النّهاية - ج ٤

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٨٤

(كمن) (ه) فيه «فإنهما يُكْمِنَان الأبصار» أو «يكمهان» الكُمنة : ورم فى الأجفان. وقيل : يبس وحمرة. وقيل : قرح فى المآقى.

(س) وفيه «جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر فكَمِنا فى بعض حرار المدينة» أى استترا واستخفيا.

ومنه «الكَمِين» فى الحرب.

والحرار : جمع حرّة ، وهى الأرض ذات الحجارة السّود.

(كمه) [ه] فيه «فإنهما يُكْمِهان الأبصار» الكَمَهُ : العمى. وقد كَمِهَ يَكْمَه فهو أَكْمَهُ ، إذا عمى.

وقيل : هو الذى يولد أعمى.

(كما) (ه) فيه «أنه مرّ على أبواب دور مستفلة (١) فقال : اكْمُوها» وفى رواية «أَكِيمُوها» أى استروها لئلّا تقع عيون الناس عليها. والكَمْوُ : السّتر.

وأمّا «أكيموها» فمعناه ارفعوها لئلّا يهجم السّيل عليها ، مأخوذ من الكومة ، وهى الرّملة المشرفة.

(ه) وفى حديث حذيفة «للدابّة ثلاث خرجات ثم تَنْكَمِي (٢)» أى تستتر.

ومنه «قيل للشّجاع : كَمِيّ» لأنه استتر بالدّرع.

والدابّة : هى دابّة الأرض التى هى من أشراط الساعة.

ومنه حديث أبى اليسر «فجئته فانْكَمَى منّى ثم ظهر».

وقد تكرر ذكر «الكَمِيّ» فى الحديث ، وجمعه : كُمَاة.

وفيه «من حلف بملّة غير ملة الإسلام كاذبا فهو كما قال» هو أن يقول الإنسان فى يمينه : إن كان كذا وكذا فأنا كافر ، أو يهودى ، أو نصرانى ، أو برئ من الإسلام ، ويكون كاذبا فى قوله ، فإنه يصير إلى ما قاله من الكفر وغيره.

__________________

(١) فى الهروى ، والفائق ٢ / ٤٢٨ : «متسفّلة».

(٢) فى الهروى : «تتكمّى».

٢٠١

وهذا وإن كان ينعقد به يمين (١) عند أبى حنيفة ، فإنه لا يوجب فيه إلّا كفّارة اليمين.

وأما الشافعىّ فلا يعدّه يمينا ، ولا كفّارة فيه عنده.

وفى حديث الرؤية «فإنكم ترون ربّكم كما ترون القمر ليلة البدر» قد يخيّل إلى بعض السامعين أنّ الكاف كاف التشبيه للمرئى ، وإنما هى للرّؤية ، وهى فعل الرائى. ومعناه : أنكم ترون ربكم رؤية ينزاح معها الشك ، كرؤيتكم القمر ليلة البدر ، لا ترتابون فيه ولا تمترون.

وهذا الحديث والذى قبله ليس هذا موضعهما ؛ لأن الكاف زائدة على «ما» ، وإنما ذكرناهما لأجل لفظهما.

(باب الكاف مع النون)

(كنب) ـ فى حديث سعد «رآه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد أَكْنَبَت يداه ، فقال له : أَكْنَبَت يداك؟ فقال : أعالج بالمرّ والمسحاة ، فأخذ بيده وقال : هذه لا تمسّها النار أبدا» أَكْنَبَت اليد : إذا ثخنت وغلظ جلدها وتعجّر من معاناة الأشياء الشاقة.

(كنت) (ه) فيه «أنه دخل المسجد وعامّة أهله الكُنْتِيُّون» هم الشّيوخ. ويرد مبيّنا فى الكاف والواو.

(كنر) ـ فى صفته عليه الصلاة والسلام فى التوراة «بعثتك تمحو المعازف والكَنَّارات» هى بالفتح والكسر : العيدان. وقيل : البرابط. وقيل : الطّنبور.

وقال الحربى : كان ينبغى أن يقال «الكرانات» فقدّمت النون على الراء.

قال : وأظن «الكران» فارسيا معرّبا. وسمعت أبا نصر يقول : الكرينة : الضاربة بالعود ، سمّيت به لضربها بالكران.

وقال أبو سعيد الضّرير : أحسبها بالباء ، جمع كبار ، وكبار : جمع كبر ، وهو الطبل ، كجمل وجمال وجمالات.

__________________

(١) فى ا : «تنعقد به اليمين».

٢٠٢

ومنه حديث عليّ «أمرنا بكسر الكوبة والكِنَّارة والشّياع».

ومنه حديث عبد الله بن عمرو «إنّ الله أنزل الحقّ ليبدل به المزاهر والكِنَّارات».

(س) وفى حديث معاذ «نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن لبس الكِنَّار» هو شقّة الكتّان. كذا ذكره أبو موسى.

(كنز) ـ فيه «كلّ مال أدّيت زكاته فليس بكَنْز».

وفى حديث آخر «كلّ مال لا تؤدّى زكاته فهو كَنْز» الكَنْز فى الأصل : المال المدفون تحت الأرض ، فإذا أخرج منه الواجب عليه لم يبق كَنْزا وإن كان مَكْنُوزاً ، وهو حكم شرعىّ ، تجوّز فيه عن الأصل.

ومنه حديث أبى ذر «بشّر الكَنَّازِين برضف من جهنم» هم جمع : كَنَّاز ، وهو المبالغ فى كنز الذّهب والفضة ، وادّخارهما وترك إنفاقهما فى أبواب البرّ.

ومنه قوله «لا حول ولا قوّة إلّا بالله كَنْزٌ من كُنُوز الجنة» أى أجرها مدّخر لقائلها والمتّصف بها ، كما يدّخر الكَنْز.

(س) وفى شعر حميد بن ثور :

فحمّل الهمّ (١) كِنازا جلعدا

الكِناز : المجتمع اللّحم القويّه. وكل مجتمع مُكْتَنِز. ويروى باللام. وقد تقدّم.

(كنس) ـ فيه «أنه كان يقرأ فى الصلاة بالجوارى الكُنَّسِ» الجوارى : الكواكب السّيّارة. والكُنَّس : جمع كانِس ، وهى التى تغيب ، من كَنَس الظّبى ، إذا تغيّب واستتر فى كِنَاسِه ، وهو الموضع الذى يأوى إليه.

