تفسير الصّافي - ج ٤

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤١٢

لسان ومعرفة اللّغات ومنطق الطّير والبهائم والسّباع وكان إذا شاهد الحروب تكلّم بالفارسيّة وإذا قعد لعمّاله وجنوده وأهل مملكته تكلّم بالرّوميّة وإذا خلا بنسائه تكلّم بالسريانية والنبطيّة وإذا قام في محرابه لمناجاة ربّه تكلّم بالعربيّة وإذا جلس للوفود والخصماء تكلّم بالعبرانيّة.

وفي المجمع عنه عن أبيه عليهما السلام قال : أعطى سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها فملك سبعمائة سنة وستّة أشهر ملك أهل الدّنيا كلّهم من الجنّ والإنس والشياطين والدوابّ والطير والسباع وأعطى علم كلّ شيء ومنطق كلّ شيء وفي زمانه صنعت الصنايع العجيبة التي سمع بها النّاس وذلك قوله عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ.

وفي البصائر عنه عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام لابن عبّاس ان الله علّمنا منطق الطّير كما علّم سليمان بن داوُد عليه السلام ومنطق كلّ دابّة في برّ وبحر وعَنه عليه السلام : انّ سُليمان بن داوُد (ع) قال علّمنا منطق الطّير وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وقد والله علّمنا منطق الطّير وعلم كلّ شيء.

وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام قال : إنّ الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شيء فيه الروح ومن لم تكن هذه الخصال فيه فليس هو بإمام.

وعن الباقر عليه السلام : انّه وقع عنده زوج ورشان على الحايط فهدلا هديلهما فردّ عليهما كلامهما فمكثا ساعة ثمّ نهضا فلمّا طارا على الحايط هدل الذكر على الأنثى ساعة ثمّ نهضا فسئل (ع) ما هذا الطير فقال كلّ شيء خلقه الله من طير وبهيمة او شيء فيه روح فهو اسمع لنا وأطوع من ابن آدم انّ هذا الورشان ظنّ بامرأته فحلفت له ما فعلت فقالت ترضى بمحمّد بن عليّ (ع) فرضيا بي فأخبرته انّه لها ظالم فصدّقها.

والأخبار في هذا المعنى عنهم عليهم السلام كثيرة.

٦١

(١٧) وَحُشِرَ وجمع لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ يحبسون.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : يحبس اوّلهم على آخرهم يعني ليتلاحقوا.

(١٨) حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ القمّيّ قعد على كرسيّه وحملته الرّيح فمرّت به على وادي النّمل وهو واد ينبت فيه الذهب والفضّة وقد وكّل به النّمل وهو قول الصادق عليه السلام : انّ لله وادياً ينبت الذّهب والفضّة وقد حماه الله بأضعف خلقه وهو النّمل لو رامته البخاتي ما قدرت عليه قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ انّهم يحطمونكم إذ لو شعروا لم يفعلوا.

(١٩) فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها

في العيون عن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام : في قوله عزّ وجلّ فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها قال لمّا قالت النملة يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ حملت الريح صوت النملة الى سُليمان وهو مارّ في الهواء والريح قد حملته فوقف وقال عليَّ بالنّملة فلمّا أُتي بها قال سليمان يا ايّتها النملة أما علمت انّي نبيّ الله وانّي لا اظلم أحداً

قالت النّملة بلى قال سليمان فلم تحذرينهم ظلمي وقلت يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ قالت النملة خشيت ان ينظروا الى زينتك فيفتتنوا بها فيعبدون غير الله عزّ وجلّ ثمّ قالت النملة أنت أكبر أم أبوك داود قال سليمان بل أبي داود قالت النملة فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود عليه السلام قال سليمان ما لي بهذا علم قالت النملة لأن أباك داوُد (ع) داوى جرحه بودّ فسمّي داود وأنت يا سليمان أرجو ان تلحق بأبيك ثمّ قالت النملة هل تدري لم سخّرت لك الريح من بين ساير المملكة قال سُليمان ما لي بهذا علم قالت النملة يعني عزّ وجلّ بذلك لو سخّرت لك جميع المملَكة كما سخّرت لك هذه الريح لكان زوالها من بين يديك كزوال الرّيح فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها.

أقولُ : ولعلّ النملة أرادت بقولها لأنّ أباك داود (ع) داوى جرحه بودّ انّ اسم

٦٢

أبيك كان ذلك فخفّف وانّما عبّرت عنه بهذه العبارة إشارة إلى علّة التسمية وعلى هذا يزيد حروف اسم أبيه على اسمه وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ اجعلني ازع شكر نعمتك عندي اي اكفّه وارتبطه بحيث لا ينفك عنّي ولا انفك عنه الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَ أدرج فيه ذكر والديه تكثيراً للنّعمة وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ اتماماً للشكر واستدامة للنّعمة وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ في عدادهم في الجنّة.

في البصائر عن الصادق عليه السلام : كان سليمان عنده اسم الله الأكبر الذي إذا سئل به أعطي وإذا دعي أجاب ولو كان اليوم احتاج إلينا.

