النّهاية - ج ٤

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٨٤

ويروى «يلاومنى» بالواو ، ولا أصل له ، وهو تحريف من الرّواة ، لأن الملاومة مفاعلة من اللّوم.

ومنه حديث أبى ذر «من لَايَمَكُم من مملوكيكم فأطعموه ممّا تأكلون» هكذا يروى بالياء ، منقلبة عن الهمزة. والأصل : لَاءَمَكم.

(لألأ) (ه) فى صفته عليه الصلاة والسلام «يَتَلَأْلَأُ وجهه تَلَأْلُؤَ القمر» أى يشرق ويستنير ، مأخوذ من اللُّؤلؤ.

(لأواء) فيه «من كان له ثلاث بنات فصبر على لَأْوَائِهِنَ كنّ له حجابا من النار» اللأْواء : الشّدّة وضيق المعيشة.

ومنه الحديث «قال له : ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأْوَاء؟».

[ه] والحديث الآخر «من صبر على لَأْوَاء المدينة».

(لأى) ـ فى حديث أم أيمن «فَبِلَأْيٍ مّا استغفر لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أى بعد مشقّة وجهد وإبطاء.

(ه) ومنه حديث عائشة وهجرتها ابن الزّبير «فَبِلَأْيٍ مّا كلّمته».

(ه) وفى حديث أبى هريرة «يجى من قبل المشرق قوم وصفهم ، ثم قال : والرواية يومئذ يستقى عليها أحبّ إلىّ من لاءٍ وشاء» قال القتيبى : هكذا رواه نقلة الحديث «لاءٍ» بوزن ماء ، وإنما هو «الآء» بوزن العاع (١) ، وهى الثيران ، واحدها «لَأًى» بوزن قَفًا ، وجمعه أقفاء ، يريد : بعير يستقى عليه يومئذ خير من اقتناء البقر والغنم ، كأنه أراد الزراعة ، لأن أكثر من يقتنى الثّيران والغنم الزّرّاعون.

(باب اللام مع الباء)

(لبأ) (س) فى حديث ولادة الحسن بن على «وأَلْبَأَهُ بريقه» أى صبّ ريقه فى فيه ، كما يصبّ اللِّبَأ فى (٢) فم الصّبى ، وهو أوّل ما يحلب عند الولادة. ولَبَأَتِ الشاة ولدها : أرضعته اللِّبَأ ، وأَلْبَأْتُ السّخلة ، أرضعتها اللِّبَأ.

__________________

(١) فى الهروى : «ألماء».

(٢) بوزن عنب. كما فى المصباح.

٢٢١

(ه) ومنه حديث بعض الصحابة «أنه مرّ بأنصارىّ يغرس نخلا ، فقال : يا ابن أخى ، إن بلغك أنّ الدجّال قد خرج فلا يمنعنك من أن تَلْبَأَها» أى لا يمنعنّك خروجه عن غرسها وسقيها أوّل سقية ؛ مأخوذ من اللِّبَأ.

(لبب) (ه) فى حديث الإهلال بالحج «لَبَّيْك اللهمّ لَبَّيْك» هو من التَّلْبِية ، وهى إجابة المنادى : أى إجابتى لك يا ربّ ، وهو مأخوذ من لَبَ بالمكان وأَلَبَ [به](١) إذا أقام به ، وأَلَبَ على كذا ، إذا لم يفارقه ، ولم يستعمل إلّا على لفظ التّثنية فى معنى التكرير : أى إجابة بعد إجابة.

وهو منصوب على المصدر بعامل لا يظهر ، كأنك قلت : أُلِبُ إِلْبَاباً بعد إِلْباب. والتَّلْبِية من لَبَّيْك كالتّهليل من لا إله إلا الله.

وقيل : معناه اتّجاهى وقصدى يا ربّ إليك ، من قولهم : دارى تَلُبُ دارك : أى تواجهها.

وقيل : معناه إخلاصى لك ، من قولهم : حسب لُبَاب ، إذا كان خالصا محضا. ومنه لُبُ الطعام ولُبَابُه (٢).

(س) ومنه حديث علقمة «أنه قال للأسود : يا أبا عمرو ، قال : لَبَّيْك ، قال : لَبَّيْ يديك» قال الخطّابى : معناه سلمت يداك وصحّتا. وإنما ترك الإعراب فى قوله «يديك» ، وكان حقّه أن يقول «يداك» لتزدوج يديك بلَبَّيْك.

وقال الزمخشرى : «فمعنى لَبَّيْ يديك : أى أطيعك ، وأتصرّف بإرادتك ، وأكون كالشىء الذى تصرّفه بيديك كيف شئت».

(ه) وفيه «إنّ الله منع منّى بنى مدلج ؛ لصلتهم (٣) الرّحم ، وطعنهم فى أَلْبَاب الإبل»

__________________

(١) زيادة من الهروى.

(٢) زاد الهروى من معانيها ، قال : «والثالث : محبّتى لك يا ربّ. من قول العرب : امرأة لبّة ، إذا كانت محبّة لولدها عاطفة عليه. ومنه قول الشاعر :

* وكنتم كامّ لبة ظمن ابنها *

(٣) رواية الهروى : «إن الله منع من بنى مدلج بصلتهم ...».

٢٢٢

وروى «لَبَّات الإبل» الأَلْبَاب (١) : جمع لُبّ ، ولُبُ كل شىء : خالصه ، أراد خالص إبلهم وكرائمها.

وقيل : هو جمع لَبَب ، وهو المنحر من كل شىء ، وبه سمّى لَبَبُ السّرج.

وأمّا اللَّبَّات فهى جمع لَبَّة ، وهى الهزمة التى فوق الصّدر ، وفيها تنحر الإبل.

ومنه الحديث «أما تكون الذكاة إلّا فى الحلق واللَّبَّة!» وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفيه «إنا حىّ من مذحج ، عباب سلفها ، ولُبَابُ شرفها» اللُّباب : الخالص من كل شىء ، كاللُّبِ.

(ه) وفيه «أنه (٢) صلّى فى ثوب واحد مُتَلَبِّبا به» أى متحزّما به عند صدره. يقال : تَلَبَّبَ بثوبه ، إذا جمعه عليه.

(ه) ومنه الحديث «أنّ رجلا خاصم أباه عنده فأمر به فلُبَ له» يقال : لَبَبْتُ الرجل ولَبَّبْتُه ، إذا جعلت فى عنقه ثوبا أو غيره وجررته به. وأخذت بِتَلْبِيب فلان ، إذا جمعت عليه ثوبه الذى هو لابسه وقبضت عليه تجرّه. والتَّلْبِيب : مجمع ما فى موضع اللّبَب من ثياب الرجل.

