النّهاية - ج ٤

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٨٤

وقيل : هو منصوب على القطع من اسم الله تعالى (١).

ومنه الحديث «يَوْمَ الْحَجِ الْأَكْبَرِ» قيل : هو يوم النّحر. وقيل : يوم عرفة ، وإنما سمّى الحجّ الأَكْبَر ؛ لأنهم كانوا يسمّون العمرة الحجّ الأصغر.

(ه) وفى حديث أبى هريرة «سجد أحد الأَكْبَريْن فى «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ» أراد أحد الشّيخين أبا بكر وعمر.

(س) وفيه «أنّ رجلا مات ولم يكن له وارث ، فقال : ادفعوا ماله إلى أكبَر خزاعة» أى كَبِيرِهم ، وهو أقربهم إلى الجدّ الأعلى.

(س) وفيه «الولاء للْكُبْر» أى أَكْبَر ذرّيّة الرجل ، مثل أن يموت الرجل عن ابنين فيرثان الولاء ، ثم يموت أحد الابنين عن أولاد ، فلا يرثون نصيب أبيهم من الولاء ، وإنما يكون لعمّهم ، وهو الابن الآخر.

يقال : فلان كُبْرُ قومه بالضّم ، إذا كان أقعدهم فى النّسب ، وهو أن ينتسب إلى جدّه الأكْبَر بآباء أقلّ عددا من باقى عشيرته.

(س) ومنه حديث العباس «أنه كان كُبْرَ قومه» لأنه لم يبق من بنى هاشم أقرب منه إليه فى حياته.

ومنه حديث القسامة «الكُبْرَ الكُبْرَ» أى ليبدأ الأَكْبَر بالكلام ، أو قدّموا الأَكْبَرَ ؛ إرشادا إلى الأدب فى تقديم الأسنّ.

ويروى «كَبِّرِ (٢) الكُبْرَ» أى قدّم الأكبر.

وفى حديث الدّفن «ويجعل الأَكْبَر ممّا يلى القبلة» أى الأفضل ، فإن استووا فالأسنّ. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفى حديث ابن الزّبير وهدمه الكعبة «فلما أبرز عن ربضه دعا بكُبْره فنظروا إليه»

__________________

(١) زاد الهروى : «وهو معرفة ، وكبيرا نكرة ، خرجت من معرفة».

(٢) فى الأصل : «كبّروا ... أى قدّموا» والمثبت من ا واللسان. ومن صحيح مسلم (باب القسامة ، من كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات.

١٤١

أى بمشايخه وكُبَرائه. والكُبْر هاهنا : جمع الأَكْبَر ، كأحمر وحمر.

وفى حديث مازن «بعث نبىّ من مضر يدعو بدين الله الكُبَرِ» الكُبَرُ : جمع الكُبْرَى.

ومنه قوله تعالى «إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ» وفى الكلام مضاف محذوف تقديره : بشرائع دين الله الكُبَر.

وفى حديث الأقرع والأبرص «ورثته كابِراً عن كابِر» أى ورثته عن آبائى وأجدادى ، كَبِيراً عن كبير ، فى العزّ والشّرف.

(ه) وفيه «لا تُكَابِروا الصلاة بمثلها من التّسبيح فى مقام واحد (١)» كأنه أراد لا تغالبوها : أى خفّفوا فى التّسبيح بعد التّسليم.

وقيل : لا يكن التّسبيح الذى فى الصلاة أكثر منها ، ولتكن الصلاة زائدة عليه.

وفيه ذكر «الكَبَائر» فى غير موضع من الحديث ، واحدتها : كبيرة ، وهى الفعلة القبيحة من الذنوب المنهىّ عنها شرعا ، العظيم أمرها ، كالقتل ، والزّنا ، والفرار من الزّحف ، وغير ذلك. وهى من الصّفات الغالبة.

[ه] وفى حديث الإفك «و [هو](٢)(الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ)» أى معظمه.

وقيل : الكِبْر : الإثم ، وهو من الكَبِيرة ، كالخطء من الخطيئة.

وفيه أيضا «أنّ حسّان كان ممّن كَبُر عليها».

ومنه حديث عذاب القبر «إنهما ليعذّبان وما يعذّبان فى كَبِير» أى ليس فى أمر كان يَكْبُر عليهما ويشقّ فعله لو أراده ، لا أنه فى نفسه غير كبير ، وكيف لا يكون كَبِيرا وهما يعذّبان فيه؟

(س) وفيه «لا يدخل الجنة من فى قلبه مثقال حبّة من خردل من كِبْر»

__________________

(١) رواية الهروى : «لا تكابروا الصلاة بمثلها من التسبيح بعد التسليم فى مقام واحد».

(٢) زيادة من ا ، واللسان. والذى فى الهروى : «وقوله تعالى : (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ)».

١٤٢

يعنى كبْر الكفر والشّرك ، كقوله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ».

ألا ترى أنه قابله فى نقيضه بالإيمان فقال : «ولا يدخل النار من فى قلبه مثل ذلك من الإيمان» أراد دخول تأبيد.

وقيل : أراد إذا أدخل الجنّة نزع ما فى قلبه من الكبْر ، كقوله تعالى : «وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ».

(س) ومنه الحديث «ولكن الكِبْر من بطر الحقّ» هذا على الحذف : أى ولكن ذو الكِبْر من بطر الحقّ ، أو ولكن الكِبْر كِبْرُ من بطر الحقّ ، كقوله تعالى : «وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى».

وفى حديث الدعاء «أعوذ بك من سوء الكِبْر» يروى بسكون الباء وفتحها ، فالسّكون من الأوّل ، والفتح بمعنى الهرم والخرف.

(ه) وفى حديث عبد الله بن زيد صاحب الأذان «أنه أخذ عودا فى منامه ليتّخذ منه كَبَراً» الكَبَر بفتحتين : الطّبل ذو الرّأسين. وقيل : الطّبل الذى له وجه واحد.

(س) ومنه حديث عطاء «سئل عن التّعويذ يعلّق على الحائض ، فقال : إن كان فى كَبَرٍ فلا بأس به» أى فى طبل صغير.