(٢٠) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ وتعرّف الطّير فلم يجد فيها الهدهد فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ القمّيّ وكان سليمان إذا قعد على كرسيّه جاءت جميع الطير التي سخّرها الله له فتظلّ الكرسيّ والبساط بجميع من عليه عن حرّ الشمس فغاب عنه الهدهد من بين الطير فوقع الشمس من موضعه في حجر سليمان فرفع رأسه وقال كما حكى الله عزّ وجلّ.

(٢١) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً كنتف ريشه أو جعله مع ضدّه في قفص أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ ليعتبر به أبناء جنسه أَوْ لَيَأْتِيَنِّي وقرء بنونين اوّلهما مفتوحة مشدّدة بِسُلْطانٍ مُبِينٍ بحجّة تبيّن عذره والحلف في الحقيقة على الأوّلين بتقدير عدم الثالث.

في الكافي عن الكاظم عليه السلام : وانّما غضب عليه لأنّه كان يدلّه على الماء قال فهذا وهو طائر قد أعطى ما لم يعط سليمان وقد كانت الريح والنمل والجنّ والانس والشياطين المردة له طائعين ولم يكن له يعرف الماء تحت الهواء وكان الطّير يعرفه وانّ الله يقول في كتابه وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال ويقطع به البلدان ويحيى به الموتى ونحن نعرف الماء تحت الهواء الحديث.

(٢٢) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ زماناً غير مديد يريد به الدّلالة على سرعة رجوعه وقرء بضمّ الكاف فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ يعني حال سبا وفي مخاطبته إيّاه بذلك تنبيه

٦٣

على أنّه في ادنى خلق الله من أحاط علماً بما لم يحط به ليتحاقر إليه نفسه ويتصاغر لديه علمه وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ بخبر محقّق وقرء سبأ بفتح الهمزة وبدونها.

(٢٣) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ يعني بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن ريّان أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يحتاج إليه الملوك وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ

(٢٤) وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ الحقّ والصّواب فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ اليه.

(٢٥) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِفَصَدَّهُمْ لأن لا يسجدوا او زَيَّنَ لَهُمُ ان لا يسجدوا او لا يَهْتَدُونَ الى ان يسجدوا بزيادة لا كقوله ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ وقرء بالتخفيف على انّها للتنبيه ويا للنّداء ومناداه محذوف اي الا يا قوم اسجدوا الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ وصف له بما يوجب اختصاصه باستحقاق السجود من التفرّد بكمال القدرة والعلم حثّاً على سجوده وردّاً على من يسجد لغيره والْخَبْءَ ما خفي في غيره وإخراجه إظهاره وهو يعمّ اشراق الكواكب وانزال الأمطار وإنبات النبات بل الإنشاء فانّه إخراج ما في الشيء بالقوّة الى الفعل والإبداع فانّه إخراج ما في العدم إلى الوجود ومعلوم انّه يختصّ بالله سبحانه والقمّيّ في السماوات المطر وفي الأرض النبات.

(٢٦) اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الشّامل للمخلوقات كلّها.

(٢٧) قالَ سَنَنْظُرُ سنتعرّف من النظر بمعنى التأمّل أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ.

(٢٨) اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ ثم تنحّ عنهم الى مكان قريب تتوارى فيه فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ ما ذا يرجع بعضهم إلى بعض من القول ، القمّيّ قال الهدهد انّها في حصن منيع قال سليمان الق كتابي على قبّتها فجاء الهُدهد فألقى الكتاب في حجرها فارتاعت من ذلك وجمعت جنودها وقال لهم كما حكى الله عزّ وجلّ.

٦٤

(٢٩) قالَتْ أي بعد ما ألق إليها يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ القمّيّ أي مختوم

وفي الجوامع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : كرم الكتاب ختمه.

(٣٠) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ استيناف كأنّه قيل لها ممّن هو وما هو فقالت إِنَّهُ أي الكتاب أو العنوان مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ وان المكتوب بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(٣١) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ مؤمنين أو منقادين وهذا كلام في غاية الوجازة مع كمال الدلالة على المقصود لاشتماله على البسملة الدالة على ذات الصانع وصفاته والنهي عن الترفّع الذي هو أمّ الرذائل والامر بالإسلام الجامع لامّهات الفضائل وليس الامر فيه بالانقياد قبل إقامة الحجّة على رسالته حتّى يكون استدعاء للتقليد فانّ إلقاء الكتاب إليها على تلك الحالة من أعظم الأدلّة.

(٣٢) قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي اذكروا ما تستصوبون فيه ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ الّا بمحضركم كأنّها استعطفتهم بذلك ليمالئوها على الإجابة.

(٣٣) قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ بالأجساد والعدد.

في الإكمال عن الصادق عليه السلام : ما يخرج القائم الّا في اولي قوّة وما يكون أُولُوا قُوَّةٍ الّا عشرة آلاف وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ بشدّة وشجاعة وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ موكول فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ من المقاتلة والصّلح نطعك ونتّبع رأيك.

(٣٤) قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها بنهب الأموال وتخريب الدّيار وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً بالإهانة والأسر وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ.

القمّيّ فقال الله تعالى وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ.

(٣٥) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ منتظرة. كذا في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ من حاله حتّى اعمل بحسب ذلك.