ومنه الحديث «أنه أمر بإخراج المنافقين من المسجد ، فقام أبو أيّوب إلى رافع بن وديعة فَلَبَّبَه بردائه ، ثم نتره نترا شديدا» وقد تكرر فى الحديث.

(ه س) وفى حديث صفية أم الزبير «أضربه (٣) كى يَلَبَ» أى يصير ذا لُبٍ ، واللُّبُ : العقل ، وجمعه : أَلْبَاب. يقال : لَبَ يَلَبُ مثل عضّ يعضّ ، أى صار لَبِيباً. هذه لغة أهل الحجاز ، وأهل نجد يقولون : لَبَ يَلِبُ ، بوزن فرّ يفرّ. ويقال : لَبِبَ الرجل بالكسر ، يَلَبُ بالفتح : أى صار ذا لُبٍ. وحكى : لَبُبَ بالضّم ، وهو نادر ، ولا نظير له فى المضاعف.

(س) وفى حديث ابن عمرو «أنه أتى الطّائف فإذا هو يرى التّيوس تَلِبُ ـ أو تنبّ ـ على الغنم». هو حكاية صوت التّيوس عند السّفاد. يقال : لَبَ يَلِبُ ، كفرّ يفرّ.

__________________

(١) هذا من شرح أبى عبيد ، كما فى الهروى.

(٢) أخرجه الهروى من حديث عمر رضى الله عنه. وانظر الفائق ٢ / ٤٤٥.

(٣) انظر ص ٢٨١ من الجزء الأول.

٢٢٣

(لبث) فيه «فاسْتَلْبَثَ الوحى» هو استفعل من اللَّبْث : الإبطاء والتّأخر. يقال : لَبِثَ يَلْبَثُ لَبْثا ، بسكون الباء ، وقد تفتح قليلا على القياس.

وقيل : اللَّبْث : الاسم ، واللُّبْث بالضّم : المصدر. وقد تكرر فى الحديث.

(لبج) (س) فى حديث سهل بن حنيف «لمّا أصابه عامر بن ربيعة بعينه فَلُبِجَ به حتّى ما يعقل» أى صرع به. يقال : لَبَجَ به الأرض : أى رماه.

(س) وفيه «تباعدت شعوب من لَبَجٍ فعاش أيّاما» هو اسم رجل. واللَّبَج : الشّجاعة. حكاه الزمخشرى.

(لبد) (ه) فيه «أنّ عائشة أخرجت كساء للنبى عليه الصلاة والسلام مُلَبَّداً» أى مرقّعا. يقال : لَبَدْتُ القميص أَلْبُدُهُ ولَبَّدْته (١). ويقال (٢) للخرقة التى يرقع بها صدر القميص : اللبْدَةُ. والتى يرقع بها قبّه : القبيلة.

وقيل : المُلَبَّد : الذى ثخن وسطه وصفق حتى صار يشبه اللِّبْدَة.

(س [ه]) وفى حديث المحرم «لا تخمّروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة مُلَبِّدا» هكذا جاء فى رواية (٣). وتَلْبِيد الشّعر : أن يجعل فيه شىء من صمغ عند الإحرام ؛ لئلّا يشعث ويقمل إبقاء على الشّعر. وإنّما يُلَبِّد من يطول مكثه فى الإحرام.

(ه) ومنه حديث عمر «من لَبَّدَ أو عقص فعليه الحلق».

(ه) ومنه الحديث فى صفة الغيث «فَلَبَّدَتِ الدّماث» أى جعلتها قويّة لا تسوخ فيها الأرجل. والدّماث : الأرضون السّهلة.

(ه) وفى حديث أم زرع «ليس بِلَبِدٍ فيتوقّل ، ولا له عندى معوّل» أى ليس (٤) بمستمسك مُتَلَبِّد ، فيسرع المشى فيه ويعتلى.

(ه) ومنه حديث حذيفة ، وذكر فتنة فقال «الْبُدُوا لُبُودَ الرّاعى على عصاه ، لا يذهب بكم السّيل» أى ألزموا الأرض واقعدوا فى بيوتكم ، لا تخرجوا منها فتهلكوا ، وتكونوا

__________________

(١) زاد الهروى : «وألبدته».

(٢) قائل هذا هو الأزهرى ، كما فى الفائق ٢ / ٤٤٩.

(٣) والرواية الأخرى : «ملبّيا» انظر الفائق ٣ / ١٧٥.

(٤) هذا من شرح ابن الأنبارى كما فى الهروى.

٢٢٤

كمن ذهب به السّيل. يقال : لَبَد بالأرض وأَلْبَدَ بها ، إذا لزمها وأقام.

(س) ومنه حديث عليّ «قال لرجلين أتياه يسألانه : الْبَدَا بالأرض حتّى تفهما» أى أقيما.

(ه) وحديث قتادة «الخشوع فى القلب ، وإِلْبَادُ البصر فى الصلاة» أى إلزامه موضع السّجود من الأرض.

(س) وفى حديث أبى برزة «ما أرى اليوم خيرا من عصابة مُلْبدة» يعنى لصقوا بالأرض وأخملوا أنفسهم.

(ه) ومنه حديث أبى بكر «أنه كان يحلب فيقول : أُلْبِدُ أم أرغى؟ فإن قالوا : أَلْبِدْ ألصق العلبة بالضّرع وحلب ، فلا يكون للحليب رغوة ، وإن أبان العلبة ، رغا لشدّة وقعه».

وفى صفة طلح الجنة «إنّ الله يجعل مكان كلّ شوكة منها مثل خصوة (١) التّيس المَلْبُود» أى المكتنز اللّحم ، الذى لزم بعضه بعضا فَتَلَبَّد.

(س) وفى حديث ابن عباس «كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً» أى مجتمعين بعضهم على بعض ، واحدتها : لِبْدَة.

(س) وفى حديث حميد بن ثور :

وبين نسعيه خدبّا مُلْبِدَا

أى عليه لِبْدَة من الوبر.

(س) وفيه ذكر «لُبَيْدا» (٢) وهى اسم الأرض السابعة.

(لبس) (ه) فى حديث جابر «لمّا نزل قوله تعالى : الخلط. يقال : لَبَسْت الأمر بالفتح أَلْبِسُه ، إذا خلطت بعضه ببعض : أى يجعلكم فرقا مختلفين.