وفى رواية «إن كان فى قصبة».

(كبس) (ه) فى حديث عقيل «إن قريشا قالت لأبى طالب : إن ابن أخيك قد آذانا فانهه ، فقال : يا عقيل ائتنى بمحمّد ، قال : فانطلقت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاستخرجته (١) من كِبْسٍ» الكِبْسُ بالكسر : بيت صغير.

ويروى بالنّون ، من الكِناس ، وهو بيت الظّبى.

وفى حديث القيامة «فوجدوا رجالا قد أكلتهم النار إلّا صورة أحدهم يعرف بها ،

__________________

(١) فى الهروى : «واستخرجته».

١٤٣

فاكْتَبَسوا ، فألقوا على باب الجنة» أى أدخلوا رءوسهم فى ثيابهم. يقال : كَبَس الرجل رأسه فى ثوبه إذا أخفاه.

[ه] ومنه حديث مقتل حمزة رضى الله عنه «قال وحشى : فكمنت له إلى صخرة وهو مُكَبِّسٌ ، له كتيت» أى يقتحم الناس فَيُكَبِّسُهم.

وفيه «أنّ رجلا جاء بكَبَائِسَ من هذه النّخل» هى جمع كِبَاسَة ، وهو العذق التّام بشماريخه ورطبه.

ومنه حديث عليّ «كبائسُ اللؤلؤ الرطب».

(كبش) (ه) فى حديث أبى سفيان «لقد أمر أمر ابن أبى كَبْشَة (١)» كان المشركون ينسبون النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أبى كَبْشَة ، وهو رجل من خزاعة خالف قريشا فى عبادة الأوثان ، وعبد الشّعرى العبور ، فلمّا خالفهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى عبادة الأوثان شبّهوه به.

وقيل : إنه كان جدّ النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قبل أمّه (٢) ، فأرادوا أنه نزع فى الشّبه إليه.

(كبكب) (ه) فى حديث الإسراء «حتى مرّ موسى عليه‌السلام فى كُبْكُبَةٍ من بنى إسرائيل فأعجبنى» هى بالضّم والفتح : الجماعة المتضامّة من الناس وغيرهم.

ومنه الحديث «أنه نظر إلى كَبْكَبَةٍ قد أقبلت ، فقال : من هذه؟ فقالوا : بكر بن وائل».

(كبل) (س) فيه «ضحكت من قوم يؤتى بهم إلى الجنّة فى كَبْل الحديد» الكَبْل : قيد ضخم. وقد كَبَلْتُ الأسير وكَبَّلْته ، مخفّفا ومثقّلا ، فهو مَكْبول ومُكَبَّل.

ومنه حديث أبى مرثد «ففكّت عنه أَكْبُلُه» هى (٣) جمع قلّة لِلْكَبْل : القيد.

ومنه قصيد كعب بن زهير :

__________________

(١) رواية الهروى : «لقد عظم ملك ابن أبى كبشة».

(٢) الذى فى الهروى : «إنه كان جدّ جدّ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأمه».

(٣) فى الأصل : «وهى» والمثبت من ا ، واللسان.

١٤٤

* متيّم إثرها لم يفد مَكْبُول *

أى مقيّد.

[ه] وفى حديث عثمان «إذا وقعت السّهمان فلا مُكَابَلَة» أى إذا حدّت الحدود فلا يحبس أحد عن حقّه ، من الكَبْل : وهو القيد.

وهذا على مذهب من لا يرى الشّفعة إلا للخيط.

وقيل : المُكَابَلَة : أن تباع الدّار إلى جنب دارك وأنت تريدها ، فتؤخّرها حتى يستوجبها المشترى ، ثم تأخذها بالشّفعة ، وهى مكروهة.

وهذا عند من يرى شفعة الجوار.

وفى حديث آخر «لا مُكَابَلَةَ إذا حدّت الحدود ، ولا شفعة».

(س) وفى حديث ابن عبد العزيز «أنه كان يلبس الفرو والكَبَل» الكَبَل : فرو كبير.

(كبن) (ه) فيه «أنه مرّ بفلان وهو ساجد وقد كَبَنَ ضفيرتيه وشدّهما بنصاح (١)» أى ثناهما ولواهما.

وفى حديث المنافق «يَكْبِنُ فى هذه مرّة وفى هذه مرّة» أى يعدو.

ويقال : كَبَنَ يَكْبِنُ كُبُونا ، إذا عدا عدوا ليّنا.

(كبه) فى حديث حذيفة «قال له رجل : قد نعت لنا المسيح الدّجّال ، وهو رجل عريض الكَبْهَة» أراد الجبهة ، فأخرج الجيم بين مخرجها ومخرج الكاف ، وهى لغة قوم من العرب ، ذكرها سيبويه مع ستة أحرف أخرى ، وقال : إنها غير مستحسنة ولا كثيرة فى لغة من ترضى عربيّته.

(كبا) (ه) فيه «ما عرضت الإسلام على أحد إلّا كانت عنده له كَبْوَة (٢) ، غير

__________________

(١) فى ا : «ببضاح» والمثبت من الأصل ، واللسان ، والهروى. ولم يذكره المصنف فى (بضح) ولا فى (نصح). قال فى القاموس (نصح): «وككتاب : الخيط والسّلك».

(٢) رواية الهروى : «ما أحد عرضت عليه الإسلام إلا كانت له كبوة غير أبى بكر».

١٤٥

أبى بكر فإنه لم يتلعثم!» الكَبْوَة : الوقفة كوقفة العاثر ، أو الوقفة عند الشّىء يكرهه الإنسان.

[ه] ومنه «كَبا الزّند» إذا لم يخرج نارا.

ومنه حديث أم سلمة «قالت لعثمان : لا تقدح بزند كان رسول الله أَكْبَاها» أى عطّلها من القدح فلم يور بها.

