النّهاية - ج ٤

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٨٤

(لهث) ـ فيه «إنّ امرأة بغيّا رأت كلبا يَلْهَثُ ، فسقته فغفر لها» لَهَثَ (١) الكلب وغيره ، يَلْهَثُ لَهْثاً ، إذا أخرج لسانه من شدّة العطش والحرّ. ورجل لَهْثَان ، وامرأة لَهْثَى.

[ه] ومنه حديث ابن جبير ، فى المرأة اللهْثَى «إنها تفطر فى رمضان».

ومنه حديث عليّ «فى سكرة مُلْهِثَة» أى موقعة فى اللهَثُ.

(لهج) (س) فيه «ما من ذى لَهْجَةٍ أصدق من أبى ذر» وفى حديث آخر «أصدق لَهْجَةً من أبي ذرّ» اللهْجَة : اللّسان. ولَهِجَ بالشيء ، إذا ولع به.

(لهد) (س) فى حديث ابن عمر «لو لقيت قاتل أبى فى الحرم ما لَهَدْتُهُ» أى دفعته. واللهْدُ : الدّفع الشديد فى الصّدر.

ويروى «ما هدته» أى ما حرّكته.

(لهز) (س) فى حديث النّوح «إذا ندب الميّت وُكِلَ به ملكان يَلْهَزَانِهِ» أى يدفعانه ويضربانه. واللهْزُ : الضّرب بِجُمْعِ الكفّ فى الصّدر. ولَهَزَهُ بالرّمح ، إذا طعنه به.

(س) ومنه حديث أبى ميمونة «لَهَزْتُ رجلا فى صدره».

وحديث شارب الخمر «يَلْهَزُهُ هذا وهذا» وقد تكرر فى الحديث.

(لهزم) (س) فى حديث أبى بكر والنّسّابة «أمن هامها أو لَهَازِمِهَا؟» أى أمن أشرافها أنت أو من أوساطها. واللهَازِمُ : أصول الحنكين ، واحدتها : لِهْزِمَةٌ ، بالكسر ، فاستعارها لوسط النّسب والقبيلة.

ومنه حديث الزكاة «ثم يأخذ بِلِهْزِمَتَيْهِ» يعنى شدقيه.

وقيل : هما عظمان ناتئان تحت الأذنين.

وقيل : هما مضغتان عليّتان (٢) تحتهما. وقد تكررت (٣) فى الحديث.

__________________

(١) ضبط فى الأصل بكسر الهاء. وهو من باب «منع» كما فى القاموس.

(٢) فى الأصل : «عليتان» وفى ا : «علييان» وأثبتّ ما فى الصّحاح واللسان.

(٣) فى الأصل : «تكرر» والمثبت من ا.

٢٨١

(لهف) [ه] فيه «اتّقوا دعوة اللهْفَان» هو المكروب. يقال : لَهَفَ يَلْهَفُ لَهْفاً ، فهو لَهْفَان ، ولُهِفَ فهو مَلْهُوف.

ومنه الحديث «كان يحبّ إغاثة اللهْفَان».

والحديث الآخر «تعين ذا الحاجة المَلْهُوف».

(لهق) (ه) فيه «كان خلقه سجيّة ولم يكن تَلَهْوُقاً» أى لم يكن تصنّعا وتكلّفا. يقال : تَلَهْوَقَ الرجل ، إذا تزيّن بما ليس فيه من خلق ومروءة وكرم.

قال الزمخشرى : «وعندى أنه (١) من اللهَقُ ، وهو الأبيض [فقد استعملوا الأبيض](٢) فى موضع الكريم (٣) لنقاء عرضه ممّا يدنّسه».

ومنه قصيد كعب :

* ترمى الغيوب بعينى مفردٍ لَهِقٍ *

هو بفتح الهاء وكسرها : الأبيض. والمفرد : الثّور الوحشىّ ، شبّهها به.

(لهم) ـ فيه «أسألك رحمة من عندك تُلْهَمُنِي بها رشدى» الإِلْهَام : أن يلقى الله فى النّفس أمرا ، يبعثه على الفعل أو الترك ، وهو نوع من الوحى يخصّ الله به من يشاء من عباده. وقد تكرر فى الحديث.

وفى حديث عليّ «وأنتم لَهَامِيمُ العرب» هى جمع لُهْمُوم ، وهو الجواد من الناس والخيل.

(لها) (س) فيه «ليس شىء من اللهْوِ إلّا فى ثلاث» أى ليس منه مباح إلّا هذه ، لأنّ كلّ واحدة منها إذا تأمّلتها وجدتها معينة على حقّ ، أو ذريعة إليه.

واللهْوُ : اللَّعِب. يقال : لَهَوْتُ بالشيء أَلْهُو لَهْواً ، وتَلَهَّيْتُ به ، إذا لعبت به وتشاغلت ، وغفلت به عن غيره. وأَلْهَاه عن كذا ، أى شغله. ولَهِيتُ عن الشىء ، بالكسر ، أَلْهَى ، بالفتح

__________________

(١) فى الفائق ٢ / ٤٨١ : «أنه تفعول من اللهق».

(٢) تكملة لازمة من الفائق.

(٣) فى الأصل ، وا واللسان : «الكرم» وأثبتّ ما فى الفائق.

٢٨٢

لُهِيّاً (١) إذا سلوت عنه وتركت ذكره ، و [إذا](٢) غفلت عنه واشتغلت.

(س) ومنه الحديث «إذا استأثر الله بشىء فَالْهَ عنه» أى اتركه وأعرض عنه ، ولا تتعرّض له.

ومنه حديث الحسن ، فى البلل بعد الوضوء «الْهَ عنه».

ومنه حديث سهل بن سعد «فَلَهِيَ (٣) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشىء كان بين يديه» أى اشتغل.

وحديث ابن الزبير «أنه كان إذا سمع صوت الرّعد لَهِيَ (٤) عن حديثه» أى تركه وأعرض عنه.

(ه) وحديث عمر «أنه بعث إلى أبى عبيدة بمال فى صرّة ، وقال للغلام : اذهب بها إليه ثم تَلَهَ ساعة فى البيت ، ثم انظر ماذا يصنع بها» أى تشاغل وتعلّل.