٦٥

القمّيّ قالت ان كان هذا نبيّاً من عند الله كما يدّعي فلا طاقة لنا به فانّ الله عزّ وجلّ لا يغلب ولكن سأبعث إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فان كان ملكاً يميل إلى الدّنيا قَبِلَها وعلمت انّه لا يقدر علينا فبعثت حُقَّةً فيها جوهرة عظيمة وقالت للرّسول قل له يثقب هذه الجوهرة بلا حديد ولا نار فأتاه الرسول بذلك فأمر سليمان بعض جنوده من الدّيدان فأخذ خيطاً في فمه ثمّ ثقبها وأخذ الخيط من الجانب الآخر.

(٣٦) فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ أي الرسول وما أهدت إليه قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ وقرء بنون واحدة مشدّدة على الإدغام فَما آتانِيَ اللهُ من النبوّة والملك الذي لا مزيد عليه خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ فلا حاجة لي الى هديّتكم ولا وقع لها عندي بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ لأنّكم لا تعلمون الّا ظاهراً من الحياة الدّنيا.

(٣٧) ارْجِعْ أيّها الرّسولَ إِلَيْهِمْ الى بلقيس وقومها فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها لا طاقة لهم بمقاومتها ولا قدرة بهم على مقاتلتها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها من سبا أَذِلَّةً بذهاب ما كانوا فيه من العزّ وَهُمْ صاغِرُونَ أسراء مهانون.

القمّيّ فرجع إليها الرسول فأخبرها بذلك وبقوّة سليمان فعلمت انّه لا محيص لها فخرجت وارتحلت نحو سليمان.

(٣٨) قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ القمّيّ لمّا علم سليمان باقبالها نحوه قال ذلك قيل أراد بذلك ان يريها بعض ما خصّه الله تعالى به من العجائب الدّالة على عظيم القدرة وصدقه في دعوة النبوّة ويختبر عقلها بأن ينكّر عرشها فنظر أتعرفه أم تنكره.

(٣٩) قالَ عِفْرِيتٌ خبيث مارد مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ مجلسك للحكومة قيل وكان يجلس الى نصف النهار وَإِنِّي عَلَيْهِ على حمله لَقَوِيٌّ أَمِينٌ لا اختزل منه شيئاً ولا ابدّله.

(٤٠) قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ القمّيّ قال سليمان يعني بعد مقالة العفريت أريد اسرع من ذلك فقال آصف بن برخيا

٦٦

أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فدعا الله عزّ وجلّ بالاسم الأعظم فخرج السّرير من تحت كرسيّ سليمانَ.

وفي روضة الواعظين عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه سئل عن الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ قال ذلك وصّي اخي سليمان بن داود.

وفي البصائر والكافي عن الباقر عليه السلام : انّ اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً وانّما كان عند اصف منها حرف واحد فتكلّم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتّى تناول السّرير بيده ثمّ عادت الأرض كما كانت اسرع من طرفة عين وعندنا نحن من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفاً وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوّة الّا بالله العليّ العظيم وفي رواية أخرى من البصائر : فتكلّم به فانخسفت الأرض ما بينه وبين السّرير والتفت القطعتان وحوّل من هذه الى هذه.

وفي أخرى من الكافي عن الهادي عليه السلام قال : فتكلّم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبا فتناول عرش بلقيس حتّى سيّره الى سليمان ثمّ انبسطت الأرض في أقلّ من طرفة عين.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام قال : إنّ الأرض طويت له.

وعن العيّاشي عن الهادي عليه السلام قال : الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ آصف بن برخيا ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف آصف لكنّه (ع) احبّ ان يعرّف الجنّ والانس انّه الحجّة من بعده وذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله ففهّمه الله ذلك لئلّا يختلف في إمامته ودلالته كما فهّم سليمان (ع) في حياة داود (ع) لتعرف إمامته ونبوّته من بعده لتأكيد الحجّة على الخلق فَلَمَّا رَآهُ رأى العرش مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ حاصلاً بين يديه قالَ تلقّياً للنّعمة بالشكر على شاكلة المخلصين من عباد الله هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي تفضّل به عليّ من غير استحقاق لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ بأن أراه فضلاً من الله بلا حول منّي ولا قوّة وأقوم بحقّه أَمْ أَكْفُرُ بأن أجد نفسي في البين أو اقصر في أداء مواجبه وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ فانّه به يستجلب لها دام النعمة ومزيدها وَمَنْ كَفَرَ

٦٧

فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌ عن شكره كَرِيمٌ بالإنعام عليه ثانياً.

(٤١) قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها بتغيير هيئته وشكله نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ الى معرفته.

(٤٢) فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ تشبيهاً عليها زيادة في امتحان عقلها قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ولم تقل هو هو لاحتمال أن يكون مثله وذلك من كمال عقلها وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ قيل هي من تتمّة كلامها كأنّها ظنّت انّه أراد بذلك اختبار عقلها وإظهار معجزة لها فقالت وَأُوتِينَا الْعِلْمَ بكمال قدرة الله وصحّة نبوّتك قبل هذه الحالة.

(٤٣) وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ أي وَصَدَّها عبادتها الشمس عن التقدّم الى الإسلام إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ وقرء بفتح الهمزة على البدل اي صَدَّها نشوها بين أظهر الكفّار أو على التعليل.