[ه] وفى حديث العباس «قال : يا رسول الله ، إنّ قريشا جعلوا مثلك مثل نخلة فى كَبْوَة من الأرض» قال شمر : لم نسمع الكَبْوَة ، ولكنا سمعنا الكِبَا ، والكُبَة ، وهى الكناسة والتّراب الذى يكنس من البيت.

وقال غيره : الكُبَة : من الأسماء النّاقصة ، أصلها : كُبْوَة ، مثل قلة وثبة ، أصلهما : قلوة وثبوة. ويقال للرّبوة وكُبْوَة بالضم (١).

وقال الزمخشرى : الكِبَا : الكناسة ، وجمعه : أَكْبَاء. والكُبَة بوزن قلة وظبة ونحوهما (٢). وأصلها : كُبْوَة (٣) ، وعلى الأصل جاء الحديث ، إلّا أنّ المحدّث لم يضبط الكلمة فجعلها كَبْوة بالفتح ، فإن (٤) صحّت الرّواية [بها (٥)] فوجهه (٦) أن تطلق الكَبْوَة. [وهى المرّة الواحدة من الكسح ، على الكساحة والكناسة](٧).

ومنه الحديث «إنّ ناسا من الأنصار قالوا له : إنا نسمع من قومك : إنما مثل محمد كمثل نخلة تنبت (٨) فى كِباً» هى بالكسر والقصر : الكناسة ، وجمعها : أَكْباء.

(س) ومنه الحديث «قيل له : أين ندفن ابنك؟ قال : عند فرطنا عثمان بن مظعون ، وكان قبر عثمان عند كِبَا بنى عمرو بن عوف» أى كناستهم.

__________________

(١) زاد الهروى بعد هذا : «وقال أبو بكر : الكبا : جمع كبة ، وهى البعر. ويقال : هى المزبلة. ويقال فى جمع كبة ولغة : كبين ، ولغين».

(٢) بعد هذا فى الفائق ٢ / ٣٩٣ : «وقال أصحاب الفرّاء : الكبة : المزبلة ، وجمعها : كبون ، كقلون».

(٣) بعده فى الفائق : «من كبوت البيت ، إذا كنسته».

(٤) فى الفائق «وإن».

(٥) ليس فى الفائق.

(٦) فى الفائق : «فوجهها».

(٧) مكان هذا فى الفائق : «وهى الكسحة على الكساحة».

(٨) فى الأصل : «نبتت» والمثبت من ا ، واللسان ، والفائق ٢ / ٣٩٢.

١٤٦

(س) ومنه الحديث «لا تشبّهوا باليهود تجمع الأَكْبَاء فى دورها» أى الكناسات.

(س) وفى حديث أبى موسى «فشقّ عليه حتى كَبَا وجهه» أى ربا وانتفخ من الغيظ. يقال : كَبَا الفرس يَكْبُو إذا انتفخ وربا. وكَبَا الغبار إذا ارتفع.

(ه) ومنه حديث جرير «خلق الله الأرض السّفلى من الزّبد الجفاء والماء الكُباء» أى العالى العظيم. المعنى أنّه خلقها من زبد اجتمع للماء وتكاثف فى جنباته. وجعله الزمخشرى حديثا مرفوعا.

(باب الكاف مع التاء)

(كتب) (ه) فيه «لأقضينّ بينكما بكِتاب الله» أى بحكم الله الذى أنزله فى كِتابه ، أو كَتَبه على عباده. ولم يرد القرآن ، لأن النّفى والرّجم لا ذكر لهما فيه.

والكِتاب مصدر ، يقال : كَتَبَ يَكْتُب كِتَاباً وكِتَابَة. ثم سمّى به المَكْتُوب.

(س) ومنه حديث أنس بن النّصر «قال له : كِتَابُ الله القصاص» أى فرض الله على لسان نبيّه.

وقيل : هو إشارة إلى قول الله تعالى «وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ» وقوله «وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ».

(س) ومنه حديث بريرة «من اشترط شرطا ليس فى كِتاب الله» أى ليس فى حكمه ، ولا على موجب قضاء كِتابه ؛ لأن كِتاب الله أمر بطاعة الرّسول ، وأعلم أن سنّته بيان له. وقد جعل الرسول الولاء لمن أعتق ، لا أن الولاء مذكور فى القرآن نصّا.

(س) وفيه «من نظر فى كِتاب أخيه بغير إذنه فكأنما ينظر فى النار» هذا تمثيل : أى كما يحذر النار فليحذر هذا الصّنيع.

وقيل : معناه كأنما ينظر إلى ما يوجب عليه النّار.

ويحتمل أنه أراد عقوبة البصر ، لأن الجناية منه ، كما يعاقب السّمع إذا استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون.

١٤٧

وهذا الحديث محمول على الكِتاب الذى فيه سرّ وأمانة يكره صاحبه أن يطّلع عليه. وقيل : هو عامّ فى كلّ كِتاب.

وفيه «لا تَكْتُبوا عنّى غير القرآن» وجه الجمع بين هذا الحديث ، وبين إذنه فى كتابة الحديث عنه ، فإنّه قد ثبت إذنه فيها ، أن الإذن فى الكتابة ناسخ للمنع منها بالحديث الثّابت ، وبإجماع الأمّة على جوازها.

وقيل : إنّما نهى أن يُكْتَب الحديث مع القرآن فى صحيفة واحدة ، والأوّل الوجه.

وفيه «قال له رجل : إن امرأتى خرجت حاجّة وإنى اكْتُتِبْت فى غزوة كذا وكذا» أى كُتِبَ (١) اسمى فى جملة الغزاة.

(ه) وفى حديث ابن عمر ، وقيل ابن عمرو «من اكْتَتَبَ (٢) ضمنا بعثه الله ضمنا يوم القيامة» أى من كَتَبَ اسمه فى ديوان الزّمنى ولم يكن زمنا.

(س) وفى كتابه إلى اليمن «قد بعثت إليكم كاتبا من أصحابى» أراد عالما ، سمّى به لأن الغالب على من كان يعرف الكتابة [أن يكون (٣)] عنده علم ومعرفة. وكان الكاتِب عندهم عزيزا ، وفيهم قليلا.