(س) ومنه حديث زياد «ثم اطرقوا وراءكم فى مَكانِس الرّيب» المَكانِس : جمع مَكْنَس ، مفعل من الكِنَاس. والمعنى : استتروا فى مواضع الرّيبة.

(س) وفى حديث كعب «أوّل من لبس القباء سليمان عليه‌السلام ؛ لأنه كان إذا أدخل الرأس للبس الثياب كَنَّسَت الشياطين استهزاء» يقال : كَنَّس أنفه ، إذا حرّكه مستهزئا ، وروى :

__________________

(١) انظر حواشى صفحة ١٩٦.

٢٠٣

(كنّصت) بالصاد. يقال : كنَّص فى وجه فلان إذا استهزأ به.

(كنع) (س ه) فيه «أعوذ بالله من الكُنُوع» هو الدّنوّ من الذّل والتّخضّع للسّؤال. يقال : كَنَعَ كُنُوعاً ، إذا قرب ودنا.

(ه) ومنه الحديث «أنّ امرأة جاءت تحمل صبيّا به جنون ، فحبس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الراحلة ثم اكْتَنَعَ لها» (١) أى دنا منها. وهو افتعل ، من الكُنُوع.

وفيه «إنّ المشركين يوم أحد لمّا قربوا من المدينة كَنَعُوا عنها» أى أحجموا من الدخول إليها. يقال : كَنَعَ يَكْنَع كُنُوعا ، إذا جبن وهرب ، وإذا عدل.

[ه] ومنه حديث أبى بكر «أتت قافلة من الحجاز فلما بلغوا المدينة كَنَعُوا عنها».

(س) وفى حديث عمر «أنه قال عن طلحة لمّا عرض عليه للخلافة : الأَكْنَع ، إن فيه نخوة وكبرا» الأَكْنَع : الأشلّ. وقد كَنِعَت أصابعه كَنَعاً ، إذا تشنّجت ويبست ، وقد كانت يده أصيبت يوم أحد ، لمّا وقى بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فشلّت.

(س) ومنه حديث خالد «لمّا انتهى إلى العزّى ليقطعها قال له سادنها : إنّها قاتلتك ، إنها مُكَنِّعَتُك» أى مقبّضة يديك ومشلّتهما.

(س) ومنه حديث الأحنف «كلّ أمر ذى بال لم يبدأ فيه بحمد الله فهو أَكْنَعُ» أى ناقص أبتر. والمُكَنَّع : الذى قطعت يداه.

(كنف) (ه) فيه «إنه توضّأ فأدخل يده فى الإناء فكَنَفَها وضرب بالماء وجهه» أى جمعها وجعلها كالكِنْف ، وهو الوعاء.

(س) ومنه حديث عمر «أنه أعطى عياضا كِنْف الراعى» أى وعاءه الذى يجعل فيه آلته.

ومنه حديث ابن عمرو وزوجته «لم يفتّش لنا كِنفا» أى لم يدخل يده معها ، كما يدخل الرجل يده مع زوجته فى دواخل أمرها.

__________________

(١) فى الهروى والفائق ٢ / ٤٣١ : «إليها».

٢٠٤

وأكثر ما يروى بفتح الكاف والنون ، من الكَنَف ، وهو الجانب ، تعنى أنه لم يقربها.

(س) ومنه حديث عمر «أنه قال لابن مسعود : كُنَيْفٌ ملئ علما» هو تصغير تعظيم للكِنْف ، كقول الحباب بن المنذر : أنا جذيلها المحكّك ، وعذيقها المرجّب.

(س) وفيه «يدنى المؤمن من ربه حتى يضع عليه كَنَفه» أى يستره. وقيل : يرحمه ويلطف به.

والكَنَف بالتحريك : الجانب والناحية. وهذا تمثيل لجعله تحت ظلّ رحمته يوم القيامة.

(س) ومنه حديث أبى وائل «نشر الله كَنَفَه على المسلم يوم القيامة هكذا ، وتعطّف بيده وكمّه» وجمع الكَنَفِ : أَكْناف.

(س) ومنه حديث جرير «قال له : أين منزلك؟ قال [له](١) : بأَكْنَاف بيشة» أى نواحيها.

وفى حديث الإفك «ما كشفت من كَنَف أنثى» يجوز أن يكون بالكسر من الأوّل ؛ وبالفتح من الثانى.

ومنه حديث عليّ «لا تكن للمسلمين كَانِفَةً» أى ساترة. والهاء للمبالغة.

وحديث الدعاء «مضوا على شاكلتهم مُكَانِفِين» أى يَكْنُف بعضهم بعضا.

وحديث يحيى بن يعمر «فاكْتَنَفْتُه أنا وصاحبى» أى أحطنا به من جانبيه.

ومنه الحديث «والنّاس كَنَفَيْه» وفى رواية «كَنَفَتَيْه».

وحديث عمر «فَتَكَنَّفَه الناس».

(س) وفى حديث أبى بكر حين استخلف عمر «أنه أشرف من كَنِيفٍ فكلّمهم» أى من سترة. وكلّ ما ستر من بناء أو حظيرة ، فهو كَنِيف.

(س) ومنه حديث كعب بن مالك وابن الأكوع :

* تبيت بين الزّرب والكَنِيفِ *

__________________

(١) سقط من ا ، واللسان.

٢٠٥

أى الموضع الّذى يَكْنِفُهَا ويسترها.

وفى حديث عائشة «شققن أَكْنَفَ مروطهنّ فاختمرن به» أى أسترها وأصفقها.

ويروى بالثّاء المثلّثة. وقد تقدّم.

وفى حديث أبى ذر «قال له رجل : ألا أكون لك صاحبا أَكْنِف راعيك وأقتبس منك» أى أعينه وأكون إلى جانبه ، أو أجعله فى كَنَف. وكَنَفْت الرجل ، إذا قمت (١) بأمره وجعلته فى كَنَفِكَ.

وفى حديث النّخعىّ «لا يؤخذ فى الصّدقة كَنُوف» هى الشاة القاصية التى لا تمشى مع الغنم. ولعلّه أراد لإتعابها المصدّق باعتزالها عن الغنم ، فهى كالمشيّعة المنهىّ عنها فى الأضاحى.