(٤٤) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ القصر وقيل عرصة الدّار فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ انّ ما تظنّيه ماء صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مملس مِنْ قَوارِيرَ من الزجاج قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي بعبادتي للشمس وقيل بظنّي بسليمان فانّها حسبت انّه يغرقها في اللّجة وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فيما امر به عباده روي : انّه امر قبل قدومها فبنى قصر صحنه من زجاج ابيض واجرى من تحته الماء والقى فيه حيوانات البحر ووضع سريره في صدره فجلس عليه فلمّا أبصرته ظنّت ماءً راكداً وكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها.

والقمّيّ وكان قد امر انّ يتّخذ لها بيتاً من قوارير وضعه على الماء ثمّ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ وظنّت انّه ماء فرفعت ثوبها وأبدت ساقيها فإذا عليهما شعر كثير فقيل لها إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ الآية فتزوّجها سليمان وهي بلقيس بنت الشراح الحميرية وقال سليمان للشياطين اتّخذوا لها شيئاً يذهب هذا الشعر عنها فعملوا الحمّامات وطبخوا النّورة فالحمّامات والنّورة ممّا اتخذته الشياطين لبلقيس وكذا الأرحية التي تدور على الماء.

٦٨

(٤٥) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : يقول مصدّق ومكذّب قال الكافرون منهم أتشهدون أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالَ الْمُؤْمِنُون إِنَّا بِالَّذِي أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قال الكافرون منهم إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فجاء هم بناقة فعقرُوها وكان الَّذِي عقرها أزرق احمر ولد زنا.

(٤٦) قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ بالعقوبة قبل التّوبة فانّهم كانوا يقولون ان صدق إيعاده تبنا ، القمّيّ انّهم سألوه قبل أن تأتيهم النّاقة ان يأتيهم بعذاب اليم فأرادوا بذلك امتحانه قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ يقول بالعذاب قبل الرّحمة لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ قبل نزوله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ بقبولها فانّها لا تقبل حينئذ.

(٤٧) قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ تشأ منّا إذ تتابعت علينا الشّدائد وأوقع بيننا افتراق منذ اخترعتم دينكم.

القمّيّ : أصابهم جوع شديد فقالوا هذا من شؤمك وشؤم الذين معك أصابنا هذا وهي الطّيرة قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ قال يقول خيركم وشرّكم من عند الله بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ تختبرون بتعاقب السرّاء والضرّاء.

(٤٨) وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ تسعة نفر يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ أي شأنهم الإفساد الخالص عن شوب الصلاح.

القمّيّ كانوا يعملون في الأرض بالمعاصي.

(٤٩) قالُوا قال بعضهم لبعض تَقاسَمُوا بِاللهِ أي تحالفوا امر مقول أو خبر وقع بدلاً لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ لنباغتن صالحاً وأهله ليلاً ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ لوليّ دمه وقرء لتبيتنّه ولتقولنّ بالتاء وصيغة الجمع على خطاب بعضهم لبعض ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ فضلاً ان تولّينا إهلاكهم وهو يحتمل المصدر والزمان والمكان وقرء بفتح اللّام مع فتح الميم

٦٩

وضمّها وَإِنَّا لَصادِقُونَ ونحلف إِنَّا لَصادِقُونَ او والحال إِنَّا لَصادِقُونَ يعنون نُورّي.

القمّيّ يقول لنفعلنّ.

(٥٠) وَمَكَرُوا مَكْراً بهذه المواضعة وَمَكَرْنا مَكْراً بأن جعلناها سبباً لإهلاكهم وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بذلك.

روي : انّه كان لصالح في الحجر مسجد في شعب يصلّي فيه فقالوا زعم أنّه يفرغ منّا اي فنفرغ منه ومن اهله قبل الثلاث فذهبوا الى الشعب ليقتلوه فوقع عليهم صخرة جبالهم فطبقت عليهم فم الشّعب فهلكوا ثمّة وهلك الباقون في أماكنهم بالصيحة.

والقمّيّ فأتوا صالحاً ليلاً ليقتلوه وعند صالح ملائكة يحرسونه فلمّا أتوه قاتلتهم الملائكة في دار صالح رجماً بالحجارة فأصبحوا في داره مقتلين وأخذت قومه الرَّجْفَة فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ.

(٥١) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وقرء بفتح الهمزة وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ

(٥٢) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً خالية من خوى البطن إذا خلا أو ساقطة منهدمة من خوى النجم إذا سقط بِما ظَلَمُوا بسبب ظلمهم إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ فيتّعظون.

(٥٣) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا صالحاً ومن معه وَكانُوا يَتَّقُونَ الكفر والمعاصي فلذلك خصّوا بالنجاة.

(٥٤) وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ تعلمون خبثها أو يبصرها بعضكم من بعض وكانوا يعلنون.

(٥٥) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ اللّاتي خلقن لذلك بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ سفهاء.

(٥٦) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ يتنزّهون عن أفعالنا.

٧٠

(٥٧) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ قدّرنا كونها من الباقين في العذاب وقرء قَدَرْناها بالتخفيف.

(٥٨) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ مضى مثله.

(٥٩) قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى.