وفى حديث بريرة «أنها جاءت تستعين بعائشة فى كِتَابَتِهَا» الكتابة : أن يُكَاتِبَ الرّجل عبده على مال يؤدّيه إليه منجّما ، فإذا أدّاه صار حرّا. وسمّيت كِتابة لمصدر كَتَب ، كأنه يَكْتُب على نفسه لمولاه ثمنه ، ويَكْتب مولاه له عليه العتق. وقد كَاتَبَه مُكَاتَبَة. والعبد مُكاتَب.

وإنما خصّ العبد بالمفعول لأن أصل المُكاتبة من المولى ، وهو الذى يُكَاتِب عبده. وقد تكرّر ذكرها فى الحديث.

وفى حديث السّقيفة «نحن أنصار الله وكَتِيبةُ الإسلام» الكَتِيبَة : القطعة العظيمة من الجيش ، والجمع : الكتائب. وقد تكررت فى الحديث مفردة ومجموعة.

__________________

(١) فى اللسان : «كتبت».

(٢) ضبط فى الأصل : «اكتتب». والضبط المثبت من ا ، والهروى. ومما سبق فى (ضمن).

(٣) تكملة من ا. وفى اللسان : «أن عنده العلم والمعرفة».

١٤٨

(س) وفى حديث المغيرة «وقد تَكتَّب يزفّ فى قومه» أى تحزّم وجمع عليه ثيابه ، من كَتَبْتُ السّقاء إذا خرزته.

(س) وفى حديث الزّهرىّ «الكُتَيْبَة أكثرها عنوة ، وفيها صلح» الكُتَيْبَة مصغّرة : اسم لبعض قرى خيبر. يعنى أنه فتحها قهرا ، لا عن صلح.

(كتت) (س) فى حديث أبى قتادة «فَتَكاتَ الناس على الميضأة ، فقال : أحسنوا الملء ، فكلّكم سيروى» التَّكَاتُ : التّزاحم مع صوت ، وهو من الكَتِيت : الهدير والغطيط.

هكذا رواه الزمخشرى وشرحه. والمحفوظ «تَكَابَ» بالباء الموحدة. وقد تقدم.

(س) ومنه حديث وحشىّ ومقتل حمزة رضى الله عنه «وهو مكبّس ، له كَتِيتٌ» أى هدير وغطيط. وقد كَتَ الفحل إذا هدر ، والقدر إذا غلت.

وفى حديث حنين «قد جاء جيش لا يُكَتُ ولا ينكفّ» أى لا يحصى ولا يبلغ آخره. والكَتُ : الإحصاء.

وفيه ذكر «كُتَاتة» وهى بضم الكاف وتخفيف التّاء الأولى : ناحية من أعراض المدينة لآل جعفر بن أبى طالب.

(كتد) [ه] (س) فى صفته عليه الصلاة والسلام «جليل المشاش والكَتَدِ» الكَتَدُ بفتح التّاء وكسرها : مجتمع الكتفين ، وهو الكاهل.

ومنه حديث حذيفة فى صفة الدجال «مشرف الكَتَدِ».

ومنه الحديث «كنّا يوم الخندق ننقل التّراب على أَكْتَادِنَا» جمع الكَتَد.

(كتع) (س) فيه «لتدخلون الجنة أجمعون أَكْتَعُون ، إلّا من شرد على الله» أَكْتَعُون : تأكيد أجمعون ، ولا يستعمل مفردا عنه ، وواحده : أَكْتَع ، وهو من قولهم : جبل كَتِيع : أى تامّ.

ومنه حديث ابن الزبير وبناء الكعبة «فأقضّه أجمع أَكْتَعَ».

(كتف) (س) فيه «الذى يصلّى وقد عقص شعره كالذى يصلّى وهو مَكْتُوف»

١٤٩

المَكْتُوف : الذى شدّت يداه من خلفه ، فشبّه به الذى يعقد شعره من خلفه.

(س) وفيه «ائتونى بكَتِفٍ ودواة أكتب لكم كتابا» الكَتِف : عظم عريض يكون فى أصل كَتِف الحيوان من النّاس والدّوابّ ، كانوا يكتبون فيه لقلّة القراطيس عندهم.

وفى حديث أبى هريرة «ما لى أراكم عنها معرضين! والله لأرمينّها بين أَكْتَافِكم» يروى بالتاء والنّون.

فمعنى التّاء أنّها إذا كانت على ظهورهم وبين أكتافِهم لا يقدرون أن يعرضوا عنها ؛ لأنّهم حاملوها ، فهى معهم لا تفارقهم.

ومعنى النّون أنّها يرميها فى أفنيتهم ونواحيهم ، فكلّما مرّوا فيها رأوها فلا يقدرون أن ينسوها.

(كتل) (س) فى حديث الظّهار «أنه أتى بمِكْتَلٍ من تمر» المِكْتَل بكسر الميم : الزّبيل الكبير. قيل : إنّه يسع خمسة عشر صاعا ، كأنّ فيه كُتَلاً من التّمر : أى قطعا مجتمعة. وقد تكرر فى الحديث ، ويجمع على مَكَاتِل.

ومنه حديث خيبر «فخرجوا بمساحيهم ومَكَاتِلهم».

وفى حديث ابن الصّبغاء «وارم على أقفائهم بِمِكْتَل» المِكْتَل هاهنا : من الأَكْتَل ، وهى شديدة من شدائد الدّهر. والكَتَال : سوء العيش وضيق المؤنة ، والثّقل.

ويروى «بمنكل» من النّكال : العقوبة.

(كتم) (ه) فى حديث فاطمة بنت المنذر «كنّا نمتشط مع أسماء قبل الإحرام ، وندّهن بالمَكْتُومَة» هى دهن من أدهان العرب أحمر ، يجعل فيه الزّعفران. وقيل : يجعل فيه الكَتَمُ ، وهو نبت يخلط مع الوسمة ، ويصبغ به الشعر أسود ، وقيل : هو الوسمة.

(س) ومنه الحديث «أن أبا بكر كان يصبغ بالحنّاء والكَتَم» وقد تكرر فى الحديث.