وقيل : ناقة كَنُوف : إذا أصابها البرد ، فهى تستتر بالإبل.

(كنن) فى حديث الاستسقاء «فلمّا رأى سرعتهم إلى الكِنّ ضحك» الكِنُ : ما يردّ الحرّ والبرد من الأبنية والمساكن. وقد كَنَنْتُه أَكُنُّه كَنّاً ، والاسم : الكِنُ.

(س) ومنه الحديث «على ما اسْتَكَنَ» أى استتر.

(س) وفى حديث أبىّ «أنه قال لعمر والعباس وقد استأذنا عليه : إنّ كَنَّتَكُما كانت ترجّلنى» الكَنَّه : امرأة الابن وامرأة الأخ ، أراد امرأته ، فسمّاها كَنَّتَهما ؛ لأنه أخوهما فى الإسلام.

ومنه حديث ابن عباس «فجاء يتعاهد كَنَّتَه» أى امرأة ابنه.

(كنه) (س) فيه «من قتل معاهدا فى غير كُنْهِه» كُنْهُ الأمر : حقيقته. وقيل : وقته وقدره. وقيل : غايته. يعنى من قتله فى غير وقته أو غاية أمره الذى يجوز فيه قتله.

ومنه الحديث «لا تسأل (٢) المرأة طلاقها فى غير كُنْهِهِ» أى فى غير أن تبلغ من الأذى إلى الغاية التى تعذر فى سؤال الطّلاق معها.

(كنهور) فى حديث عليّ «وميضه فى كَنَهْوَرِ ربابه» الكَنَهْوَر : العظيم من

__________________

(١) فى الأصل : «أقمت» والتصحيح من ا.

(٢) ضبط فى الأصل بضم اللام. وضبطته بالكسر من ا ، واللسان.

٢٠٦

السّحاب. والرّباب : الأبيض منه. والنّون والواو زائدتان.

(كنا) (س) فيه «إنّ للرّؤيا كُنًى ، ولها أسماء ، فكَنُّوها بكُنَاهَا ، واعتبروها بأسمائها» الكُنَى : جمع كُنْيَة ، من قولك : كَنَيْتُ عن الأمر وكنوتُ عنه ، إذا ورّيت عنه بغيره.

أراد : مثّلوا لها مثالا إذا عبرتموها. وهى الّتى يضربها ملك الرّؤيا للرجل فى منامه ؛ لأنه يَكْنِي بها عن أعيان الأمور ، كقولهم فى تعبير النّخل : إنّها رجال ذوو أحساب من العرب ، وفى الجوز : إنّها رجال من العجم ، لأنّ النخل أكثر ما يكون فى بلاد العرب ، والجوز أكثر ما يكون فى بلاد العجم.

وقوله «فاعتبروها بأسمائها» : أى اجعلوا أسماء ما يرى فى المنام عبرة وقياسا ، كأن رأى رجلا يسمّى سالما فأوّله بالسّلامة ، وغانما فأوّله بالغنيمة.

وفى حديث بعضهم «رأيت علجا يوم القادسيّة وقد تَكَنَّى وتحجّى» أى تسترّ ، من كنى عنه ، إذا ورّى ، أو من الكُنْيَة ، كأنه ذكر كُنْيَتَه عند الحرب ليعرف ، وهو من شعار المبارزين فى الحرب. يقول أحدهم : أنا فلان ، وأنا أبو فلان.

ومنه الحديث «خذها منّى وأنا الغلام الغفارىّ».

وقول عليّ : «أنا أبو حسن القرم».

(باب الكاف مع الواو)

(كوب) (ه) فيه «إنّ الله حرّم الخمر والكُوبة» هى النّرد. وقيل : الطّبل. وقيل : البربط.

(س) ومنه حديث عليّ «أمرنا بكسر الكُوبة والكنّارة والشّياع».

(كوث) (س) فى حديث عليّ «قال له رجل : أخبرنى يا أمير المؤمنين عن أصلكم معاشر قريش ، فقال : نحن قوم من كُوثَى» أراد كوثى العراق ، وهى سرّة السّواد ، وبها ولد إبراهيم الخليل ، عليه الصلاة والسلام.

وفى حديثه الآخر «من كان سائلا عن نسبنا فإنّا قوم من كُوثَى» وهذا منه تبرّؤ من

٢٠٧

الفخر بالأنساب ، وتحقيق لقوله تعالى «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ».

وقيل : أراد كُوثى مكّة ، وهى محلّة عبد الدار. والأوّل أوجه ، ويشهد له :

(س) حديث ابن عباس «نحن معاشر قريش حىّ من النّبط من أهل كُوثَى» والنّبط من أهل العراق.

ومنه حديث مجاهد «إنّ من أسماء مكة كُوثَى».

(كوثر) (س) فيه «أعطيت الكَوثَرَ» وهو نهر فى الجنة. قد تكرر ذكره فى الحديث ، وهو فوعل من الكثرة ، والواو زائدة ، ومعناه : الخير الكثير. وجاء فى التفسير : أنّ الكَوْثر : القرآن والنّبوّة ، والكوثر فى غير هذا : الرجل الكثير العطاء.

(كودن) ـ فى حديث عمر «إنّ الخيل أغارت بالشام فأدركت العراب من يومها ، وأدركت الكَوادِنُ ضحى الغد» هى البراذين الهجن.

وقيل : الخيل التّركيّة ، واحدها كَوْدَن. والكَوْدَنَة فى المشى : البطء.

(كوذ) (س) فيه «أنه ادّهن بالكاذِيّ» قيل : هو شجر طيّب الريح يطيّب به الدّهن ، منبته ببلاد عمان ، وألفه منقلبة عن واو. كذا ذكره أبو موسى.

(كور) (ه) فيه «أنه كان يتعوّذ من الحور بعد الكَوْر» أى من النّقصان بعد الزيادة. وكأنه من تَكْوِير العمامة : وهو لفّها وجمعها. ويروى بالنون.

وفى صفة زرع الجنة «فيبادر الطّرف نباته واستحصاده وتَكْوِيرُه» أى جمعه وإلقاؤه.

(س) ومنه حديث أبى هريرة «يجاء بالشمس والقمر ثورين (١) يُكَوّران فى النار يوم القيامة» أى يلفّان ويجمعان ويلقيان فيها.