في الجوامع عنهم (ع) والقمّيّ قال : هم آل محمّد صلوات الله عليه وعليهم آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ وقرء بالياء الزام لهم وتهكّم به وتسفيه لرأيهم.

(٦٠) أَمَّنْ بل ام من خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ عدل عن الغيبة الى التكلّم لتأكيد اختصاص الفعل بذاته كما قال ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها شجر الحدائق أَإِلهٌ مَعَ اللهِ أغيره يقرن به ويجعل له شريكاً وهو المتفرّد بالخلق والتكوين بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ عن الحقّ وهو التّوحيد.

(٦١) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً جارية وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ جبالاً يتكوّن فيها المعادن وينبع من حضيضها المنابع وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ العذاب والملح حاجِزاً برزخاً وقد مرّ بيانه في سورة الفرقان أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الحقّ فيشركون.

(٦٢) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ الذي أحوجه شدّة ما به الى اللّجأ إلى الله إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ خلفاء فيها بأن ورثكم سكناها والتصرّف فيها ممّن كان قبلكم أَإِلهٌ مَعَ اللهِ الذي متّعكم بهذه النعم قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ أي تذكرون الاءه تذكّرا قليلاً وما مزيدة وقرء بتشديد الذّال وبالياء معه.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : نزلت في القائم من آل محمّد صلّى الله عليه وآله هو والله الْمُضْطَرَّ إذا صلّى في المقام ركعتين ودعا الله عزّ وجلّ فأجابه وَيَكْشِفُ السُّوءَ ويجعله خليفة في الأرض وفي رواية : فيكون أوّل من يبايعه جبرئيل ثمّ الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلاً وقد سبق كلام آخر في هذه الآية في سورة البقرة عند قوله تعالى أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ.

٧١

(٦٣) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بالنجوم وعلامات الأرض وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ يعني المطر أَإِلهٌ مَعَ اللهِ يقدر على شيء من ذلك تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

(٦٤) أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أي بأسباب سماويّة وارضيّة أَإِلهٌ مَعَ اللهِ يفعل ذلك قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ على انّ غيره يقدر على شيء من ذلك إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في اشراككم.

(٦٥) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ

في نهج البلاغة : انَّ أمير المؤمنين عليه السلام اخبر يوماً ببعض الأمور التي لم يأت بعد فقيل له أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب فضحك (ع) وقال ليس هو بعلم غيب انّما هو تعلّم من ذي علم وانّما علم الغيب علم السّاعة وما عدّده الله سبحانه بقوله إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الآية فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر وأنثى وقبيح أو جميل وسخيّ أو بخيل وشقيٌ أو سعيد ومن يكون للنّار حطباً أو في الجنان للنبيّين مرافقاً فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه إلّا الله وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيّه فعلّمنيه ودعا لي ان يعيه صدري وتضمّ عليه جوارحي وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ متى ينشرون.

(٦٦) بَلِ ادَّارَكَ تتابع حتّى استحكم عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ

القمّيّ يقول علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا وقرء بدون الالف مع تخفيف الدّال وتشديدها بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها في حيرة بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ لاختلال بصيرتهم قيل الاضرابات الثلاث تنزيل لأحوالهم.

(٦٧) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ من الأجداث أو من الفناء إلى الحياة وتكرير الهمزة للمبالغة في الإنكار وقرء بحذف الأولى وبحذفهما واننا بالنّونين.

(٦٨) لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكاذيبهم التي هي كالاسمار.

٧٢

(٦٩) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ تهديد لهم على التكذيب وتخويف بأن ينزل عليهم مثل ما نزل بالمكذّبين قبلهم والتعبير عنهم بالمجرمين ليكون لطفاً للمجرمين في ترك الجرائم.

(٧٠) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ على تكذيبهم واعراضهم وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ في حرج صدر وقرء بكسر الضاد مِمَّا يَمْكُرُونَ من مكرهم فانّ الله يعصمك من الناس.

(٧١) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ العذاب الموعود إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ

(٧٢) قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ تبعكم ولحقكم والقمّيّ أي قد قرب من خلفكم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ حلوله قيل هو عذاب يوم بدر.

(٧٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ بتأخيره عقوبتهم على المعاصي وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ لا يعرفون حقّ النعمة فلا يشكرونه بل يستعجلون بجهلهم وقوعه.

(٧٤) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ ما تخفيه وَما يُعْلِنُونَ من عداوتك فيجازيهم عليه

(٧٥) وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ خافية فيهما إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.

في الكافي عن الكاظم عليه السلام في حديث : وانّ في كتاب الله لَآيات ما يراد بها امر الا ان يأذن الله به مع ما قد يأذن الله ممّا كتبه الماضون جعله الله لنا في أمّ الكتاب انّ الله يقول وَما مِنْ غائِبَةٍ الآية ثمّ قال ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَنَحْنُ الَّذِينَ اصطفينا الله وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كلّ شيء.

(٧٦) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ كالتشبيه والتنزيه وأحوال الجنّة والنار وعزيز والمسيح.

(٧٧) وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فإنهم المشفعون به.