ويشبه أن يراد به استعمال الكَتَم مفردا عن الحنّاء ، فإن الحنّاء إذا خضب به مع الكَتَم جاء أسود.

١٥٠

وقد صحّ النّهى عن السّواد ، ولعلّ الحديث بالحنّاء أو الكَتَم على التّخيير ، ولكن الرّوايات على اختلافها ، بالحنّاء والكَتَم.

وقال أبو عبيد : الكتَّمُ مشدّدة التّاء. والمشهور التّخفيف.

(س) وفى حديث زمزم «إنّ عبد المطلب رأى فى المنام ، قيل : احفر تُكْتَمَ بين الفرث والدّم» تُكْتَم : اسم بئر زمزم ، سمّيت به ؛ لأنّها كانت قد اندفنت بعد جرهم وصارت مَكْتُومة ، حتى أظهرها عبد المطلب.

وفيه «أنه كان اسم قوس النبىّ عليه الصلاة والسلام الكَتُوم» سمّيت به لانحفاض صوتها إذا رمى بها (١).

(كتن) (ه) فى حديث الحجاج «أنه قال لامرأة : إنّك لكَتُونٌ لفوت لقوف» الكَتُون : اللّزوق ، من كَتِنَ الوسخ عليه إذا لزق به. والكَتْنُ : لطخ الدّخان بالحائط : أى أنّها لزوق بمن يمسّها ، أو أنّها دنسة العرض.

وفيه ذكر «كُتَانَة» هو بضم الكاف وتخفيف التّاء : ناحية من أعراض المدينة لآل جعفر بن أبى طالب.

(باب الكاف مع الثاء)

(كثب) (ه) فى حديث بدر «إن أَكْثَبَكم القوم فانبلوهم» وفى رواية «إذا أَكْثَبُوكُم (٢) فارموهم بالنّبل» يقال : كَثَب وأَكْثَب إذا قارب. والكَثَبُ : القرب.

والهمزة فى «أَكْثَبَكم» لتعدية كَثَبَ ، فلذلك عدّاها إلى ضميرهم.

[ه] ومنه حديث عائشة تصف أباها «وظنّ رجال أن قد أَكْثَبَت أطماعهم» أى قربت.

(ه) وفيه «يعمد أحدكم إلى المغيبة فيخدعها بالكُثْبَة» أى بالقليل من اللّبن. والكُثْبَة : كلّ قليل جمعته من طعام أو لبن أو غير ذلك. والجمع : كُثَب.

__________________

(١) فى الأصل : «عنها» والمثبت من ا ، واللسان.

(٢) فى الهروى : «إذا كثبوكم».

١٥١

ومنه حديث أبى هريرة «كنت فى الصّفّة فبعث النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بتمر عجوة فكُثِبَ بيننا ، وقيل : كلوه ولا توزّعوه» أى ترك بين أيدينا مجموعا.

ومنه الحديث «جئت عليّا وبين يديه قرنفل مَكْثُوب» أى مجموع.

وفيه «لاثة على كُثُب المسك».

(س) وفى حديث آخر «على كُثْبَان المسك» هما جمع كَثِيب. والكَثِيب : الرّمل المستطيل المحدودب. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفيه «يضعون رماحهم على كَوَاثِب خيولهم» الكواثِب : جمع كاثِبَة ، وهى من الفرس مجتمع كتفيه قدّام السّرج.

(كثث) [ه] فى صفته عليه الصلاة والسلام «كَثُ اللّحية» الكثاثَة فى اللّحية : أن تكون غير رقيفة (١) ولا طويلة ، و [لكن (٢)] فيها كثافة. يقال : رجل كَثُ اللّحية ، بالفتح ، وقوم كُثٌ ، بالضّم.

(ه) وفيه «أنّه مرّ بعبد الله بن أبىّ ، فقال : يذهب محمّد إلى من أخرجه من بلاده ، فأمّا من لم يخرجه وكان قدومه كَثَ منخره فلا يغشاه» أى كان قدومه على رغم أنفه ، يعنى نفسه. وكأنّ أصله من الكِثْكِث : التّراب.

(كثر) (ه) فيه «لا قطع فى ثمر ولا كَثَرٍ» الكثر بفتحتين : جمّار النّخل ، وهو شحمه الذى وسط النّخلة.

(ه) وفى حديث قيس بن عاصم «نعم المال أربعون ، والكُثْرُ ستّون» الكُثْر بالضّم : الكَثِير ، كالقلّ ، فى القليل.

وفيه «إنكم لمع خليقتين ما كانتا مع شىء إلّا كَثَرَتاه» أى غلبتاه بالكَثرة وكانتا أَكْثَر منه. يقال : كاثَرْتُه فكَثَرْتُه إذا غلبته وكنت أَكْثَرَ منه.

(ه) ومنه حديث مقتل الحسين رضى الله عنه «ما رأينا مَكْثُوراً أجرأ مقدما منه»

__________________

(١) فى الأصل ، وا واللسان : «دقيقة» والمثبت من الهروى. وانظر المصباح (كثث).

(٢) زيادة من الهروى.

١٥٢

المَكْثُور : المغلوب ، وهو الذى تَكاثَر عليه الناس فقهروه : أى ما رأينا مقهورا أجرأ إقداما منه.

وفى حديث الإفك «ولها ضرائر إلّا كَثَّرْنَ فيها» أى كَثَّرن القول فيها ، والعيب لها.

وفيه أيضا «وكان حسّان ممّن كَثَّر عليها» ويروى بالباء الموحّدة ، وقد تقدم.

وفى حديث قزعة «أتيت أبا سعيد وهو مَكْثُور عليه» يقال : رجل مَكْثُور عليه ، إذا كَثرت عليه الحقوق والمطالبات ، أراد أنه كان عنده جمع من الناس يسألونه عن أشياء ، فكأنّهم كان لهم عليه حقوق فهم يطلبونها.

(كثف) ـ فى صفة النار «لسرادق النّار أربع جدر كُثُف» الكُثُف : جمع كَثِيف ، وهو الثّخين الغليظ.

