيه الفتىّ استكانة

من الجوع ضعفا ما يُمِرُّ وما يحلى

أى ما ينطق بخير ولا شرّ ، من الجوع والضّعف.

(س) وفى قصة مولد المسيح عليه‌السلام «خرج قوم ومعهم المُرُّ ، قالوا : نجبر به الكسر والجرح» المُرُّ : دواء كالصّبر ، سمّى به لمِرَارتِه.

__________________

(١) فى الأصل : «تكرر» والمثبت من : ا.

(٢) هكذا بكسر الميم فى الأصل ، وا. وفى الهروى ، واللسان بفتحها.

(٣) هكذا بكسر الميم فى الأصل ، وا. وفى الهروى ، واللسان بفتحها.

(٤) ضبط فى اللسان بفتح الياء والميم.

٣١٦

(ه) وفيه «ماذا فى الأَمَرَّيْنِ من الشّفاء ، الصّبر والثّفاء (١)» الصّبر : هو الدّواء المرُّ المعروف. والثّفاء : هو الخردل.

وإنما قال : «الأَمَرَّيْنِ» ، والمُرُّ أحدهما ، لأنه جعل الحروفة والحدّة التى فى الخردل بمنزلة المَرارة. وقد يغلّبون أحد القرينين على الآخر ، فيذكرونهما بلفظ واحد.

(ه) وفى حديث ابن مسعود «هما المُرَّيَان ؛ الإمساك فى الحياة ، والتبذير فى الممات» المُرَّيان : تثنية مُرَّى ، مثل صغرى وكبرى ، وصغريان وكبريان ، فهى فعلى من المَرارةِ ، تأنيث الأَمَرِّ ، كالجلّى والأجلّ ؛ أى الخصلتان المفضّلتان فى المَرارة على سائر الخصال المُرَّة أن يكون الرجل شحيحا بماله ما دام حيّا صحيحا ، وأن يبذّره فيما لا يجدى عليه ؛ من الوصايا المبنيّة على هوى النّفس عند مشارفة الموت.

(ه) وفى حديث الوحى «إذا نزل سمعت الملائكة صوت مِرَار السّلسلة على الصّفا» أى صوت انجرارها واطّرادها على الصّخر. وأصل المِرَارِ : الفتل ، لأنه يُمَرُّ ، أى يفتل.

(ه) وفى حديث آخر «كإِمْرَارِ الحديد على الطّست الجديد» أَمْرَرْتُ الشىء أُمِرُّه إِمْرَاراً ، إذا جعلته يَمُرُّ ، أى يذهب. يريد كجرّ الحديد على الطّست.

وربما روى (٢) الحديث الأوّل : «صوت إِمْرَارِ السّلسلة».

(س) وفى حديث أبى الأسود «ما فعلت المرأة التى كانت تُمَارُّه وتشارّه؟» أى تلتوى عليه وتخالفه. وهو من فتل الحبل.

وفيه «أن رجلا أصابه فى سيره المِرارُ» أى الحبل. هكذا فسّر ، وإنما الحبل المَرُّ ، ولعله جمعه.

وفى حديث عليّ فى ذكر الحياة «إن الله جعل الموت قاطعا لِمَرَائرِ أقرانها» المَرَائر : الحبال المفتولة على أكثر من طاق ، واحدها : مَرِيرٌ ومَرِيرَةٌ.

__________________

(١) الثفاء ، بالتخفيف ، وزان غراب ، كما فى المصباح. وقد سبق بالتشديد ، فى مادة (ثفأ) وهو موافق لما فى الصحاح ، والقاموس. وقال فى المصباح إنه مكتوب فى الجمهرة بالتثقيل. على أنى لم أجد فى الجمهرة ما يشير إلى تثقيل أو تخفيف. انظرها ٣ / ٢١٩

(٢) عبارة الهروى : «وإن روى : إمرار السلسلة ، فحسن. يقال : أمررت الشىء ، إذا جررته».