__________________

(١) جاء فى اللسان (مادة خصى): «قال شمر : لم نسمع فى واحد الخصى إلا خصية ، بالياء ؛ لأن أصله من الياء». ويلاحظ أن ابن الأثير لم يذكر هذه المادّة.

(٢) هكذا فى الأصل. وفى ا : «لبيداء» وفى اللسان : «لبيدا».

٢٢٥

ومنه الحديث «فلَبَسَ عليه صلاته».

والحديث الآخر «من لَبَسَ على نفسه لَبْساً» كلّه بالتخفيف ، وربّما شدّد للتّكثير.

ومنه حديث ابن صيّاد «فَلَبَسَنِي» أى جعلنى أَلْتَبِسُ فى أمره.

وحديثه الآخر «لُبِسَ عليه» وقد تكرر فى الحديث.

(ه) ومنه حديث المبعث «فجاء الملك فشقّ عن قلبه ، قال : فخفت أن يكون قد الْتُبِسَ بى» أى خولطت فى عقلى.

(ه) وفيه «فيأكل وما يَتَلَبَّس بيده طعام» أى لا يلزق به ؛ لنظافة أكله.

ومنه الحديث «ذهب ولم يَتَلَبَّس منها بشىء» يعنى من الدنيا.

وفيه «أنه نهى عن لِبْسَتَيْن» هى بكسر اللام : الهيئة والحالة. وروى بالضم على المصدر. والأوّل الوجه.

(لبط) [ه] فيه «أنه سئل عن الشّهداء ، فقال : أولئك يَتَلَبَّطون فى الغرف العلى» أى يتمرّغون.

(س [ه]) ومنه حديث ماعز «لا تسبّوه فإنه الآن يَتَلَبَّط فى الجنة».

ومنه حديث أم إسماعيل «جعلت تنظر إليه يتلوّى ويَتَلَبَّطُ».

[ه] ومنه الحديث «أنه خرج وقريش مَلْبُوطٌ بهم» أى أنهم سقوط بين يديه.

(س [ه]) وحديث سهل بن حنيف «لمّا أصابه عامر بن ربيعة بالعين فلُبِطَ به» أى صرع وسقط إلى الأرض. يقال : لُبِط بالرجل فهو مَلْبُوط به.

(ه) ومنه حديث عائشة «تضرب اليتيم وتَلْبِطُه» أى تصرعه إلى الأرض.

وحديث الحجّاج السّلمى «حين دخل مكة قال للمشركين : [ليس](١) عندى من الخبر (٢) ما يسرّكم ، فَالْتَبطُوا بجنبى ناقته ، يقولون : إيه يا حجّاج».

(لبق) (ه) فيه «فصنع ثريدة ثم لَبَّقَهَا» أى خلطها خلطا شديدا. وقيل : جمعها بالمغرفة.

__________________

(١) سقط من ا.

(٢) فى ا : «الخير».

٢٢٦

(لبك) (ه) فى حديث الحسن «سأله رجل عن مسألة ثم أعادها فقلبها ، فقال له : لَبَّكْت علىّ» أى خلطت علىّ. ويروى «بكّلت» وقد تقدم.

(لبن) (س) فيه «إنّ لَبَن الفحل يحرّم» يريد بالفحل الرجل تكون له امرأة ولدت منه ولدا ولها لَبَن ؛ فكل من أرضعته من الأطفال بهذا اللَّبَن فهو محرّم على الزّوج وإخوته وأولاده منها ، ومن غيرها ، لأنّ اللَّبَن للزوج حيث هو سببه. وهذا مذهب الجماعة. وقال ابن المسيّب والنّخعىّ : لا يحرّم.

ومنه حديث ابن عباس «وسئل عن رجل له امرأتان أرضعت إحداهما غلاما والأخرى جارية : أيحلّ للغلام أن يتزوّج بالجارية؟ قال : لا ، اللّقاح واحد».

وحديث عائشة «واستأذن عليها أبو القعيس (١) فأبت أن تأذن له ، فقال : أنا عمّك ، أرضعتك امرأة أخى ، فأبت عليه حتى ذكرته لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : هو عمك فليلج عليك».

(س) وفيه «أنّ رجلا قتل آخر ، فقال : خذ من أخيك اللُّبَّن» ) أى إبلا لها لَبَن ، يعنى الدّية.

__________________

(١) هكذا فى الأصل ، وا ، واللسان. قال ابن عبد البر : «أفلح بن أبى القعيس ، ويقال : أخو أبى القعيس. لا أعلم له خبرا ولا ذكرا أكثر مما جرى من ذكره فى حديث عائشة فى الرضاع ، فى الموطّأ. وقد اختلف فيه. فقيل : أبو القعيس. وقيل : أخو أبى القعيس. وقيل : ابن أبى القعيس. وأصحها ، إن شاء الله تعالى ، ما قاله مالك ومن تابعه عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة : جاء أفلح أخو أبى القعيس» الاستيعاب ص ١٠٢ ، ١٧٣٣. وانظر أيضا الإصابة ١ / ٥٧ وانظر حديث عائشة هذا فى صحيح البخارى (باب لبن الفحل ، من كتاب النكاح) وصحيح مسلم (باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل ، من كتاب الرضاع) ، والموطأ (الحديث الثالث ، من كتاب الرضاع) وسنن ابن ماجه (باب لبن الفحل ، من كتاب النكاح) وسنن أبى داود (باب فى لبن الفحل ، من كتاب النكاح) وسنن الدارمى (باب ما يحرم من الرضاع ، من كتاب النكاح).

(٢) فى ا : «اللّبن».

٢٢٧

ومنه حديث أميّة بن خلف «لمّا رآهم يوم بدر يقتلون قال : أما لكم حاجة فى اللُّبَّن؟» أى تأسرون فتأخذون فداءهم إبلا ، لها لَبَن.

(س) ومنه الحديث «سيهلك من أمّتى أهل الكتاب وأهل اللَّبَن ، فسئل : من أهل اللَّبَن؟ فقال : قوم يتّبعون الشّهوات ، ويضيّعون الصلوات» قال الحربى : أظنه أراد : يتباعدون عن الأمصار وعن صلاة الجماعة ، ويطلبون مواضع اللَّبن فى المراعى والبوادى. وأراد بأهل الكتاب قوما يتعلّمون الكتاب ليجادلوا به الناس.

وفى حديث عبد الملك «ولد له ولد فقيل له : اسقه لَبَنَ اللَّبَنِ» هو أن يسقى ظئره (١) اللَّبن ، فيكون ما يشربه الولد لَبَناً متولّدا عن اللَّبن.