ومنه قصيد كعب :

وقال كلّ صديق (٥) كنت آمله

لا أُلْهِيَنَّكَ (٦) إنى عنك مشغول

أى لا أشغلك عن أمرك ، فإنى مشغول عنك.

وقيل : معناه : لا أنفعك ولا أعلّلك ، فاعمل لنفسك.

[ه] وفيه «سألت ربّى ألّا يعذّب اللَّاهِينَ من ذرّية البشر فأعطانيهم» قيل : هم البله الغافلون.

وقيل : الذين لم يتعمّدوا الذنوب ، وإنما فرط منهم سهوا ونسيانا (٧).

وقيل : هم الأطفال الذين لم يقترفوا ذنبا.

__________________

(١) فى الأصل : «لهيا» وضبطته بضم اللام وكسرها مع تشديد الياء ، من ا ، واللسان ، والصحاح.

والشرح فيه. وزاد «ولهيانا».

(٢) زيادة من ا ، واللسان.

(٣) فى الأصل : «فلها» وأثبتّ ما فى ا ، واللسان ، والقاموس.

(٤) فى الأصل : «لها» وأثبتّ ما فى المراجع السابقة. والفائق ٢ / ٤٨١.

(٥) فى شرح الديوان ص ١٩ : «خليل».

(٦) فى شرح الديوان : «لا ألفينّك».

(٧) زاد الهروى : «وهو القول».

٢٨٣

وفى حديث الشاة المسمومة «فما زلت أعرفها فى لَهَوَاتِ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» اللهَوَات : جمع لَهَاة ، وهى اللّحمات فى سقف أقصى الفم. وقد تكرر فى الحديث.

وفى حديث عمر «منهم الفاتح فاه لِلُهْوَة من الدنيا» اللُّهْوَة بالضم : العطيّة ، وجمعها : لُهًى.

وقيل : هى أفضل العطاء وأجزله.

(باب اللام مع الياء)

(ليت) (س) فيه «ينفخ فى الصّور فلا يسمعه أحد إلّا أصغى لِيتاً» اللِّيت (١) : صفحة العنق ، وهما لِيتَان ، وأصغى : أمال.

وفى الدعاء : «الحمد الله الذى لا يفات ، ولا يُلَات ، ولا تشتبه عليه الأصوات» يُلَات : من أَلَاتَ يُلِيتُ ، لغة فى : لَاتَ يَلِيتُ ، إذا نقص. ومعناه : لا ينقص ولا يحبس عنه الدّعاء.

(ليث) (ه س) فى حديث ابن الزبير «أنه كان يواصل ثلاثا ثم يصبح وهو أَلْيَثُ أصحاب» أى أشدّهم وأجلدهم. وبه سمّى الأسد لَيْثاً.

(ليح) (ه) فيه «أنه كان لحمزة رضى الله عنه سيف يقال له : لِيَاح» هو من لاح يَلُوح لِيَاحاً ، إذا بدا وظهر. وأصله : لواح ، فقلبت الواو ياء لكسرة اللام ، كاللّياذ ، من لاذ يلوذ. ومنه قيل للصّبح : لياح. وألاح ، إذا تلألأ.

(ليس) (ه) فيه «ما أنهر الدّم وذكر اسم الله فكل (٢) ، لَيْسَ السّنّ والظّفر» أى إلّا السّنّ والظّفر.

__________________

(١) بالكسر ، كما فى القاموس.

(٢) فى الأصل ، وا : «كل ما أنهر الدم» وفى الهروى : «ما أنهر الدم فكل» وهى رواية المصنّف فى (نهر). وفى اللسان : «كلّ ما أنهر الدم فكل» وأثبتّ رواية البخارى ، فى (باب ما أنهر الدم ، وباب ماندّ من البهائم ، وباب إذا ندّ بعير لقوم ، من كتاب الذبائح). وانظر أيضا البخارى (باب قسمة الغنم ، من كتاب الشركة فى

٢٨٤

و «لَيْسَ» من حروف الاستثناء ، كإلّا ، تقول : جاءنى القوم لَيْسَ زيدا ، وتقديره : ليس بعضهم زيدا.

ومنه الحديث «ما من نبىّ إلا وقد أخطأ ، أو همّ بخطيئة ، لَيْسَ يحيى بن زكريا».

ومنه الحديث «أنه قال لزيد الخيل : ما وصف لى أحد فى الجاهلية فرأيته فى الإسلام إلّا رأيته دون الصّفة لَيْسَكَ» أى إلّا أنت.

وفى «ليسك» غرابة ، فإن أخبار «كان وأخواتها» إذا كانت ضمائر ، فإنما يستعمل فيها كثيرا المنفصل دون المتّصل ، تقول : ليس إيّاى وإيّاك.

(س) وفى حديث أبى الأسود «فإنه أهيس أليس» الأليس : الذى لا يبرح مكانه.

(ليط) (س) فى كتابه لثقيف لمّا أسلموا «وأنّ ما كان لهم من دين إلى أجل فبلغ أجله ، فإنه لِيَاط مبرّأ من الله ، وأنّ ما كان لهم من دين فى رهن وراء عكاظ ، فإنه يقضى (١) إلى رأسه ويُلَاط بعكاظ ولا يؤخّر».

أراد باللِّيَاط الرّبا ؛ لأنّ كلّ شىء ألصق بشىء وأضيف إليه فقد أُلِيطَ به. والرّبا ملصق برأس المال. يقال : لَاطَ حبّه بقلبى يَلِيطُ ويلوط ، لَيْطاً ولوطا ولِيَاطاً ، وهو أَلْيَط بالقلب ، وألوط.

(ه) ومنه حديث عمر «أنه كان يُلِيطُ أولاد الجاهليّة بآبائهم» وفى رواية «بمن ادّعاهم فى الإسلام» أى يلحقهم بهم ، من أَلَاطَهُ يُلِيطُهُ ، إذا ألصقه به.

(ه) وفى كتابه لوائل بن حجر «فى التّيعة شاة لا مقورّة الأَلْيَاط» هى جمع لِيط ، وهى فى الأصل : القشر اللّازق بالشّجر ، أراد غير مسترخية الجلود لهزالها ، فاستعار اللّيط للجلد ؛ لأنه للّحم بمنزلته للشّجر والقصب ، وإنّما جاء به مجموعا ؛ لأنه أراد ليط كلّ عضو.