(٧٨) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بين بني إسرائيل بِحُكْمِهِ أي بحكمته أو بما يحكم به وهو الحقّ وَهُوَ الْعَزِيزُ فلا يردّ قضاءه الْعَلِيمُ بحقيقة ما يقضي فيه وحكمته.

٧٣

(٧٩) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ولا تبال بمعاداتهم إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ وصاحب الحقّ حقيق بالوثوق بحفظ الله ونصره.

(٨٠) إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ وقرء بالياء المفتوحة ورفع الصمّ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ شبّهوا بالموتى والصم لعدم انتفاعهم بما يتلى عليهم

(٨١) وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ وقرء تهدي العمى عَنْ ضَلالَتِهِمْ حيث انّ الهداية لا تحصل الّا بالبصر إِنْ تُسْمِعُ ما يجدي اسماعك إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا من هو في علم الله كذلك فَهُمْ مُسْلِمُونَ مخلصون.

(٨٢) وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ وهو ما وعدوا به من الرّجعة عند قيام المهديّ عليه السلام كما يأتي بيانه عن قريب أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ وقرء تكلمهم بالتخفيف من الكلم بمعنى الجرح.

وفي الجوامع عن الباقر عليه السلام قال : كلم الله من قرء تكلمهم ولكن تكلّمهم بالتشديد.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : انتهى رسول الله صلّى الله عليه وآله الى أمير المؤمنين عليه السلام وهو نائم في المسجد قد جمع رملاً ووضع رأسه عليه فحرّكه برجله ثمّ قال له قم يا دابّة الأرض فقال رجل من أصحابه يا رسول الله أيسمّي بعضنا بعضاً بهذا الاسم فقال لا والله ما هو إلّا له خاصّة وهو الدّابّة الذي ذكره الله في كتابه فقال عزّ وجلّ وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ الآية ثمّ قال يا عليّ إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسم تسم به أعداءك فقال رجل لأبي عبد الله عليه السلام انّ العامّة يقولون إنّ هذه الدابّة انما تكلّمهم فقال أبو عبد الله كلمهم الله في نار جهنّم انّما هو يكلّمهم من الكلام.

وعنه عليه السلام قال : قال رجل لعمّار بن ياسر يا أبا اليقظان انّ آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشكّكتني فقال وايّة آية هي قال قوله عزّ وجلّ وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ الآية فأيّة دابّة هذه قال عمّار والله ما اجلس ولا آكل ولا اشرب حتّى أريكها فجاء عمّار مع الرجل الى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل تمراً وزبداً فقال يا أبا اليقظان هلمّ فاقبل عمّار وجلس يأكل معه فتعجّب الرجل منه فلمّا قام عمّار قال الرجل سبحان الله انّك حلفت ان لا تأكل ولا

٧٤

تشرب ولا تجلس حتّى تريني الدابّة قال عمّار قد أريتكها ان كنت تعقل.

وفي المجمع انّه روى العيّاشي : هذه القصة بعينها عن أبي ذرّ أيضاً.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام : ولقد أعطيت الست علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب وانّي لصاحب الكرّات ودولة الدول وانّي لصاحب العصا والميسم والدّابة الّتي تكلّم الناس.

وفي الإكمال عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث : بعد ان ذكر الدجال ومن يقتله قال الا انّ بعد ذلك الطامة الكبرى قيل وما ذلك يا أمير المؤمنين قال خروج دابّة الأرض من عند الصفا ومعها خاتم سليمان (ع) وعصا موسى (ع) تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن فينطبع فيه هذا مؤمن حقّاً وتضعه على وجه كلّ كافر فيكتب هذا كافر حقّاً حتّى ان المؤمن لينادي الويل لك حقّاً يا كافر وانّ الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن وددت انّي كنت مثلك فأفوز فوزاً عظيماً ترفع الدّابة رأسها من بين الخافقين بإذن الله جلّ جلاله وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة فلا تقبل توبة ولا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً.

ثمّ قال عليه السلام لا تسألوني عمّا يكون بعد هذا فانّه عهد الى حبيبي رسول الله صلّى الله عليه وآله ان لا اخبر به غير عترتي.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : قال دابّة الأرض طولها ستّون ذراعاً لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب فتسم المؤمن بين عينيه ويكتب بين عينيه مؤمن وتسم الكافر بين عينيه ويكتب بين عينيه كافر ومعها عصا موسى (ع) وخاتم سليمان (ع) فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتخطم انف الكافر بالخاتم حتّى يقال يا مؤمن ويا كافر.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : انّه سئل عن الدابّة فقال اما والله ما لها ذَنَب وانّ لها لَلِحْيَةً.

(٨٣) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً يعني يوم الرّجعة مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا يعني بالأئمّة عليهم السلام فَهُمْ يُوزَعُونَ يحبس اوّلهم على آخرهم ليتلاحقوا.

٧٥

(٨٤) حَتَّى إِذا جاؤُ إلى المحشر قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ام أيّ شيء كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ بعد ذلك وهو للتّبكيت إذ لم يفعلوا غير التكذيب.