(ه) وفى حديث خديجة «أنها بكت ، فقال لها : ما يبكيك؟ فقالت : درّت لَبَنَةُ القاسم فذكرته» وفى رواية (٢) «لُبَيْنَة القاسم ، فقال : أوما ترضين أن تكفله سارّة فى الجنة» اللَّبَنَة : الطّائفة القليلة من اللَّبَن ، واللُّبَيْنَة : تصغيرها.

(س) وفى حديث الزكاة ذكر «بنت اللَّبُون ، وابن اللَّبُون» وهما من الإبل ما أتى عليه سنتان ودخل فى الثالثة ، فصارت أمّه لَبُونا ، أى ذات لَبَن ؛ لأنّهما تكون قد حملت حملا آخر ووضعته.

وقد جاء فى كثير من الرّوايات «ابن لَبُون ذكر» وقد علم أن ابن اللَّبون لا يكون إلّا ذكرا ، وإنما ذكره تأكيدا ، كقوله «ورجب مضر ، الذى بين جمادى وشعبان» وقوله تعالى «تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ».

وقيل : ذكر ذلك تنبيها لربّ المال وعامل الزّكاة ؛ فقال «ابن لَبُون ذكر» لتطيب نفس ربّ المال بالزيادة المأخوذة منه إذا علم أنه قد شرع له من الحقّ ، وأسقط عنه ما كان بإزائه من فضل الأنوثة فى الفريضة الواجبة عليه ، وليعلم العامل أن سنّ الزكاة فى هذا

__________________

(١) فى ا : «هو أن تسقى ظئره».

(٢) وهى رواية الهروى. وفيه : «للقاسم».

٢٢٨

النّوع مقبول من ربّ المال ، وهو أمر نادر خارج عن العرف فى باب الصّدقات. فلا ينكر تكرار اللفظ للبيان ، وتقرير معرفته فى النّفوس مع الغرابة والنّدور.

(ه) وفى حديث جرير «إذا سقط كان درينا ، وإن أكل كان لَبِيناً» أى مدرّا للَّبَن مكثرا له ، يعنى أنّ النّعم إذا رعت الأراك والسّلم غزرت أَلْبَانُها. وهو فعيل بمعنى فاعل ، كقدير وقادر ، كأنه يعطيها اللَّبن. يقال : لَبنْتُ القوم أَلْبِنُهم فأنا لَابنٌ ، إذا سقيتهم اللَّبَن.

(ه) وفيه «التَّلْبِينَةُ مجمّة لفؤاد المريض» التَّلْبِينَةُ والتَّلْبِين : حساء يعمل من دقيق أو نخالة ، وربّما جعل فيها عسل ، سمّيت به تشبيها باللَّبن. لبياضها ورقّتها ، وهى تسمية بالمرّة من التَّلْبِين ، مصدر لَبَّنَ القوم ، إذا سقاهم اللَّبن.

(ه) ومنه حديث عائشة «عليكم بالمشنيئة (١) النّافعة التَّلْبِين» وفى أخرى «بالبغيض النّافع التَّلْبِينة».

وفى حديث عليّ «قال سويد بن غفلة : دخلت عليه فإذا بين يديه صحيفة (٢) فيها خطيفة ومِلْبَنة» هى بالكسر : الملعقة ، هكذا شرح.

وقال الزمخشرى (٣) : «المِلْبَنَة : لَبَنٌ يوضع على النار ويترك عليه دقيق» والأوّل أشبه بالحديث.

وفيه «وأنا موضع تلك اللَّبِنَة» هى بفتح اللّام وكسر الباء : واحدة اللَّبِن ، وهى الّتى

__________________

(١) فى الأصل ، وا : «بالمشنئة» وأثبتّه كما سبق فى مادة (شنأ).

(٢) سبق فى مادة (خطف): «صحفة».

(٣) الذى فى الفائق ٢ / ٢٤٩ : «الملبنة : الملعقة» وكأن الأمر اختلط على المصنّف ؛ فهذا الشرح الذى عزاه إلى الزمخشرى للملبنة إنما هو للخطيفة. وهذه عبارة الزمخشرى : «الخطيفة : الكابول. وقيل : لبن يوضع على النار ، ثم يذرّ عليه دقيق ويطبخ. وسمّيت خطيفة ؛ لأنها تختطف بالملاعق». وانظر أيضا الفائق ١ / ٣٣٨. وانظر كذلك شرح المصنّف للخطيفة ص ٤٩ من الجزء الثانى.

٢٢٩

يبنى بها الجدار. ويقال بكسر اللام وسكون الباء.

ومنه الحديث «ولَبِنَتُها ديباج» وهى رقعة تعمل موضع جيب القميص والجبّة.

(ه) وفى حديث الاستسصاء :

* أتيناك والعذارء يدمى لَبَانُهَا *

أى يدمى صدرها لامتهانها نفسها فى الخدمة ، حيث لا تجد ما تعطيه من يخدمها ، من الجدب وشدّة الزّمان. وأصل اللَّبان فى الفرس : موضع اللّبب ، ثم استعير للنّاس.

ومنه قصيد كعب :

* ترمى (١) اللَّبَانَ بكفّيها ومدرعها (٢) *

وفى بيت آخر منها :

* يزلقه منها لَبَان (٣) *

(باب اللام مع التاء)

(لتت) (ه) فيه «فما أبقى منّى إلّا لِتَاتاً» اللِّتَاتُ : ما فتّ من قشور الشّجر. كأنه قال : ما أبقى منّى المرض إلّا جلدا يابسا كقشر الشّجرة. وقد ذكر الشافعىّ هذه اللّفظة فى باب «التّيمّم ممّا (٤) لا يجوز التّيمّم به».

(س) وفى حديث مجاهد «فى قوله تعالى : «أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى» قال : كان رجل يَلُتُ السّويق لهم» يريد أنّ أصله. اللَّاتُ بالتشديد ؛ لأنّ الصّنم سمّى باسم الذى كان يَلُتُ السّويق عند الأصنام : أى يخلطه ، فخفّف وجعل اسما للصّنم.

وقيل : إنّ التّاء فى الأصل مخفّفة للتأنيث ، وليس هذا بابها.

__________________

(١) الرواية فى شرح ديوانه ص ١٨ : «تفرى»

(٢) ضبط فى الأصل : «ومدرعها» بكسر العين وهو خطأ. صوابه من شرح الديوان. وعجز البيت :

* مشقق عن تراقيها رعابيل *

(٣) البيت بتمامه ، كما فى الشرح ص ١٢ :

يمشي القراد عليها ثم يزلقه

منها لبان وأقراب زهاليل

(٤) فى الهروى : «بما».