__________________

الطعام ، والنّهد ، والعروض) و (باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم ، من كتاب الجهاد) ، ورواية مسلم (باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم ، من كتاب الأضاحى).

وانظر أيضا لهذه الرواية التى أثبتّها ، مسند أحمد ٤ / ١٤٠ ، ١٤٢. من حديث رافع بن خديج. والنّسائى (باب النهى عن الذبح بالمظفر ، من كتاب الضحايا) ٢ / ١٠٧.

(١) فى ا : «يفضى».

٢٨٥

(س) ومنه الحديث «أن رجلا قال لابن عباس : بأىّ شىء أذكّى إذا لم أجد حديدة؟ قال : بِلِيطَةٍ فالية» أى قشرة قاطعة.

واللِّيط : قشر القصب والقناة ، وكلّ شىء كانت له صلابة ومتانة ، والقطعة منه : لِيطَة.

(س) ومنه حديث أبى إدريس «دخلت على أنس فأتى بعصافير فذبحت بِلِيطَة» وقيل : أراد به القطعة المحدّدة من القصب.

(س) وفى حديث معاوية ابن قرّة «ما يسرّنى أنى طلبت المال خلف هذه اللَّائِطَة ، وأنّ لى الدّنيا» اللَّائِطَة : الأسطوانة (١) سمّيت به للزوقها بالأرض.

(لين) (ه) فيه «كان إذا عرّس بليل توسّد لَيْنَة» اللَّيْنَة بالفتح : كالمسورة (٢) أو كالرّفادة ، سمّيت لينة للينها.

(س) وفى حديث ابن عمر «خياركم أَلَايِنُكُمْ مناكب فى الصلاة» هى جمع : أَلْيَن ، وهو بمعنى السّكون والوقار والخشوع.

ومنه الحديث «يتلون كتاب الله لَيِّناً» أى سهلا على ألسنتهم.

ويروى «لَيْناً» بالتّخفيف ، لغة فيه.

(لية) (س) فى حديث ابن عمر «أنه كان يقوم له الرجل من لية نفسه ، فلا يقعد فى مكانه» أى من ذات نفسه ، من غير أن يكرهه أحد.

وأصلها «ولية» ، فخذفت الواو وعوّض منها الهاء ، كزنة وشية.

ويروى «من إلية نفسه» فقلبت الواو همزة. وقد تقدّمت فى حرف الهمزة.

ويروى من «ليّته» بالتشديد ، وهم الأقارب الأدنون ، من اللّىّ ، فكأنّ الرجل يلويهم على نفسه. ويقال فى الأقارب أيضا : لية ، بالتخفيف.

(ليا) ـ فيه «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أكل لِيَاء ثم صلّى ولم يتوضّأ» اللِّيَاء بالكسر والمد : اللّوبياء ، واحدتها : لِيَاءَة.

__________________

(١) فى الأصل : «الاصطوانة» والتصحيح من ا واللسان ، والقاموس.

(٢) المسورة : متّكأ من جلد.

٢٨٦

وقيل : هو شىء كالحمّص ، شديد البياض يكون بالحجاز.

واللِّيَاء أيضا : سمكة فى البحر (١) يتّخذ من جلدها لتّرسة (٢) ، فلا يحيك فيها شىء. والمراد الأوّل.

ومنه الحديث «أنّ فلانا أهدى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بودّان لِيَاء مقشّى».

ومنه حديث معاوية «أنه دخل عليه وهو يأكل لِيَاء مقشّى».

وفى حديث الزّبير «أقبلت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من لِيَّةَ» هو اسم موضع بالحجاز. وقد تقدّم فى اللام والواو.

وحديث الاختمار «ليّة لا ليّتين».

وحديث المطل «لَيُ الواجد».

وحديث «لىّ القاضى» ، لأنها من الواو.

__________________

(١) فى الأصل ، وا : «بحر» والمثبت من اللسان ، والفائق ٢ / ٤٨٤

(٢) جمع التّرس.

٢٨٧

حرف الميم

(باب الميم مع الهمزة)

(مأبض) ـ فيه «أنه بال قائما ، لعلّة بمأبضيه» المأبض : باطن الرّكبة هاهنا ، وأصله من الإباض ، وهو الحبل الذى يشدّ به رسغ البعير إلى عضده. والمأبض : مفعل منه. أى موضع الإباض ، والميم زائدة. تقول العرب : إنّ البول قائما يشفى من تلك العلة (١).

(مأتم) ـ فى بعض الحديث «فأقاموا عليه مأتما» المأتم فى الأصل : مجتمع الرجال والنساء فى الحزن والسّرور ، ثم خصّ به اجتماع النساء للموت.

وقيل : هو للشّوابّ منهنّ لا غيره. والميم زائدة.

(مأثرة) ـ فيه «ألا إنّ كلّ دم ومأثرة من مآثر الجاهلية فإنها تحت قدمىّ هاتين» مآثر العرب : مكارمها ومفاخرها التى تؤثر عنها وتروى. والميم زائدة.

(مأرب) ـ قد تكرر فى الحديث ذكر «مَأْرِب» بكسر الراء ، وهى مدينة باليمن كانت بها بلقيس.

(مأزم) ـ فيه «إنى حرّمت المدينة حراما ما بين مأزميها» المأزم : المضيق فى الجبال حيث يلتقى بعضها ببعض ويتّسع ما وراءه. والميم زائدة ، وكأنه من الأزم : القوّة والشدّة.

ومنه حديث ابن عمر «إذا كنت بين المأزمين دون منّى ، فإنّ هناك سرحة سرّ تحتها سبعون نبيّا» وقد تكرر فى الحديث.

__________________

(١) جاء بهامش ا : «وأقول : لعل وجه قيامه صلى‌الله‌عليه‌وسلم عدم قدرته على القعود ، لعلّة فى ركبتيه ، لا لما ذكره ؛ لأنه لا يظهر وجه للتشفى من تلك العلة بالبول قائما ، كما لا يخفى».