والرواية «ثورين» بالثاء ، كأنهما يمسخان. وقد روى بالنون ، وهو تصحيف.

وفى حديث طهفة «بأَكْوَار الميس ، ترتمى بنا العيس» الأَكْوارُ : جمع كُور ، بالضم ، وهو رحل الناقة بأداته ، وهو كالسّرج وآلته للفرس.

__________________

(١) فى الأصل : «نورين» تصحيف ، كما أشار المصنف.

٢٠٨

وقد تكرر فى الحديث مفردا ومجموعا. وكثير من الناس يفتح الكاف ، وهو خطأ.

(س) وفى حديث عليّ «ليس فيما تخرج أَكْوَارُ النّحل صدقة» واحدها : كُور ، بالضم ، وهو بيت النّخل والزّنابير ، والكُوَارُ والكُوارة : شىء يتّخذ من القضبان للنّحل يعسّل فيه ، أراد : أنه ليس فى العسل صدقة.

(كوز) (ه) فى حديث الحسن «كان ملك من ملوك هذه القرية يرى الغلام من غلمانه يأتى الحبّ فَيَكتاز منه ، ثم يجرجر قائما فيقول : يا ليتنى مثلك ، يا لها نعمة تؤكل (١) لذّة وتخرج سرحا» يَكْتَاز : أى يغترف بالكُوزِ. وكان بهذا الملك أسر ، وهو احتباس بوله ، فتمنّى حال غلامه.

(كوس) (ه) فى حديث سالم بن [عبد الله بن](٢) عمر «أنه كان جالسا عند الحجّاج ، فقال : ما ندمت على شىء ندمى على ألّا أكون قتلت ابن عمر ، فقال له سالم : أما والله لو فعلت ذلك لكَوَّسَك الله فى النار أعلاك أسفلك» أى لكبّك الله فيها ، وجعل أعلاك أسفلك ، وهو كقولهم : كلّمته فاه إلى فىّ ، فى وقوعه موقع الحال.

(س) وفى حديث قتادة ، ذكر أصحاب الأيكة فقال : «كانوا أصحاب شجر مُتَكَاوِس» أى ملتفّ متراكب. ويروى «متكادس» وهو بمعناه.

(كوع) (ه) فى حديث ابن عمر «بعث به أبوه إلى خيبر فقاسمهم (٣) الثّمرة فسحروه ، فتَكَوَّعَتْ أصابعه» الكَوَع بالتحريك : أن تعوجّ اليد من قبل الكُوع ، وهو رأس اليد ممّا يلى الإبهام ، والكرسوع : رأسه مما يلى الخنصر. يقال : كَوِعَتْ (٤) يده وتَكَوَّعَت ، وكَوَّعَه : أى صيّر أَكْوَاعَه معوجّة. وقد تكرر فى الحديث.

__________________

(١) هكذا فى الأصل. وفى ا ، واللسان «تأكل» وقد تقدم فى مادة (سرح): «تشرب».

(٢) تكملة من الفائق ٢ / ٤٣٥.

(٣) فى الأصل ، ا «وقاسمه» والتصحيح من اللسان ، والهروى ، والفائق ٢ / ٤٣٤. غير أن رواية اللسان : «وقاسمهم الثمرة» ورواية الهروى : «فقاسمهم التمر».

(٤) ضبط فى الأصل : «كوّعت» وأثبت ضبط الهروى. قال صاحب القاموس : «كوع كفرح».

٢٠٩

(س) وفى حديث سلمة بن الأَكْوع «يا ثكلته أمّه ، أَكْوَعُهُ بكرة» (١) يعنى أنت الأَكْوَع الذى كان قد تبعنا بكرة اليوم ؛ لأنه كان أوّل ما لحقهم صاح بهم «أنا ابن الأَكْوَع ، واليوم يوم الرّضّع» فلما عاد قال لهم هذا القول آخر النهار ، قالوا : أنت الذى كنت معنا بكرة؟ قال : نعم ، أنا أَكْوَعُكَ بكرة.

ورأيت الزمخشرى قد ذكر الحديث هكذا «قال له المشركون : بكرة أَكْوَعَه (٢)» يعنون أنّ سلمة بكر الأَكْوَعِ أبيه. والمروىّ فى الصحيحين ما ذكرناه أوّلا.

(كوف) (س) فى حديث سعد «لمّا أراد أن يبنى الكُوفة قال : تَكَوَّفُوا فى هذا الموضع» أى اجتمعوا فيه ، وبه سمّيت الكُوفة.

وقيل : كان اسمها قديما : كُوفان.

(كوكب) (س) فيه «دعا دعوة كَوْكَبِيَّة» قيل : كَوْكَبِيَّة : قرية ظلم عاملها (٣) أهلها فدعوا عليه فلم يلبث أن مات ، فصارت مثلا.

(س) وفيه «أنّ عثمان دفن بحشّ كَوْكَب» كَوْكَب : اسم رجل أضيف إليه الحشّ وهو البستان. وكَوْكَب أيضا : اسم فرس لرجل جاء يطوف عليه بالبيت فكتب فيه إلى عمر ، فقال : امنعوه.

(كوم) (ه) فيه «أعظم الصّدقة رباط فرس فى سبيل الله ، لا يمنع كَوْمُه» الكَوْمُ بالفتح : الضّراب. وقد كَامَ الفرس أنثاه كَوْماً. وأصل الكَوْم : من الارتفاع والعلوّ.

__________________

(١) أكوعه ، برفع العين ، أى أنت الأكوع الذى كنت بكرة هذا النهار. وبكرة : منصوب غير منون. قال الإمام النووى : «قال أهل العربية : يقال : أتيته بكرة ، بالتنوين ، إذا أردت أنك لقيته باكرا فى يوم غير معين. قالوا : وإن أردت بكرة يوم بعينه قلت : أتيته بكرة ؛ غير مصروف لأنها من الظروف غير المتمكنة» شرح النووى على مسلم (باب غزوة ذى قرد من كتاب الجهاد والسير) ١٢ / ١٨١.