ومنه حديث عائشة «شققن أَكْثَفَ مروطهنّ فاختمرن به» والرّواية فيه بالنّون. وسيجىء.

[ه] وفى حديث ابن عباس «أنه انتهى إلى عليّ يوم صفّين وهو فى كَثْف» أى حشد وجماعة.

(س ه) وفى حديث طليحة «فاسْتَكْثَفَ أمره» أى ارتفع وعلا.

(كثكث) ـ فى حديث حنين «قال أبو سفيان عند الجولة التى كانت من المسلمين : غلبت والله هوازن ، فقال له صفوان بن أميّة : بفيك الكَثْكَث» الكِثْكِثُ بالكسر والفتح : دقاق الحصى والتّراب.

ومنه الحديث الآخر «وللعاهر الكِثْكِثُ» قال الخطابى : قد مرّ بمسامعى ، ولم يثبت عندى.

١٥٣

(باب الكاف مع الجيم)

(كجج) (ه) فى حديث ابن عباس «فى كلّ شىء قمار حتى فى لعب الصّبيان بالكُجَّة» الكُجَّة بالضّم والتشديد : لعبة. وهو أن يأخذ الصّبىّ خرقة فيجعلها كأنها كرة ، ثم يتقامرون بها ، وكَجَ الصّبىّ ، إذا لعب بالكُجَّةِ.

(باب الكاف مع الحاء)

(كحب) [ه] فى ذكر الدجّال «ثم يأتى الخصب فيعقّل الكرم ، ثم يُكَحِّب (١)» أى يخرج عناقيد الحصرم ، ثم يطيب طعمه.

(كحل) (ه) فى صفته عليه الصلاة والسلام «فى عينيه كَحَلٌ» الكَحَل بفتحتين : سواد فى أجفان العين خلقة ، والرجل أَكْحَلُ وكَحِيلٌ.

ومنه حديث الملاعنة «إن جاءت به أدعج أَكْحَلَ العين».

وفى حديث أهل الجنة «جرد مرد كَحْلَى» جمع كَحِيل ، مثل قتيل وقتلى.

وفيه «أنّ سعدا رمى فى أَكْحَلِه» الأَكْحَلُ : عرق فى وسط الذّراع يكثر فصده.

(باب الكاف مع الخاء)

(كخ) (ه) فيه «أكل الحسن أو الحسين تمرة من تمر الصّدقة ، فقال له النبى عليه الصلاة والسلام : كَخْ كَخْ» هو زجر للصّبى وردع. ويقال عند التّقذّر أيضا ، فكأنّه أمره بإلقائها من فيه ، وتكسر الكاف وتفتح ، وتسكّن الخاء وتكسر ، بتنوين وغير تنوين. قيل : هى أعجمية عرّبت.

__________________

(١) رواية الهروى : «فتعقّل الكروم ثم تكحّب». قال أبو عمرو : أى تخرج القطوف ، وهى العناقيد».

١٥٤

(باب الكاف مع الدال)

(كدح) ـ فيه «المسائل كُدُوحٌ يَكْدَح بها الرجل وجهه».

وفى حديث آخر «جاءت مسألته كُدُوحاً فى وجهه» الكُدُوح : الخدوش. وكلّ أثر من خدش أو عضّ فهو كَدْح. ويجوز أن يكون مصدرا سمّى به الأثر. والكَدْح فى غير هذا : السّعى والحرص والعمل.

(كدد) (س) فيه «المسائل كَدٌّ ، يَكُدُّ بها الرّجل وجهه» الكَدُّ : الإتعاب ، يقال : كَدَّ يَكُدُّ فى عمله كَدّاً ، إذا استعجل وتعب. وأراد بالوجه ماءه ورونقه.

ومنه حديث جليبيب «ولا تجعل عيشهما كَدّاً».

ومنه الحديث «ليس من كَدِّكَ ولا كَدِّ أبيك» أى ليس حاصلا بسعيك وتعبك.

(س) وفى حديث خالد بن عبد العزّى «فحص الكُدَّةَ بيده فانبجس الماء» هى الأرض الغليظة ؛ لأنّها تَكُدُّ الماشى فيها : أى تتعبه.

(س) وفى حديث عائشة «كنت أَكُدُّهُ من ثوب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» تعنى المنىّ. الكَدُّ : الحك.

(س) وفى حديث إسلام عمر «فأخرجنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى صفّين له كَدِيدٌ ككَدِيد الطّحين» الكَدِيد : التّراب النّاعم ، فإذا وطىء ثار غباره ، أراد أنهم كانوا فى جماعة ، وأن الغبار كان يثور من مشيهم.

و «كَدِيد» فعيل بمعنى مفعول. والطّحين : المطحون المدقوق.

(كدس) (س) فى حديث الصّراط «ومنهم مَكْدُوسٌ فى النّار» أى مدفوع. وتَكَدَّس الإنسان إذا دفع من ورائه فسقط. ويروى بالشين المعجمة ، من الكدش. وهو السّوق الشديد. والكدش : الطّرد والجرح أيضا.

ومنه الحديث «كان لا يؤتى بأحد إلا كَدَسَ به الأرض» أى صرعه وألصقه بها.

١٥٥

(س) وفى حديث قتادة «كان (أَصْحابُ الْأَيْكَةِ) أصحاب شجر مُتَكادِس» أى ملتفّ مجتمع. من تَكَدَّسَت الخيل ، إذا ازدحمت وركب بعضها بعضا. والكَدْس : الجمع.

ومنه «كُدْسُ الطّعام».

[ه] وفيه «إذا بصق أحدكم فى الصلاة فليبصق عن يساره أو تحت رجليه (١) ، فإن غلبته كَدْسَةٌ أو سعلة ففى ثوبه» الكَدْسَة : العطسة. وقد كَدَس : إذا عطس.

(كدم) (ه) فى حديث العرنيّين «فلقد رأيتهم (٢) يَكْدُمُون الأرض بأفواههم» أى يقبضون عليها ويعضّونها.