٢٨٨

(مأصر) ـ فى حديث سعيد بن زيد «حبست (١) له سفينة بالمأصر» هو موضع تحبس فيه السّفن ، لأخذ الصدقة أو العشر ممّا فيها. والمأصر : الحاجز. وقد تفتح الصاد بلاهمز ، وقد تهمز ، فيكون من الأصر : الحبس. والميم زائدة. يقال : أصره يأصره أصرا ، إذا حبسه. والموضع : مأصر ومأصر. والجمع : مآصر.

(مأس) ـ فى حديث مطرّف «جاء الهدهد بالمَاسِ ، فألقاه على الزّجاجة ففلقها» ألماس : حجر معروف يثقب به الجوهر ويقطع وينقش ، وأظنّ الهمزة واللام فيه أصليّتين ، مثلهما فى : إلياس ، وليست بعربيّة ، فإن كان كذلك فبابه الهمزة ، لقولهم فيه : الألماس. وإن كانتا للتّعريف ، فهذا موضعه. يقال : رجل مَاسٍ ، بوزن مال : أى خفيف طيّاش.

(مأق) ـ فيه «أنه كان يكتحل من قبل مُؤْقِهِ مرّة ، ومن قبل مَأْقِهِ مرّة» مُؤْق العين : مؤخّرها ، ومَأْقِهَا : مقدّمها.

قال الخطّابى : من العرب من يقول : مَأْقٌ ومُؤْقٌ ، بضمّهما ، وبعضهم يقول : مَأْقٍ ومُؤْقٍ ، بكسرهما ، وبعضهم [يقول](٢) : ماق ، بغير همز ، كقاض. والأفصح الأكثر : المَأْقِي ، بالهمز والياء ، والمُؤْق بالهمز والضم ، وجمع المؤق : آمَاق وأَمْآق ، وجمع المَأْقِي : مَآقِي.

(ه) ومنه الحديث «أنه كان يمسح المَأْقِيَيْنِ» هى تثنية المَأْقِي.

[ه] وفى حديث طهفة «ما لم تضمروا الإِمَاق» الإِمَاق : تخفيف الإِمْآق ، بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على الميم ، وهو من أماق الرجل ، إذا صار ذا مأقة ، وهى الحميّة والأنفة.

وقيل : الحدّة والجراءة. يقال : أَمْأَقَ الرجل يُمْئِقُ إِمْآقاً ، فهو مُئِيق. فأطلقه على النّكث والغدر ؛ لأنهما (٣) من نتائج الأنفة والحميّة أن يسمعوا ويطيعوا.

__________________

(١) ضبط فى ا : «حبست».

(٢) زيادة من ا.

(٣) فى الهروى : «لأنه يكون من أجل الأنفة والحمية أن يسمعوا ويطيعوا» ورواية اللسان كرواية ابن الأثير ، لكن فيه : «أن تسمعوا وتطيعوا».

وجاء فى الصحاح : «يعنى الغيظ والبكاء ممّا يلزمكم من الصدقة. ويقال : أراد به الغدر والنكث».

٢٨٩

قال الزمخشرى : «وأوجه من (١) هذا أن يكون الإماق مصدر : أماق (٢) ، وهو أفعل من الموق ، بمعنى الحمق. والمراد إضمار الكفر ، والعمل على ترك الاستبصار فى دين الله تعالى».

(مأل) ـ فى حديث عمرو بن العاص «إنّى والله ما تأبّطتنى الإماء ، ولا حملتنى البغايا فى غبّرات المَآلِي» المَآلِي : جمع مِئْلَاة ـ بوزن سِعلاة ـ وهى هاهنا خرقة الحائض ، وهى خرقة النائحة أيضا. يقال : آلَت المرأة إيلاء ، إذا اتّخذت مِئْلَاة ، وميمها زائدة.

نفى عن نفسه الجمع بين سبّتين : أن يكون لزِنية ، وأن يكون محمولا فى بقيّة حيضة.

(مأم) ـ فى حديث ابن عباس «لا يزال أمر الناس مُؤامّا ، ما لم ينظروا فى القَدَر والولدان» أى لا يزال جاريا على القصد والاستقامة. والمُؤامّ : المُقَارِب ، مفاعل من الأَمّ ، وهو القصد ، أو من الأَمَم : القُرب. وأصله : مُؤامِم ، فأُدغِم.

ومنه حديث كعب «لا تزال الفتنة مُؤامّاً بها ما لم تبدأ من الشام» مؤامّ هاهنا : مُفاعَل بالفتح ، على المفعول ؛ لأن معناه : مقارَبا بها ، والباء للتّعدية.

ويروى «مؤمّا» بغير مدّ.

(مأن) [ه] فى حديث ابن مسعود «إنّ طول الصلاة وقصر الخطبة مَئِنّة من فقه الرجل» أى إنّ ذلك مما يعرف به فقه الرجل. وكل شىء دلّ على شىء فهو مئنة له ، كالمخلقة والمجدرة. وحقيقتها أنها مفعلة من معنى «إنّ» التى للتحقيق والتأكيد ، غير مشتقّة من لفظها ، لأن الحروف لا يشتق منها ، وإنما ضمّنت حروفها ، دلالة على أنّ معناها فيها. ولو قيل : إنها اشتقّت من لفظها بعد ما جعلت اسما لكان قولا.

ومن أغرب ما قيل فيها : أنّ الهمزة بدل من ظاء المظنّة ، والميم فى ذلك كله زائدة.

وقال أبو عبيد : معناه أنّ هذا مما يستدلّ به على فقه الرجل.

__________________

(١) فى الفائق ٢ / ٨ : «منه».

(٢) بعده فى الفائق : «على ترك التعويض. كقولهم : أريته إراء. وكقوله تعالى : (وَإِقامَ الصَّلاةِ)».

٢٩٠

قال الأزهرى : جعل أبو عبيد فيه الميم أصلية ، وهى ميم مفعلة (١).

(ماء) ـ فى حديث أبى هريرة «أمّكم هاجر يا بنى مَاءِ السماء» يريد العرب ، لأنهم كانوا يتّبعون قطر السماء ، فينزلون حيث كان ، وألف «الماء» منقلبة عن واو ، وإنما ذكرناه هاهنا لظاهر لفظه.