٢٣٠

(باب اللام مع الثاء)

(لثث) (ه) فى حديث عمر «ولا تُلِثُّوا بدار معجزة (١)» أَلَثَ بالمكان يُلِثُ ، إذا أقام : أى لا تقيموا بدار يعجزكم فيها الرزق والكسب.

وقيل : أراد : لا تقيموا بالثّغور ومعكم العيال.

(لثق) (ه) فى حديث الاستسقاء «فلمّا رأى لَثَقَ الثّياب على الناس ضحك حتى بدت نواجذه» اللَّثَقُ : البلل. يقال : لَثِقَ الطّائر ، إذا ابتلّ ريشه. ويقال للماء والطّين : لَثَقٌ ، أيضا.

ومنه الحديث «أنّ أصحاب رسول الله بالشّام لمّا بلغهم مقتل عثمان بكوا حتى تَلَثَّقَ لحاهم (٢)» أى اخضلّت (٣) بالدّموع.

(لثم) (س) فى حديث مكحول «أنه كره التَّلَثُّم من الغبار فى الغزو» وهو شدّ الفم باللِّثَام. وإنما كرهه رغبة فى زيادة الثّواب بما يناله من الغبار فى سبيل الله.

(لثن) (ه) فى حديث المبعث :

فبغضكم (٤) عندنا مرّ مذاقته

وبغضنا عندكم يا قومنا لَثِنُ (٥)

قال الأزهرى : سمعت محمد بن إسحاق السّعدىّ يقول : سمعت على بن حرب يقول : لَثِنٌ أى حلو ، وهى لغة يمانيّة ، قال الأزهرى : ولم أسمعه لغيره وهو ثبت (٦).

__________________

(١) ضبط فى الأصل : «معجزة» وهو خطأ. صوابه بفتح الميم مع فتح الجيم وكسرها ، كما سبق فى ص ١٨٦ من الجزء الثالث.

(٢) بكسر اللام وضمها فى الجمع. كما فى المصباح.

(٣) فى ا : «تخضلّ».

(٤) فى الأصل ، وا : «بغضكم» والمثبت من الهروى ، واللسان. مادة (لثق) والوزن به أتمّ.

(٥) فى الهروى : «لثق» ولكن الغريب أنه شرحه فى (لثن) ولم يشرحه فى (لثق) وقد ذكره اللسان فى (لثن) وفى (لثق) وشرحه فى كلتا المادتين نفس الشرح.

(٦) فى الأصل : «ثبت» وضبطته بالتحريك من ا ، واللسان.

٢٣١

(لثه) ـ فى حديث ابن عمر «لعن الله الواشمة» (١) قال نافع : «الوشم فى اللِّثَة» اللِّثَة بالكسر والتّخفيف : عمور الأسنان ، وهى مغارزها.

(باب اللام مع الجيم)

(لجأ) (س) فى حديث كعب «من دخل فى ديوان المسلمين ثم تَلَجَّأَ منهم فقد خرج من قبّة الإسلام» يقال : لَجأت إلى فلان وعنه ، والْتَجَأْتُ ، وتَلَجَّأْتُ ، إذا استندت إليه واعتضدت به ، أو عدلت عنه إلى غيره ، كأنه إشارة إلى الخروج والانفراد عن جماعة المسلمين.

ومنه حديث النّعمان بن بشير «هذا (٢) تَلْجئة فأشهد عليه غيرى» التَّلْجِئة : تفعلة من الإِلْجاء ، كأنه قد أَلْجَأَك إلى أن تأتى أمرا ، باطنه خلاف ظاهره ، وأحوجك إلى أن تفعل فعلا تكرهه. وكان بشير قد أفرد ابنه النّعمان بشىء دون إخوته ، حملته عليه أمّه.

(لجب) ـ فيه «أنه كثر عنده اللَّجَب» هو بالتحريك : الصّوت والغلبة مع اختلاط ، وكأنه مقلوب الجلبة.

(ه) وفى حديث الزكاة «فقلت : ففيم حقّك؟ قال : فى الثّنيّة والجذعة اللَّجْبَة» هى بفتح اللام وسكون الجيم : الّتى أتى عليها من الغنم بعد نتاجها أربعة أشهر فخفّ لبنها (٣) ، وجمعها : لِجَاب ولَجَبَات. وقد لَجُبَت بالضّم ولَجَّبَت. وقيل : هى من المعز (٤) خاصّة. وقيل : فى الضّأن خاصّة.

(ه) ومنه حديث شريح «أنّ رجلا قال له : ابتعت من هذا شاة فلم أجد لها لبنا ، فقال له شريح : لعلّها لَجَّبَت» أى صارت لَجْبَة. وقد تكرر فى الحديث.

__________________

(١) هكذا فى الأصل. وفى ا : «لعن الواشمة». وفى اللسان : «لعن الواشمة». وانظر الفائق ٣ / ١٣٠.

(٢) فى الأصل : «هذه» والمثبت من : ا ، واللسان.

(٣) فى الهروى : «فجفّ» وكذا فى اللسان ، عن الأصمعى. ولكن اللسان عاد فأثبتها «فخفّ» فى شرح هذا الحديث.

(٤) فى اللسان : «العنز».

٢٣٢

(س) وفيه «ينفتح للناس معدن فيبدو لهم أمثال اللَّجَب من الذّهب» قال الحربى : أظنّه وهما. إنّما أراد «اللّجن» لأنّ اللّجين الفضّة. وهذا ليس بشىء ؛ لأنه لا يقال : أمثال الفضّة من الذهب.

وقال غيره : لعله «أمثال النّجب» جمع النّجيب من الإبل ، فصحّف الرّاوى.

والأولى أن يكون غير موهوم ولا مصحّف ، ويكون اللُّجُب جمع : لَجْبَة ، وهى الشّاة الحامل التى قلّ لبنها. يقال : شاة لَجْبَة وجمعها : لِجَاب ثم لُجُبٌ ، أو يكون بكسر اللّام وفتح الجيم ، جمع : لَجْبَة ، كقصعة وقصع.

(س) وفى قصّة موسى عليه‌السلام والحجر «فَلَجَبَهُ ثلاث لَجَبَاتٍ» قال أبو موسى : كذا فى «مسند أحمد بن حنبل» ولا أعرف وجهه ، إلّا أن يكون بالحاء والتّاء ، من اللّحت ، وهو الضّرب. ولحته بالعصا : ضربه.