(كدن) (س) فى حديث سالم «أنه دخل على هشام فقال له : إنك لحسن الكِدْنَةِ ، فلمّا خرج أخذته قفقفة ، فقال لصاحبه : أترى الأحول لقعنى بعينه» الكِدْنَة بالكسر ـ وقد يضمّ ـ غلظ الجسم وكثرة اللّحم.

(كدا) (ه) فى حديث الخندق «فعرضت فيه كُدْيةٌ فأخذ المسحاة ثم سمّى وضرب» الكُدْيَة : قطعة غليظة صلبة لا تعمل فيها الفأس. وأَكْدَى الحافر : إذا بلغها.

(ه) ومنه حديث عائشة تصف أباها «سبق إذ ونيتم ونجح إذ أَكْدَيْتُم» أى ظفر إذ خبتم ولم تظفروا. وأصله من حافر البئر ينتهى إلى كُدْية فلا يمكنه الحفر فيتركه.

(ه س) وفيه «أنّ فاطمة رضى الله عنها خرجت فى تعزية بعض جيرانها ، فلمّا انصرفت قال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لعلّك بلغت معهم الكُدَى» أراد المقابر ، وذلك لأنها كانت مقابرهم فى مواضع صلبة ، وهى جمع كُدْيَة. ويروى بالراء (٣) ، وسيجىء.

(س) وفيه «أنه دخل مكة عام الفتح من كَدَاء ، ودخل فى العمرة من كُدًى» وقد روى بالشّك فى الدخول والخروج ، على اختلاف الروايات وتكرارها.

وكَداء بالفتح والمدّ : الثّنيّة العليا بمكة ممّا يلى المقابر وهو المعلا.

وكُدَى ـ بالضم والقصر ـ الثّنيّة السّفلى مما يلى باب العمرة.

__________________

(١) فى الهروى : «على يساره ، أو تحت رجله».

(٢) القائل هو أنس ، كما فى الهروى.

(٣) فى الهروى : «قلت للأزهرى : رواه بعضهم «الكرا» بالراء. فأنكره».

١٥٦

وأمّا كُدَيٌ بالضم وتشديد الياء ، فهو موضع بأسفل مكة.

وقد تكرر ذكر الأوليين فى الحديث.

(باب الكاف مع الذال)

(كذب) (ه) فيه «الحجامة على الرّيق فيها شفاء وبركة ، فمن احتجم فيوم الأحد والخميس كَذَباك ، أو يوم الاثنين والثّلاثاء» [معنى](١) كَذَباك أى عليك بهما. يعنى اليومين المذكورين.

قال الزمخشرى : «هذه كلمة جرت مجرى المثل فى كلامهم ، ولذلك لم تتصرّف ولزمت طريقة واحدة ، فى كونها فعلا ماضيا معلّقا بالمخاطب [وحده](٢) وهى فى معنى الأمر ، كقولهم فى الدعاء : رحمك الله : [أى ليرحمك الله](٣) والمراد بالكَذب التّرغيب والبعث ، من قول العرب : كَذَبْته نفسه إذا منّته الأمانىّ ، وخيّلت إليه من الآمال ما لا يكاد يكون. وذلك ممّا (٤) يرغّب الرجل فى الأمور ، ويبعثه على التّعرّض لها. ويقولون فى عكسه (٥) : صدقته نفسه ، [إذا ثبّطته](٦) وخيّلت إليه العجز (٧) والكدّ (٨) فى الطّلب. ومن ثمّ (٩) قالوا للنّفس : الكَذُوب».

فمعنى قوله (١٠) «كَذَبَاك» : أى ليَكْذِباك ولينشّطاك ويبعثاك على الفعل.

وقد أطنب فيه الزمخشرىّ وأطال. وكان هذا خلاصة قوله.

وقال ابن السّكّيت : كأنّ «كَذَب» هاهنا إغراء : أى عليك بهذا الأمر (١١) ، وهى كلمة نادرة جاءت على غير القياس.

وقال الجوهرى : «كَذَب قد يكون بمعنى وجب».

وقال الفراء : كَذَب عليك ، أى وجب عليك.

__________________

(١) زيادة من ا ، واللسان.

(٢) مكان هذا فى الفائق ٢ / ٤٠٢ «ليس إلّا».

(٣) ليس فى الفائق.

(٤) فى الفائق «ما».

(٥) فى الفائق : «فى عكس ذلك».

(٦) تكملة من الفائق.

(٧) فى الفائق : «المعجزة».

(٨) فى الفائق : «والنّكد». وكأنه أشبه.

(٩) فى الفائق : «ومن ثمّت».

(١٠) انظر الفائق ، لترى تصرف ابن الأثير فى النقل عن الزمخشرى.

(١١) فى الصحاح : «أى عليكم به».

١٥٧

[ه] ومنه حديث عمر «كَذَب عليكم الحجّ ، كَذَب عليكم العمرة ، كَذَب عليكم الجهاد ، ثلاثة أسفار كَذَبْنَ عليكم» معناه الإغراء : أى عليكم بهذه الأشياء الثلاثة.

وكان وجهه النّصب على الإغراء ، ولكنه جاء شاذّا مرفوعا.

وقيل : معناه : إن قيل : لا حجّ عليكم ، فهو كَذِب.

وقيل : معناه : وجب عليكم الحجّ.

وقيل : معناه الحثّ والحضّ. يقول : إن الحجّ ظنّ بكم حرصا عليه ورغبة فيه ، فكَذَب ظنّه.

وقال الزمخشرىّ : معنى «كَذَبَ عليكم الحجّ» على كلامين (١) ، كأنه قال : كَذَب الحجّ ، عليك الحج : أى ليرغّبك الحجّ ، هو واجب عليك ، فأضمر الأوّل لدلالة الثانى عليه. ومن نصب الحج فقد جعل «عليك» اسم فعل ، وفى كذب ضمير الحجّ.

وقال الأخفش : الحج مرفوع بكذب ، ومعناه نصب ، لأنه يريد أن يأمره بالحج ، كما يقال : أمكنك الصّيد ، يريد ارمه.