(باب الميم مع التاء)

(متت) ـ فى حديث عليّ «لا يَمُتَّان إلى الله بحبل ، ولا يمدّان إليه بسبب» المَتّ : التّوسّل والتوصّل بحرمة أو قرابة ، أو غير ذلك. تقول : مَتَ يَمُتُ مَتّاً ، فهو مَاتٌ. والاسم : مَاتَّةٌ ، وجمعها : مَوَاتّ ، بالتشديد فيهما.

(متح) ـ فى حديث جرير «لا يقام مَاتِحُهَا» المَاتِح : المستقى من البئر بالدّلو من أعلى البئر ، أراد أنّ ماءها جار على وجه الأرض فليس يقام بها مَاتِح ، لأن الماتح يحتاج إلى إقامته على الآبار ليستقى.

والمايح ، بالياء : الذى يكون فى أسفل البئر يملأ الدّلو. تقول : مَتَحَ الدّلو يَمْتَحُهَا مَتْحاً ، إذا جذبها مستقيا لها ، ومَاحَهَا يَمِيحُهَا : إذا ملأها.

(ه) ومنه حديث أبىّ «فلم أر الرجال مَتَحَتْ أعناقها إلى شىء مُتُوحها إليه» أى مدّت أعناقها نحوه.

وقوله «متوحها» مصدر غير جار على فعله ، أو يكون كالشّكور والكفور.

(ه) ومنه حديث ابن عباس «لا تقصر الصلاة إلّا فى يوم مَتَّاح» أى يوم يمتدّ سيره من أوّل النهار إلى آخره. ومَتَحَ النهار ، إذا طال وامتدّ.

(متخ) (س) فيه «أنه أتى بسكران ، فقال : اضربوه ، فضربوه بالثّياب والنّعال والمِتِّيخَة» وفى رواية «ومنهم من جلده بالمِتِّيخَة».

هذه اللفظة قد اختلف فى ضبطها. فقيل : هى بكسر الميم وتشديد التاء ،

__________________

(١) بعد هذا فى الهروى : «فإن كان كذلك فليس هو من هذا الباب».

٢٩١

وبفتح الميم مع التشديد ، وبكسر (١) الميم وسكون التاء قبل الياء ، وبكسر الميم وتقديم الياء الساكنة على التاء.

قال الأزهرى : وهذه كلها أسماء لجرائد النخل ، وأصل العرجون.

وقيل : هى اسم للعصا. وقيل : القضيب الدّقيق اللّيّن.

وقيل : كلّ ما ضرب به من جريد أو عصا أو درّة ، وغير ذلك.

وأصلها ـ فيما قيل ـ من مَتَخَ الله رقبته بالسّهم ، إذا ضربه.

وقيل : من تيّخه العذاب ، وطيّخه ، إذا ألحّ عليه ، فأبدلت التاء من الطاء.

ومنه الحديث «أنه خرج وفى يده متّيخة ، فى طرفها خوص ، معتمدا على ثابت ابن قيس».

(متع) ـ فيه «أنه نهى عن نكاح المُتْعَة» هو النّكاح إلى أجل معيّن ، وهو من التَّمَتُّع بالشىء : الانتفاع به. يقال : تَمَتَّعْتُ به أَتَمَتَّعُ تَمَتُّعاً. والاسم : المُتْعَة ، كأنه ينتفع بها إلى أمد معلوم. وقد كان مباحا فى أوّل الاسلام. ثم حرّم ، وهو الآن جائز عند الشّيعة.

وفيه ذكر «مُتْعَة الحج» التَمَتُّع بالحج له شرائط معروفة فى الفقه ، وهو أن يكون قد أحرم فى أشهر الحج بعمرة ، فإذا وصل إلى البيت وأراد أن يحلّ ويستعمل ما حرم عليه ، فسبيله أن يطوف ويسعى ويحلّ ، ويقيم حلالا إلى يوم الحج ، ثم يحرم من مكة بالحج إحراما جديدا ، ويقف بعرفة ثم يطوف ويسعى ويحلّ من الحج ، فيكون قد تَمَتَّعَ بالعمرة فى أيام الحج : أى انتفع ؛ لأنهم كانوا لا يرون العمرة فى أشهر الحج ، فأجازها الإسلام.

وفيه «أن عبد الرحمن طلّق امرأة (٢) فَمَتَّعَ بوليدة» أى أعطاها أمة ، وهى متعة الطلاق. ويستحبّ للمطلّق أن يعطى امرأته عند طلاقها شيئا يهبها إيّاه.

وفى حديث ابن الأكوع «قالوا : يا رسول الله ، لو لا مَتَّعْتَنَا به» أى هلّا تركتنا ننتفع به.

وقد تكرر ذكر «التّمتّع ، والمتعة ، والاستمتاع» فى الحديث.

__________________

(١) فى الأصل : «وكسر» والمثبت من ا ، واللسان.

(٢) فى الأصل : «امرأته» وأثبتّ ما فى ا ، واللسان ، ونسخة من النهاية بدار الكتب المصرية ، برقم ٥١٧ حديث.

٢٩٢

وفى حديث ابن عباس «أنه كان يفتى الناس حتى إذا مَتَعَ الضّحى وسئم» مَتَعَ النهار ، إذا طال وامتدّ وتعالى.

ومنه حديث مالك بن أوس «بينا أنا جالس فى أهلى حين مَتَعَ النهار إذا رسول عمر ، فانطلقت إليه».

(ه) ومنه حديث كعب والدّجّال «يسخّر معه جبل مَاتِع ، خلاطه ثريد» أى طويل شاهق.

(ه) وفيه «أنه حرّم (١) المدينة ورخّص فى مَتَاع الناضح» أراد أداة البعير التى تؤخذ من الشجر ، فسمّاها متاعا. والمَتَاع : كلّ ما ينتفع به من عروض الدنيا ، قليلها وكثيرها.