(٨٥) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ حلّ بهم العذاب الموعود بِما ظَلَمُوا بسبب ظلمهم وهو التكذيب بآيات الله فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ بالاعتذار لشغلهم بالعذاب.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام في الحديث : الذي مضى في تفسير الدّابة اوّلاً قال والدليل على أن هذا في الرجعة قوله وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً الآية قال الآيات أمير المؤمنين والأئمّة عليهم السلام فقال الرجل انّ العامّة تزعم أنّ قوله عزّ وجلّ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً عنى في يوم القيامة فقال عليه السلام فيحشر الله عزّ وجلّ يوم القيامة من كلّ أمّة فوجاً ويدع الباقين لا ولكنّه في الرجعة وامّا آية القيامة فهي وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً وعنه عليه السلام : ليس أحد من المؤمنين قتل الّا ويرجع حتّى يموت ولا يرجع الّا من محض الايمان محضاً ومن محض الكفر محضاً وفي الكافي عنه عليه السلام : في قوله بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ انّهم قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وتراً لآل محمّد صلوات الله عليهم الّا قتلوه وقد سبق تمام الحديث في سورة بني إسرائيل فلا حاجة بنا الى إعادته قال في المجمع وقد تظاهرت الأخبار عن ائمّة الهدى من آل محمّد صلوات الله عليهم : في انّ الله تعالى سيعيد عند قيام المهديّ عليه السلام قوماً ممّن تقدّم موتهم في أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ويتبهّجوا بظهور دولته ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقّونه من العقاب في القتل على أيدي شيعته أو الذلّ والخزي ممّا يشاهدون من علوّ كلمته ولا يشكّ عاقل انّ هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية ونطق القرآن بذلك في عدّة مواضع مثل قصّة عزيز وغيره على ما فسّرناه في موضعه وصحّ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قوله : سيكون في أمّتي كلّ ما كان في بني إسرائيل حذو النّعل والقذة بالقذّة حتّى لو أنّ أحدهم دخل حجر ضب لدخلتموه.

أقولُ : وقد صنّف الحسن بن سليمان الحلّي طاب ثراه كتاباً في فضائل أهل البيت عليهم السلام أورد فيه اخباراً كثيرة في اثبات الرجعة وتفاصيل أحوالها وذكر فيه انّ الدابّة

٧٦

أمير المؤمنين عليه السلام في اخبار كثيرة متوافقة المعاني ونقل أكثرها من كتاب سعد بن عبد الله المسمّى بمختصر البصائر ولنورد هنا من كتابه حديثاً واحداً ومن أراد سائرها فليراجع إليه وهو ما رواه عن الأصبغ بن نباته : انّ عبد الله الكواء اليشكريّ قام الى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين انّ اناساً من أصحابك يزعمون انّهم يردّون بعد الموت فقال أمير المؤمنين (ع) نعم تكلّم بما سمعت ولا تزد في الكلام ممّا قلت لهم قال قلت لا أؤمن بشيء ممّا قلتم فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ويلك انّ الله عزّ وجلّ ابتلى قوماً بما كان من ذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم التي سمّيت لهم ثمّ ردّهم إلى الدنيا ليسوفوا أرزاقهم ثمّ أماتهم بعد ذلك قال فكبّر عليّ بن (١) الكوّا ولم يهتد له فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ويلك تعلم انّ الله عزّ وجلّ قال في كتابه وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فانطلق بهم معه ليشهدوا له إذا رجعوا عند الملأ من بني إسرائيل انّ ربّي قد كلّمني فلو انّهم سلّموا ذلك وصدّقوا به لكان خير لهم ولكنّهم قالوا لموسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً قال الله تعالى فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ يعني الموت وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ا فترى يا بن الكوّا انّ هؤلاء قد رجعوا إلى منازلهم بعد ما ماتوا فقال ابن الكوّا وما ذاك ثمّ أماتهم مكانهم فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ويلك أوليس قد أخبرك في كتابه حيث يقول وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى فهذا بعد الموت إذ بعثهم وأيضاً مثلهم يا ابن الكوّا الملأ من بني إسرائيل حيث يقول الله عزّ وجل أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ وقوله عزّ وجلّ في عُزير حيث اخبر الله فقال أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ واخذه بذلك الذنب مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ وردّه إلى الدنيا فقال كَمْ لَبِثْتَ فقال لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فلا تشك يا ابن الكوّا في قدرة الله عزّ وجلّ.

(٨٦) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ بالنوم والقرار وَالنَّهارَ مُبْصِراً قيل أصله ليبصروا فيه فبولغ فيه بجعل الأبصار حالاً من أحواله المجبول عليها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.

(٨٧) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ في القرن روي : انّ النبيّ صلى الله عليه وآله سُئل عنه

__________________

(١) في النسخ التي عندنا فكبّر عليّ بن الكوّا والظاهر عبد الله بن الكواء كما لا يخفى.

٧٧

فقال قرن من نور التقمه إسرافيل فوصف بالسعة والضيق واختلف في أنّ أعلاه ضيّق وأسفله واسع أو بالعكس ولكلّ وجه وورد انّ فيه ثقباً بعدد كلّ إنسان ثقبة فيها روحه فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ من الهول وعبّر عنه بالماضي لتحقّق وقوعه إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ان لا يفزع بأن يثبت قلبه وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ صاغرين وقرء بقصر الهمزة وفتح التاء.