(٢) لم يرد هذا القول فى الفائق ١ / ٥٨٨ والضبط المثبت من : ا

(٣) وكان عاملا لابن الزبير. كما فى معجم البلدان لياقوت ٧ / ٣٠١

٢١٠

(ه) ومنه الحديث «إنّ قوما من الموحّدين يحبسون يوم القيامة على الكَوْمِ إلى أن يهذّبوا» هى بالفتح : المواضع المشرفة ، واحدها : كَوْمَة. ويهذّبوا : أى ينقّوا من المآثم.

ومنه الحديث «يجىء (١) يوم القيامة على كَوْم فوق الناس».

ومنه حديث الحثّ على الصدقة «حتى رأيت كَوْمَيْن من طعام وثياب».

(س) وحديث عليّ «أنه أتى بالمال فكَوَّمَ كَوْمةً من ذهب ، وكَوْمة من فضة ، وقال : يا حمراء احمرّى ، ويا بيضاء ابيضّى ، غرّى غيرى ، هذا جناى وخياره فيه ، إذ كلّ جان يده إلى فيه» أى جمع من كل واحد منهما صبرة ورفعها وعلّاها.

وبعضهم يضم الكاف. وقيل : هو بالضم اسم لما كُوِّم ، وبالفتح اسم للفعلة الواحدة.

(ه) وفيه «أنه رأى فى إبل الصّدقة ناقة كَوْمَاءَ» أى مشرفة السّنام عاليته.

ومنه الحديث «فيأتى منه بناقتين كَوْمَاوَيْن» قلب الهمزة فى التّثنية واوا.

وفيه ذكر «كوم علقام» وفى رواية «كُوم علقماء» هو بضم الكاف : موضع بأسفل ديار مصر.

(كون) (س) فيه «من رآنى فى المنام فقد رآنى ، فإنّ الشيطان لا يَتَكَوَّنُنِي» وفى رواية «لا يَتَكَوَّنُ فى صورتى» أى يتشبّه بى ويتصوّر بصورتى. وحقيقته : يصير كائِناً فى صورتى.

وفيه «أعوذ بك من الحور بعد الكَوْن» الكَوْن : مصدر «كَان» التامّة. يقال : كَانَ يكونُ كَوْناً : أى وجد واستقرّ : أى أعوذ بك من النّقص بعد الوجود والثّبات.

ويروى بالراء. وقد تقدّم.

وفى حديث توبة كعب «رأى رجلا يزول به السّراب ، فقال : كُن أبا خيثمة» أى صر : يقال للرجل يرى من بعيد : كُنْ فلانا ، أى أنت فلان ، أو هو فلان.

__________________

(١) فى ا : «نجىء».

٢١١

(ه) ومنه حديث عمر «أنه دخل المسجد فرأى رجلا بذّ الهيأة ، فقال : كُنْ أبا مسلم» يعنى الخولانىّ.

وفيه «أنه دخل المسجد وعامّة أهله الكُنْتِيُّون» هم الشّيوخ الذين يقولون : كُنَّا كذا ، وكان كذا ، وكنتَ كذا. فكأنه منسوب إلى كنت. يقال : كأنك والله قد كنتَ وصرت إلى كان وكنت : أى صرت إلى أن يقال عنك : كان فلان ، أو يقال لك فى حال الهرم : كنت مرّة كذا ، وكنت مرّة كذا.

(كوى) (ه) فيه «أنه كَوى سعد بن معاذ لينقطع دم جرحه» الكَيُ بالنار من العلاج المعروف فى كثير من الأمراض. وقد جاء فى أحاديث كثيرة النّهى عن الكَيِ ، فقيل : إنما نهى عنه من أجل أنهم كانوا يعظّمون أمره ، ويرون أنه يحسم الداء ، وإذا لم يُكْوَ العضو عطب وبطل ، فنهاهم إذا كان على هذا الوجه ، وأباحه إذا جعل سببا للشّفاء لا علّة له ، فإنّ الله هو الذى يبرئه ويشفيه ، لا الكَيُ والدّواء.

وهذا أمر تكثر فيه شكوك الناس ، يقولون : لو شرب الدّواء لم يمت ، ولو أقام ببلده لم يقتل.

وقيل : يحتمل أن يكون نهيه عن الكَيِ إذا استعمل على سبيل الاحتراز من حدوث المرض وقبل الحاجة إليه ، وذلك مكروه ، وإنما أبيح للتّداوى والعلاج عند الحاجة.

ويجوز أن يكون النهى عنه من قبيل التّوكّل ، كقوله : «هم الذين لا يسترقون ، ولا يَكْتَوُوُن ، (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)» والتّوكّل درجة أخرى غير الجواز. والله أعلم.

(ه) وفى حديث ابن عمر «إنّى لأغتسل قبل امرأتى ثم أَتَكَوَّى بها» أى أستدفئ بحرّ جسمها ، وأصله من الكَيِ.

(باب الكاف مع الهاء)

(كهر) (ه) فى حديث معاوية بن الحكم السّلمىّ «فبأبى هو وأمّى ، ما ضربنى ولا شنمنى ولا كَهَرَني» الكَهْر : الانتهار. وقد كَهَرَه يَكْهَرُه ، إذا زبره واستقبله بوجه عبوس.

٢١٢

وفى حديث المسعى «أنهم كانوا لا يدّعون عنه ولا يُكْهَرُون» هكذا يروى فى كتب الغريب ، وبعض طرق مسلم. والذى جاء فى الأكثر (١) «يكرهون» بتقديم الراء ، من الإكراه.

(كهكه) (ه) فى حديث الحجّاج «أنه كان قصيرا أصعر (٢) كهاكِهاً (٣)» هو الذى إذا نظرت إليه رأيته كأنه يضحك ، وليس بضاحك ، من الكَهْكَهَة : القهقهة.

(كهل (٤)) (ه) فى فضل أبى بكر وعمر «هذان سيّدا كُهُولِ أهل الجنة!» وفى رواية «كُهُول الأوّلين والآخرين!» الكَهْل من الرجال : من زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين.

وقيل : من ثلاث وثلاثين إلى تمام الخمسين. وقد اكْتَهَل الرجل وكاهَل ، إذا بلغ الكُهُولة فصار كَهْلا.

وقيل : أراد بالكَهْل هاهنا الحليم العاقل : أى أن الله يدخل أهل الجنة الجنة حلماء عقلاء.