(متك) [ه] فى حديث عمرو بن العاص «أنه كان فى سفر ، فرفع عقيرته بالغناء ، فاجتمع الناس عليه ، فقرأ القرآن فتفرّقوا ، فقال : يا بنى المَتْكَاء ، إذا أخذت فى مزامير الشيطان اجتمعتم ، وإذا أخذت فى كتاب الله تفرّقتم» المَتْكَاء : هى التى لم تختن. وقيل : هى التى لا تحبس بولها.

وأصله من المَتْك ، وهو عرق بظر المرأة.

وقيل : أراد يا بنى البظراء.

وقيل : هى المفضاة.

(متن) ـ فى أسماء الله تعالى «الْمَتِينُ» هو القوىّ الشديد ، الذى لا يلحقه فى أفعاله مشقّة ، ولا كلفة ولا تعب. والمَتَانَة : الشدّة والقوّة ، فهو من حيث إنه بالغ القدرة تامّها قوىّ ، ومن حيث إنه شديد القوّة متين.

(س) وفيه «مَتَنَ بالناس يوم كذا» أى سار بهم يومه أجمع. ومَتَنَ فى الأرض ، إذا ذهب.

__________________

(١) فى الهروى : «حرم شجر المدينة».

٢٩٣

(باب الميم مع الثاء)

(مثث) (س) فى حديث عمر «أنّ رجلا أتاه يسأله ، قال : هلكت ، قال : أهلكت وأنت تَمُثُ مَثَ الحميت؟» أى ترشح من السّمن. ويروى بالنون.

وفى حديث أنس «كان له منديل يَمُثُ به الماء إذا توضأ» أى يمسح به أثر الماء وينشّفه.

(مثل) ـ فيه «أنه نهى عن المُثْلَة» يقال : مَثَلْتُ بالحيوان أَمْثُلُ به مَثْلاً ، إذا قطعت أطرافه وشوّهت به ، ومَثَلْتُ بالقتيل ، إذا جدعت أنفه ، أو أذنه ، أو مذاكيره ، أو شيئا من أطرافه. والاسم : المُثْلَة. فأمّا مَثَّلَ ، بالتشديد ، فهو للمبالغة.

ومنه الحديث «نهى أن يُمَثَّلَ بالدّوابّ» أى تنصب فترمى ، أو تقطع أطرافها وهى حيّة.

زاد فى رواية «وأن تؤكل المَمْثُول بها».

ومنه حديث سويد بن مقرّن «قال له ابنه معاوية : لطمت مولى لنا فدعاه أبى ودعانى ، ثم قال : امْثُلْ منه ـ وفى رواية ـ امْتَثِلْ ، فعفا» أى اقتصّ منه. يقال : أَمْثَلَ السلطان فلانا ، إذا أقاده. وتقول للحاكم : أَمْثِلْنِي ، أى أقدنى.

ومنه حديث عائشة تصف أباها «فحنت له قسيّها ، وامْتَثَلُوهُ غرضا» أى نصبوه هدفا لسهام ملامهم وأقوالهم. وهو افتعل ، من المثلة. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) ومنه الحديث «من مَثَلَ بالشّعر فليس له عند الله خلاق يوم القيامة» مُثْلَة الشّعر : حلقه من الخدود. وقيل : نتفه أو تغييره بالسّواد.

وروى عن طاوس أنه قال : جعله الله طهرة ، فجعله نكالا.

(ه) وفيه «من سرّه أن يَمْثُلَ له الناس قياما فليتبوّأ مقعده من النار» أى يقومون له قياما وهو جالس. يقال : مَثَلَ الرجل يَمْثُلُ مُثُولاً ، إذا انتصب قائما. وإنما نهى عنه لأنه من زىّ الأعاجم ، ولأن الباعث عليه الكبر وإذلال الناس.

٢٩٤

ومنه الحديث «فقام النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مُمْثِلاً» يروى بكسر الثاء وفتحها : أى منتصبا قائما. هكذا شرح. وفيه نظر من جهة التصريف.

وفى رواية «فمثل قائما».

وفيه «أشدّ الناس عذابا مُمَثِّلٌ من الممثّلين» أى مصوّر. يقال : مَثَّلْتُ ، بالتّثقيل والتخفيف ، إذا صوّرت مثالا. والتِّمْثَال : الاسم منه. وظل كل شىء : تِمْثَالُهُ. ومَثَّلَ الشىء بالشىء : سوّاه وشبّهه به ، وجعله مثله وعلى مثاله.

ومنه الحديث «رأيت الجنة والنار مُمَثَّلَتَيْنِ فى قبلة الجدار» أى مصوّرتين ، أو مثالهما.

ومنه الحديث «لا تُمَثِّلُوا بنامية الله» أى لا تشبّهوا بخلقه ، وتصوروا مثل تصويره.

وقيل : هو من المثلة.

(س [ه]) وفيه «أنه دخل على سعد وفى البيت مِثَالٌ رث» أى فراش خلق.

(س [ه]) ومنه حديث عليّ «فاشترى لكل واحد منهما (١) مثالين»

وقيل : أراد نمطين ، والنّمط : ما يفترش من مفارش الصوف الملوّنة.

(س) ومنه حديث عكرمة «أنّ رجلا من أهل الجنة كان مستلقيا على مُثُلِهِ» هى جمع مِثَال ، وهو الفراش.

وفى حديث المقدام «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ألا إنى أوتيت الكتاب ومِثْلَه معه» يحتمل وجهين من التأويل :

أحدهما : أنه أوتى من الوحى الباطن غير المتلوّ مثل ما أعطى من الظاهر المتلوّ.

والثانى : أنه أوتى الكتاب وحيا ، وأوتى من البيان مثله : أى أذن له أن يبيّن ما فى الكتاب ، فيعم ، ويخصّ ، ويزيد ، وينقص ، فيكون فى وجوب العمل به ولزوم قبوله ، كالظاهر المتلوّ من القرآن.

(س) وفى حديث المقداد «قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن قتلته كنت مثله قبل أن يقول كلمته» أى تكون من أهل النار إذا قتلته ، بعد أن أسلم وتلفّظ بالشهادة ، كما كان هو قبل التّلفّظ بالكلمة من أهل النار ، لا أنه يصير كافرا بقتله.

__________________

(١) فى الهروى. واللسان : «منهم» والقصة مبسوطة فى اللسان.