(س) وفى حديث الدجّال «فأخذ بِلجْبَتَيِ الباب ، فقال : مهيم» قال أبو موسى : هكذا روى ، والصّواب بالفاء. وسيجىء.

(لجج) (ه) فيه «إذا اسْتَلَجَ أحدكم بيمينه فإنه آثم له (١) عند الله من الكفّارة» هو استفعل ، من اللَّجَاج. ومعناه أن يحلف على شىء ويرى أن غيره خير منه ، فيقيم على يمينه ولا يحنث فيكفّر ، فذلك آثم له.

وقيل : هو أن يرى أنه صادق فيها مصيب فَيَلَجُ فيها ولا يكفّرها.

وقد جاء فى بعض الطّرق «إذا اسْتَلْجَجَ أحدكم» بإظهار الإدغام ، وهى لغة قريش يظهرونه مع الجزم.

[ه] وفيه «من ركب البحر إذا الْتَجَ فقد برئت منه الذّمّة» أى تلاطمت أمواجه. والْتَجَ الأمر ، إذا عظم واختلط. ولُجَّةُ البحر : معظمه.

وفى حديث الحديبية «قال سهيل بن عمرو : قد لَجَّت القضيّة بينى وبينك» أى وجبت. هكذا جاء مشروحا ، ولا أعرف أصله.

__________________

(١) رواية الهروى : «فإنه آثم عند الله تعالى».

٢٣٣

(ه) وفى حديث طلحة «قدّمونى فوضعوا اللُّجَ على قفىّ» هو بالضم : السّيف بلغة طيّئ. وقيل : هو اسم سمّى به السّيف ، كما قالوا : الصّمصامة.

(س) وفى حديث عكرمة «سمعت لهم لَجَّةً بآمين» يعنى أصوات المصلّين. واللَّجَّة : الجلبة. وأَلَجَ القوم ، إذا صاحوا.

(لجف) (س) «فيه أنه ذكر الدجّال وفتنته ، ثم خرج لحاجته ، فانتحب القوم حتّى ارتفعت أصواتهم ، فأخذ بلَجْفَتَيِ الباب فقال : مهيم» لَجْفَتَا الباب : عضادتاه وجانباه ، من قولهم لجوانب البئر : أَلْجاف ، جمع لَجَفٍ. ويروى بالباء ، وهو وهم.

(س) ومنه حديث الحجّاج «أنه حفر حفيرة (١) فلَجَفَهَا» أى حفر فى جوانبها.

(س) وفيه «كان اسم فرسه عليه الصلاة والسلام اللَّجِيف» هكذا رواه بعضهم (٢) بالجيم ، فإن صحّ فهو من السّرعة ؛ لأن اللَّجِيف سهم عريض النّصل.

(لجلج) [ه] فى كتاب عمر إلى أبى موسى «الفهم الفهم فيما تَلَجْلَج فى صدرك ممّا ليس فى كتاب ولا سنّة» أى تردّد فى صدرك وقلق ولم يستقرّ.

(ه) ومنه حديث عليّ «الكلمة من الحكمة تكون فى صدر المنافق فَتَلَجْلَجُ حتى تخرج إلى صاحبها» أى تتحرّك فى صدره وتقلق ، حتى يسمعها المؤمن فيأخذها ويعيها.

وأراد «تَتَلَجْلَجُ» ، فحذف تاء المضارعة تخفيفا.

(لجم) (س) فيه «من سئل عمّا يعلمه فكتمه أَلْجَمَه الله بِلِجَامٍ من نار يوم القيامة» الممسك عن الكلام ممثّل بمن أَلْجَم نفسه بلجام. والمراد بالعلم ما يلزمه تعليمه ويتعيّن عليه ، كمن يرى رجلا حديث عهد بالإسلام ولا يحسن الصلاة وقد حضر وقتها ، فيقول : علّمونى كيف أصلّى ، وكمن جاء مستفتيا فى حلال أو حرام ، فإنه يلزم فى هذا وأمثاله تعريف الجواب ، ومن منعه استحق الوعيد.

(س) ومنه الحديث «يبلغ العرق منهم ما يُلْجِمُهم» أى يصل إلى أفواههم فيصير لهم بمنزلة اللِّجام يمنعهم عن الكلام. يعنى فى المحشر يوم القيامة.

__________________

(١) بالتصغير ، كما فى ا.

(٢) ويروى أيضا بالحاء والخاء ، وسيجىء.

٢٣٤

ومنه حديث المستحاضة «استثفرى وتَلَجَّمِي» أى اجعلى موضع خروج الدّم عصابة تمنع الدّم ، تشبيها بوضع اللِّجام فى فم الدابة.

(لجن) ـ فى حديث العرباض «بعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكرا ، فأتيته أتقاضاه ثمنه ، فقال : لا أقضيكها إلّا لُجَيْنِيَّة» الضمير فى «أقضيكها» راجع إلى الدّراهم ، واللُّجَيْنِيَّة : منسوبة إلى اللُّجَيْن ، وهو (١) الفضة.

(ه) وفى حديث جرير «إذا أخلف كان لَجِيناً» اللَّجِين بفتح اللام وكسر الجيم : الخبط ، وذلك أن ورق الأراك والسّلم يخبط حتى يسقط ويجفّ (٢) ، ثم يدقّ حتى يَتَلَجَّن ، أى يتلزّج ويصير كالخطمىّ ، وكل شىء تلزّج فقد تَلَجَّنَ ، وهو فعيل بمعنى مفعول.

(باب اللام مع الحاء)

(لحب) (ه) فى حديث ابن زمل الجهنىّ «رأيت الناس على طريق رحب لاحِب» اللاحِب : الطريق الواسع المنقاد الذى لا ينقطع.

ومنه حديث أم سلمة «قالت لعثمان : لا تعفّ سبيلا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لَحَبَها» أى أوضحها ونهجها. وقد تكرر فى الحديث.

(لحت) (ه) فيه «إنّ هذا الأمر لا يزال فيكم وأنتم ولاته ، ما لم تحدثوا أعمالا ، فإذا فعلتم ذلك بعث الله عليكم شرّ خلقه فَلَحَتُوكم (٣) كما يُلْحَتُ القضيب» اللَّحْت : القشر. ولَحَتَ العصا ، إذا قشرها. ولَحَتَه ، إذا أخذ ما عنده ، ولم يدع له شيئا.

__________________

(١) فى الأصل : «وهى» وما أثبتّ من ا ، واللسان.