٣١٧

(ه) ومنه حديث ابن الزبير «ثم استمرّت مَرِيرَتي» يقال : استَمَرَّت مَرِيرتُهُ على كذا ، إذا استحكم أمره عليه وقويت شكيمته فيه ، وألفه واعتاده. وأصله من فتل الحبل.

(س) ومنه حديث معاوية «سحلت مَرِيرتُهُ» أى جعل حبله المبرم سحيلا ، يعنى رخوا ضعيفا.

(س) وفى حديث أبى الدّرداء ذكر «المُرِّيّ» ، قال الجوهرى : «المُرِّيّ [بالضم وتشديد الراء (١)] الذى يؤتدم به ، كأنه منسوب إلى المَرَارة. والعامّة تخفّفه».

وفيه ذكر «ثنيّة المُرَارِ» المشهور فيها ضمّ الميم. وبعضهم يكسرها ، وهى عند الحديبية.

وفيه ذكر «بطن مَرّ ، ومَرّ الظّهران» وهما بفتح الميم وتشديد الراء : موضع بقرب مكة.

(مرز) (ه) فيه «أن عمر أراد أن يصلّى على ميّت فمَرَزَه حذيفة» أى قرصه بأصابعه لئلّا يصلّى عليه.

قيل : كان ذلك الميّت منافقا. وكان حذيفة يعرف المنافقين. يقال : مَرَزْتُ الرجل مَرْزاً ، إذا قرصته بأطراف أصابعك.

(مرزبان) ـ فيه «أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمَرْزُبانٍ لهم» هو بضم الزاى : أحد مَرَازِبَةِ الفرس ، وهو الفارس الشجاع المقدّم على القوم دون الملك. وهو معرّب (٢).

(مرس) (ه) فيه «إن من اقتراب الساعة أن يَتَمَرَّس الرجل بدينه ، كما يَتَمَرَّسُ البعير بالشجرة» أى (٣) يتلعّب بدينه ويعبث به ، كما يعبث البعير بالشجرة ، ويتحكّك بها.

والتَّمَرُّسُ (٤) : شدّة الالتواء.

وقيل : أراد أن يُمَارِس الفتن ويشادّها ، فيضرّ بدينه ، ولا ينفعه غلوّه فيه ، كما أنّ الأجرب إذا تحكّك بالشجرة أدمته ، ولم تبره من جربه.

__________________

(١) ليس فى الصحاح.

(٢) فى المعرّب ص ٣١٧ : «وتفسيره بالعربية : حافظ الحدّ».

(٣) هذا شرح القتيبى ، كما فى الهروى.

(٤) وهذا من شرح ابن الأعرابى ، كما ذكر الهروى ، أيضا.

٣١٨

(س) ومنه حديث خيفان «أمّا بنو فلان فحسك أَمْراسٌ» جمع مَرِس ، بكسر الراء ، وهو الشديد الذى مارَسَ الأمور وجرّبها.

(س) ومنه حديث وحشىّ فى مقتل حمزة «فطلع علىّ رجل حذر مَرِسٌ» أى شديد مجرّب للحروب. والمَرْسُ فى غير هذا : الدّلك.

(س) ومنه حديث عائشة «كنت أَمْرُسُه بالماء» أى أدلكه وأديفه. وقد يطلق على الملاعبة.

(س) ومنه حديث عليّ «زعم (١) أنى كنت أعافس وأُمَارِسُ» أى ألاعب النساء. وقد تكرر فى الحديث.

(مرش) (ه) فى غزوة حنين «فعدلت به ناقته إلى شجرات فمرَشْنَ ظهره» أى خدشته أغصانها ، وأثرت فى ظهره. وأصل المَرْشِ : الحكّ بأطراف الأظفار.

(ه) ومنه حديث أبى موسى «إذا حكّ أحدكم فرجه وهو فى الصلاة فلْيَمْرُشْه من وراء الثّوب».

(مرض) ـ فيه «لا يورد مُمْرِضٌ على مصحّ» المُمْرِضُ : الذى له إبل مرضى ، فنهى أن يسقى إبله المُمْرِضُ مع إبل المصحّ ، لا لأجل العدوى ، ولكن لأن الصّحاح ربّما عرض لها مرض فوقع فى نفس صاحبها أن ذلك من قبيل العدوى ، فيفتنه ويشكّكه ، فأمر باجتنابه والبعد عنه.