٢٩٥

وقيل : معناه : أنك مثله فى إباحة الدّم ، لأن الكافر قبل أن يسلم مباح الدّم ، فإن قتله أحد بعد أن أسلم كان مباح الدّم بحق القصاص.

(س) ومنه حديث صاحب النّسعة «إن قتلته كنت مثله» جاء فى رواية أبى هريرة «أن الرجل قال : والله ما أردت قتله» فمعناه أنه قد ثبت قتله إياه ، وأنه ظالم له ، فإن صدق هو فى قوله : إنه لم يرد قتله ، ثم قتلته قصاصا كنت ظالما مثله ، لأنه يكون قد قتله خطأ.

(ه) وفى حديث الزكاة «أمّا العباس ، فإنها عليه ومثلها معها» قيل : (١) إنه كان أخّر الصدقة عنه عامين ، فلذلك قال : «ومثلها معها».

وتأخير الصدقة جائز للإمام إذا كان بصاحبها حاجة إليها.

وفى رواية «قال : فإنها علىّ ومثلها معها» قيل : إنه كان استسلف منه صدقة عامين ، فلذلك قال : «علىّ».

وفى حديث السّرقة «فعليه غرامة مثليه» هذا على سبيل الوعيد والتّغليظ ، لا الوجوب ؛ لينتهى فاعله عنه ، وإلا فلا واجب على متلف الشىء أكثر من مثله.

وقيل : كان فى صدر الإسلام تقع العقوبات فى الأموال ، ثم نسخ.

وكذلك قوله فى ضالّة الإبل «غرامتها ومثلها معها» وأحاديث كثيرة نحوه ، سبيلها هذا السّبيل من الوعيد. وقد كان عمر يحكم به. وإليه ذهب أحمد ، وخالفه عامّة الفقهاء.

وفيه «أشدّ الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأَمْثَل فالأمثل» أى الأشرف فالأشرف ، والأعلى فالأعلى ، فى الرّتبة والمنزلة. يقال : هذا أَمْثَلُ من هذا : أى أفضل وأدنى إلى الخير. وأَمَاثِل الناس : خيارهم.

ومنه حديث التراويح «قال عمر : لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أَمْثَل» أى أولى وأصوب.

وفيه «أنه قال بعد وقعة بدر : لو كان أبو طالب حيّا لرأى سيوفنا قد بسأت بالمياثل» قال الزمخشرى : معناه : اعتادت واستأنست بالأماثل.

__________________

(١) القائل هو أبو عبيد ، كما فى الهروى.

٢٩٦

(مثن) (ه س) فى حديث عمّار «أنه صلّى فى تبّان ، وقال : إنّى مَمْثُون» هو الذى يشتكى مَثَانَتَه ، وهو العضو الذى يجتمع فيه البول داخل الجوف ، فإذا كان لا يمسك بوله فهو أَمْثَن.

(باب الميم مع الجيم)

(مجج) (ه) فيه «أنه أخذ حسوة من ماء فَمَجَّهَا فى بئر ، ففاضت بالماء الرّواء» أى صبّها. ومنه ، مَجَ لعابه ، إذا قذفه. وقيل (١) : لا يكون مَجّاً حتى يباعد به.

ومنه حديث عمر «قال فى المضمضة للصائم : لا يَمُجُّه ، ولكن يشربه ، فإنّ أوّله خيره» أراد المضمضة عند الإفطار : أى لا يلقيه من فيه فيذهب خلوفه.

ومنه حديث أنس «فَمَجَّهُ فى فيه».

وحديث محمود بن الربيع «عقلت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مَجَّةً مجّها فى بئر لنا».

(ه) وفيه «أنه كان يأكل القثّاء بالمُجَاج» أى بالعسل ؛ لأنّ الّحل تمجّه.

(س) ومنه الحديث «أنه رأى فى الكعبة صورة إبراهيم ، فقال : مروا المُجَّاج يُمَجْمِجُون عليه» المُجَّاج : جمع مَاجّ ، وهو الرجل الهرم الذى يمجّ ريقه ولا يستطيع حبسه. والمَجْمَجَة : تغيير الكتاب وإفساده عما كتب. ويقال : مَجْمَجَ فى خبره : أى لم يشف. ومَجْمَجَ بى : ردّنى (٢) من حال إلى حال.

وفى بعض الكتب : «مروا المَجَّاج» بفتح الميم : أى مروا الكاتب يسوّده. سمّى به لأن قلمه يمجّ المداد.

__________________

(١) القائل هو خالد بن جنبة. كما ذكر الهروى.

(٢) فى الأصل ، وا : «ردّدنى» والمثبت من نسخة من النهاية برقم ٥٩٠ حديث ، بدار الكتب المصرية. ومن القاموس أيضا. وجاء فى اللسان : «قال شجاع السّلمىّ : مجمج بى وبجبج ، إذا ذهب بك فى الكلام مذهبا على غير الاستقامة ، وردّك من حال إلى حلل».

٢٩٧

(ه) وفى حديث الحسن «الأذن مَجَّاجَة وللنفس (١) حمضة» أى لا تعى كلّ ما تسمع ، وللنّفس شهوة فى استماع العلم.

(ه) وفيه «لا تبع العنب حتى يظهر مَجَجُهُ» أى بلوغه. مَجَّجَ العنب يُمَجِّجُ ، إذا طاب وصار حلوا.

ومنه حديث الخدرى «لا يصلح السّلف فى العنب والزيتون وأشباه ذلك حتى يُمَجِّجَ».

ومنه حديث الدّجّال «يعقّل الكرم ثم يكحّب ثم يُمَجِّجُ».

(مجد) [ه] فى أسماء الله تعالى «الْمَجِيدُ ، والمَاجِد» المَجْد فى كلام العرب : الشّرف الواسع. ورجل مَاجِد : مفضال كثير الخير شريف. والمَجِيد : فعيل منه للمبالغة.

وقيل : هو الكريم الفعال.

وقيل : إذا قارن شرف الذات حسن الفعال سمّى مَجْداً. وفعيل أبلغ من فاعل ، فكأنّه يجمع معنى الجليل والوهّاب والكريم.

(س) وفى حديث عائشة «ناولينى المَجِيد» أى المصحف ، هو من قوله تعالى : «بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ».