[ه] وفيه «أنّ رجلا سأله الجهاد معه ، فقال : هل فى أهلك من كاهِل» يروى بكسر الهاء على أنه اسم ، وبفتحها على أنه فعل ، بوزن ضارِبٍ ، وضارَبَ ، وهما من الكُهُولة : أى هل فيهم من أسنّ وصار كَهْلا؟

كذا قال أبو عبيد. وردّه (٥) عليه أبو سعيد الضّرير ، وقال : قد يخلف الرجل فى أهله كَهْلٌ وغير كَهْل.

__________________

(١) انظر شرح النووى على مسلم (باب استحباب الرّمل فى الطواف والعمرة. من كتاب الحج) ٩ / ١٢.

(٢) فى ا : «أصغر» وفى اللسان ، نقلا عن الهروى : «أصفر» وعن ابن الأثير : «أصعر» والمثبت فى الأصل ، وهو الصواب. وانظر ص ٣١ من الجزء الثالث.

(٣) فى الهروى : «كهاهة» وفى اللسان نقلا عن الهروى : «كهاكهة».

(٤) وضعت المواد فى الأصل ، ا هكذا (كهر. كهل. كهول. كهكه. كهم. كهن) وقد رتبتها على طريقة المصنّف فى إيراد الموادّ على ظاهر لفظها. وهى الطريقة التى شاعت فى الكتاب كله.

(٥) فى ا : «وردّ».

٢١٣

وقال الأزهرى : سمعت العرب تقول : فلان كاهِلُ بنى فلان : أى عمدتهم فى الملمّات وسندهم (١) فى المهمّات. ويقولون : مضر كاهِل العرب ، وتميم كاهِل مضر. وهو مأخوذ من كاهِل البعير (٢) ، وهو مقدّم ظهره ، وهو الذى يكون عليه المحمل. وإنما أراد بقوله : هل فى أهلك من تعتمد عليه فى القيام بأمر من تخلف من صغار ولدك؟ لئلّا يضيعوا ، ألا تراه قال له : «ما هم إلّا أصيبية (٣) صغار» ، فأجابه وقال : «ففيهم فجاهد».

وأنكر أبو سعيد الكاهِل ، وزعم أنّ العرب تقول للذى يخلف الرجل فى أهله وماله : كاهن ، بالنون. وقد كهنه يكهنه كهونا. فإمّا أن تكون اللام مبدلة من النون ، أو أخطأ السامع فظنّ أنه باللام.

(س) وفى كتابه إلى اليمن فى أوقات الصلاة «والعشاء إذا غاب الشّفق إلى أن تذهب كَوَاهِلُ الليل» أى أوائله إلى أوساطه ، تشبيها للّيل بالإبل السائرة التى تتقدّم أعناقها وهواديها. ويتبعها أعجازها وتواليها.

والكَوَاهِل : جمع كاهِل وهو مقدّم أعلى الظّهر.

ومنه حديث عائشة «وقرّر الرّؤوس على كَواهِلِها» أى أثبتها فى أماكنها ، كأنها كانت مشفية على الذّهاب والهلاك.

(كهم) (س) فى حديث أسامة «فجعل يَتَكَهَّم بهم» التَّكَهُّم : التّعرّض للشّرّ والاقتحام فيه. وربما يجرى مجرى السّخرية ، ولعلّه ـ إن كان محفوظا ـ مقلوب من التّهكّم ، وهو الاستهزاء.

(س) وفى مقتل أبى جهل «إنّ سيفك كَهامٌ» أى كليل لا يقطع.

(كهن) (س) فيه «نهى عن حلوان الكاهِن» الكاهِنُ : الذى يتعاطى الخبر عن الكائنات فى مستقبل الزمان ، ويدّعى معرفة الأسرار. وقد كان فى العرب كَهَنة ، كشقّ ، وسطيح ، وغيرهما ، فمنهم من كان يزعم أنّ له تابعا من الجنّ ورئيّا يلقى إليه الأخبار ، ومنهم من

__________________

(١) فى الهروى : «وسيّدهم».

(٢) فى الهروى ، واللسان «الظّهر».

(٣) فى الهروى : «صبية».

٢١٤

كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدّمات أسباب يستدلّ بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله ، وهذا يخصّونه باسم العرّاف ، كالذى يدّعى معرفة الشىء المسروق ، ومكان الضّالّة ونحوهما.

والحديث الذى فيه «من أتى كاهِنا» قد يشتمل على إتيان الكاهِن والعرّاف والمنجّم. وجمع الكاهِن : كَهَنةٌ وكُهَّان.

ومنه حديث الجنين «إنما هذا من إخوان الكُهَّان» إنما قال له ذلك من أجل سجعه الذى سجع ، ولم يعبه بمجرّد السّجع دون ما تضمّن سجعه من الباطل ، فإنه قال : كيف ندى من لا أكل ولا شرب ولا استهلّ ، ومثل ذلك يطلّ.

وإنما ضرب المثل بالكُهَّان ؛ لأنهم كانوا يروّجون أقاويلهم الباطلة بأسجاع تروق السّامعين ، فيستميلون بها القلوب ، ويستصغون إليها الأسماع. فأمّا إذا وضع السّجع فى مواضعه من الكلام فلا ذمّ فيه. وكيف يذمّ وقد جاء فى كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كثيرا.

وقد تكرر ذكره فى الحديث ، مفردا وجمعا ، واسما وفعلا.

وفيه «أنه قال : يخرج من الكَاهِنَيْن رجل يقرأ القرآن لا يقرأ أحد قراءته» قيل : إنّه محمد بن كعب القرظىّ. وكان يقال لقريظة والنّضير : الكاهِنَان ، وهما قبيلا اليهود بالمدينة ، وهم أهل كتاب وفهم وعلم ، وكان محمد بن كعب من أولادهم.

والعرب تسمّى كلّ من يتعاطى علما دقيقا : كاهِنا. ومنهم من كان يسمّى المنجّم والطّبيب كاهِناً.

(كهول) [ه] فى حديث عمرو «قال لمعاوية : أتيتك وأمرك كحقّ الكَهُول» هذه اللّفظة قد اختلف فيها ، فرواها الأزهرى بفتح الكاف وضم الهاء ، وقال : هى العنكبوت.

ورواها الخطّابى والزمخشرى بسكون الهاء وفتح الكاف والواو ، وقالا : هى العنكبوت.

ولم يقيّدها القتيبى.

ويروى «كحقّ الكهدل» بالدال بدل الواو.