(٢) هكذا وردت هذه الكلمة فى الأصل ، وا ، والهروى ، واللسان. وقد جاء بهامش اللسان : «قوله : «حتى يسقط ويجف ثم يدق» كذا بالأصل والنهاية ، وكتب بهامشها : هذا لا يصح ؛ فإنه لا يتلزج إلا إذا كان رطبا ا ه أى فالصواب حذف يجف».

(٣) يروى : «فالتحوكم» وسيجىء.

٢٣٥

(لحج) (س) فى حديث عليّ يوم بدر «فوقع سيفه فلَحِجَ» أى نشب فيه. يقال : لَحِج فى الأمر يَلْحَجُ ، إذا دخل فيه ونشب.

(لحح) [ه] فى حديث الحديبية «فبركت ناقته فزجرها المسلمون فأَلَحَّت» أى لزمت مكانها ، من أَلَحَ على الشىء ، إذا لزمه وأصرّ عليه.

وقيل : إنما يقال : أَلَحَ الجمل ، وخلأت الناقة ، كالحران للفرس (١).

(ه) وفى حديث إسماعيل عليه‌السلام وأمّه هاجر «والوادى يومئذ لاحٌ» أى ضيّق ملتفّ بالشجر والحجر. يقال : مكان لَاحٌ ولَحَحٌ. وروى بالخاء.

(لحد) ـ فيه «احتكار الطعام فى الحرم إِلْحَادٌ فيه» أى ظلم وعدوان. وأصل الإِلْحاد : الميل والعدول عن الشىء.

(ه) ومنه حديث طهفة «لا يلطط فى الزكاة ولا يُلْحَد فى الحياة» أى لا يجرى منكم ميل عن الحقّ ما دمتم أحياء.

قال أبو موسى : رواه القتيبى «لا تلطط ولا تُلْحِد» على النهى للواحد ولا وجه له ؛ لأنه خطاب للجماعة.

ورواه الزمخشرى «لا نلطط ولا نُلْحِد» بالنون (٢).

وفى حديث دفن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أَلْحِدُوا لى لَحْداً» اللَّحْد : الشّق الذى يعمل فى جانب القبر لموضع الميّت ؛ لأنه قد أميل عن وسط القبر إلى جانبه. يقال : لَحَدْت وأَلْحَدْت.

ومنه حديث دفنه أيضا «فأرسلوا إلى اللَّاحِد والضارح» أى الذى يعمل اللَّحْدَ والضّريح.

وفيه «حتى يلقى الله وما على وجهه لُحَادَة من لحم» أى قطعة.

__________________

(١) فى ا : «فى الفرس».

(٢) الذى فى الفائق ٢ / ٥ : «لا تلطط ... ولا تلحد» بالتاء.

٢٣٦

قال الزمخشرى : «ما أراها إلا «لحاتة» بالتّاء (١) ، من اللحت (٢) ، وهو ألّا يدع عند الإنسان شيئا إلّا أخذه (٣). وإن صحّت الرواية بالدّال فتكون (٤) مبدلة من التاء ، كدولج فى تولج».

(لحس) ـ فى حديث غسل اليد من الطّعام «إنّ الشيطان حسّاس لَحَّاس» أى كثير اللَّحْس لما يصل إليه. تقول : لَحَسْتُ الشىء أَلْحَسُه ، إذا أخذته بلسانك. ولَحَّاس للمبالغة. والحسّاس : الشديد الحسّ والإدراك.

(س) وفى حديث أبى الأسود «عليكم فلانا فإنه أهيس أليس ألدّ مِلْحَسٌ» هو الذى لا يظهر له شىء إلّا أخذه. وهو مفعل من اللَّحْس. ويقال : التَحَسْتُ منه حقّى : أى أخذته. واللَّاحُوس : الحريص ، وقيل : المشئوم.

(لحص) (س) فى حديث عطاء ، وسئل عن نضح الوضوء فقال «اسمح يسمح لك ، كان من مضى لا يفتّشون عن هذا ولا يُلَحِّصُون» التلحيص : التّشديد والتّضييق : أى كانوا لا يشدّدون ولا يستقصون فى هذا وأمثاله.

(لحط) (ه) فى حديث عليّ «أنه مرّ بقوم لَحَطُوا باب دارهم» أى رشّوه. واللَّحْطُ : الرشّ.

(لحظ) ـ فى صفته عليه الصلاة والسلام «جلّ نظره المُلَاحَظَةُ» هى مفاعلة من اللَّحْظ ، وهو النّظر بشقّ العين الذى يلى الصّدغ. وأما الذى يلى الأنف فالموق والماق.

(لحف) (ه) فيه «من سأل وله أربعون درهما فقد سأل (النَّاسَ إِلْحافاً)» أى بالغ فيها. يقال : أَلْحَفَ فى المسألة يُلْحِف إِلْحَافا ، إذا ألحّ فيها ولزمها.

__________________

(١) فى الفائق ٣ / ٢٥ : «اللّحاتة».

(٢) فى الفائق : «ومنها اللّحت».

(٣) فى الفائق : «ألّا تدع عند الإنسان شيئا إلا أخذته ، واللّتح مثله».

(٤) فى الفائق : «وإن صحّت فوجهها أن تكون الدال مبدلة ...»

٢٣٧

(س) ومنه حديث ابن عمر «كان يُلْحِف شاربه» أى يبالغ فى قصّه. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفيه «كان اسم فرسه صلى‌الله‌عليه‌وسلم اللَّحِيف» لطول ذنبه ، فعيل بمعنى فاعل. كأنه يَلْحَفُ الأرض بذنبه. أى يغطّيها به. يقال : لَحَفْت الرجل باللِّحَاف : طرحته عليه. ويروى بالجيم والخاء.

(لحق) (س) فى دعاء القنوت «إنّ عذابك بالكفّار مُلْحِق» الرّواية بكسر الحاء : أى من نزل به عذابك أَلْحَقَه بالكفّار.

وقيل : هو بمعنى لاحِق ، لغة فى لحق. يقال : لَحِقْتُه وأَلْحَقْتُه بمعنى ، كتبعته وأتبعته.

ويروى بفتح الحاء على المفعول : أى إنّ عذابك يُلْحَق بالكفّار ويصابون به.

وفى دعاء زيارة القبور «وإنا إن شاء الله بكم لاحِقُون» قيل : معناه إذ شاء الله.

وقيل «إن» شرطية ، والمعنى لاحِقُون بكم فى الموافاة على الإيمان.

وقيل : هو التّبرّى والتّفويض ، كقوله تعالى «لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ» وقيل : هو على التّأدّب بقوله تعالى : «وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ».