ومنه حديث قراءة الفاتحة «مَجَّدَنِي عبدى» أى شرّفنى وعظّمنى.

(س) ومنه حديث عليّ «أمّا نحن بنو هاشم فأنجاد أَمْجَاد» أى أشراف (٢) كرام ، جمع مَجِيد ، أو مَاجِد ، كأشهاد فى شهيد أو (٣) شاهد. وقد تكرّرت هذه اللّفظة وما تصرّف منها فى الحديث.

(مجر) (ه) فيه «أنه نهى عن المَجْر» أى بيع المَجْر ، وهو ما فى البطون ، كنهيه عن الملاقيح.

__________________

(١) فى الهروى : «والنفس».

(٢) فى ا ، واللسان : «شراف» والمثبت فى الأصل.

(٣) فى الأصل : «وشاهد» والمثبت من ا ، واللسان.

٢٩٨

ويجوز أن يكون سمىّ (١) بيع المَجْر مَجْراً اتّساعا ومجازا ، وكان من بياعات الجاهلية. يقال : أَمْجَرْت إِمْجَاراً ، ومَاجَرْت مُمَاجَرَة. ولا يقال لما فى البطن مجر ، إلّا إذا أثقلت الحامل ، فالمَجْر : اسم للحمل الذى فى بطن الناقة. وحمل الذى فى بطنها : حبل الحبلة ، والثالث : الغميس.

قال القتيبى : هو المَجَر ، بفتح الجيم. وقد أخذ عليه ؛ لأنّ المَجَرَ داء فى الشاء ، وهو أن يعظم (٢) بطن الشاة الحامل فتهزل ، وربّما رمت بولدها. وقد مَجَرْت وأَمْجَرْت.

ومنه الحديث «كلّ مَجْرٍ حرام» قال الشاعر :

ألم تك مَجْراً (٣) لا تحلّ لمسلم

نهاه أمير المصر عنه وعامله

(ه) وفى (٤) حديث الخليل عليه‌السلام «فيلتفت إلى أبيه وقد مسخه الله ضبعانا أَمْجَرَ» الأَمْجَر : العظيم البطن المهزول الجسم.

(س) وفى حديث أبى هريرة «الحسنة بعشر أمثالها ، والصّوم لى وأنا أجزى به ، يذر طعامه وشرابه مجراى» أى من أجلى.

وأصله : من جرّاى ، فحذف النون وخفّف الكلمة. وكثيرا ما يرد هذا فى حديث أبى هريرة.

(مجس) (س) فيه «القدريّة مَجُوس هذه الأمّة» قيل : إنما جعلهم مجوسا ؛ لمضاهاة مذهبهم مذهب المَجُوس ، فى قولهم بالأصلين ، وهما النور والظّلمة ، يزعمون أنّ الخير من فعل النور ، والشرّ من فعل الظّلمة. وكذا القدريّة يضيفون الخير إلى الله ، والشرّ إلى الإنسان والشيطان. والله تعالى خالقهما معا. لا يكون شىء منهما إلّا بمشيئته ، فهما مضافان إليه ، خلقا وإيجادا ، وإلى الفاعلين لهما ، عملا واكتسابا.

(مجع) (ه) فى حديث ابن عبد العزيز «دخل على سليمان بن عبد الملك فمازحه بكلمة ،

__________________

(١) فى ا : «قد سمّى».

(٢) فى الأصل ، وا : «تعظم» والمثبت من الأساس ، واللسان.

قال فى (بطن): «البطن مذكّر. وحكى أبو عبيدة أن تأنيثه لغة».

(٣) فى الفائق ٣ / ٨ : «يك ... لا يحلّ».

(٤) فى الأصل : «ومنه» والمثبت من : ا ، واللسان.

٢٩٩

فقال : إيّاى وكلام المِجَعَة» هى جمع : مِجْع ، وهو الرجل الجاهل. وقيل : الأحمق ، كقرد وقردة. ورجل مِجْعٌ ، وامرأة مِجْعَةٌ.

قال الزمخشرى (١) : لو روى بالسكون لكان المراد : إيّاى وكلام المرأة الغزلة ، أو تكون التاء للمبالغة. يقال : مَجَعَ (٢) الرجل يَمْجُعُ مَجَاعَةً ، إذا تماجن ورفث فى القول.

ويروى «إيّاى وكلام المَجَاعَة» أى التصريح بالرّفث.

ومعنى إيّاى وكذا : أى نحّنى عنه وجنّبنى.

(س) وفى حديث بعضهم «دخلت على رجل وهو يَتَمَجَّعُ» التَّمَجُّع والمَجْعُ : أكل التّمر باللبن ، وهو أن يحسو حسوة من اللبن ، ويأكل على أثرها تمرة.

(مجل) (ه) فيه «أنّ جبريل نقر رأس رجل من المستهزئين ، فَتَمَجَّلَ رأسه قيحا ودما» أى امتلأ. يقال : مَجَلَتْ يده تَمْجُلُ مَجْلاً ، ومَجَلَتْ تَمْجَلُ مَجَلاً ، إذا ثخن جلدها وتعجّر ، وظهر فيها ما يشبه البثر ، من العمل بالأشياء الصّلبة الخشنة.

(ه) ومنه حديث فاطمة «أنها شكت إلى علىّ مَجْلَ يديها من الطّحن».

وحديث حذيفة «فيظلّ أثرها مثل أثر المَجْل».

(س) وفى حديث ابن واقد «كنّا نتماقل فى مَاجِل أو صهريج» المَاجِل : الماء الكثير المجتمع.

قاله ابن الأعرابى بكسر الجيم ، غير مهموز.

وقال الأزهرى : هو بالفتح والهمز.

وقيل : إن ميمه زائدة ، وهو من باب : أجل.

وقيل : هو معرّب.

والتّماقل : التّغاوص فى الماء.

وفى حديث سويد بن الصامت «معى مجلّة لقمان» أى كتاب فيه حكمة لقمان. والميم زائدة. وقد تقدّم فى حرف الجيم.

__________________

(١) انظر الفائق ٣ / ١٠.

(٢) ككرم ، ومنع. كما فى القاموس.

٣٠٠