(٨٨) وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً ثابتة في مكانها وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ في السرعة وذلك لأنّ اجرام الكبار إذا تحرّكت في سمت واحد لا تكاد تتبيّن حركتها صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ احكم خلقه وسوّاه على ما ينبغي إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ عالم بظواهر الافعال وبواطنها فيجازيهم عليها وقرء بالتّاء.

(٨٩) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وقرء بالإضافة.

(٩٠) وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ فكبّوا فيها على وجوههم هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ على إرادة القول القمّيّ قال الحسنة والله ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والسيئة والله اتباع أعدائه وفي الكافي عن الصادق عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام : في هذه الآية قال الحسنة معرفة الولاية وحبّنا أهل البيت والسيئة إنكار الولاية وبغضنا اهل البيت ثمّ قرء الآية وعن الباقر عليه السلام : في قوله تعالى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً قال من تولّى الأوصياء من آل محمّد صلوات الله عليهم واتّبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيّين والمؤمنين الأوّلين حتّى يصل ولايتهم الى آدم (ع) وهو قول الله مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ندخله الجنة وفي روضة الواعظين عنه عليه السلام في هذه قال : الحسنة ولاية عليّ وحبّه والسيئة عداوته وبغضه ولا يرفع معهما عمل وقد مضى في آخر سورة الانعام حديث في صدر الآيتين.

(٩١) إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها القمّيّ يعني مكّة شرّفها الله تعالى في الكافي عن الصادق عليه السلام : انّ قريشاً لما هدموا الكعبة وجدوا في قواعده حجراً في كتاب لم يحسنوا قراءته حتّى دعوا رجلاً قرأه فإذا فيه أنا الله ذو بكّة حرّمتها يوم خلقت السماوات والأرض ووضعتها بين هذين الجبلين وحففتها بسبعة أملاك حفّاً وعنه عليه السلام : لمّا قدم رسول الله صلّى الله عليه وآله مكّة يوم افتتحها فتح باب الكعبة فأمر

٧٨

بصور في الكعبة فطمست فأخذ بعضادتي الباب فقال ألا انّ الله قد حرّم مكّة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرام الله عزّ وجلّ إلى يوم القيامة لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها ولا يختلي خلالها ولا تحلّ لقطتها الّا لمنشد فقال العبّاس يا رسول الله الا ذخر فانّه للقبر والبيوت فقال رسول الله الّا الإذخر وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ خلقاً وملكاً وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ المنقادين.

(٩٢) وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ وان أواظب على تلاوته لتنكشف لي حقائقه في تلاوته شيئاً فشيئاً فَمَنِ اهْتَدى باتّباعه ايّاي في ذلك فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ فانّ منافعه عائدة إليه وَمَنْ ضَلَ بمخالفتي فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ فلا عليَّ من وبال ضلاله شيء إذ ما على الرسول الّا البلاغ وقد بلغت.

(٩٣) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ على نعمة النبوّة وعلى ما علّمني ربّي ووفّقني للعمل به سَيُرِيكُمْ آياتِهِ إذا رجعتم إلى الدنيا ورجعوا فَتَعْرِفُونَها فتعرفون انّها آيات الله حين لا تنفعكم المعرفة ، القمّيّ قال : الآيات أمير المؤمنين والأئمّة عليهم السلام إذا رجعوا إلى الدنيا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا قال أمير المؤمنين عليه السلام : والله ما لله آية أكبر منّي وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ فلا تحسبوا انّ تأخير عذابكم لغفلة من أعمالكم وقرء بالياء وقد مضى ثواب قراءة الطّواسين الثلاث.

٧٩

سُورة القَصَصْ مَكيَّةٌ

عدد آيها ثمان وثمانين آية اختلافها آيتان طسم كوفي يَسْقُونَ غير الكوفيّ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) طسم (٢) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ

(٣) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بعض نبأهما بِالْحَقِ محقّين لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ لأنّهم المنتفعون به.

(٤) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ أرض مصر وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً فرقاً يشيعون يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ وهم بنو إسرائيل يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وذلك لأنّ كاهناً قال له يولد مولود في بني إسرائيل يذهب ملكك على يده وذلك كان من غاية حمقه فانّه لو صدّق لم يندفع بالقتل وان كذب فما وجهه إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فلذلك اجترأ على قتل خلق كثير من أولاد الأنبياء لتخيّل فاسد.

(٥) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ انْ نتفضّل عليهم حال من يَسْتَضْعِفُ او حكاية حال ماضية وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ

(٦) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ نسلّطهم فيها وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ من ذهاب ملكهم وهلاكهم وقرء ويرى بالياء ورفع الأسماء في الغيبة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : هم آل محمّد صلوات الله عليهم يبعث الله مهديهم بعد جهدهم فيعزّهم ويذلّ أعداءهم وفي نهج البلاغة قال عليه السلام : لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها وتلا عقيب ذلك وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَ الآية وفي الكافي : نظر ابو جعفر عليه السلام الى أبي عبد الله عليه السلام يمشي فقال أترى هذا هذا من الذين قال الله عزّ وجلّ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا الآية وفي المعاني عن الصادق عليه السلام : انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله نظر إلى عليّ والحسن والحسين عليهم السلام فبكى وقال

٨٠