وقد يحتمل أن يكون ذلك من قبيل الماء والمرعى تستوبله الماشية فتَمْرَض ، فإذا شاركها فى ذلك غيرها أصابه مثل ذلك الدّاء ، فكانوا لجهلهم يسمّونه عدوى ، وإنما هو فعل الله تعالى.

وفى حديث تقاضى الثّمار «تقول : أصابها مُرَاضٌ» هو بالضم : داء يقع فى الثمرة فتهلك.

وقد أَمْرَضَ الرّجل ، إذا وقع فى ماله العاهة.

(س) وفى حديث عمرو بن معديكرب «هم شفاء أَمْرَاضِنا» أى يأخذون بثأرنا ، كأنّهم يشفون مرضَ القلوب ، لا مرضَ الأجسام.

(مرط) (ه) فيه «أنه كان يصلّى فى مُرُوطِ نسائه» أى أكسيتهنّ ، الواحد : مِرْطٌ. ويكون من صوف ، وربما كان من خزّ أو غيره. وقد تكرر فى الحديث ، مفردا ومجموعا.

__________________

(١) أى عمرو بن العاص.

٣١٩

(ه) وفى حديث أبى سفيان (١) «فامَّرَطَ (٢) قذذ السّهم» أى سقط ريشه. وسهم أَمْرَطُ وأملط.

(ه) وفى حديث عمر «قال لأبى محذورة ـ وقد رفع صوته بالأذان ـ : أما خشيت أن تنشقّ مُرَيْطَاؤُك» هى الجلدة الّتى بين السّرّة والعانة. وهى فى الأصل مصغّرة مَرْطَاءَ ، وهى الملساء التى لا شعر عليها ، وقد تقصر.

(مرع) (ه) فيه «اللهم اسقنا غيثا مَرِيعاً مربعا» المَرِيع : المخصب النّاجع. يقال : أَمْرَعَ الوادى ، ومَرُعَ مَراعَةً.

[ه] وفى حديث ابن عباس «أنه سئل عن السّلوى ، فقال : هو المُرَعَةُ» هى بضم الميم وفتح الراء وسكونها : طائر أبيض ، حسن اللّون ، طويل (٣) الرّجلين ، بقدر السّمانى ، يقع فى المطر من السّماء.

(مرغ) (س) فى صفة الجنّة «مَراغُ دوابّها المسك» أى الموضع الّذى يُتَمَرَّغُ فيه من ترابها. والتَّمَرُّغُ : التّقلّب فى التّراب.

(س) ومنه حديث عمّار «أجنبنا فى سفر وليس عندنا ماء ، فتَمَرَّغنا فى التّراب» ظنّ أنّ الجنب يحتاج أن يوصّل التراب إلى جميع جسده كالماء.

(مرق) (ه) فى حديث الخوارج «يَمْرُقُون من الدّين مُرُوقَ السّهم من الرّميّة» أى يجوزونه ويخرقونه ويتعدّونه ، كما يخرق السّهم الشىء المرمىّ به ويخرج منه. وقد تكرر فى الحديث.

ومنه حديث عليّ «أمرت بقتال المارِقِين» يعنى الخوارج.

وفيه «أن امرأة قالت : يا رسول الله ، إنّ بنتا لى عروسا تَمَرَّقَ شعرها».

وفى حديث آخر «مرضت فامَّرَقَ شعرها» يقال : مَرَقَ شعره ، وتَمَرَّقَ وامَّرَقَ ، إذا

__________________

(١) أخرجه الهروى من حديث أبى موسى.

(٢) فى الفائق ٢ / ٣١٨ : «وانمرط». وقال : «انمرط : مطاوع مرطه. يقال : مرط الشعر والريش ، إذا نتفه ، فانمرط».

(٣) مكان هذا فى الهروى : «طيّب الطّعم».

٣٢٠