(ه) ومنه حديث عمر «شكا إليه عمرو بن معديكرب أو غيره النّقرس ، فقال : كَذَبَتْك الظّهائر» أى عليك بالمشى فيها.

والظّهائر : جمع ظهيرة ، وهى شدّة الحرّ.

وفى رواية «كَذَب عليك الظّواهر» ، جمع ظاهرة ، وهى ما ظهر من الأرض وارتفع.

ومنه حديثه الآخر «إنّ عمرو بن معديكرب شكا إليه المعص [فقال](٢) كذب عليك العسل» يريد العسلان ، وهو مشى الذّئب : أى عليك بسرعة المشى.

والمعص بالعين المهملة : التواء فى عصب الرّجل.

__________________

(١) الذى فى الفائق : «وأما كذب عليك الحج. فله وجهان : أحدهما : أن يضمّن معنى فعل يتعدى بحرف الاستعلاء ، أو يكون على كلامين ...» الخ ما نقل ابن الأثير عنه.

(٢) تكملة من ا ، واللسان ، والفائق ٢ / ٤٠٠.

١٥٨

(ه) ومنه حديث عليّ «كَذَبَتْكَ الحارقة» أى عليك بمثلها. والحارقة : المرأة التى تغلبها شهوتها. وقيل : الضّيّقة الفرج.

(س) وفى الحديث «صدق الله وكَذَب بطن أخيك» استعمل الكذب هاهنا مجازا حيث هو ضدّ الصّدق. والكذب مختصّ بالأقوال ، فجعل بطن أخيه حيث لم ينجع فيه العسل كَذِباً ، لأنّ الله قال : «فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ».

(س) ومنه حديث صلاة الوتر «كذب أبو محمّد» أى أخطأ. سمّاه كَذِبا ، لأنه يشبهه فى كونه ضدّ الصّواب ، كما أن الكَذِب ضد الصّدق وإن افترقا من حيث النّيّة والقصد ؛ لأنّ الكاذِب يعلم أنّ ما يقوله كَذِب ، والمخطىء لا يعلم. وهذا الرجل ليس بمخبر ، وإنما قاله باجتهاد أدّاه إلى أن الوتر واجب ، والاجتهاد لا يدخله الكذب وإنّما يدخله الخطأ.

وأبو محمد صحابى. واسمه مسعود بن زيد.

وقد استعملت العرب الكَذب فى موضع الخطأ ، قال الأخطل :

كَذَبَتْك عينك أم رأيت بواسط

غلس (١) الظّلام من الرّباب خيالا

وقال ذو الرّمّة (٢) :

* ما فى سمعه كَذِب *

ومنه حديث عروة «قيل له : إنّ ابن عبّاس يقول : إنّ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لبث بمكة بضع عشرة سنة. فقال : كَذَبَ» أى أخطأ.

ومنه «قول عمر لسمرة حين قال : المغمى عليه يصلّى مع كلّ صلاة صلاة حتى يقضيها ، فقال : كَذَبْت ، ولكنّه يصلّيهنّ معا» أى أخطأت. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفى حديث الزبير «قال يوم اليرموك : إن شددت (٣) عليهم فلا تُكَذِّبوا» أى

__________________

(١) فى الأصل ، ا : «ملس» والتصحيح من ديوانه ٤١ ، ومن اللسان أيضا.

(٢) ديوانه ٢١. والبيت بتمامه :

وقد توجس ركزاً مقفر ندس

بنبأه لصوت م في سمعه كذب

(٣) فى الهروى : «إن شددتم».

١٥٩

فلا تجبنوا وتولّوا. يقال للرجل إذا حمل ثم ولّى : كَذَّب عن قرنه ، وحمل فما كَذَّب : أى ما انصرف عن القتال. والتَّكْذيب فى القتال : ضدّ الصّدق فيه. يقال : صدق القتال إذا بذل فيه الجدّ ، وكَذَّب عنه إذا جبن.

(س) وفيه «لا يصلح الكَذِب إلّا فى ثلاث» قيل : أراد به معاريض الكلام الذى هو كَذِبٌ من حيث يظنّه السّامع ، وصدق من حيث يقوله القائل.

كقوله «إنّ فى المعاريض لمندوحة عن الكَذِب».

وكالحديث الآخر «أنّه كان إذا أراد سفرا ورّى بغيره».

(س) وفى حديث المسعودى «رأيت فى بيت القاسم كَذَّابَتَيْن فى السّقف» الكَذَّابة : ثوب يصوّر ويلزق بسقف البيت. سمّيت به لأنّها توهم أنّها فى السّقف ، وإنّما هى فى الثّوب دونه.

(كذن) (س) فى حديث بناء البصرة «فوجدوا هذا الكَذَّان ، فقالوا : ما هذه البصرة» الكَذَّان والبصرة : حجارة رخوة إلى البياض ، وهو فعّال ، والنون أصلية. وقيل : فعلان ، والنون زائدة.

(كذا) ـ فيه «نجىء أنا وأمّتى يوم القيامة على كَذا وكذا» هكذا جاء فى صحيح مسلم ، كأنّ الراوى شكّ فى اللفظ ، فكنى عنه بكَذا وكَذا.

وهى من ألفاظ الكنايات مثل كيت وذيت. ومعناه : مثل ذا. ويكنى بها عن المجهول ، وعمّا لا يراد التصريح به.

قال أبو موسى : المحفوظ فى هذا الحديث «نجىء أنا وأمّتى على كوم» أو لفظ يؤدّى هذا المعنى.

وفى حديث عمر «كذاك لا تذعروا علينا إبلنا» أى حسبكم ، وتقديره : دع فعلك وأمرك كذاك ، والكاف الأولى والآخرة زائدتان للتّشبيه والخطاب ، والاسم ذا ، واستعملوا الكلمة كلّها استعمال الاسم الواحد فى غير هذا المعنى. يقال : رجل أى خسيس. واشتر لى غلاما ولا تشتره كذاك : أى دنيئا.

١٦٠