وفى حديث عمرو بن شعيب «أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قضى أنّ كلّ مُسْتَلْحَقٍ اسْتُلْحِقَ بعد أبيه الذى يدعى له فقد لَحِق بمن اسْتَلْحَقَه» قال الخطّابى : هذه أحكام وقعت فى أوّل زمان الشّريعة ، وذلك أنه كان لأهل الجاهلية إماء بغايا ، وكان سادتهنّ يلمّون بهنّ ، فإذا جاءت إحداهنّ بولد ربّما ادّعاه السّيد والزّانى ، فأَلْحَقَه النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالسّيّد ، لأن الأمة فراش كالحرّة ، فإن مات السّيّد ولم يَسْتَلْحِقه ثم اسْتَلْحَقَهُ ورثته بعده لَحِقَ بأبيه. وفى ميراثه خلاف.

وفى قصيد كعب :

تخدى على يسرات وهى لَاحِقَة

ذوابل وقعهنّ الأرض تحليل

اللَّاحِقة : الضّامرة.

(لحك) (ه) فى صفته عليه الصلاة والسلام «إذا سُرَّ فكأنَّ وجهَه المِرآة ، وكأنّ الجُدُر

٢٣٨

تُلَاحِك وجهَه» المُلَاحَكة : شدّة الملاءمة : أى يُرى شخصُ الجُدُرِ فى وجهه.

(لحلح) (ه) فيه «أن ناقته استناخت عند بيت أبى أيوب وهو واضع زمامها ، ثم تَلَحْلَحَتْ وأرزمت ، ووضعت جرانها» تَلَحْلَحَت : أى أقامت ولزمت مكانها ولم تبرح ، وهو ضد تحلحل.

(لحم) (ه) فيه «إنّ الله ليبغض أهل البيت اللَّحِمِين» وفى رواية «البيت اللَّحِمَ وأهله» قيل : هم (١) الذين يكثرون أكل لُحُوم الناس بالغيبة.

وقيل : هم الذين يكثرون أكل اللَّحْم ويدمنونه ، وهو أشبه.

[ه] ومنه قول عمر «اتّقوا هذه المجازر فإنّ لها ضراوة كضراوة الخمر».

وقوله الآخر «إنّ للَّحِم ضراوة كضراوة الخمر» يقال : رجل لَحِمٌ ، ومُلْحِم ، ولَاحِم ، ولَحِيم. فاللَّحِم : الذى يكثر أكله ، والمُلْحِم : الذى يكثر عنده اللَّحْم أو يطعمه ، واللَّاحِم : الذى يكون عنده لَحْم ، واللَّحِيم : الكثير لَحْم الجسد.

(ه) وفى حديث جعفر الطّيّار «أنه أخذ الرّاية يوم مؤتة فقاتل بها حتى أَلْحَمَه القتال» يقال : أَلْحَم الرّجل واسْتَلْحَمَ ، إذا نشب فى الحرب فلم يجد له مخلصا. وأَلْحَمه غيره فيها. ولُحِمَ ، إذا قتل ، فهو مَلْحُومٌ ولَحِيم.

(ه) ومنه حديث عمر فى صفة الغزاة «ومنهم من أَلْحَمَه القتال».

(س) ومنه حديث سهل «لا يردّ الدّعاء عند البأس حين يُلْحِمُ بعضهم بعضا» أى يشتبك الحرب بينهم ، ويلزم بعضهم بعضا.

(س [ه]) ومنه حديث أسامة «أنه لَحِمَ رجلا من العدوّ» أى قتله.

وقيل : قرب منه حتى لزق به (٢) ، من الْتَحَم الجرح ، إذا التزق.

وقيل : لَحَمَه أى ضربه ، من أصاب لَحْمَه.

(س) وفيه «اليوم يوم المَلْحَمَة».

(س) وفى حديث آخر «ويجمعون لِلْمَلْحَمَة» هى الحرب وموضع القتال ،

__________________

(١) هذا من شرح سفيان الثورى ، كما فى الهروى واللسان.

(٢) فى الهروى : «لصق».

٢٣٩

والجمع : المَلَاحِم ، مأخوذ من اشتباك الناس واختلاطهم فيها ، كاشتباك لُحْمة الثّوب بالسّدى.

وقيل : هو من اللَّحْم ، لكثرة لحوم القتلى فيها.

(س) ومن أسمائه عليه الصلاة والسلام «نبىّ المَلْحَمَة» يعنى نبىّ القتال ، وهو كقوله الآخر «بعثت بالسّيف».

(ه) وفيه «أنه قال لرجل : صم يوما فى الشهر ، قال : إنّى أجد قوة ، قال : فصم يومين ، قال : إنى أجد قوّة ، قال : فصم ثلاثة أيام فى الشّهر ، وأَلْحَمَ عند الثالثة» أى وقف عندها ، فلم يزده عليها ، من أَلْحَم بالمكان ، إذا أقام فلم يبرح.

(س) وفى حديث أسامة «فاسْتَلْحَمَنا رجل من العدوّ» أى تبعنا. يقال : اسْتَلْحَمَ الطّريدة والطّريق : أى تبع.

(ه) وفى حديث الشّجاج «المُتَلَاحِمَة» هى التى أخذت فى اللَّحْم (١) وقد تكون التى برأت والْتَحَمَت.

وفى حديث عمر «قال لرجل : لم طلّقت امرأتك؟ قال : إنّها كانت مُتَلَاحِمَة ، قال : إن ذلك منهنّ لمستراد» قيل : هى الضّيّقة الملاقى. وقيل : هى التى بها رتق.

(س) وفى حديث عائشة «فلمّا علقت اللَّحْمَ سبقنى» أى سمنت وثقلت.

(ه) وفيه «الولاء لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النّسب» وفى رواية «كلُحْمَة الثّوب» قد اختلف فى ضمّ اللُّحْمَة وفتحها ، فقيل : هى فى النّسب بالضّم ، وفى الثوب بالضّم والفتح.

وقيل : الثّوب بالفتح وحده.

وقيل : النّسب والثّوب بالفتح ، فأمّا بالضّم فهو ما يصاد به الصّيد.

ومعنى الحديث المخالطة فى الولاء ، وأنها تجرى مجرى النّسب فى الميراث ، كما تخالط اللُّحْمة سدى الثّوب حتى يصيرا كالشىء الواحد ؛ لما بينهما من المداخلة الشديدة.

__________________

(١) فى ا : «اللّحم».

٢٤٠