وقال القتيبىّ : أمّا حقّ الكهدل فلم أسمع فيه شيئا ممّن يوثق بعلمه ، بلغنى أنه بيت

٢١٥

العنكبوت. ويقال : إنه ثدى العجوز. وقيل : العجوز نفسها ، وحقّها : ثديها. وقيل غير ذلك.

(كهه) (س) فيه «أنّ ملك الموت قال لموسى عليه‌السلام وهو يريد قبض روحه : كُهَ فى وجهى ، ففعل فقبض روحه» أى افتح فاك وتنفّس. يقال : كَهَ يَكُهُ. وكُهَ يا فلان : أى أخرج نفسك.

ويروى «كه» بهاء واحدة مسكّنة ، بوزن خف ، وهو من كاه يكاه ، بهذا المعنى.

(كها) (ه) فى حديث ابن عباس «جاءته امرأة فقالت : فى نفسى مسألة وأنا أَكْتَهِيك أن أشافهك بها ، فقال : اكتبيها فى بطاقة» (١) أى أجلّك وأحتشمك ، من قولهم للجبان : أَكْهَى ، وقد كَهِيَ يَكْهَى ، واكْتَهَى ؛ لأنّ المحتشم تمنعه الهيبة عن الكلام.

(باب الكاف مع الياء)

(كيت) (س) فيه «بئس ما لأحدكم أن يقول : نسيت آية كَيْتَ وكَيْتَ» هى كناية عن الأمر ، نحو كذا وكذا. قال أهل العربيّة : إنّ أصلها «كَيَّة» بالتشديد ، والتاء فيها بدل من إحدى الياءين ، والهاء التى فى الأصل محذوفة. وقد تضمّ التاء وتكسر.

(كيح) (س) فى قصّة يونس عليه‌السلام «فوجدوه فى كِيحٍ يصلّى» الكِيح بالكسر ، والْكَاحُ : سفح الجبل وسنده.

(كيد) [ه] فيه «أنه دخل على سعد وهو يَكِيدُ بنفسه» أى يجود بها ، يريد النّزع والكَيْدُ : السّوق.

ومنه حديث عمر «تخرج المرأة إلى أبيها يَكِيدُ بنفسه» أى عند نزع روحه وموته.

(ه) وفى حديث ابن عمر «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم غزا غزوة كذا فرجع ولم يلق كَيْداً» أى حربا.

وفى حديث صلح نجران «إنّ عليهم عاريّة السّلاح إن كان باليمن كَيْدٌ ذات غدر» أى حرب ، ولذلك أنّثها.

__________________

(١) جاء فى الهروى : «ويروى : «فى نطاقة» الباء تبدل من النون» وانظر ص ١٣٦ من الجزء الأول.

٢١٦

(ه) وفى حديث عمرو بن (١) العاص «ما قولك فى عقول كَادَها خالقها؟» وفى رواية «تلك عقول كادَها بارئها» أى أرادها بسوء ، يقال : كِدْت الرجل أَكِيده. والكَيْد : الاحتيال والاجتهاد ، وبه سمّيت الحرب كَيْداً.

(ه س) وفى حديث ابن عباس «نظر إلى جوار وقد كِدْنَ فى الطّريق ، فأمر أن ينحّين» أى حضن. يقال : كادَت المرأة تَكِيدُ كَيْداً ، إذا حاضت ، والكَيْدُ أيضا : القىء.

[ه] ومنه حديث الحسن «إذا بلغ الصّائم الكَيْدَ أفطر».

(كير) فيه «مثل الجليس السّوء مثل الْكِير» الكِيرُ بالكسر : كِير الحدّاد ، وهو المبنىّ من الطّين. وقيل : الزّقّ الذى ينفخ به النّار ، والمبنىّ : الكور.

(ه) ومنه الحديث «المدينة كالكِير تنفى خبثها وينصع طيبها» وقد تكرر فى الحديث.

وفى حديث المنافق «يَكِيرُ فى هذه مرّة ، وفى هذه مرّة» أى يجرى. يقال : كَارَ الفرس يَكِير ، إذا جرى رافعا ذنبه.

ويروى «يكبن» ، وقد تقدم.

(كيس) فيه «الكَيِّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت» أى العاقل. وقد كاسَ يَكِيسُ كَيْساً. والكَيْس : العقل.

[ه] ومنه الحديث «أىّ المؤمنين أَكْيَسُ» أى أعقل.

(ه) وفيه «فإذا قدمتم فالكَيْسَ الكَيْسَ» قيل : أراد الجماع (٢) فجعل طلب الولد عقلا.

(ه) وفى حديث جابر فى رواية «أترانى إنما كِسْتُك لآخذ جملك» أى غلبتك بالكَيْس. يقال : كَايَسَنِي فكِسْتُه : أى كنت أَكْيَس منه.

وفى حديث اغتسال المرأة مع الرجل «إذا كانت كَيِّسَة» أراد به حسن الأدب فى استعمال الماء مع الرجل.

__________________

(١) الذى فى الهروى : «وفى حديث عمر رضى الله عنه : وما قولك فى عقول ...».

(٢) عبارة الهروى : «قال ابن الأعرابى : الكيس : الجماع ، والكيس : العقل. جعل طلب الولد عقلا».

٢١٧

ومنه حديث عليّ «وكان كيّس الفعل» أى حسنه. والكيس فى الأمور يجرى مجرى الرّفق فيها.

ومنه حديثه الآخر :

* أما ترانى كيّسا مكيّسا *

المكيّس : المعروف بالكيس.

وفيه «هذا من كيس أبى هريرة» أى ممّا عنده من العلم المقتنى فى قلبه ، كما يقتنى المال فى الكيس.

ورواه بعضهم بفتح الكاف : أى من فقهه وفطنته ، لا من روايته.

(كيع) (ه) فيه «ما زالت قريش كاعَةً حتى مات أبو طالب» الكاعَة : جمع كائِع ، وهو الجبان ، كبائع وباعة. وقد كاعَ يَكِيع. ويروى بالتشديد. وقد تقدم.

أراد أنهم كانوا يجبنون عن أذى النبى فى حياته ، فلما مات اجترأوا عليه.

(كيل) (س [ه]) فيه «المِكْيَال مِكيال أهل المدينة ، والميزان ميزان أهل مكة» قال أبو عبيد : هذا الحديث أصل لكل شىء من الكَيْل والوزن ، وإنما يأتمّ الناس فيهما بهم ، والذى يعرف به أصل الكيل والوزن أنّ كلّ ما لزمه اسم المختوم والقفيز والمكّوك. والصاع والمدّ ، فهو كَيل ، وكلّ ما لزمه اسم الأرطال والأمناء (١) والأواقىّ فهو وزن (٢).

وأصل التّمر : الكَيل ، فلا يجوز (٣) أن يباع وزنا بوزن ، لأنه إذا ردّ بعد الوزن إلى الكيل ، لم يؤمن فيه التفاضل (٤).

وكل ما كان فى عهد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة والمدينة مَكِيلا فلا يباع إلّا بالكيل ، وكل ما كان بهما موزونا فلا يباع إلّا بالوزن ، لئلّا يدخله الرّبا بالتّفاضل.

__________________

(١) فى الهروى : «والأمنان» وقال صاحب المصباح : «المنا : الذى يكال به السمن وغيره ... والتثنية منوان ، والجمع أمناء : مثل سبب وأسباب. وفى لغة تميم : منّ ، بالتشديد ، والجمع أمنان ، والتثنية منّان ، على لفظه».

(٢) هذا آخر كلام أبى عبيد. وما يأتى من كلام أبى منصور الأزهرى. كما فى الهروى.

(٣) عبارة الهروى : «ولا يجوز أن يباع رطلا برطل ولا وزنا بوزن».

(٤) هذا آخر كلام أبى منصور الأزهرى. كما فى الهروى.

٢١٨

وهذا فى كل نوع تتعلق به أحكام الشّرع من حقوق الله تعالى ، دون ما يتعامل الناس فى بياعاتهم.

فأمّا المِكْيال فهو الصاع الذى يتعلّق به وجوب الزكاة ، والكفّارات ، والنّفقات ، وغير ذلك ، وهو مقدّر بكَيْل أهل المدينة ، دون غيرها من البلدان ، لهذا الحديث. وهو مفعال من الكَيل ، والميم فيه للآلة.

وأما الوزن فيريد به الذهب والفضة خاصّة ، لأن حقّ الزكاة يتعلّق بهما.

ودرهم أهل مكة ستّة دوانيق ، ودراهم الإسلام المعدّلة كلّ عشرة سبعة مثاقيل.

وكان أهل المدينة يتعاملون بالدّراهم ، عند مقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليهم ، بالعدد ، فأرشدهم إلى وزن مكة.

وأمّا الدّنانير فكانت تحمل إلى العرب من الرّوم ، إلى أن ضرب عبد الملك بن مروان الدينار فى أيّامه.

وأمّا الأرطال والأمناء فللناس فيها عادات مختلفة فى البلدان ، وهم معاملون بها ومجزون عليها.

(ه) وفى حديث عمر «أنه نهى عن المُكايَلَة» وهى المقايسة بالقول ، والفعل ، والمراد المكافأة بالسّوء وترك الإغضاء والاحتمال : أى تقول له وتفعل معه مثل ما يقول لك ويفعل معك. وهى مفاعلة من الكَيْل.

وقيل : أراد بها المقايسة فى الدّين ، وترك العمل بالأثر.

(س [ه]) وفيه «أنّ رجلا أتى النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يقاتل العدو ، فسأله سيفا يقاتل به ، فقال : لعلّك إن أعطيتك (١) أن تقوم فى الكَيُّول ، فقال : لا» أى فى مؤخّر الصّفوف ، وهو فيعول ، من كَالَ الزّند يَكِيل كَيْلا ، إذا كبا ولم يخرج نارا ، فشبّه مؤخّر الصّفوف به ، لأن من كان فيه لا يقاتل.

وقيل : الكَيُّول : الجبان. والكَيُّول : ما أشرف من الأرض. يريد : تقوم فوقه فتنظر (٢) ما يصنع غيرك.

__________________

(١) عبارة الهروى : «لعلّى إن أعطيتكه».

(٢) فى الفائق ٢ / ٤٣٩ : «فتبصّر».

٢١٩

حرف اللّام

(باب اللام مع الهمزة)

(لات) فيه «من حلف باللّات والعزّى فليقل : لا إله إلا الله» اللّات : اسم صنم كان لثقيف بالطّائف ، والوقف عليه بالهاء. وبعضهم يقف عليه بالتّاء ، والأوّل أكثر. وإنّما التّاء فى حال الوصل وبعضهم يشدّد التّاء.

وليس هذا موضع اللّات. وموضعه «لَيَه» وإنّما ذكرناه هاهنا لأجل لفظه. وألفه منقلبة عن ياء ، وليست همزة.

وقوله «فليقل لا إله إلا الله» دليل على أنّ الحالف بهما ؛ وبما كان فى معناهما لا يلزمه كفّارة اليمين ، وإنّما يلزمه الإنابة والاستغفار.

(لأم) فيه «لمّا انصرف النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الخندق ووضع لَأْمَتَه أتاه جبريل فأمره بالخروج إلى بنى قريظة» اللَّأْمَة مهموزة : الدّرع. وقيل : السّلاح. ولَأْمَةُ الحرب : أداته. وقد يترك الهمز تخفيفا. وقد تكررت فى الحديث.

[ه] ومنه حديث عليّ «كان يحرّض أصحابه ويقول : تجلببوا السّكينة ، وأكملوا اللُّؤَم» هو جمع (١) لَأْمَة ، على غير قياس. فكأن واحده لُؤْمَة (٢).

وفى حديث جابر «أنّه أمر الشّجرتين فجاءتا ، فلمّا كانتا بالمنصف لَأَمَ بينهما». يقال : لَأَمَ ولَاءَمَ بين الشّيئين ، إذا جمع بينهما ووافق ، وتَلَاءَمَ الشّيآن والْتَأَمَا ، بمعنى.

وفى حديث ابن أمّ مكتوم «لى قائد لا يُلَائِمُني» أى يوافقنى ويساعدنى. وقد تخفّف الهمزة فتصير ياء.

__________________

(١) هذا من قول القتيبى كما فى الهروى.

(٢) بعد هذا فى الهروى : «واللّؤمة أيضا : الحديدة التى يحرث بها».

٢٢٠